يستمع المرء إلى أغنية موطني، فيسأل من صاحب هذه الكلمات التي تستقر في القلب ولا تغادره؟ من هو الشاعر الذي نظم هذه الأبيات الخالدة وصاغ هذا النشيد الخلاّب؟ الذي يتغنى بحب الوطن بلا تشنج ونفاق، وأحاسيس مزيفة صمّاء. هذه الأغنية الوطنية تتحدث إلى سامعها بلغة صادقة رقيقة، تلامس مشاعر كل فرد تجاه وطنه وارتباطه بأرضه، وبلحن هادئ شفيف لا يسعى إلى تهييج الناس، ليندفعوا في اتجاه معين بعقل غائب. ترّق النفس إلى هذه الأغنية وتطمئن إليها، رغم التوجس الذي خلقه تاريخ طويل من الخداع، والغش والتضليل والتلاعب بالعقول بواسطة سلاح الأغاني الوطنية، يعيد المرء الاستماع إلى أغنية موطني مرة ثم مرات، فيتأكد من نقاء معانيها، وخلو كلماتها من أي أهداف أو رسائل خبيثة، ومع الإمعان في الإصغاء إليها لا يزداد إلا اطمئناناً وتعلقاً بها.

إبراهيم طوقان وأمير الشعراء

هي كلمات من فلسطين، كتبها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، ولحنها الموسيقار اللبناني محمد فليفل سنة 1934، وهي النشيد الوطني لفلسطين قديماً، والنشيد الوطني للعراق حالياً. وإبراهيم طوقان شاعر فلسطيني كبير رحل مبكراً، ولم يمهله القدر لينظم المزيد من شعره الرائع، لكنه رغم ذلك ترك ديواناً بديعاً ثرياً، متنوعاً في قصائده ومواضيعه. عاش هذا الشاعر صاحب الكلمة العبقرية والوجدان الرقيق، في الفترة من سنة 1905 إلى سنة 1941، ما يعني أنه لم يشهد عام 1948 الأسود، إلا إنه كان شاهداً على بدايات المأساة وغزو العصابات الصهيونية، والخطوات الأولى في تنفيذ المخطط الجهنمي للاحتلال الإسرائيلي، وبدايات المقاومة أيضاً والتصدي للاعتداء والمؤامرة، التي دُبرت للاستيلاء على أرض فلسطين. وله مجموعة من القصائد التي تكشف عن وعي سياسي كبير، ومن المعروف أن إبراهيم طوقان ينتمي إلى عائلة فلسطينية عريقة، ونال في حياته تعليماً راقياً. كما أنه كان يحيا في زمن عربي متقدم ومتطور، يعترف بقيمة العلوم والفنون والآداب، ويسمح لهم بالوجود، ويتيح لهم المكان ويمنحهم المكانة اللائقة، وكان هذا الزمن أيضاً يزخر بالأعلام والأسماء الكبرى من الشعراء والفنانين والكتاب والأدباء، فقد كان إبراهيم طوقان معاصراً لأمير الشعراء أحمد شوقي، بل كان يعارضه ويعاتبه، ويناكفه أحياناً بالمشاغبات اللطيفة، وقد يشعر المرء أحياناً عندما يطالع ديوان إبراهيم طوقان، بأنه يقرأ لأمير آخر في فلسطين، ولا يعني ذلك أنه كان مقلداً لشوقي، وإنما يعني أنه كان عظيماً.

ولشوقي مكان في شعر إبراهيم طوقان، إذ يذكره في قصيدة بعنوان «الشاعر المعلم» كتبها سنة 1933، وفيها يقول: «شوقي يقول وما درى بمصيبتي.. قم للمعلم وفه التبجيلا.. اقعد، فديتك، هل يكون مبجلاً.. من كان للنشء الصغار خليلا؟ ويكاد يفلقني الأمير بقوله كاد المعلم أن يكون رسولا.. لو جرب التعليم شوقي ساعة. لقضى الحياة شقاوة وخمولا» هذه القصيدة غاية في الظرف، وتعكس خفة ظل الشاعر الشاب الذي كان يعمل معلماً، وتحتوي على الكثير من الأبيات المضحكة، خصوصاً في نهايتها. لكنها تطرح موضوعاً جاداً في الوقت نفسه، وتصف آلام من يقوم بهذه المهمة الشاقة في كل زمان ومكان. وكما كان لشوقي مكان في شعر إبراهيم طوقان، كان لمصر أيضاً مكانها، وكان يعاتبها كما يعاتب شوقي وشعراءها الآخرين، فيقول في قصيدة بعنوان «عتاب إلى شعراء مصر»: «وتسامى صرح العروبة في مصر.. وهل غيركم له أركان؟ كم بلاد تهزكم ليس فيها.. لكم جيرة ولا إخوان.. خطبنا لا يهز شوقي ولكن.. جاء روما فهزه الرومان.. خطبنا لا يهز حافظ إبراهيم.. لكن تهزه اليابان». كان الشاعر محباً لمصر وهو القائل في القصيدة نفسها: «وإذا بالقلوب تهفو على النيل.. ظماء يودي بها الخفقان». لكنه كان يريد من مصر المزيد من الحب، وكان يُذكر شعراءها بما يجب أن يكون، أن تتطلع العيون والقلوب إلى فلسطين دائماً، أن لا ينشغل الفكر عن فلسطين، أن لا تُنسى فلسطين.

