clip_image002_50824.jpg

clip_image004_ce710.jpg

 " اصعد إلى عليائك فيّ" ديوان شعريّ للشاعرة الفلسطينيّة فاطمة نزال،عن دار النّشر مكتبة كل شيء-حيفا 2017.

"إصعد إلى عليائك فيّ" عنوان مُميز، ملفت للنظر ،فيه أغراء للسّامع ،فيه صوت انثى تخاطب الذكر بجُرأة بصيغة الأمر ،وتطلب منه أن يصعد إلى مجده وذروته من خلالها.

قسّمت الشّاعرة ديوانها الشّعري إلى ثلاثة أقسام: ففي القسم الأول عبّرت عن علاقتهاومشاعرها بأُمِّهاوقضايا إنسانيّةأُخرى ،القسم الثاني يتطرق إلى وجدانيّة الشّاعرةوقلبها،أمّاالقسم الثالث فاحتوى على قصائد قصيرة جدا غير معنونّة تحمل صورا شعريّة جميلةأيضا ذات طابع وجدانيّ.

القسم الثاني من الدّيوان يجذب القارئ أكثر  من الأقسام الأُخرى لما فيه من جُرأة في التعبير عن العاطفة ،العشق والإشتياق.

تأتي الشّاعرة بصور شعريّة تمزج صور العشق بالإشارات الدّينية لتعبّر عن حنينها عشقها ولوعة اشتياقها للحبيب وأثر الفراق، وتمنيت لو أنّ الشّاعرة ابتعدت عن زجّها بتلك الإشارات لما فيها من قداسة .

تقول في قصيدة "أوّل الغيث":

تفقد كفيّ روحي

إنهما يرسمان

لوحة عشق على جسدي.

وتتابع الشاعرة فتقول:

"كيف أتلمّس دفأهما

كيف أُلاحق شبق عدوهما

على مرابع صباي

كيف بسعيهما بين صفاي ومرواي

قد فّجرا ينابيع حنيني

إلى قُبلة من شفتيك".

وفي قصيدة "غواية" تقول:

"طاف الكون بلفتها

أضحت بؤرة

أمست كعبة العشاق

وقِبلةَ نساك التماهي".

وأيضا فإنّها استخدمت إشارات من القرآن الكريم من "سورة يوسف" في قصيدة" نهاية".

تأثرت بالأساطير فذكرت( عنات، إنكي،ّ اينانا).

تتكرر كلمة القُبلة عدة مرات في هذا القسم من( 118، 106 ، 108)للتأكيد على الفقد ووجع الفراق.

تقول في قصيدة "قُبلة":

"وأحنُّ لذلك الوعد

على شفا قبلة

انتظرتك".

وفي قصيدة "صرتهم"تقول:

"....

تلفنا عتمة

شجرة

تستر قُبلتين مسروقتين".

وفي قصيدة وهم:

"حين قبلتك ذات عناق لمقلتينا

لم أدرِ أن تلك القبلة

ستفتح النار

من كل الجبهات".

استخدمت الشّاعرة في صورها الشّعريّة ايحاءات جنسيّة فاستخدمت عدة كلمات توحي بذلك.(فض بكارة، رعشة ،رجفة جسد ،ألعق ما ألعق على شفتيّك،شهد العناق،.....).

جاءت بعض القصائد مقيّدة أنفاسها منقطعة بحيث تحرم القارئ من التخيّل والتّأمل كما في قصيدة "مرايا" حين تسأل وتجيب دون أن تتيح للقارئء أن يقرأ المشهد الشعريّ.

تقول: "أتبحث عنّي في عيون العاشقين

إذن دخلت متاهة لن تخرج منها ".

نجحت الشّاعرة في استخدام الإستعارات الجميلة وأكثرت من المناداة والخطابة .

حسب رأيي الشّخصي، لم يكن هنالك حاجة لمقدمة الكتاب "شاعرة قلبها بألف باب". لأن القارئ يريد أن يكتشف فحوى الكتاب وقدرة الشّاعرة بمفرده.

