هذا الكتاب (تعرية الدين الصفوي) صغير الحجم ، ولكنه غزير المادة ، وكاتبه عالم جليل من علماء مدينة (حماة) السورية التي نكبها أحد حفدة الصفويين الشعوبيين الحاقدين على العروبة والإسلام ، عام 1982 فهدّم نصف المدينة على رؤوس أهلها ، فقتل منهم أكثر من أربعين ألفاً ، أكثرهم من الأطفال والنساء ، ذلكم هو حافظ أسد ، حفيد المدعو سليمان الوحش الذي جاء من إيران ، وكان كأبي رغال ، دليل الغزاة الفرنسيين في الساحل السوري الذي آواه ، وكان المشرد المهين .

مؤلف هذا الكتاب مختص بالدين الصفوي الإيراني ، وبتاريخ الصفويين ، فقد اطلع ودرس كثيراً من الكتب الشيعية ، وتحتل كتب الشيعة حيزاً في مكتبته العامرة بألوف الكتب القيمة ، في شتى العلوم والمعارف الدينية والعقدية والتاريخية والسياسية ، وسواها من الكتب التي جعلته عالماً موسوعياً خبيراً بخفايا الشيعة الصفوية الشعوبية .

ولهذا جاء كتابه هذا وكأنه مكتوب عن ظهر قلبه المسكون بالخطر الشيعي الصفوي على العروبة والإسلام ومن هنا برز الدين الصفوي عارياً .. لقد عرّاه المؤلف العالم من كل أثوابه التي كانت تزين عوراته بأساليب شتى ، حتى يراها المخدوعون بإيران الصفوية ، وادعاءاتها الكاذبة ، وميليشياتها المجرمة المخادعة التي ارتكبت من الجرائم في بلاد الأحواز العربية المحتلة ، وفي العراق المحتل ، وفي اليمن ولبنان المنكوبين بهم ، وفي سوريا التي عانت منهم (وما تزال) منذ أيام أجدادهم المجرمين ، فقد ارتكبت ميليشياتها من الجرائم ، مثلما ارتكب أجدادها : هولاكو وجنكيز خان ، والفرنسيون الذين غزوا سورية في بدايات القرن العشرين .

في هذا الكتاب السهل الممتنع ، تقرأ خلاصات عن الدين الصفوي لابدّ لكل عربي وكل مسلم ، وكل إنسان حر ، من الاطلاع عليها ، فقد صنعه خبير بشؤون أولئك الأوباش الذين هم بعيدون عن كل معاني الإنسانية ، ولا يمتون بأي صلة بالإسلام وقيمه السامية ، وهم خطر ، ليس على العروبة والإسلام حسب ، بل هم خطر على الإنسانية جمعاء ، وما ينبئك مثل خبير ، هو : الأستاذ الشيخ أحمد الجمال الحموي مؤلف هذا الكتاب الفاضح لعورات من كلهم عورات .

clip_image002_74f39.jpg

من الثوابت في عالم النثر أن الكتابة بشكل عام أدب وضّاء يخوض بحره الكثير ولا يصل مرافئه إلا القليل، وهذا النفر القليل يرتفع بعضهم فوق بعض درجات، بحسب الحقل الذي يحرث فيه الأديب ويشتل فسائله.

وأدب الرحلات هو واحد من فنون الكتابة النثرية التي شاعت منذ أن عرف الإنسان الكتابة والتدوين، وفي كل لغة وأدبها اشتهر رحالة جابوا البلدان ونقشوا على سجل الذاكرة مشاهداتهم وما التقطته عدسة أنظارهم وما رشح عن رؤاهم، ولهذا تقفز الى الواجهة أسماء مثل ماركو بولو المتوفى سنة 1254م وفاسكودي غاما المتوفى سنة 1460م وفرديناند ماجلان المتوفى سنة 1480م وإبن بطوطة اللواتي الطنجي المتوفى سنة 1377م، وغيرهم كثير.