هذا العتاب نجده دائماً في قصائده عن مصر، ومهما تغزل في أرض الكنانة وعدّد محاسن الجمال فيها في ذلك الزمن، فإنه لا ينسى أن يُذكر أهلها بفلسطين وبأواصر القربي والارتباط العصي على التفكك. زار الشاعر مصر سنة 1931 وكتب قصيدة بديعة بعنوان «تحية مصر» يقول فيها: «قالوا شفاؤك في مصر وقد يئسوا.. مني وأعيا سقامي من يداويني.. خلّفتُها بلدة يعقوب خلَّفَها.. شوقاً ليوسف قبلي فهو يحكيني». ويصف الشاعر في بقية أبيات القصيدة، مصر التي كانت مليئة بالحياة والفنون والجمال، والتقدم والازدهار في كافة الميادين، أما العتاب فكان في قوله: «أحب مصر ولكن مصر راغبة.. عني فتعرض من حين إلى حين».

لم يكن إبراهيم طوقان متصلاً بمصر وحدها، كان متصلاً بالشام أيضاً وبالمغرب وبسائر بلدان العرب، ما يدل على عمق شعوره العربي والارتباط بأمته. وعند قراءة ديوانه، وفي خضم تلك الرحلة الممتعة، نجد أشعاراً رائعة عن الشام، وأبياتاً على وجه الخصوص، تلامس جرحاً هائلاً لم يكن يعلم الشاعر أنه سيكون يوماً ما، وأن المأساة الكبرى ستكون في سوريا، يقول طوقان في قصيدة بعنوان «ذكرى حمية أهل الشام»: «هذه شيمة الكرام بني الشام.. سَمت همة وطابت فعلاً.. عربي إباؤكم أموي.. لا أباد الزمان تلك الخلالا.. كل جرح أصابكم حلّ منّا.. في صميم القلوب يأبى اندمالا». ويقول أيضاً في قصيدة بعنوان «حريق الشام» كتبها سنة 1928: «لهفي على الشام وسكانها.. لهفة ظامي الروح حرّانها». ويقول كذلك في قصيدة بعنوان «ذكرى دمشق»: لا ترعك الخطوب يا ابنة مروان.. ولوذي بالله والفتيان.. الشباب النضير والأمل الثابت.. خلان كيف يفترقان». كما نجد في ديوانه قصيدة بعنوان «فتية المغرب» يقول فيها: «فتية المغرب هيا للجهاد.. نحن أولى الناس بالأندلس.. نحن أبطال فتاها ابن زياد.. ولها نرخص غالي الأنفس.. قف على الشاطئ وانظر هل ترى.. لهب النار وآثار السفين.. يوم لا طارق عاد القهقري.. لا ولا آباؤنا أُسد العرين». ويقول في موضع آخر من القصيدة: «يا فتى المغرب سلها من بنى.. ذراها الحمراء تسمع عجبا.. فأعدها لذويها وطناً.. تحسد الدنيا عليه العربا».

نشيد القلب العربي

يتسم شعر إبراهيم طوقان بجمال الوزن والقافية، وصياغتهما بشكل لا يسبب الملل للقارئ، بالإضافة إلى وضوح المعنى والعبارة وحسن تخير الألفاظ، والقدرة على التأثير في النفوس، وفي شعره حيوية الشباب وقوة الأمل والحماس، والوعي الكبير بهموم الوطن والأمة. وإلى جانب قصيدة موطني، كتب إبراهيم طوقان الكثير من القصائد عن فلسطين، التي تشغل جزءاً كبيراً من ديوانه أو أغلبه تقريباً، ونظم الأبيات الخالدة عن الفدائيين والمقاومين والشهداء والأبطال الأحرار، ورد على شعراء وكتاب الصهاينة، وألف أجمل القصائد عن نابلس ورمان كفر كنا والقدس، وصاغ أناشيد أخرى غير نشيد موطني، كنشيد «وطني أنت لي» ونشيد «فلسطين». وفي هذه الأشعار نجد وصفاً للشخصية الفلسطينية المقاومة، منذ ذلك الزمن وحتى الآن وإلى أن تُسترد أرض فلسطين كاملة محررة، ويتحدث عن الشهداء بما تراه العين ونعاصره حالياً، فيقول: «عبس الخطب فابتسم.. وطغى الهول فاقتحم.. رابط الجأش والنهى.. ثابت القلب والقدم». ويقول: «لا تقل أين جسمه واسمه في فم الزمن.. إنه كوكب الهدى لاح في غيهب المحن». ويقول في قصيدة «الفدائي»: «لا تلوموه قد رأى منهج الحق مظلما.. وبلاداً أحبها ركنها قد تهدما.. وخصوما ببغيهم ضجت الأرض والسما».

