يا "فاتح عبد السلام": أبناء الجيش العراقي ليسوا "جرذان"

ويا ويلك من حُكم العراق والتاريخ  

ما الذي حصل للصحفي المعروف "فاتح عبد السلام" رئيس تحرير الطبعة الدولية لجريدة الزمان الغرّاء كي يقف هذا الموقف الغريب العجيب الذي جعله يخسر وسوف يخسر الكثير الكثير من رصيده الصحفي والوطني، هو الصحفيّ المعروفٌ بخبرته ومهارته وذكائه كما تابعناه لعقود طويلة بالإضافة إلى كونه قاص وروائي مُبدع؟

ما الذي حصل لك فاتح ؟ ما الذي أصابك أيها العراقي الموصلي الذي كنتَ  جميلاً ؟

وكيف تهوي بهذه الصورة المؤسفة والمزرية إلى مُنحدر لا يليق بك ولا بتاريخ عائلتك ؟

لقد جِئتَ مُسرعاً على جناح طائر من لندن حيث مقر إقامتكَ إلى العراق، وكنّا نتوقع أن تكون محطتُكَ الأولى – ولو وقتياً قبل أن تذهب إلى كردستان - عاصمة بلادك بغداد الحزينة وتراقب منها السيناريو الصهيوني الأمريكي الغربي لتنفيذ مُخطّط انفصال كردستان وتمزيق وطنك العراق ، وإذا بكَ تحطُّ رحالكَ أوّلاً في أربيل، وهذا لا اعتراض عليه إذا فرضته المهمة الصحفية، ولكنك بدأتَ منها بنفث سموم الانفصال من خلال عمودك "توقيع" بهذه الصورة المفضوحة التي تعبّر عن روح انتحارية مُخيفة لم أكنْ أتمنّاها لك ؟ وأوّل نتائج هذا الموقف الانتحاري هو أنّ عمودكَ "توقيع" الذي كنّا نتابعه يوميّاً لأنه محطة لرؤية متفرّدة في متابعة الأحداث السياسية وتحليلها بصورة موجزة مكتنزة صار عموداً ليس للمواطنين الأكراد بل لعملاء الانفصال المُتحالفين مع الكيان الصهيوني والوالغين في ثروات العراق ودماء إبنائه من العرب والأكراد على حدّ سواء؟

وبلا تردّد ولا خشية من تاريخ أو ضمير ، قمتَ بتقديم التحيّة لأفراد البيشمركة "الأبطال" ووصف أبناء الجيش العراقي بـ "الجرذان" الهاربين أمام داعش ؟ (في توقيعك ليوم 13/أكتوبر/2017 : "من الشجاعة الاعتراف بجميل البيشمركة"). وأنتَ خيرُ من يعرف ماذا كان الدور المرسوم للبيشمركة في هجوم إرهابيي داعش الأقذار واحتلالهم الموصل مدينتك ومسقط رأسك وفيها ترعرعت في أحضان خالك المناضل العراقي العربي والشاعر الكبير "شاذل طاقة" ؟ أليس أبناء الجيش العراقي "الجرذان" كما تصفهم هم الشجعان الذين حرّروا مدينتك الموصل الحدباء ؟ هل هم البيشمركة الذين حرّروا مدينتك ؟ تشكر البيشمركة ولا تشكر الجيش العراقي الجبار ناهيك عن الحشد الشعبي العظيم الذي يقدّم كل يوم طوابير من الشهداء الشباب الذين نتابع أرتالهم نحن في الجنوب كل لحظة ؟ ثم تصف أبناء الجيش العراقي بالجرذان ؟ لماذا ؟ أليسوا إخوتك ورجال جيش وطنك ؟ وهل تستطيع أن تقدّم لنا قوائم بأسماء "المئات من شهداء البيشمركة الذين قُتلوا في مواجهة داعش" كما تقول في توقيعك ؟ وألا تعرف بالأعداد الهائلة لشهداء الجيش العراقي والحشد الشعبي الصناديد الذين سقطوا في قتال داعش وتحرير المدن العراقية ومنها مدينتك الموصل ؟ ناهيك عن طوابير الشهداء من المدنيين العرب العراقيين الذين يسقطون يومياً بسبب العلمليات الانتحارية التي لا تحصل في كردستان وآخرها مذبحة الناصرية التي حصلت مباشرة بعد زيارة رئيس الوزراء للناصرية وتصريحه بأن الاستفتاء في كردستان غير مشروع!!!    