فالقاسم المشترك لكل هؤلاء الرحالة بغض النظر عن الدوافع التي دعتهم الى السوح في البلدان ويقطعون الأنهار والبحار والوديان، أنهم يسجلون مشاهداتهم وانطباعاتهم عما يرون ويسمعون، وبعضهم يزاوج بين الرؤية العيانية وبين إبداء الرأي، وبعضهم يضع نفسه بمقام آلة التصوير والتسجيل يقيد ما يرى ويترك وجهات النظر والإنطباعات لكتابات أخرى أو لآخرين ديدنهم  التنقيب في التراث.

وإلى جانب أدب الرحلات يتصدر عالم الكتابة أدب المشاهدات الذي يجمع بين المشاهدة الذاتية وبين الرؤية الشخصية، ويتميز هذا الأدب أن العدسة فيه ذاتية الذبذبة، أي أن المشاهدة من داخل البيت على غرار "أهل مكة أدرى بشعابها"، حيث يحرر الكاتب والأديب مشاهداته عما يجري حوله في المدينة او البلد الذي يعيش بين ظهرانيه لتصبح ما سجلته محبرته تحفة أدبية قيمتها في توثيقها للواقع الإجتماعي وما يرشح عنه، تمثل ذاكرة متجددة يعود اليها الأبناء والأحفاد، وأدب المشاهدة هو أقرب الى أدب المذكرات حيث يسجل المرء ذكرياته التي تنطوي على مشاهدات وتصورات ورؤى وقراءة ذاتية للواقع.

بين يدي كتاب "كربلاء كما شاهدت" يثبت فيه الفقيه آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي جانبا من مشاهداته في مدينة كربلاء المقدسة حيث مسقط رأسه في العشرين من شهر اكتوبر تشرين الأول عام 1947م حتى خروجه منها سنة 1971م، والكتاب في 80 صفحة من القطع المتوسط صدر حديثا (2017م) في كربلاء المقدسة عن دار الوارث للطباعة والنشر وأشرفت على طباعته شعبة إحياء التراث الثقافي والديني بقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة.

ومضات مشعة

وعند مرورنا على عناوين هذا الكتيب وفهرسه ندرك المساحات التي تتحرك فيها عدة الكرباسي وهو يحدق بنظره الى كربلاء وزواياها في منتصف القرن العشرين، وتتدحرج كرة العناوين على سلّم الفهرس على النحو التالي: مقدمة شعبة إحياء التراث، المقدمة، كربلاء في سطور، حدود مدينة كربلاء التقريبية في عام 1366هـ (1947م)، حدود مدينة كربلاء التقريبية في عام 1391هـ (1971م)، مجتمعٌ محافظ، اللغة، اللهجة، الإكتفاء الذاتي، الحركة الإقتصادية، الفقر والغنى، العوائل والأسر، خطاب الإحترام، الرجال، النساء، الأطفال، مقام الكبير، الترحّم، موقع الغريب، التعليم، الحوزة، السياسة، النشاط والضمور، الربيع والخريف، الصيف، الشتاء، تغير البلاد، الخاتمة، بين العتاب والحنين.

ربما تنطوي عدد صفحات الكتيب مقارنة بعناوين الفهرس على مفاجئة، فعدد السنين التي قضاها الكاتب بين أزقة مدينة الحسين (ع) يفترض أن تنتج كتابا أوسع، ولكن عنصر المفاجئة سيزول إذا ما عرفنا أن باب "أضواء على مدينة الحسين" فحوى هذه المشاهدات وغيرها يضم أكثر من 30 مجلدًا مخطوطا طبع منها حتى الآن مجلدان ضمن إصدارات دائرة المعارف الحسينية، إلى جانب مذكراته المخطوطة في مجلدات عدة، وبالتالي فإن هذه الصفحات إنما هي أشعة من شمس مضيئة، وعلى قلتها يستطيع القارئ أن يدرك الكثير من القضايا التي عاشتها مدينة الحسين(ع) في العهدين الملكي والجمهوري.