كثيرة هي الأصوات التي تغنت بقصيدة موطني، لكننا لا نعلم من هو الصوت الأول الذي تغنى بها قديماً، وعلى الأرجح أن القصيدة كانت تؤدى بشكل جماعي، كنشيد وطني بطبيعة الحال. لم يغير الملحن محمد فليفل شيئاً من تركيب القصيدة، ولم يضف سوى بعض التكرار لكلمة موطني، ولأول وآخر كلمتين في كل بيت قبل وبعد كلمة موطني، وقد صاغ إبراهيم طوقان قصيدته في ثلاث مقاطع، يبدأ كل مقطع منها وينتهي بكلمة موطني، بينما في الأغنية نجد كلمة موطني تتكرر مرتين، وكان جميلاً ما فعله الملحن، إذ يزيد من الأثر الشعوري الذي تتركه الكلمة في نفس المتلقي. في هذه القصيدة تحديداً استخدم الشاعر كلمة موطني، لا وطني أو الوطن كما في قصائد أخرى، وهي كلمة توحي بالقرب الشديد، واحتواء الوطن للمرء وانتماء المرء إلى الوطن. لا يذكر الشاعر اسم فلسطين في هذه القصيدة، ما يجعلها صالحة لتكون نشيداً وطنياً لكل بلد عربي، كما فعل العراق واتخذه نشيداً وطنياً له، يتحدث الشاعر عن وطنه الذي يرى فيه كل «الجلال والجمال والسناء والبهاء» ويجد في هواه «الحياة والنجاة والهناء والرجاء»، ويريد أن يراه في أعلى مكانة «سالماً منعماً وغانماً مكرماً» لكن الوطن ليس على ما يرام، يواجه الأعداء وأهله يرفضون الذل المؤبد والعيش المنكد، ويريدون استعادة المجد التليد، ويتخذون رمزهم «الحسام واليراع» لا «الكلام والنزاع»، ويتحدث الشاعر عن واجب الوفاء وشرف الغاية، إلى أن ينهي قصيدته قائلاً: «يا هَناك في علاك قاهراً عداك.. موطني». تبدو هذه الأغنية أو هذا النشيد، من أصدق الأناشيد الوطنية على الإطلاق، بما فيه من رجاء مخلص يعبر عن مشاعر كل عرب تجاه وطنه.

fsdfsg1025.jpg

صدرت عام 2023 رواية "رحلة إلى ذات امرأة" للكاتبة المقدسيّة صباح بشير عن دار الشّامل للنشر والتوزيع في نابلس، وتقع في 237 صفحة من الحجم المتوسّط.

جميل أن يطرح الأدب مشاكل اجتماعية، خاصة تلك المتعلقة بهموم المرأة ومشاكلها، والأجمل أن يأتي ذلك الطرح بلغة أدبية وأسلوب شيق، حيث يكتمل الجمال المعرفي بالجمال الأدبي، وفي رواية "رحلة إلى ذات امرأة" نجد الجمالين معا، فرغم أن المضوع قاسٍ، يتحدث عما تعرضت له "حنان" من ظلم اجتماعي، خاصة بعد أن تم تزويجها من "عمر"، وما تبعه من خلافات ومعاملة قاسية من زوجها وحماتها، وعندما شكت لأمّها ما تمر به من معاملة قاسية كان ردها أن عليها أن تحافظ على زوجها، وأن الطلاق غير مقبول في العائلة، وهذا ما جعلها تستمر في عذابها إلى أن بلغت القسوة ذروتها، فتم حرق كتبها وضربها من قبل "عمر"، وهنا يتدخل الأب ويقوم بدور إيجابي ويقف إلى جانب ابنته إلى أن يتم الطلاق.

وضمن الأحداث نجد أختها "غادة" تلك الفتاة الحاقدة على كل شيء، وذلك بسبب جمالها المتواضع، حيث ساهمت في إلحاق الأذى ب"حنان" ومحاصرتها حتى في البيت، وهذا ما دفعها إلى البحث عن منزل خاص بها والبحث عن عمل يعيلها ويعيل ابنتها "شروق" وتنجح في ذلك، وهنا تطلعنا "حنان" على حالة المطلقة، وكيف ينظر إليها المجتمع على أنها خاطئة/ناقصة، وما جعلها تتعرض لاضطهاد جديد، وتقرر أن تبدأ حياتها متجاوزة كل العقبات التي تواجهها، وتبدأ العمل في مؤسسة تهتم بقضايا النساء، وهنا تطلعنا على مشاكل الزوجة الثانية وكيف هو حالها، ورغم تألقها وإخلاصها في عملها إلا أن مديرة المؤسسة تقرر الاستغناء عن خدماتها وذلك تحت ضغط زوجها والمجتمع.

وبهذا تعطينا "حنان" صورة المرأة القوية التي تجاوزت المجتمع الذكوري وكيف أنها استطاعت أن تنجح في عملها، وصورة مديرة المؤسسة، المرأة المستسلمة للمجتمع، فرغم أن المدير لم تتعرض إلا لما هو متعلق بالمؤسسة، ومع هذا استجابت للضغوطات واستسلمت لها، وشاركت المجتمع ظلمه لحنان بعد أن تخلت عن خدماتها.

  "ماري" صديقة حنان الوفية وملاذها، فهي من استمعت لمشاكلها ووقفت معها، فبعد أن تم إنهاء خدماتها من المؤسسة تقترح أن تهاجر إلى فرنسا وهناك تبدأ صفحة جديدة من خلال عملها في الصحافة، حيث تتعرف على "نادر شعبان" الذي يبدأ بالتقرب منها/ وبما أنه وسيم ويعرف كيف يعامل النساء فقد اعجبت به "حنا" وتكلل هذا الحب بالزواج، لكن بعدها تلاحظ "حنان" أن زوجها يكثر من السهر خارج البيت، فتفاتحه بهذا الأمر إلا أنها لا تجد ما يثر الشبهات، وتقرر أن تتجاوز عن هذه المعضلة لأن زوجها يحبها ويعاملها بلطف ورقة.

لكنها تفاجأت أنه يقرر بيع البيت والشركة التي يديرها، وأخبرها أنه قرر السفر إلى الكويت؛ ليبدأ من جديد، ولا تلبث أن تخبرها الشرطة بأن زوجها مقامر، وقد خسر كل أملاكه، وأن دائنيه قاموا بقتله، وهنا تكون الصدمة التي أعادت "حنان" إلى وطنها، لتبدأ حياتها كمطقة وكأرملة.