وقد مزّقت روحي أعمدتُكَ و"تواقيعك" التي سبقت وأعقبت توقيعك الذي وصفت فيه أبناء الجيش العراقي بالجرذان وأفراد البيشمركه بالشجعان . كانت سلسلة جئتَ من لندن مُستعجلا لتنقل فيها "وجهة نظر" عملاء الانفصال لكي توضّحها للشعب العراقي وتنفّذ ميثاق الشرف الصحفي. ألَمْ تكفِ الرحلة المُستعجلة للزميل د. أحمد عبد المجيد رئيس تحرير الطبعة العراقية للزمان إلى كردستان لنقل وجهة نظر الانفصاليين بصورة موضوعية لكي لا يسيىء العراقيون الظنّ بهم ويعتقدون أنّهم سوف يمزّقون العراق فظهر من لقائه أن مسعاهم فيه الخير والبركة للعراق لأنهم سوف يقدّمون دولة تكون نموذجاً لإدارة العراق بدلاً من أن يبقى موحّداً عاصمته أرملة ممزقة الثياب تدور هي ورضيعها مستجدية في الشوارع كما ضرب المسؤول الكردي الذي التقاه أحمد مثلا على بغداد بقصيدة الأرملة في العيد للرصافي ؟ (راجع اللقاء في جريدة الزمان عدد يوم الثلاثاء 3/تشرين الأول/2017) . ألمْ يكن هذا كافياً لتأتي أنتَ مُستعجلا من لندن لتنقل وجهة نظر الانفصاليين بصورة موضوعية مُخلصة وصادقة لصالح الطبعة الدولية كي لا يسيء العراقيون والعرب الظنّ بالانفصاليين ولكي يُرسلوا الوفود الشعبية لمباركتهم بالانفصال ويستلموا خريطة العراق الجديدة ؟

لقد حاولتَ في توقيعكَ الآخر المُعنون : " حقيقة العلم الاسرائيلي في كردستان العراق " (8/أكتوبر تشرين الأول/2017) وبسذاجة غريبة لا تتفق مع ذكائكَ الحاد المعروف تبرئة ذمة عملاء الانفصال من جريمة رفع علم الكيان الصهيوني الذي تحوّل لديكَ – بخلاف خطابك القومي المقاوم المعروف في صحافة عراق الثمانينات (ولدي صورة لك بالبدلة الزيتوني)- من الكيان الصهيوني إلى "إسرائيل" – بكون العلم الصهيوني قد رُفع خارج قاعة الاحتفال التي ألقى فيها مسعود برزاني كلمته وليس داخل القاعة !! لا يا مسكين !! سقطتَ في الطين !! هل المُهم هو رفع العلم في القاعة أو خارجها أم زيارات الكيان الصهيوني من قبل المسؤولين الذين تدافع عنهم وهي زيارات تقع تحت طائلة القانون العراقي ؟! ألا تعرف وأنت الصحفي الخبير من يزور الكيان الصهيوني ؟ لقد حوّلت الخيانة إلى موضوع جغرافي : "برّه" لو "جوّه" ؟!

وهل أذكّرك بما هو الكيان الصهيوني الذي يبدو أنّ لندن وأجواءها الحضارية الديمقراطية أنستك ما هو ؟ لن أقول شيئا لك وسأدع خالك المناضل العراقي العربي العظيم والشاعر الكبير "شاذل طاقة" يهمس في أذنك ، ويقول من قبره :

(سلاما.. أختّ يافا حدّثينا،

 وعن يافا الحزينة خبّرينا..