ومن أولويات التوثيق لمدينة مسقط الرأس هو حبها على ما فيها، وكيف والمدينة حاضرة علمية تقدست بالحسين(ع) وأخيه العباس(ع) وخيرة شهداء البشر، وهذا الحب يطلعنا الكرباسي على بعض مكنوناته في المقدمة بقوله: (كربلاء تلك المدينة التي أحببتها فاحتضنتني، وواسيتها فغذتني، فكان الحب بيني وبينها متبادلًا، وكنت أشعر أنني جزء منها وهي جزء منِّي، فكنت ولازلت أحنُّ إلى تلك النخيل والأشجار وإلى تلك الأبواب والجدران التي كانت تضم الأقرباء والأصدقاء والزملاء والأدباء والعلماء والشعراء وأهل الصفاء والولاء، وإلى تلك الحوانيت والطرقات، حيث كانت تسلّم عليَّ وأسلِّم عليها ولو بالغمز واللمز)، ويسرح المشاهد الهائم في هواها محدثا عن طينته المعجونة بترابها: (خُلقت على أرضها بجوار مرقد سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين (ع) وأخيه أبي الفضل العباس (ع) روحي لهما الفداء، وجُبلت من تربتها ومائها، وتنشقتُ الحرية والمعرفة والأدب والأخلاق عبر هوائها، فكانت سخية كريمة جادت بكل ما لديها من الأمور المعنوية والمادية).

يا ترى في مثل هذه الأجواء الحميمية كيف تكون المدينة بالنسبة الى من ولد فيها؟ هذا ما يخبرنا به المشاهد: (هي أمّي الحنونة وأبي الحريص عليّ، وهي الصديقة التي لا أستغني عنها في الشدائد والمحن، ولازلت أحمل معي تربتها أسجد عليها لله شاكرًا، تمنحني الطمأنينة متى ما حدث لي حادث، فإن كنت في عُسر التجأت إلى الثاوين فيها حسين وعباس وشهداء كرام ليشفعوا لي إلى خالقي ليرفع عنّي المكاره والمحن) فكربلاء بالنسبة الى الكرباسي وكل من علّق بأطراف حبالها أنامل الولاء: (قبلتي وبوصلتي التي ترشدني نحو الصواب وإلى ما أصبو إليه).

ثقافات وأمور أخرى

تشتهر بعض المدن العالمية بوصفها مدينة ثقافات ولغات مختلفة، ولا تخرج مدينة كربلاء عن هذا الوصف حيث تستقبل الزائرين من كل الثقافات ولغات العالم، وهذا الخاصية وفّرت لسكانها قدرة التعرف على اللغات والتحدث بها، ولاسيما للذين هم على التماس مباشر مع الزائرين من كسبة وعاملين وموظفين وخدمة في العتبات المقدسة وأمثالهم، ولذلك فليس من الغريب أن تجد من يتحدث اللغة الفارسية أو الأردوية، وهنا يتذكر الكرباسي بأنًّ: (الكربلائي .. يفضل أن يتكلم بأكثر من لغة، فاللغة الإجتماعية السائدة كانت اللغة العربية بلا خلاف، فكثير من العوائل كانت لغة البيت عندهم هي اللغة الفارسية باللهجة الكربلائية والتي بالطبع تختلف عن اللهجة الإيرانية، وحتى العرب الأقحاح آنذاك كانوا يعتبرون اللغة الفارسية لغة ناعمة يستخدمونها في مواقع النعومة، وربما الغزل أيضا ولو باستخدام بعض مفرداتها، بينما بعض المدن المجاورة كالنجف الأشرف مثلا كان الفرس المقيمون فيها يلتزمون التحدث باللغة العربية وباللهجة المحلية، ولعل ذلك ناتج عن كثرة ارتباط العوائل الكربلائية بالإيرانيين القادمين لزيارة مرقد أبي عبد الله عليه السلام وكثرة المقيمين منهم بجواره).