هذا ملخص لأحداث الرواية، لكن لا بأس من التوقف قليلا عند بعض المحطات، الرواية بغالبيتها تحدث عن القسوة التي تعرضت لها "حنان" من أمها، التي وضعتها من أيام الخبطة تحت ضغط المجتمع، إلى أختها "غادة" التي تريد (التخلص منها) ليفتح باب الزواج أمامها، وبعد زواجها من "عمر" وجدته ضعيفا أمام أمّه، ومتقلب في تعامله مع المجتمع ومعها، وهذا ما جعله أقرب إلى شخص يعاني من انفصام في الشخصية، حيث يبدي اللين والاحترام للآخرين، بينما يعامل زوجته بقسوة واحتقار، فالرواية (غارقة) في مشاكل المرأة وهمومها، وهذا تأكد بعد أن عملت "حنان" في المؤسسة التي تعنى بمشكل النساء، حيث اطلعت على  أسباب قبول الفتاة لتكون زوجة ثانية.

لكن هناك مشاهد فرح متعلقة "بماري" حيث تزوجت من الشباب الذي تحبه والذي أخذها إلى فرنسا؛ لتعيش حياتها كما ينبغي، لكن طول هذا الفصل (11) لم يتجاوز الصفحتين فقط؛  لتعود "حنان" إلى سيرتها الأولى والحديث القهر والظلم والضغط الواقع عليها، وهذا الأمر تكرر أيضا عندما تحدثت عن سفرها إلى فرنسا الفصل (13) حيث اكتفت بصفحتين فقط، لتتحدث عن مرحلة الخروج من الجحيم إلى الجنة، وهذا الأمر يثير أسئلة، لماذا لم تتحدث "حنان" عن مشاهد الفرح بغزارة وسهاب؟، هل هناك (عقدة) تعاني منها جعلتها (غارقة) في مشاهد الألم والقسوة؟ ولماذا لم تجعل صديقتها (ماري) تتحدث بصوتها، واستمرت في سرد الأحداث وحيدة فكانت صواتها الوحيد المسموع؟

اعتقد أن فكرة الرواية المتعلقة بهموم المرأة ومشاكلها جعلت "حنان" غارقة فيها، بحيث لم يتح لها أن تتناول جوانب الفرح والسعادة، وهذا ما أكدته هي ـ بطريقة غير مباشرة ـ عندما تحدثت بإسهاب وتفاصيل عن ليلتها الأولى مع "عمر"، وكيف عاملها بخشونة وصلت حد الاغتصاب، بينما مرت مرورا عابرا وسريعا على  ليلتها مع "نادر"، وأيضا نجدها لم تتحدث ـ كما ينبغي ـ عن ابنتها "شروق" الناجحة والمتفوقة في دراساتها وحياتها، ولم تدخلنا إلى مراسم فرحها بعد أن تزوجت، فهي كأمّ/كامرأة عانت من الزواج بالإكراه، من يفترض أن تسعى لتعوض هذا الأمر بإبداء الفرح والسعادة بزواج ابنتها التي اختارت شريكها بنفسها، لهذا نقول أن "حنان" تتجنب الحديث عن الفرح/السعادة، وهذا يأخذنا إلى شخصيتها المخلصة والمتفانية في عملها، ألم تنجح في المؤسسة وفي الصحافة؟ فأرادت أن  تكون مخلصة لروايتها وللفكرة التي تحملها، هموم المرأة ومشاكلها في المجتمع الذكوري، فكان سردها للأحداث وجحم الفصول يخدم فكرة الرواية.

الرواية من منشورات دار الشامل للنشر والتوزيع، فلسطين، الأردن، الطبعة الأولى 2023

sgsgfs1025.jpg

عن دار الهدى للطباعة والنّشر كريم 2001 م. ض. في كفر قرع صدرت عام 2021 رواية "طيور المساء"، للكاتبة الفلسطينيةّ أسمهان خلايلة، وتقع الرّواية التي صمّم غلافها الفنّان مبدّا ياسين في 159 صفحة من الحجم المتوسّط.

أسمهان خلايلة كاتبة فلسطينيّة من مجد الكروم في الجليل الفلسطينيّ الأعلى، تكتب الخاطرة والقصّة والمقالة، وهذه هي رويتها الأولى -حسب علمي-.

مضمون الرّواية: تتحدّث الرّواية عن مجزرة كفر قاسم التي ارتكبها الجيش الإسرائيليّ في 29 اكتوبر 1956م غداة العدوان الثّلاث على مصر، والذي اشتركت فيه بريطانيا وفرنسا واسرائيل. وأزهقت في هذه المجزرة أرواح تسعة وأربعين شخصا بين رجل وامرأة وطفل. ومنهم نساء حوامل، وكان الهدف منها هو إجبار من تبقّى من الفلسطينيّين في ديارهم على الهرب من ديارهم إلى المناطق العربيّة المجاورة كالضّفّة الغربيّة.

الأسلوب: مهّدت الكاتبة لروايتها ببعض الحوادث والحكايات التي تحدث في كلّ قرية، مستعينة بعدد من الأمثال والأغاني الشّعبيّة، التي جاءت في مكانها الصّحيح، وكأنّي بالكاتبة هنا تريد أن تدلّل على الثّقافة الشّعبيّة، التي من خلالها يستطيع الباحث أو القارئ الحاذق أن يقف على طريقة تفكير أيّ شعب إذا ما اطّلع على ثقافته الشّعبيّة، وقد طغى الأسلوب الحكائيّ الإنسيابيّ على السّرد.