....

لقدْ كانتْ لنا أرضٌ.. وكانَ وكانْ

لبيّاراتُنا قُداحُها الأرجُ..

وقريتُنا تضمّ الاقحوان ضحىً.. وتختلجُ !.

وحلَّ بأرضنا الطاعونُ والطوفانْ

وحوّم فوق قريتنا غرابٌ أعورٌ فَلِجُ !

وكانَ.. وكانْ

وذبَّحَ أخوتي قرصانْ..

ولم يدفنهمو أحدٌ..

ولا خِيطتْ لهم أكفانْ

ولم يحزن لهم أحَدُ !.)

ثم أين تواقيعك التي تدعو فيها – كعراقي عربي موصلي شريف – إلى رفض الانفصال والحفاظ على وحدة البلد المظلوم الذي أرضعك ؟ ولا كلمة ضد الانفصال . ماسي .. لا نريدك أن تكون "ضد" أو "مع" فأنت صحفي موضوعي نزيه .. نريدك أن تكون فقط "مُحايداُ"ً وتنقل رأي عملاء الانفصال ورأي رافضي الانفصال .. أليست هذه هي الموضوعية ؟

لكنكَ تتمادى في المُخطط أكثر من المَلِك لتقول في توقيعك الآخر : "من الشجاعة الاعتراف بجميل البيشمركة" (13/أكتوبر تشرين الأول/2017) :

(الجيش العراقي مدعو لإلزام عناصره عدم الإساءة الى علم البيشمركة والاقليم)

فيا أعمى (واعذرني فهذا من حرصي عليك): ألمْ ترَ كيف مزّقوا علم وطنك في كردستان ؟ ستقول هذه تصرفات شخصية .. زين .. أليس من المفروض ان تنتظر . وترى هل سيتجرّأ الجيش العراقي المؤلّف من (الجرذان) كما وصفته أنت ويقوم بالإساءة لعلم البيشمركة والإقليم أم لا ؟ إنتظر الأحداث ثم قيّمها يا أخي . لماذا هذا "الإنذار الاستباقي" ؟ هذه الحركة "الاستباقية" تصب بذكاء في مخطط الحرب النفسية الخطير الذي يجري تنفيذه من قبل الحلف الصهيوني الأمريكي الغربي .

ثم هل أنتَ مُصاب بضعف السمع أو أصمّ (واعذرني فهذا لمصلحتك أيضاً) ولمْ تسمع وتتذكر الصفير وصرخات السُخرية والضحك على العلم العراقي والنشيد الوطني العراقي – نشيد وطنك - في كردستان من الآلاف المؤلّفة من الأكراد وهم يزعقون :

"ڇيس .. ڇيس .. العراق"

لم نقرأ لك توقيعاً يُحذّر من إهانة علم ونشيد وطنك ، ولو بصورة "تراجعيّة" وليست "استباقية" ؟ (وفي الأسفل روابط يوتيوب عن هذه الإساءات لتحتفظ بها للذكرى بعد أن تُكمل مهمتك).

وقد تأكّد لي عماك "النفسي" حين لم أجد منك وأنت في أربيل توقيعاً أو سطراً واحداً يعلّق على لفّ رئيس العراق الراحل الطالباني بعلم كردستان ، فهل كان رئيسا لكردستان فقط ؟ متى ستعلّق يا حلو على هذا التصرّف المُنكر قانونياً واعتبارياً ؟ هل بعد أن تتم مُهمّتك بالكتابة عن انفصال كردستان وتغيير خريطة العراق وعرض وجهة نظر عملاء الانفصال عن قرب وبصورة موضوعية ؟ وبمناسبة ذكر الطالباني رحمه الله  فقد قلتَ في "توقيع" آخر لكَ عنوانه (رحيل جلال طالباني ..رحيل آخر؟) (3/أكتوبر تشرين الأول2017):

(كان طالباني قريباً من عموم العرب، وقدّم نفسه رئيساً لكل العراقيين بالرغم من صعوبة مهمته في اقناع الناس بدوره ومسؤوليته) .