هذا الواقع الناتج عن التعامل اليوم مع الزائرين من بلدان مختلفة، حرّك عجلة الإقتصاد بخاصة كما شاهد الكرباسي أن: (المدينة لها مركزيتها من حيث أنها مدينة مقدسة ومهوى ملايين الزائرين من خارج العراق وداخله، ومناسباتها الأسبوعية تكمن بيومي الخميس والجمعة، مضافين الى المناسبات الدينية والزيارات الموسمية التي قد تبلغ عشرين مناسبة سنويًا، فإن حركة السوق كانت رائجة والمنتوجات المحلية كانت مطلوبة، وتباع من خلال هذه الأسواق، وإلى جانب ذلك فإن الأعمال اليدوية كانت قائمة على قدم وساق، ولم أجد بيتًا وإن كان من أهل الثراء أو من الأعيان والعلماء إلا وأعمال النسيج والخياطة وصناعة الترب والسبح والمهافيف والحياكة وما إلى ذلك قائمة فيه، وربما اختلفت صورتها من بيت إلى آخر بحيث في العادة أن أرباب الثراء يقومون بسد حاجاتهم بالإضافة الى الترفيه مثل الحياكة).

 بل (وكان التعليم على مثل هذه الأعمال ضرورة بيتية، وكمالًا للمرأة، وتعد متعلّمة المهن المذكورة أكثر إقبالا على الزواج، وأما العوائل الفقيرة فإنها كانت تعمل للآخرين وتسترزق بها، ومن هنا كانت البيوت كلها معامل ومصانع)، ولذا فإن تعلم المرأة الكربلائية وعموم المرأة العراقية للشؤون المنزلية قبل الألفية الثالثة، كان هو الرائج وهذا له علاقة مباشرة بالزواج المبكر الذي كان سمة العهد القريب قبل أن تدخل الأفكار المضادة الواردة من الشرق والغرب تحت مدعى الثقافة والحضارة والمدنية، من هنا كما في مشاهدات الكرباسي: (وأما البنات فكن يتزوجن في أول محيضهن، وكان عليهن تعلم واجباتهن في بيت الوالدين كمقدمة لبيت الزوجية).

 وبشكل عام رغم الفقر وقلة ذات اليد لدى بعض العوائل والأسر، فإن الإكتفاء الذاتي هو سمة البيت العراقي فيما مضى، ولاسيما وأن الشكر في السراء والضراء والقناعة والرضا والحمد على كل حال من الخصال التي كان يتصف بها البيت الكربلائي بخاصة والعراقي بعامة، وما أكرم الـ (الكان) لو بقي الحال على ما كان عليه، ولكن القناعة كنز لا يفنى وبدونها يفنى كل جميل، والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، من هنا فإن المحقق الكرباسي عندما عاد الى مسقط رأسه عام 2003م بعد عقود من الغيبة رأى ما لا يسر الفؤاد: (وجدت الأمر مختلفًا تمامًا في مدينتي بعد أن عدتُّ إليها بعد نحو خمس وثلاثين سنة، وذلك بسقوط النظام الذي غيّر وجه البلاد والعباد، فأصبح وجه العراق مغبرًّا كئيبًا، ورأيت النفوس قد تغيّرت والمعالم قد تهدّمت، فخابت عند ذلك الآمال، وتناقصت الأقوال بالأعمال).

جماليات وضبابيات

ومن جماليات المدينة المقدسة فيما مضى من السنوات أنه: (اعتاد الرجال – الكسبة منهم والتجار- على فتح محلاتهم صباحًا بعد طلوع الشمس ... ومنهم من كان يبدأ يومه بزيارة المرقدين، وآخرون يذهبون للزيارة بعد الإنتهاء من العمل، والغالب عليهم أنهم يستهلون أعمالهم بقراءة القرآن والدعاء ثم تنظيف واجهات محلاتهم أو متاجرهم).