التّمهيد للحدث الرّئيس وهو المذبحة: مهّدت الكاتبة لروايتها بثمانية فصول، امتدّت على ثمان وتسعين صفحة قبل دخولها إلى مذبحة كفر قاسم، وهذا التّمهيد لم يكن نشازا، ولا غريبا عن الحدث الرّئيس، فهو يحوي حكايات عديدة ومريرة عن معاناة الفلسطينيّين الذين صاروا أقلّيّة في وطنهم داخل حدود إسرائيل التي قامت كدولة في 15 مايو 1948 على 78% من أراضي فلسطين التّاريخيّة، بعد أن تشرّد منهم 950 ألفا في أصقاع الأرض بسبب ويلات الحرب.

اللهجة المحكيّة: أغرقت الكاتبة في استعمال اللهجة المحكيّة، لأنّ شخوص روايتها ومنهم معلّم المدرسة مروان وابنه فارس الذي درس الهندسة الغذائيّة، هم أناس شعبيّون مندمجون في قضايا شعبهم وهمومه، فمروان كان عضوا في الحزب الشّيوعي الإسرائيليّ، رغم ما يعني هذا من معاناة أثناء خضوع من تبقّى من أبناء شعبنا الفلسطينيّين في ديارهم في النّكبة الأولى عام 1948م للحكم العسكريّ، الذي استمرّ من العام 1948 حتى 1965، والذي لم يكن يسمح للفلسطيني أن ينتقل من بلدته إلى أخرى دون تصريح من الحاكم العسكريّ. ومعروف أنّ من كشف المجزرة وفضحها هما عضوا الكنيست عن الحزب الشّيوعي الرّاحلين ماير فلنر وتوفيق طوبي، وهما من قادة  الحزب الشّيوعيّ الذي لعب دورا رئيسيّا ومهمّا في الحفاظ على الهويّة العربيّة الفلسطينيّة، وعلى اللغة العربيّة من خلال صحافته" جريدة الإتحاد، ومجلّتا الجديد والغد".  واستعمال اللهجة المحكيّة يدخلنا في متاهات حول استعمالها في الكتابة أو عدمه، لسنا في مجال ذكرها في هذه المقالة، ومعروف أنّ "اللهجة استعمال خاطئ للغّة." لكن يجدر التّذكير هنا أنّ اللهجات المحكيّة ليست مفهومة عند الشّعوب العربيّة كافّة، بعكس اللغة الفصيحة التي يفهمها العرب جميعهم.

الرّواية التّاريخيّة: عرف العرب الرّواية التّاريخيّة، ومن أشهر من كتبوا الرّواية التّاريخيّة الرّوائيّ والمؤرّخ والصّحفيّ اللبنانيّ جوجي زيدان"1861-1914". ومن قبل الرّواية التّاريخيّة عرف العرب السّيرة الشّعبيّة، والتي كتبت باللهجات المحكيّة مثل سيرة "عنترة" و" الزّير سالم" و"أبو زيد الهلالي، وغيرها. وإذا كان جرجي زيدان كتب رواياته باللغة الفصحى معتمدا على البحث في كتب التّاريخ، فإنّ الرّوائيّين بشكل عامّ يستفيدون من التّاريخ ولا يؤرّخون، لكنّ كاتبتنا أسمهان خلايلة في روايتها هذه اعتمدت على مصادر الحدث الشّفويّة، فكتبتها كما سمعتها من أفواه من رووها، وهذا يقودنا إلى قضيّة أخرى هي: هل يُدوّن الأدب الشّعبيّ، كما يُسمع من رواته أم يجري تفصيحه؟

عنصر التّشويق: طغى عنصر التّشويق بشكل واضح من خلال السّرد الحكائي الإنسيابيّ، رغم مرارة المضمون.

عنوان الرّواية: تحمل الرّواية عنوان" طيور المساء"، والقارئ للرّواية سيجد أنّ المجزرة وقعت في المساء، أثناء عودة المزارعين من حقولهم، والعنوان في طيّاته يحمل مضمونا دينيّا فقد روى مسلمٌ في صحيحه بسنده عن عبد الله بن مسروق قال:" سألنا عبدالله عن هذه الآية ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ أما إنَّا قد سألنا عن ذلك فقال: أرواحهم في جوف طيرٍ خضْرٍ لها قناديل معلَّقة بالعرش تسرح من الجنَّة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل".

وماذا بعد: تعتبر هذه الرّواية بشكل وآخر رواية تسجيليّة توثيقيّة عن معاناة الشّعب الفلسطينيّ، بسبب الهجمة الصّهيونيّة على وطنه، كما تعتبر رواية توثيقيّة، عن مذبحة كفر قاسم، سردت أحداثها من أفواه من عاشوها وذاقوا ويلاتها، وهي تذكّر بمجازر أخرى مثل: دير ياسين، الدّوايمة، الطّنطورة وغيرها. وهذه المجزرة خُطّط لها بعناية على المستوى الرّسميّ؛ لتشريد من تبقّى من الشّعب الفلسطينيّ في ديارة، ظنّا من المخطّطين أنّ هذه المجزرة ستمرّ بهدوء، لأنّ حرب العدوان الثّلاثي على مصر التي صاحب المجزرة طغت على وسائل الإعلام، وعلى اهتمامات الرّأي العامّ العالميّ، وأكبر دليل على ذلك أنّ المحكمة الإسرائيليّة التي عقدت لمحاكمة القتلة أدانت قائد الوحدة العسكريّة القاتلة "شدمي" وحكمت عليه بقرش إسرائيليّ واحد، أيّ أقلّ من سنت أمريكي واحد.