في حين أنّك خير من يتذكّر أن الطالباني أعلن في التلفزيون وبشكل غريب وهو رئيس : "إنّ كركوك بالنسبة للأكراد هي مثل القدس بالنسبة للعرب". هل هذا تصريح رئيس لكل العراقيين غير منحاز ومسؤول عن كلّ الشعب العراقي أمْ هو تصريح رئيس مُنحاز لجزء من الشعب على حساب جزء آخر وهو أمر مخالف لدور رئيس الجمهورية دستورياً واعتبارياً ؟

ثم ختمت "توقيعك" بما رسمته لنفسك ويؤيّد الاستنتاجات السابقة قبل قليل حين قلتَ :

(طالباني عينه كانت على كردستان الحُلم ، وعينه الأخرى ظلّت ترقب وضع العراق المتدهور، حتى الرمق الأخير). لِمَنْ تدعو .. وابنُ مَنْ أنتَ ؟ ولماذا هذه النبرة المُتشفّية ؟

ثم يأتي توقيعُكَ: (الحِكمة في إغلاق مطاري أربيل والسليمانية) (6/أكتوبر تشرين الأول/2017) لتدين إجراء الحكومة العراقية لإغلاقها المطارين لأنّها عقوبة جماعية ضد الشعب الكردي. فوضعتَ نفسك – دون قصد طبعاً ولكن بسبب الحماسة - في إطار مخطط الحرب النفسية الأمريكية الصهيونية الغربية الذي يريد فرض انفصال كردستان كدولة مُستقلة وكأمرٍ واقع بـ "التقادم الزمني" وعبر المفاوضات المكوكية الطويلة لننتهي في دولة كونفدرالية هي (جمهورية العراق العربية الكردية) ويستمر الانفصاليون "مريشين"  يبيعون النفط ويرفعون علمهم والمفاوضت مستمرة على طريقة كيسنجر لعدة سنوات لحين إنضاج مخططات الانفصال في تركيا وإيران وسورية. مُخطّط الحرب النفسية هذا الذي يروّج له صحفيون عراقيون وعرب وأجانب ويضغط من اجله مسؤلون من الولايات المتحدة والغرب (حتى الآن بريطانيا وألمانيا وفرنسا بصورة واضحة) بدأ بمديح الحكومة العراقية على حِكمَتها وضبط نفسها في مواجهة الإجراءات التمهيدية للاستفتاء إلى أن حصل الاستفتاء وصار واقعاً واحتفل به من احتفل! ووقعت القيادة السياسية العراقية في جانب من مصيدة الحرب النفسية هذه بسبب قلة خبرتها من جانب وبسبب أخطبوط المصالح الذي نسجه عملاء الانفصال حول رؤوس سياسية كثيرة من جانب آخر. وبسبب هذه المصالح كما أظن كان المواطن العراقي ولسنوات طويلة وحتى اليوم لا يدخل كردستان إلّا بكفيل في حين يدخل المواطن الكردي بغداد ويمتلك العقارات والمطاعم والفنادق بلا كفيل ولا تعطيل.

ولكن هل تعتقد – يا فاتح - أنّ المواطن العراقي لا يدرك ذلك ولا يعرف الأدوار المرسومة لكلّ شخصٍ في هذا المُخطط ؟ فكيف وقعتَ في هذه الواقعة وأنتَ الصحفي الخبير بالسياسة وتعيش في لندن المركز المهم للحياة السياسية الغربية (لندن هي الأمّ الراعية لمؤامرات التمزيق عبر التاريخ)؟  

وهذا توقيع آخر من توقيعاتك لو لمْ يكُنْ اسمك موجودا عليه لقلنا إنّ كاتبه – حاشاك - رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المُتحمّس الوحيد "المُعلن" لفصل كردستان عن العراق. توقيعك المُعنون "يوم طوله مائة عام" (24/سبتمبر أيلول/ 2017) تقول فيه :