بيد أن هذه الخصلة الجميلة استبدلها البعض بوسائل الإتصال الحديثة، وتم استخدامها في بعض الأحيان في غير محلها، أما المحقق الكرباسي فإنه ظل حتى يومنا هذا يعمل بها، وجعل المحيطين به ممن يعملون معه يستنون بسنة الأجداد حيث يبدأون يومهم بتلاوة القرآن.

في الواقع أن قراءة ما شاهده المحقق الكرباسي خلال وجوده في العراق، يضع المرء بين عهدين كثر في أوله ما يسر النفس وكثر في ثانيه ما يغمها ويحزنها، ومع هذه الضبابية التي لاحت في ناظري كل مهاجر عراقي آب إلى وطنه يبحث عن الحضن الدافئ في وادي الرافدين بعد سنوات عجاف من الهجرة القسرية كان بعضهم لا يجد ما يعينه على شراء حليب يطعم به وليده، ومع هذا: (لكن الأمل كبير، فهو نعم المولى ونعم النصير)، كما يؤكد صاحب الكتاب الذي أنهى مشاهداتها بقصيدتين تلخص الرائية الأولى حاله في غربته:

أرى الناس في حيص وبيص فلا أدري ... وإن كنت في خلدي محيطًا بما يجري

ورغم هذا يعلن وفاءه للمدينة المقدسة التي أفاءت عليه بالخير:

ولكنني مهما فعلتم أرى نفسي ... لأرضي مدينًا من نشوئي إلى قبري

من هنا يظل يؤكد:

بلادي عزيزٌ تُربها نشأتي فيها ... وفيٌّ لها قلبي حنينًا مدى الدهر

والسر في هذا كما يفصح عنه:

جواري لسبط المصطفى قد سقاني جر ... عةً فجَّرت في الرمل دالية النَّهر

ولهذا يدعو الناس:

فأوفوا معي في الكيل والحلِّ عن صدقٍ ... وكونوا على نهجٍ معي وافر الخيرِ

وتفسّر القافية الثانية حنينه إلى مسقط الرأس، فالمرء مهما شرّق أو غرّب فإن مهوى قلبه بلدته وكما يقول الشاعر أبو تمام حبيب بن أوس الطائي المتوفى سنة 845م:

كمْ منزل في الأرضِ يألفه الفتى ... وحنينُه أبداً لأولِ منزلِ

ولهذا عندما حط المحقق الكرباسي رحله عند شاطئ الفرات سنة 2003م، أنشأ يقول:

إلى مثوى حسين شهيدًا بالعراق ... مسيري بعد ردحٍ مرير بالفراق

وعندما وصل مدينته لم يجدها كما كانت، إذ:

أخذت الآن أُزجي خيالًا في بلادي ... غريبًا باحثًأ عن أخ أو عن رفاقِ

ثم يظل يبحث عن الأمل التائه فيها، لكنه لا يفقده:

نهاري حالكٌ لو يئسنا من رجاء ... هي  الآمال والروحُ في بثِّ السماقِ

بذا تُحيى وفيه عَبَرنا حالكاتٍ ... بلا مَيْنٍ ولكن وفاءٌ للصِّداق.

مشاهدات غير قليلة يسطرها المحقق الكرباسي عن مدينة نابضة بالحياة، وقد كُتب عن كربلاء الكثير، بقي القليل وضاع منه الكثير، وهذا القليل تعرض هو الآخر للإهمال، وقد أحسنت إدارة العتبة الحسينية صنعًا عندما أنشأت "شعبة إحياء التراث الثقافي والديني"، وحسب تعبير المسؤول عنها الإستاذ إحسان خضير عباس في بيان عمل الشعبة كما جاء في التعريف بالشعبة: (إن الغرض على المستوى البعيد ليس إحياء التراث الثقافي فحسب، بل محاولة نشر الآثار التي اندثرت في مدينة كربلاء على مرّ السنين والتي باتت الحاجة إلى إحيائها ماسّة في يومنا هذا، لأنها تعكس مدى التطور العلمي والثقافي لتلك المدينة وأثرها في نشر الوعي في تلك المنطقة)، وهو مشروع يمثل نبتة طيبة لأحياء التراث وتذكير الأبناء والأجيال بما خطه الآباء وتركه الأجداد.