العرس الجماعي: ورد في الرّواية أنّ أهالي كفر قاسم أقاموا عرسا جماعيّا، زفّوا فيه 25 شابّة على 25 شابّا في الذكرى الثّلاثين للمجزرة، ووقف العرسان والمحتفلون أمام ضريح ضحايا المجزرة، وهم بهذا يرسلون رسالة للقتلة مفادها:

" كأنّنا عشرون مستحيل

في اللد، والرّملة، والجليل

هنا .. على صدوركم، باقون كالجدار

وفي حلوقكم

كقطعة الزّجاج، كالصّبّار

وفي عيونكم

زوبعة من نار

هنا .. على صدوركم باقون كالجدار"

الجمل التّفسيريّة: ورد في النّصّ الكثير من الجمل والفقرات التّفسيريّة التي لا حاجة لها، كما أنّه لا داع للخطابات التّفسيريّة التي وردت في أخر النّصّ، ولو انتهت الرّواية قبل السّطرين الأخيرين في صفحة 152 لكن أفضل لها.

sdfgsfgfsg1025.jpg

صدر حديثا كتاب إيقاعات وألوان للأديب الشاعر عصمت شاهين دوسكي صمم الغلاف الفنان التشكيلي المبدع نزار البزاز ومراجعة الكتاب الدكتور الأديب هاشم عبد الكريم ومقدمة الأستاذة المغربية وفاء الحيس والكتاب رؤية أدبية ونقدية ضم ( 23 ) أديبا وفنانا تشكيليا مغربيا معظمهم من مدينة تطوان ومدن مغربية أخرى وهم ( 1 - كلمة المؤلف

2 - كلمة لابد منها – وفاء الحيس

3 - تقديم – الدكتور الأديب هشام عبد الكريم

4 - الإهداء

5 - الطيب بن كيران

6 - عمر البقالي

7 - جمال الموساوي

8 - جميلة مريبطو

9 - محمد المرضي

10 - جليلة مفتوح

11 - محمد السرغيني

12 - خالد الضاوي

13 - نور الدين الوادي

14 - سعيدة املال

15 - فاطمة بنيس

16 - رضوان حدادو

17 - محمد انقار

18 - زكية بو قديد

19 - سلوى الشودري

20 - بو عبيد بو زيد

21 - احمد بن يسف

22 - سعيد بن سفاج

23 - عبد الخالق اغزوت

24 - سميرة امزغار

25 - نسرين الشودري

26 - بوشعيب خلدون

27 - رضوان الوادي

28 - نبذة عن أدب وحياة الشاعر عصمت شاهين دوسكي )

في 216 صفحة بدأ الشاعر عصمت شاهين دوسكي بكتابة ودراسة ما تناوله منذ عام 2017م وتم طبعه عام 2023 م وقد حاول طباعته في المغرب من خلال أصدقاءه خاصة الكتاب من الغلاف إلى الغلاف يخص المغرب والأدب والفن المغربي ..لكن رغم المحاولات شاء القدر أن يطبع في مدينة دهوك كوردستان العراق " كتب الأديب عصمت الدوسكي مقدمة عن الكتاب ومنها هذه السطور ( خصصت في هذا الكتاب على روحية الإنسان التطواني المغربي روحية الفكر والحب والجمال والإبداع ..الإنساني ..من خلال عوالم الشعر والقصة والمسرح والفن التشكيلي وغيرها من الفنون الراقية .. وهي مجموعة صفات إبداعية تولدت في أفراد توارثوها من أجيال سابقة بصورة ما وجددوا مظاهرها وكوامنها ، كل أديب وفنان تفرد للقيام بعمل إبداعي مرتكز على المعطيات الواقعية والخيالية الخلاقة التي ترتقي بالروح والفكر وعلى أحوال الناس مع تجارب ذاتية تضيف للفكر جمالا ومعنى ، وقد يختلف أديب عن آخر اختلافا كبيرا وهذا الاختلاف يؤثر تأثيرا ايجابيا لتقديم ما هو أفضل للإنسانية مع تناغم الزمن العتيق مع الحاضر ، فتأثير الأدب والفن أصبح من اخص صفات الحياة المعاصرة لما لهم من دور كبير في سمو الحياة المدنية ورقي الأفكار الإنسانية ...) ومن المغرب كتبت الأستاذة وفاء الحيس رؤية عن الكتاب في كلمة لابد منها ( أضع بصمتي المتواضعة في مقدمة إيقاعات وألوان للكاتب والمفكر والناقد والشاعر العراقي عصمت شاهين الدوسكي ، كوردستان العراق ) . الذي ولد في مدينة دهوك ، من المفكرين والشعراء والناقدين الذين يهتمون بفكر الإنسان وتواصله الدائم وإبداعه الأصيل في كل المجالات التي تقدم شيئا للإنسانية والتاريخ والحضارة للمدينة العصرية المتجددة عبر زمن لا يتوقف في حدود معينة مع تقارب شعوب العالم .وهنا يختص بالشعب المغربي من فكر وجمال وتاريخ وفن المغربي وخصوصا مدينة تطوان أو تطاون وذلك من خلال شعراء وفنانين تشكيليين من ضمنها ما يخص المسرح والقصة ومجالات فكرية أخرى وحبه للمغرب وأهل المغرب الطيبين جعله يقدم هذا الكتاب هذا الجهد الفكري النقدي التحليلي رؤية خاصة ترتقي للعالمية من حيث التعامل الفني للأشياء والأفكار بإيقاعات وألوان مشعة بالحب والجمال والتاريخ العميق لتصل بالفكر المغربي التطواني لحضارة عالمية مؤثرة في العالم ....) وكتب الأديب الدكتور هشام عبد الكريم في تقديمه للكتاب ( بعد مراجعتي لكتاب صديقي الشاعر الناقد عصمت شاهين الموسوم ) إيقاعات وألوان من الأدب التطواني المغربي المعاصر ( سعدت أيما سعادة ، وكان أهم سبب لتلك السعادة هو أن هذا الكتاب عرفني على مجموعة من الأشقاء والشقيقات من صناع الجمال في بلدي المغرب الشقيق ، إذ لولا هذا الكتاب لتأخرت معرفتي بهؤلاء المبدعين . الكتاب بمجمله تناول الشعر والرواية والأعمال المسرحية فضلا عن الفن التشكيلي وهو بذلك قد قدم لنا صورة وافية عن أدباء وفناني مدينة تطوان العزيزة ، وفي رأيي المتواضع فإن هذا الكتاب سيعد " وثيقة مهمة " للذين يودون الإطلاع على فناني وأدباء مدينة تطوان العريقة .كان تناول الأستاذ الناقد لأعمال الأدباء والفنانين ينم عن حرفية وفهم وعقلية استطاعت أن تمسك بالعملية النقدية من أطرافها فمن خلال حديثه عن الشعراء أوقفنا عند أهم منجزاتهم فضلا عن أساليبهم وأنماطهم الشعرية وأهميتهم في الساحة الأدبية ، لم يعتمد الناقد على مدرسة نقدية محددة في التعامل مع النصوص بل ترك لرؤيته التحليلية مساحة في التعاطي مع منجزات هؤلاء المبدعين ... ) وفي بداية الكتاب إهداء اختار الشاعر عصمت شاهين دوسكي قصيدة...