(ويكاد جميع الكرد يقولون جملة واحدة ، هي ان الدول العظمى قبل مائة عام أنصفت كل الشعوب ومنها العرب، ولكنها ظلمت الكرد وقسمتهم على أربع دول، وان الكرد انتظرها مائة عام هذا اليوم الموعود ، يوم الاستفتاء على قيام دولتهم)

وأعيدُكَ إلى كتاب التاريخ للصف الخامس الابتدائي لتقرأ إنّ الدول العظمى ظلمت العرب أكثر من الأكراد حيث قسمتهم منذ مائة عام إلى عشرين دولة ووضعت مناطق عربية لدى الأجانب لم تُسترد حتى اليوم وهي بؤر ألغام دائمة ومنها مدينتك الموصل الحدباء. وها هي الدول العظمى لا تكتفي بتقسيم العرب إلى عشرين دولة بل تسعى في ظل الربيع العربي الدامي إلى تقسيم الدول إلى دويلات ، وها هي تعلن منذ عام 2003 عن مشروعها لتقسيم العراق إلى 3 دول بل تقسيم حتى السعودية!! ما الذي أعمى بصرك وبصيرتك كي تنسى حتى حقائق التاريخ الابتدائية المُتعلقة بقومك وشعبك ؟ لابُدّ أن يكون السبب عظيما ًوخطيراً لتقدّم من أجله كل هذه التضحيات الجسيمة؟

ما يحيّرني - من جديد - هو هذه السرعة التي تطرح فيها أوراقكَ بحيث عرفها أبسط مواطن عراقي ؟ فكيف وقعتَ في هذه الواقعة الغريبة ؟ مَنْ يرسم لنفسه دوراً في هذا السيناريو المُعقّد الخطير ويضع نفسه في إطار مخططات تمزيق الأوطان "يراوِس" الموضوع قليلاً .. مرّة للأكراد ومرة للعرب .. مرة لكردستان ومرة للعراق .. مو بها الشكل المفضوح الصارخ العاري وكأنّك "جو بايدن" الذي أعلن مخطط تقسيم العراق بعد الاحتلال مباشرة !! وهذا توقيع آخر من توقيعاتك يُثبت ذلك وهو : "إستفتاء كردستان والجغرافيا الميّتة" (24/سبتمبر أيلول/2017) الذي أعتبره البرنامج السياسي لمنظّري الانفصال وعملائه وقد آلمني كثيراً لأنني شعرتُ بأنّ الثقافة العراقية قد فقدت وإلى الأبد صوتاً مهماً مخلصاً تحوّل إلى سكين ناعمة مسمومة في خاصرة وطنه. 

فكم خسرت الآن ؟ وما هو الشىء الذي يستحق أن تخسر سمعتك وهويتك وتاريخك وتاريخ عائلتك من أجله ؟

لماذا تخسر بهذه الصورة المكشوفة المُستعجلة ؟ من يجبرك يا أخي على هذه اللعبة المُشينة ؟ ولمصلحة مَنْ ؟ من المؤكّد أنّ مجيئك بهذه السرعة الطائرة وسكنك في أربيل وسلسلة التواقيع التي تصدرها وتصب لصالح الانفصال وتمزيق وطنك لا مصلحة لك ولتاريخ عائلتك ولسمعة خالك المناضل فيها ؟

تقول في هذا التوقيع الخطير : (ان الدولة الكردية حُلم أجيال ولا أحد يستطع الوقوف ضد هذا الحُلم وإلا سيحمل العار أمام الشعب الكردي مدى الحياة) .وتقول أيضاً: (المسافة بين أربيل وبغداد هي أقصر كثيراً من المسافات مع العواصم الاخرى كأنقرة وطهران ودمشق . وهذا عامل مهم في قيام أوثق الصلات بين الدولتين).