الرأي الآخر للدراسات- لندن

 استطاع السباعي _طيّب الله ثراه -  أن يفضح الطغاة ويشرح حقيقتهم أمام الناس فكرا وسلوكا وانحرافا ومآلا.

ولكن رغم سلبية وجود الطغاة وشرهم وظلمهم ، فهل هناك إيجابية واحدة من وجودهم يقول السباعي (لولا الطغاة لما عرفنا أدعياء الحرية من شهدائها، ولا أصدقاء الشعب من أعدائه، ولالتبس على كثير من الناس من بكى ممن تباكى.

إن أول صفة للطاغية هي تلك التي تنـزع عنه صفة الرئاسة (الحقد) وقديما قال الشاعر العربي :

ولا أحمل الحقد القديم عليهم            وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

فإذا كان الحقد الشخصي يقتل صاحبه كمدا، والحقد السياسي يعوق المجتمع عن سيره الصحيح ، فإن حقد الطاغية يدمر الأمة تدميرا ؟!!

لماذا ؟ يجيب السباعي لأن الطاغية يذل الأمة ،ويعز أعداءها ، ويميت أحرارها، ويحيي شرارها ، ووراء الطغاة قوى خارجية تدعمهم ولكنها (تشنق أمثالهم في بلادها ، وإذا استطاع الطاغية أن يستخف قومه ليطيعوه كما قال تعالى عن فرعون (فاستخف قومه فأطاعوه ) فهم أي (الطغاة يضعون الأوهام في عقول الأمة ،لتستسيغ وهم عظمتهم ، وما يستسيغها إلا سفهاء الأحلام والسخفاء وهؤلاء ترتبط حياتهم بحياة الطاغية ومصالحهم بمصالحه !؟ عبيد الطاغية يدافعون عنه ،إبقاء على حياتهم لا على حياته ..ولا يتهافت على فـتات عهد الطاغية إلا الذين لا يجدون ما يأكلون في عهود الحرية ، ولا يعتز بالسير في ركاب الطاغية ، إلا الذين تدوسهم مواكب الأحرار … فلا تعجب من مغمورين سلط الطاغية عليهم الأنوار أن يحرقوا له البخور، ويمشوا بين يديه بالمزمار ، فلولاه لظلوا في  الظلام مغمورين ليس لهم نهار ، إذا الأحرار كان لهم نهار ….

والطغاة و الأتباع يلعن بعضهم بعضا وليس بينهم أي درجة من وفاء وذمة (قد يحارب الطاغية من كان عونا له بالأمس ، ولا يخدعنك حربه له، فلو استطاع أن يكون طاغية مثله لظل له وفيا .إن أكثر الناس ضحكا على الطاغية في قرارة أنفسهم هم المنتفعون منه ، ويوم يزول يكونون أكثر الناس لعنا له ،إلا أن يكون فيهم ذماء من الوفاء والحياء ، وقل أن يكون عند أعوان الطغاة أثر منهما )

ولكنهم كيف اكتسبوا مودته من قبل ؟ يقول السباعي :لا تكتسب مودة  لطاغية إلا بالذلة، ولا القوي إلا بالخنوع ولا الحاكم المغرور إلا بالثناء والنفاق ؟!

فمن يا ترى الذين مكنوا للطاغية غير هؤلاء (أكبر أعوان الطاغية سكوت الصالحين وكلام الطالحين )  يقول جل شأنه (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) يقول السباعي رحمه الله (أكبر عقاب للأمة المتخاذلة وجود الطاغية فيها ، ومن علامة انحدار الأمة أن يتمكن أشرارها من حكمها ،ثم يتسلط هؤلاء الأشرار بعضهم على بعض ،فيشغلوها بأحقادهم ومطامعهم عن علاج مشكلاتها المحدقة بها.