بقي أن أقول أنّها شاعرة كانت حُبلى بالعواطف الجيّاشة فولدتها فوق مساحات الذكرى،الحنين والفراق.

للشاعر عبدالله حسين جلاب

clip_image002_5f5bb.jpg

غيمة  ٌ ثلاثة  ُ غـُصينات ٍ بيض ٍ

طولـُها هو طول ُ طفل ٍ

يكتب ُ في عوالمـِها ،

الآن َ ..

هبطت ْ من العصافير

في حجرة ِ المزرق ّ

تحت َ الطست ِ ،

يرسم ُ من وحي القلب ِ أشياء ساكنة في مكانها ويسميها طبيعة ٌ صامتة ، ظلال ٌ خائفة ، مرعوبة كأطفال تخاف من افتراس الضوء في ابادة روح العتمة ، غيمة ٌ بيضاء تتدلى من غصن ٍ أبيض تحتضن وجعا ً وتروي ظمأ ً وتبدد خوفا ً ..

عن دار الينابيع للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق / 2017 صدر للشاعر عبدالله حسين جلاب ديوان الشعر " طفل في عوالم غيمة ، يكتب قصيدة عنوانين " يتضمن 23 قصيدة شعرية نعبر عن الطاقة الشعرية الكامنة لدى طفل متمرد مع تعدد الصور المتلاحقة في قصائده الشعرية ..

يصرخ والهـم ّ في داخل عروقه تجمع ّ ، لقلب ٍ متعب ٍ مع جوارح حزينة ، يهرب من عالمه الأشباح ويظللهما جناح الكون عبر أمواج تتلاطم وتخطو بهديرها على نبضات العمر ،  في داخله جرح ٌ وألم  لم تعد الأوراق تحمل حروفه والأشياء من حوله في ضياع ..

غراب ٌ ينعب ُ مرتحلا ً

فوق شجر ٍ بلا رؤوس ٍ

كف ّ خضراء ُ

بين أناملها نجمة ٌ

تخرج من رأس شجرة ٍ تحترق ُ

كالطير فوق غصين يتحسس حركة الكون ، في ذاكرة البرق يحلق في رحلته عبر محطات لا يقتفي فيها أثر ، بين زرقة السماء وأنياب الأرض ، ليعلن أرتحاله عن مدينة غير واضحة المعالم ..

أطير ُ الى قلبها الأزرق ،

بجناحين من البرق ِ

فترضعني

من ْ صدرها الأخضر

ماء َ الجمـّار !

تتصاعد الآهات من عشق الأرض ، يشق ّ في جوفه لحد ويصبح قلبه قبرا ً ، ويشعر بأن هناك له روح تجسد ّ ذلك التراب ، وتبعث له الحنان كلما أبتعد في غربته ، ينتظر الغروب ليبقى لحظات مع نفسه يتأمل روعة شط العرب عندما تشتد ّ ظلمته حين تطل ّ منه الذكريات وتنكسر على ضفافه الأحلام .

من خـُوصك ِ الأزرق ِ ثوبي ومنفاي !

أذبلني ، في محـَني ، ترابـُك ِ ..

وما خنت ُ عاقولة َ قبر ٍ من ْ مقابرك ِ

التي لا تـُحد ّ

لا أ ُريد ُ من قاع ِ أبيك ِ شط ّ العرب

سوى مترين من ْ مائـِها الأشيب ِ

لأنام َ في ظلمتـِهما ،

طويلا ً ..

جمرة  ٌ ملتهبة  ٌ توقد ُ نارا ً في قلبه وتختزل كل المشاعر لينفرد بعشق قصائده .. ولوحاته .. يحاكي خياله ويغوص في أعماق الصور ، وتعصف به رياح مشاعر لا تستقر كأمواج  صاخبة  من الأحاسيس ، يرسو به شعره على شواطئ تستوطن الروح ولا يملك الا شوقا ً ونبضا ً يسكب بالأعماق عطر الوجود ..