هكذا وبهذه البساطة وبهذه السرعة جعلتهما "دولتين" حتى قبل أن يجري الإستفتاء وتظهر نتائجه بصورة رسمية؟

ستقول لي كنت أنقل ما يجري على الساحة وأجسّد نبض الشارع الكردي وأنّ بعضها أقوال مسؤولين أكراد.. لا يا فاتح .. نحن أذكياء .. وقد لعبتها أنتَ بصورة تعتقد إنّها عملية صحفية ذكيّة ، لكنها لعبٌ مُخيف بالنار أحرقك وأحرق تاريخك وتاريخ عائلتك وأغضب خالك في قبره ؛ خالك المناضل العراقي العربي الذي يُفترض حسب الحكمة الشعبية العراقية الباهرة أنّ ثلثين من شخصيّتك منه والذي سوف أهديك إحدى فصائده الوطنية الرائعة في النهاية للذكرى .

كنّا نتوقعُ مِنكَ سَطراً واحدا فقط .. نعم، سَطراً واحدا فقط .. سطراً واحداً فقط .. سطراً واحدا فقط .. تدعو فيه إلى وحدة العراق ورفض الانفصال فإذا بكَ تصبح المُنظّر السياسي لداعة وعملاء الانفصال وأنتَ تعرف أنه مشروع تدعمه دولة وحيدة في العالم هي الكيان الصهيوني .

كيف غيّرت هذه الحقيقة فصار مشروع الانفصال مدعوماً من قبل جهتين فقط في العالم : الكيان الصهيوني وفاتح عبد السلام . ماذا سيقول أهل مدينتك الموصل التي حرّرها أبطال الجيش العراقي وعظماء الحشد الشعبي عنك ؟  

ماذا فعلت بنفسك يا فاتح ؟ ماذا فعلتَ بنفسك يا ابن عبد السلام ؟ ماذا فعلتَ بنفسكَ يا ابن شاذل طاقة ؟

إبتعد عن ألاعيب الساسة .. وعد إلى نقائك القصصي والروائي المُبدع..

عدً "فاتحاً" الذي عرفناه  .. عدْ سريعاً فلا تزال هناك خطوة وبعدها يستر الله من السقطة الأخيرة ..

أمّا إذا لم تَعُد .. وسريعاً .. ، فأنا قد بلّغتُك ..

وياويلك من حُكْم وعذاب العراق والتاريخ

كانت جدّتي "حنتوشة" ، وهي لا تقرأ ولا تكتب ، تقول لنا قبل وفاتها :

"ارحموا العراق .. تره "يشوّر" "

أي أنّ العراق هو مثل الأئمة الصالحين يضرب حين يُستفز – خفية ، وضرباته هائلة ومميتة أحياناً .. فاحذر فاتح .. إحذرْ .. لا "يشوّر" بيك العراق المظلوم ..

# ملاحظة أضيفت يوم 16/تشرين الأول/2017 بعد يوم من كتابة المقال: 

أكملت هذا المقال يوم 15/تشرين الأوّل/2017، وأرسلته إلى الزميل د. أحمد عبد المجيد رئيس تحرير طبعة الزمان العراقية ، وفي صباح يوم 16/تشرين الأول/2017، قرأتُ توقيعاً جديداً لـ"فاتح عبد السلام" وكان عنوانه : "فكرتا الانفصال والاتحاد.. والعدو الطليق" ، وفيه يتحدّث عن كيف أصبحت فكرة الانفصال عن العراق أكثر رواجاً من فكرة الاتحاد به ثم يصل إلى استنتاج مهم ، فيقول : ((ذلك التردي السياسي، والانطلاق من التفكير الأحادي الملغي للآخر، حتى لو كان حليفاً ، هو الذي جعل فكرة الانفصال عن العراق أكثر رواجاً من فكرة الاتحاد به . والمشكلة الأكبر أنّ هناك الكثير من السياسيين السُذج ، من قصار النظر ، يظنون أنّ احتلال تنظيم ارهابي للموصل ثلاث سنوات ومن ثم إبادة نصفها في عملية تحريرها ، وتشريد مئات الالوف من أهلها ودفن أعداد لا تزال مجهولة تحت الأنقاض، هي مرحلة يمكن طيّها من دون افرازات وطروحات سياسية تتناسب مع الهزة العنيفة التي عصفت بالموصل وبقية مدن غرب العراق)).