ويبقى أسئلة لابد من معرفة جوابها ، متى تبدأ نهاية الطغاة؟

والجواب : أول صوت يرتفع من المضطهدين ، هو بدء نهاية الطغاة و الظالمين.

وثمة سؤال آخر : ما الحكمة في التمكين للطاغية؟

يقول الشيخ مصطفى السباعي _ طيب الله ثراه : (قد يكون من حكمة الله في تمكينه للطاغية، أن تقتنع الجماهير أن حكم الشورى أسلم طريق بناء للوصول إلى الاستقرار، فلا تفتن بعد ذلك بمظاهر البطولة أبدا )؟!

وفي المآل والنتيجة : ( إن حكم الطغيان يكشف الدناءة المستورة ، والحقارة المغيبة ،كما يكشف الرجولة المغمورة والفضيلة المهجورة ).

clip_image001_16b63.jpg

برعاية كريمة من منظمة (تاكو) المعنية بالشؤون الاجتماعية والنفسية في إقليم كوردستان صدرت الترجمة الكوردية لكتاب الدكتور حسين سرمك حسن "العائلة والكوارث" التي قام بها بجهد علمي مُضنٍ ومبارك الباحث الأستاذ (دانا ملّا حسن) الذي تولّى ترجمة الكتاب من اللغة العربية إلى اللغة الكوردية في مبادرة مهمة تعبّر عن روحه العلمية المخلصة للعلم والبحث العلمي وانحيازه لقضايا شعبه – بعربه وأكراده - المؤثرة ومعاناة عائلاته المتصاعدة التي تتطلب تظافر الجهود لتحقيق المعالجات العلمية الدقيقة التي يُعدّ جهده البارز هذا الذي بذله على مدى سنة كاملة واحدا من السبل الموصلة إليها. فقد تعرّضت العائلة العراقية وعبر عقود طويلة لأقسى أنواع الكوارث المُدمّرة التي مزّقت نسيجها وأنهكتها بصنوف الاضطرابات النفسية والاجتماعية وعطّلت قدرات أفرادها على البناء والنماء والعطاء. وقد أعدّ الدكتور حسين سرمك حسن هذا الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى عن دار تمّوز في دمشق عام 2012 ليكون  دليلا ميدانيا للعوائل والمختصين المعنيين بشؤونها في مجالات التعامل مع الضغوط التي سبّبتها كوارث : الحرب، الأسر، الموت، الطلاق، البطالة، المرض المزمن، الأدمان، والاغتصاب.

وقد تصدّت منظمة (تاكو) المعنية بالشؤون الاجتماعية والنفسية في كوردستان لرعاية هذا المشروع المهم وتنفيذه لتضع الكتاب بين أيدي المختصين والمعنيين بالتعامل مع الكوارث التي أصابت العائلة العراقية وتدبيرها والسيطرة عليها ومعالجتها بصورة علمية محكمة. وقد قامت المنظمة بطبع الكتاب بحلّة متميزة في مطبعة (پەنجەرە) في مدينة طهران في إيران ووصل الى السليمانية هذا اليوم الجمعة (30/حزيران/2017).

وقد قرّر السادة المُشرفون على منظمة (تاكو) أن يعلنوا عن صدور الكتاب بترجمته إلى اللغة الكوردية في مراسيم خاصة تجري في حفل خاص في السليمانية.

وقد قامت المنظمة بطبع ألف نسخة من الكتاب الذي بلغ عدد صفحاته (302) صفحة.