أنت ِ كرة ُ الدنيا

وأنا ذرتـُك ِ

أنت ِ السماء ُ

وأنا نجمتـُك ِ

أنت ِ البحر ُ

وأنا موجتـُك ِ

أنت ِ الشجرة ُ

وأنا يخضوُرك ِ

الحمامة ُ أنت ِ

وهديلـُك ِأنا

تطل ّ على دمه نخلات تجسد ّ تأريخ الطين ، تشق عنان السماء مع واحاته المغمورة في طيبة الرمل المنسية في قاع العينيين ، تـلون بهدأتها الأرض عبر نخلة الدرب الطويل ، مع فقاعات الطين التي تكتب نصوصا وتشكل لوحات .

بصيص ٌ في زجاجته ِ

يتدلى من قلب ِ نخلة ٍ

في السماء !

أعمى على عصاه

يراه

صيف بأعينه ِ

على أسطح ِ الطين ِ

في حدة الصمت المتوحد في عزلة الليل يجمع فيها ما تبقى من روحه ليكتب قصائد كزلزال رج ّ خوافي النفس ، في أعماق سكونه موج هائج يتلاطم يترجمها على صفحات الأوراق البيضاء لعلها تغسل همومه ، وتعيد ترتيب حقائب جسده المسافر في ذاكرة الموج التي تتهادى مع التيار ..

clip_image002_7a27f.jpg

القصيدة الأولى

اليوم عندي يا حبيبي

الشاعرة الدكتورة ألطاف محمد أحمد البارودي

اليوم عندي يا حبيبي ماذا بعد فرحى وسعدي بحضورك اليوم عندي وجلوسي أمام قلبي يسلب الواقع منى وصوتك الرخيم يهوى على قلبي بالتمني وحديث الوجد يشجى ويتغلغل تحت جلدي سوف ألقاك بليلى فيه قمر يحكى سهدي ونجوم سمائي شهود على صبابتي ووجدي أنا على موعد لإحساس يأتي منك ويهوى عندي يا حبيبي أمهلني قليلا لتضئ شموعي خدي فاليوم أمسى يوم سعدي لأنك اليوم عندي

ألطاف البارودي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الثانية

خلاص حبيت

الشاعرة الدكتورة ألطاف محمد أحمد البارودي

وشفتك ولما الحلم تحقق ولقيت روحي بقت روحين سألت نفسي أنا بقيت فين قالت لي ما تدرى يا مسكين أقول لك حالك في كلمتين خلاص حبيت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشاعرة الدكتورة ألطاف محمد أحمد البارودي تعرفنا بنفسها

حاورها/ الشاعر والروائي/ محسن  عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم

- ما اسمك بالكامل؟

- د ألطاف محمد أحمد البارودي

 استشاري تخاطب

 استشاري تغذية

 نقيبة الذاتيين وذوي الإعاقة

أمين عام المرأة لحزب مصر المستقبل على مستوى الجمهورية

 رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان الخير الخيرية

حضرتك لو {بتيجي} فيصل ممكن تشرفني في المؤسسة

- تاريخ ميلادك؟

14/5/1963

- أين ولدت؟

- جرجا محافظة سوهاج

- لمن قرأت؟

- لشعراء مثل:

أحمد شوقي

جبران خليل جبران

محمود سامي البارودي

 وكتاب مثل:

 نجيب محفوظ

زكى نجيب محمود

 والعقاد

 وغيرهم

ولا تسألني..ماذا قرأتِ لهم؟

-                               هل قرأتِ لي؟

- الحقيقة تشوقت أن أقرأ لك الآن فقط

هل من الممكن أن ترسل لي ديواناً

أو ما تراه جميلاً لديك

-                               ماذا قرأتِ الآن لي؟

- قرأت قصيدة اليوم على صفحة المجلة

-                               ما اسمها؟

- ما كتب اليوم من أصدقائك

في وصفك

- تقصدين سيرتي الذاتية؟

- نعم

مشرفة

- ما رأيك في سيرتي الذاتية بصراحة وبدون مجاملة؟

- ثرية جد جدا وواجهة مشرفة لشاب

هذه السيرة تناسب شيخا كبيرا ليأخذ كل عمره لتحقيقها

سابق عصرك وعمرك ما شاء الله

ما تخيلت هذا في مصر

واضح مثابرتك واجتهادك

وإصرارك على المضي رغم الصعاب

- حدثينا عن ألطاف البارودي الشاعرة؟!!!