وارتباطاً بسلوك فاتح الكتابي والتحليلي السابق تجاه قضية انفصال كردستان أستطيع أن أتساءل بتوقّع موضوعي ممزوج بالألم : هل توقيع فاتح هذا هو بداية توقيعات (تتسق مع مُخطّط مُبيّت) تتحدث عن ضرورة انفصال الموصل أو إعلان الدولة السُنّية مثلاً ؟

أتمنى أن أكون مُخطئاً...

ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم

مُلحقان :

(1). روابط الإساءة للعراق نفسه وللعلم العراقي والنشيد الوطني العراقي:

http://elaph.com/Web/Sports/2015/6/1013652.html

(2). نصّ قصيدة الشاعر الكبير شاذل طاقة :

قصيدة من المناضل العراقي العربي والشاعر الكبير "شاذل طاقة" أهديها إلى إبن أخته الروائي المُبدع "فاتح عبد السلام" :

((سألتُ شجيرةَ الكافور، قلتُ : لعلّها تدري.. بأنّا ذات أمسيةٍ زرعنا فوقَها قمراً صغيراً أسودَ العينين والشَعْرِ.. أشعلنا له شمعاً وكافورا.. وفدّيناه بالنَذْر.. فذاب الكُحلُ مبهورا.. وأحرقنا أصابعنا.. ولم ندرِ !. غريباً مرَّ، يا عيني، وما َسَّلْم !. تقول شجيرةُ الكافور، فانتظري مع الأحزان والأشواق عودته ربيعاً آخراً.. يا ليتها تعَلْمْ.. بأنيّ حُكتُ من ضلعي وسادته ومن نهديَّ.. والخدّين.. لو يعَلْم.. بأنيّ لن أراه مرةً أخرى.. فإني، يا شجيرته، ربيعٌ واحدٌ عشناه.. ثم مضى.. مضى.. مَرّا.. حزيناً مَرَّ، يا عيني، وما سَلَّمْ.. وخّلفني مع الأحزان والصبر.. ينوسُ بليلنا قمرٌ حزينٌ.. أسودَ العينينِ والشَعرِ ! سُقيتِ.. شجيرةَ الكافور، : إن عادَ الرجال.. وكان بينهمو حبيبي.. فانثري من فوقه الزهرا وبُوسيه من الخدّين.. رُشّي فوقه العطرا.. وبوحي بالهوى عنيّ.. وقولي: إنني ما زلتُ أهواه.. وأحلُم؛ إذ يزور ضفافنا القمرُ الصغيرُ مُكحّل الجفنِ.. ينام على الرمال.. يُغازل النهرا.. وقولي: إنني ما زلتُ أهواه ومِنْ حبّات قلبي.. سوف أطعمه.. وأسقيه دمي ودموع عيني.. آه يا عيني.. وبالكافور والشمع اللهيب، نذرتُ، أفديهِ وأدعو الله يَنصره ويرعاهُ.. ويرجعهُ إلى حضني.. سُقيتِ.. شجيرةً الكافور، لا تَنسَي.. وناديه أيا ميمونة الغصنِ! وراح رفاقه المضنون.. ينتحبون في صمت.. وزغردت البنادق مرة أخرّى تودعه.. وحوّم في المدينة طائرُ الموتِ.. فمالت غرسةُ الكافور خاشعةً.. وطيَّ غصونها قمرٌ يشيّعه.. وطُفِّئتِ السماء.. وغابت الأصوات.. وضاعت آخر النجمات.. ومن أقصَى المدينة جاء الفجر محتدماً يؤذِّن في الشوارع غاضب الجرسِ ويغسل مَدْرج الشمس!. )

وسوم: العدد 742