حي المغرب

* شاركت في النسخة الثالثة من مهرجان المسيرة الخضراء ومهرجان ملتقى الشعر الدولي عن بعد بسيدي قاسم تحت شعار

" بالثقافة والفن نتحدى الجائحة " 2020 م

اخترنا منها :

" حيِ المغرب والتاريخ والأرجاء ... حيِ الأصالة والحب والسناء

حيِ المغرب والحكمة والإخاء ... حيِ القلوب العاشقة والولاء "

ثم يليه عن الأدب والفن المغربي وبدأ بالأديب والفنان التشكيلي الكبير بن كيران التطواني وانتهى بالفنان رضوان الوادي كتب هذا الكتاب منذ 7 سنوات يعتبر الكتاب وثيقة وشهادة ومصدر أدبي مهم في العصر المغربي الحديث ومرجع عربي قيم ورسالة إنسانية للعالم .

*******************************************

الكتاب : إيقاعات وألوان

تأليف : عصمت شاهين الدوسكي

عدد النسخ : 500 نسخة

طبع : مكتبة كازى

رقم الإيداع في المديرية العامة للمكتبات / دهوك D- 2244-23

الغلاف : الفنان نزار البزاز

sdsfgfgs1024.jpg

"رحلة إلى ذات امرأة" هي التجربة الروائيّة الأولى للكاتبة صباح بشير، ممّا يدعونا إلى تناول هذا العمل الأدبيّ، بشيء من القلق والتوجّس والترقّب. فهذه التجربة الأولى، إمّا أن تبشّر بولادة روائيّ جديد يتلمّس طريقه إلى عالم الرواية في النور متسلّحًا بالأدوات الصحيحة، وإمّا أن تكون مجرّد إصدار جديد يُضاف إلى زحمة الإصدارات التي نشهدها على الساحة الأدبيّة.

"قلب عجوز باك"، "أحداث دراميّة"، "جرح"، "مخزون هائل من الذكريات"، بهذه الكلمات والتعابير التي تنثرها الكاتبة في الصفحات الأولى، تُدخلنا إلى أجواء رحلة بطلة روايتها وتشوّقنا لمعرفة تفاصيلها، هي رحلة موت وغربة ووحدة وإحباط، وفشل ونجاح وسقوط ونهوض. "رحلة إلى ذات امرأة" عنوان يختزل مضمون الرواية ويُشكّل خاتمتها.

إنّ قضيّة المرأة العربيّة، بصفة عامّة، والفلسطينيّة بصفة خاصّة، وما يلحقها من اضطهاد من قبل الرجل، ومن قبل المجتمع الذكوريّ برجاله ونسائه، هو ما يشغل اهتمام الكاتبة في هذه الرواية. إذ تنطلق فيها بأيديولوجيّة تؤمن بها، وتتحدّد في اقتناعها بأنّ وراء عذاب كلّ أنثى يقف ذكر أو المجتمع الذكوريّ كلّه. وعليه، فإنّ الرواية تقف على هذه الثنائيّة غير المتكافئة بين الأنثى والذكر. الأنثى المهزومة التي تندب حظّها العاثر والرجل المنتصر.