من أول ابتدائي كانت لدي الجرأة للوقوف في طابور الصباح لإلقاء أناشيد وأشعار أختارها من الكتب .

وأذكر وقتها أنني اخترت من مجلة كيف أنني أريد أن أتزوج فدائيا وأحمل رشاشه على ذراعي كنت أشب ليروني من وراء السور

واستمر الوضع .

وفي إعدادي كنت معروفة بتجهيز كلمات الترحاب وأشعار الاستقبال لضيوف المدرسة .

أوقات الناظر يقول لي فيه:

"فلان آتٍ في الطريق بسرعة جهزي أبياتاً للترحيب به أو كلمة تليق .

كنت أجهز مسبقا لأني أعرف المطلوب كل مرة .

في ثانوي لم أظهر موهبتي وكنت أحتفظ بكتاباتي لنفسي لأن الصعيد يأبى وقتها على البنت أن تجهر بصوتها في الميكروفون .

وكان الانزواء بناء على طلب العائلة وإلا...

واستمر الوضع .

إلى أن أنهيت الجامعة وكنت أكتب وأجمع ما أكتب في كشاكيل .

وبعد الزواج وطالما كنت في الغربة كانت أشعاري ألقيها في السعودية في ندوات نسائية .

وتركت السعودية وجئت إلى مصر إجازة كأي إجازة وجاءني إصرار غريب عل عدم العودة وإلى الآن توجد كتاباتي وأشيائي في السعودية.

وعدت 2010 وبعدها الثورة .

وكتبت في الثورة وإلى الآن أكتب أشعاراً وأغاني وما أسميه {حلمنتيشي} لا هو شعر ولا هو نثر .

كتابات خفيفة الدم فقط للترويح أو نقد مرح "

-                               لو قلت لك :قولي كلمة لقراء شعرك ..ماذا تقولين؟

"قرائي الأعزاء ما أقدمه من أبيات إهداء منى لكم تستحقونه وزيادة فما كتب كتب لكم واستمراريتي بكم أشعاري هداياي المتواضعة لكم ولو ملكت نجوم السماء ما بخلت بها لأنكم أروع ما أملك فهلا قبلتم هداياي فأنا بكم استمر؟!!! ألطاف البارودي"

أتمنى دعمكم لأشعاري التي تعبر عنكم وعن أحاسيس كثير منكم وأنا منكم وبكم أنتظر رأيكم هو غاية اهتمامي

 ألطاف البارودي

- وضحي للقراء كيف أنك بنت عم الشاعر الكبير محمود سامي البارودي؟

اتصال في الجد الأكبر وبمنصبه كرئيس وزراء ذاع صيته وكان يقيم في القاهرة وكان الأعمام أبناء الجدود يتواصلون معه وينقلون له كل ما يحدث في العائلة

وحتى الآن لنا أوقاف لو حصرت ستعادل أضعاف أملاك الخديوي ولا زلنا نحارب مع الدولة من أجلها هذه الأوقاف على مستوى الجمهورية

وطبعا كثير من العائلة نعموا بالباشاوية ولازالوا يذكرون حتى الآن

رحمهم الله .

حاورها وراجع لها كلامها شعرا ونثرا: الشاعر والروائي/ محسن  عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم

قصّة وليست اسطورة !

إنّها ليست أسطورة مثل الأساطير العراقية السومرية والمصرية الفرعونية واليونانية ، مثلاَ ، فيها آلهة خيالية تسكر وتزني وتقتل وتتآمر كما هو معروف . بل هي حوادث فعلية لبشر معروفين في التاريخ اليهودي هم نبي ، وأولاده الأسباط ، وأحفاده .