وقد جاء في المقدمة التي كتبها الدكتور حسين سرمك حسن للطبعة الكوردية من الكتاب : (لقد اتصل بي الأخ الأستاذ "دانا ملّا حسن" قبل شهور راجياً الموافقة على أن يقوم بترجمة كتابي "العائلة والكوارث" الذي ترجمتُه وأعددتُه وصدرت طبعته الأولى عن دار تموز للطباعة والنشر في دمشق عام 2012 ليكون دليلا ميدانيا نفسيّا واجتماعيا للعوائل العراقية والمختصين المعنيين بشؤونها في التعامل مع الكوارث الطاحنة التي سحقت العوائل العراقية في عراقنا الحبيب من شماله إلى جنوبه. وإني في هذا التقديم الموجز أحيّي، أولا ، مبادرة الأستاذ "دانا ملّا حسن" هذه التي تعبّر عن شعوره العميق بمسؤوليته العلمية والوطنية تجاه أبناء شعبنا الكوردي وهو يقوم بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الكوردية حيث تعرّضت العوائل الكردية – كجزء عزيز من شعبنا العراقي - للكثير من الكوارث بفعل العدوانات المسلحة والحصارات والضغوط الاجتماعية والنفسية لعقود طويلة وفي ظل الأنظمة المختلفة الأمر الذي جعلها ؛ هي والمختصين النفسيين والاجتماعيين ، وحتى القيادات السياسية والإدارية ، بحاجة فعلية إلى دليل ميداني وعملي ، مبسّط قدر الإمكان،  في تعاملهم مع هذه الكوارث ونتائجها للسيطرة على تأثيراتها المرَضيّة التي إن لم يتم احتواؤها ومعالجتها بصورة علمية ودقيقة تكون مدخلا نحو تمزيق النسيج الاجتماعي وتدمير شخصية المواطن.

كما يهمني، ثانيا ، أن أحيّي أمانة الأستاذ "دانا ملّا حسن" العلمية فقد اتصل بصاحب دار تمّوز للنشر وحصل على موافقته بعد أن اقترحت عليه ذلك لغرض استيفاء الشروط الأخلاقية والقانونية لنشر الكتاب. كما أحيي دقّته العلمية حيث كان على تواصل دائم معي بصدد إعادة تنظيم وترتيب الجداول والإحصائيات والتداول بصدد حذف بعض المخططات المعقدة بشكل لا يؤثر على الصورة الكلّية للكتاب.

أخيرا أتوجّه بالشكر إلى جميع من مدّ يد المساعدة كي يصدر هذا الكتاب بحلته النهائية ويتم تداوله بين المعنيين و خاصة المشرفين على منظمة (تاكو) التي تطبع الكتاب و تنشره مجانا، واتمنى لهم الاستمرار في خدمة الصالح العام والباحثين الإجتماعين و النفسيين والله من وراء القصد).

clip_image002_c69d9.jpg

الكتاب يسلط الضوء على معالم واشكاليات ظهور التيارات الارهابية والقيم التي تعتمد عليها سواء من حيث النهل من مصادر التشريع او من خلال التأويل والتفسير الشخصاني الرغباتي وبحسب حاجة التيارات تلك.

تثير المقولات الفلسفية الكثير من التساؤلات حول الماهيات والموجودات، وحول العديد من القضايا الاخرى التي تتعلق غالباً بقضية الاقامة الارضية او ما يمكن ان نسميه انسنة الانسان ، والتداعيات التي رافقت تطور الفكر الانساني منذ البدء الى وقتنا الحالي، وتظهر بين الفينة والاخرى بعض المصطلحات المثيرة للجدل في ذاتها، لكونها تسلط الضوء بشكل مكثف على الواقع البشري وما آل اليه من انحرافات وتوهيمات ادت الى خراب الخراب الارضي بشكل لايمكن التغاضي عنه، او تبريره بأي فعل او رؤية او حتى تفصيل ايديولوجي حر او ديني مقيد.

Détails sur le produit Broché: 68 pages Editeur : Noor Publishing (18 janvier 2017) Langue : Arabe ISBN-10: 3330840129 ISBN-13: 978-3330840126 Dimensions du produit: 15 x 0,4 x 22 cm Moyenne des commentaires client : Soyez la première personne à écrire un commentaire sur cet article

والكتاب موجود الكترونياً على موقع دار النشر وبعض المواقع الاخرى

المزيد من المقالات...