والآن هل هذه العصا - هنا - هي رمز للنظام الثقافي وللخصب ، أم هي سلعة (مكافئة للمال) لأن ثامار عندما مارست دور البغي مع عمّها يهوذا أخذتها منه مع خاتمه وعصابته كرهن يستعيده عندما يدفع لها أجر المضاجعة ؟

ثمّ إنّ هذه الأدوات عائدة ليهوذا رمز السلطة البطريركية وليست لثامار رمز السلطة المتريركية ، ولهذا فيهوذا هو رمز الخصب وليست ثامار !!!!

لماذا جعلت ثامار عمّها يزني بها ؟

_____________________

ولماذا تصرّفت ثامارا هكذا ؟

يقول النص التوراتي لأن يهوذا لم يزوّجها من ولده شِيلة حسب وعده ، فعطّل مسيرة الإخصاب ، فأرادت أن تذكّر عمّها بأنها من رموز الإخصاب الكوني ، وتحرجه أيضاً . لماذا لم تطلب من يهوذا الوفاء بوعده بحوار صريح وجلسة عتاب كما يفعل الأوادم في كلّ مكان ؟ ولماذا اختارت عمّها لينيكها وتورّطه ؟ ألم تكن قادرة على لعب نفس الدور مع شيلة الإبن وهو الزوج المُنتظر ؟

سيقول قائل إنها أرادت أن تزني وتأمن من عقاب الحرق مادامت تورّط عمّها السبط ؟ لكن هل من المعقول أنّ امرأة تريد إثبات خصوبتها تزني مع محارمها ؟ ولو أتينا بهذه العصا وحكينا قصّتها لهذا الكهل العراقي المُسلم كأكبر احتمال ، والغير يهودي بصورة مؤكّدة ، هل يوافق على استلامها واستخدامها في حياته اليومية كرمز للخصب أم أنه سيعتبرها نجاسة وأداة للإثم والشرّ والمسافحة ، ويقوم برميها في الزبالة ، ثم يغسل يديه ؟ 

طيّب .. الآن ولدت ثامار توأما من عمّها وأثبتت خصوبتها . ما هو الوصف الذي ينطبق على هذين المولودين ؟

لقد ولدت ثامار توأمين هما : فارص وزارح ، وهؤلاء هم أسباط يهوذا الفارصيون والزارحيون. ومن الفارصيين الزناة جاء أكبر ملوك العابيرو وأعظم أنبياء يهوه وهو : الملك داود (وأكرّر هو ليس داود القرآن الكريم) .

لكن لنترك هذا الأمر ولنعد إلى السؤال الأساسي :

هل هناك علاقة لعصا هذا الكهل العراقي المُتعب كالعادة والذي صوّره الراحل فؤاد شاكر وحيدا معزولا في المقهى ، بعصا السبط يهوذا التي رهنها لدى كنّته ثامار حين زنى بها وهي من محارمه ؟!

كل إنسان يختزن في طبقات لاشعوره الجمعي دلالات الرموز المرتبطة بالنماذج الأولّية – archetype ، كالماء والشمس والقمر والأرض والعصا وغيرها بمعانيها العامة (الماء رمز الخصب والتجدّد والولادة وليس رمزا لصورة الإله إنكي مثلا) ، ولكي يختزن هذا الكهل معاني هذه الأسطورة (أسطورة يهوذا وثامار) يجب أن يطّلع عليها ، فأين قرأ هذا الكهل البغدادي هذه الأسطورة وأين سمعها في حياته ؟ في المدرسة ؟ في المكتبة ؟ في الصحف ؟ سمعها من الإذاعة العراقية ؟ هل يحتفظ أبوه وأمّه بكتاب التوراة أو العهد القديم في البيت ويثقفونه عليه كل يوم ؟ هل نقرأ المزامير في الإذاعة والتلفزيون في الأعياد كاليهود ؟ أم أن القرآن هو الأساس في التربية الدينية اليومية ، والموروث السومري والبابلي في اللاشعور الجمعي هما الأولى في تكوينه الأسطوري ؟ فلماذا هذه الحماسة والإفراط في إعادة كل حركة ، وكل عصا ، وكل شجرة ، وكل ثوب ، وكل لون ، وكل سمكة بُنّية ، وكل كرسي ، إلى تشبّع وجدان وذاكرة العراقيين بالآيات والسور والمزامير والأسفار اليهودية ؟؟؟!!

حتى الكرسي الذي يجلس عليه هذا الكهل البغدادي في المقهى صار رمزاً لكرسي العرش للإله اليهودي يهوه الذي استراح عليه بعد أن خلق الكون في سبعة أيام كما يقول ناجح (راجع ص 40) حيث ربط كرسي الكهل في المقهى بالأسطورة التوراتية :

(حين خلق الربّ اليهودي السموات والأرض واستكمل خلق الحيوان والإنسان وجعل العالم مكتملا وفي اليوم السابع استوى على العرش/ الكرسي !! – ص 40) (153).

 هل معقول أن كرسي هذا الكهل العراقي له هذا المعنى التوراتي ؟؟!!

وهل أن القصّة التوراتية تقصد بكرسي يهوذا كرسي المقهى الذي شاهد فؤاد شاكر هذا العجوز المتهالك يجلس عليه في مقهى "حسن عجمي" مثلا قبل أن يلتقط له الصورة ؟؟!!

أمر غريب لا أستطيع شخصيا أن أقرّه على الإطلاق .

وكل هذه الأخطاء تعود من وجهة نظري إلى سبب رئيسي هو عدم تحديدنا للمعنى الدقيق لـ "الرمز – symbol" ، وخلطه بـ "العلامة – sign" في كثير من الأحوال ، تابعين لتأويلات بعض النقّاد الغربيين "الكبار" ، ونسيان القاعدة الذهبية (كل رمز هو علامة ، ولكن ليس كل علامة رمز)  . عندما يقول زوج لزوجته :

(لقد مللتُ .. كلّ يوم غداؤنا رز ومرق .. إشوي لنا سمكة اليوم) .

هل معنى هذه الرغبة أن هذا الرجل يريد احتضان الإلهة عشتار والنوم في أحضانها ليمثل معها دور الإله الإبن دموزي مادامت السمكة رمزاً من رموزها الأسطورية ؟

على هذا الأساس يكون المشتغلون بالسمك المسقوف في شارع أبو نواس هم أكثر العارفين الثقاة في عالم الأسطورة !!

يجب أن تأتي هذه السمكة ، وهذا الطلب ، ضمن "سياق" محمّل بشحنة نفسية ، وله مرجعياته الثقافية والاجتماعية وحتى الدينية . إنّ الدخان "علامة" على النار ، لكنه يصبح "رمزا" في قصيدة تتحدث عن روح العاشق المهجور المحترقة أو قلب المقاتل الجسور المُلتهب مثلا. ونفس الشيء يُقال بالنسبة إلى عصا الكهل . إنّها "علامة" على التقدّم في العمر والضعف والعجز ؛ أداة معاونة على المشي والإتكاء وحفظ التوازن ، وليست رمزا للسلطة والملوكية وعصا للألوهة والخصب والإنبعاث والقضيب . لكن إذا جاءتنا معلومات عن أن هذا الرجل العجوز يلوّن عصاه ويطليها كل يوم ، وينيمها معه ويتشمّمها كل ليلة .. إلخ .. أو أنه يحلم كلّما نام بأنه يركبها ويطير بها ، أو يستخدمها كأداة سحرية لفتح ما هو مُغلق ، أو للإشباع الجنسي ، أو أنه يكتب القصائد والقصص عنها ، فسوف تتحوّل إلى رمز للرجولة الضائعة وطموح للإنقاذ واستعادة القدرة الإخصابية .

إنّ الحصاة علامة على الأرض الصخريّة ، ولكنها تصير رمزا حين تستخدمها عجوز لمعرفة الحظ أو إذا تبرّك بها شخص وحملها في جيبه .

أمّا أن هذه العصا التي يتكيء عليها هذا العجوز المنعزل في مقهى بغدادي تمثل الخصب والإنبعاث والنظام الثقافي ، فهذا توسيع مروّع لمعنى هذه الأداة ، وتعسّف في إقحامه قسريّأً في "سياق" ليس له أبداً . وأمّا أن عصا العجوز تشبه عصا السبط يهوذا الذي رهنها عند زوجة ابنه المومس عندما زنى بها – فهذه – وليسمح لي صديقي وأخي الأعز الأستاذ ناجح – "شطحة" أسطورية !! وأجلى أشكال خطورة هذه الطريقة في التحليل ومقاربة النصوص تتمثل في أنّ هناك جيلاً من الشباب ينظر إلى طرقنا في التحليل ويعمل على الإقتداء بها .   

clip_image002_29b16.jpg

صدر عام 2017 ديوان"اصعد إلى عليائك فيّ" للشاعرة الفلسطينية فاطمة نزال. ويقع الدّيوان الصادر عن مكتبة كلّ شيء الحيفاويّة، وقدّم له الحبيب بالحاج سالم من تونس في 120 صفحة من الحجم المتوسط، ويحمل غلافه الأول لوحة للأديب الفنّان محمود شاهين.

 أعترف أنّني لم أقرأ شيئا للشّاعرة الفلسطينيّة فاطمة نزّال من قبل، فأنا أتهيّب أو أحاذر من قراءة الدّواوين الشّعريّة التي تصدر لشواعر وشعراء شباب لكثرة الغثّ منها، خصوصا وأنّ هناك عشرات الكتب صدرت وعلى غلافها "ديوان شعر"، مع أنّ ما جاء فيها ليس شعرا ولا خاطرة ولا أقصوصة، بل لا علاقة له بالابداع، هذا مع التّأكيد أنّني أفرح فرحا طفوليّا كلّما مرّ بي كاتب أو شاعر شابّ مجيد.

 وفاطمة نزّال شاعرة شابّة وأعتقد أنّ هذا الدّيوان هو اصدارها الأوّل، لذا فإنّني وضعت ديوانها "اصعد إلى عليائكّ فيّ" على رفّ المكتبة لأقرأه في وقت الفراغ الزّائد عندي. وها أنا أقرأه من باب الالتزام ببرنامج ندوة اليوم السّابع الثّقافيّة، والتي نعطي فيها الأولويّة لنقاش اصدارات محلّيّة للتّعريف بأدبنا وأدبائنا المحلّيّين، وذلك بسبب الحصار الثّقافيّ الجائر الذي فرضه المحتلون علينا قبل ظهور "الانترنت" في تسعينات القرن الماضي.

وما أن شرعت بقراءة ديوان فاطمة نزّال قافزا عن تقديم الكتاب، لأنّ غالبيّة من يقدّمون لكتاب يهيلون عليه وعلى كاتبه أطنانا من المدائح التي لم تحظ بها معلّقات الشّعر العربيّ، حتّى وجدت نفسي أمام شاعرة متميّزة قد تقلب ما اعتدت عليه في نظرتي للاصدارات الشّابّة. فقد وجدت نفسي أمام شاعرة حقيقيّة، تملك ناصية الكلمة، أدهشتني بجمال صورها الشّعريّة، وبجرأتها في قول ما تريد من خلال لغة انسيابيّة كأنّها تعزف سمفونيّة الحياة، يأخذ إيقاعها وموسيقاها لبّ قارئها والمستمع إليها. وهذه الجماليّات اللغويّة تأتي عفويّة لا تصنّع فيها، مّما يشي أنّنا أمام شاعرة موهوبة تبوح بما في دواخلها؛ لتقدّم لنا شعرا جميلا يعزف ألحان المشاعر الحقيقيّة للانسان. وهذه المشاعر الجيّاشة الصّادقة وجماليّة اللغة، في الدّيوان ليست حكرا على قصيدة واحدة في الدّيوان، بل هي دفق شعريّ يشي بتميّز واضح" وهذا يدفعني إلى مخاطبة صاحبة الدّيوان :"فاطمة نزّال : أنت شاعرة، وهذا يكفيك."

المزيد من المقالات...