بناء على هذا، تنطلق الكاتبة من موقف واضح تعتبر فيه المرأة هي الضحيّة، والمجتمع الذكوريّ هو الظالم. وقد رسمت المسار الذي قطعته "حنان" بطلة روايتها لتكون الضحيّة المظلومة، ولتبرز مدى عمق الجرح وقسوة التجربة التي مرّت بها، إلى حدّ عدم قدرتها على نسيانها أو محوها من الذاكرة لشدّة ما حفرته من ندوب وشروخ في قلبها وروحها. فصوت الأمس ما يزال يتحرّش بذاكرتها رغمًا عنها، ويدفعها إلى رواية قصّتها واسترجاع رحلة المعاناة. فتعود بنا إلى أيّام الطفولة التي تصفها بالهانئة والسعيدة والهادئة، لتنقلب هذه السعادة، بعد مرور سنوات، إلى شقاء، وينقلب الهدوء إلى ضجيج لا ينفكّ يقرع رأسها، كانت نقطة التحوّل في حياة البطلة حين سُلِب منها حلمها في متابعة دراستها الجامعيّة بسبب اندلاع الانتفاضة وإغلاق الجامعات، وقد أبرزت الكاتبة هنا إسقاطات الوضع السياسيّ الخاصّ الذي يعيشه الشعب الفلسطينيّ، على الاجتماعيّ وعلى حياة الناس وأحلامهم ومصائرهم، وكيف تكون هذه الإسقاطات مدمّرة وقاتلة. فزواج حنان من عمر جاء تزامنًا مع هذه الأوضاع التي سرّعت حدوثه، وبدأت معه رحلة معاناتها ودمارها النفسيّ والاجتماعيّ، رضيت حنان بالزواج من عمر الذي لا تعرفه ولا تربطها به أيّة عاطفة، وهي التي كانت تحلم، كأيّ فتاة، بقصّة حبّ مشبعة بالشوق واللهفة. تقول: "حافظتُ على هدوئي إذعانًا لأمّي، وأمام شدّة الضغوط رضخت مستسلمة للزواج من عمر. هكذا في صمت وتردّد، بين الحياء والجهل، تُركت أواجه قدري". كانت حنان مدركة تمامًا لخطورة الخطوة المصيريّة التي تُقدم عليها، إلّا أنّها كانت أضعف من أن ترفض. تقول: "إحساس غامض كان يلفّني، شعرت أنّني أخطئ بحقّ نفسي. فهل حقًّا تسرّعت؟ ولم كلّ هذا الضعف والاستسلام؟"، "لماذا أشعر بكلّ هذا الجبن والخجل؟"، "هكذا يربّون الإناث على الحياء والخضوع"، "جبنت واستحييت، ولم أقوَ على المواجهة قطّ". فبكت وتضرّعت وشعرت أنّها تريد أن تصرخ وأن تشتم، ولكن لا شيء.

رسمت الكاتبة في روايتها صورة قاتمة لبيت الزوجيّة، هذا البيت الذي طالما حلمت به الفتاة الشرقيّة وتاقت إلى دخوله وتهافتت عليه، ولكن، سرعان ما ترى فيه الجحيم بعينه ما أن تدخله، فتبدأ العمل على محاربته والتمرّد عليه بطرق مختلفة. وكم يكون وضع المرأة أصعب إذا زُوّجت كحنان بطلة الرواية من الرجل الذي لا تعرف ولم تُحبّ وإنّما فُرض عليها، فحنان زُوّجت من رجل لا يرى في الزوجة إلّا أداة تعمل ما يريد ويفرض عليها، وحين حاولت التململ وإسماع اعتراضها ورفع صوتها وإعلان رفضها وتمرّدها، وجدت كلّ من يحيط بها من رجال ونساء يذكّرها بقواعد الدين والعادات والتقاليد والمفاهيم الاجتماعيّة التي تفرض على المرأة أن تكون تابعة لزوجها، تخدمه وتُسعده. والكاتبة، بتصويرها لمؤسّسة الزواج بهذه الصورة السلبيّة، لا تقف ضدّ هذه المؤسّسة، ولا ضدّ تعاليم الدين الإسلاميّ، إذ لا بدّ من التأكيد في هذا السّياق، على أنّ الإسلام رغّب في الزواج وحثّ عليه في القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول، لما وراءه من أهداف، وما يُحقّقه من مقاصد في الحياة الإنسانيّة، وإنّما هي تقف ضدّ الرجل الشرقيّ الذي يعتبر الزواج أداة ذكوريّة ووسيلة بطريركيّة يُظهر بواسطتها استعلاءه على المرأة ويؤكّد ملكيّته لها، فهي تؤمن، كما بطلتها، أنّ مؤسّسة الزواج يجب أن تقوم على الودّ والحبّ والتفاهم والاحترام والثقة، وتجربة الزواج الفاشلة التي خاضتها حنان، لم تضعضع إيمانها هذا ولا أملها في وجود رجل يحترم هذه الأسس ويدرك أهميّتها، والدليل أنّها كرّرت التجربة من رجل أحبّها وأحبّته، واختبرت معه كلّ المشاعر الجميلة التي طالما رسمتها في مخيّلتها. تقول: "فما ذلك السرّ الغامض الذي يشعرنا بالبهجة والانجذاب لشخص ما دون غيره؟ وما ذلك الانشراح الذي يعلو على القلب حين تتلاقى الأرواح مستأنسة؟ فتتآلف متناغمة في طباعها وتكوينها النفسيّ. تلتقي لتمسح ألم خيبات كثيرة عاشتها وتجرّعت مرارتها. تجتمع متشابهة لتفرّ إلى عالم السكينة، هاربة من كلّ شيء وإلى كلّ شيء". ص 220

اهتمّت الكاتبة عبر صفحات الرواية أن تبرز الظلم الواقع على المرأة من قِبل الرجل والمجتمع الذكوريّ، هذا الظلم الذي يصل حدّ القتل والحرق. فالأب الذي يحرق ابنته في ساحة الحيّ ليرضي قِيَم مجتمعه، كما فعل والد أسماء بحجّة شرف العائلة، يجعل المرأة لا تجد اختلافًا بين ظلم الرجل وظلم المحتلّ الغريب. بل ترى بأنّ اضطهادها من قبل الرجل أكثر ثقلًا من قمع الغريب. وعليه، تُعرض الشخصيّات في الرواية وتتحدّد علاقاتها وتتمحور حول القضيّة الأساسيّة بالنسبة لها وهي: قضيّة كون المرأة ضحيّة وكون الرجل جلّادها وظالمها ويمارس في حقّها كلّ الأساليب التي توفّر له الانتصار عليها واستحواذها، فنراها تعرض لقضيّة التمييز بين الذكر والأنثى وازدواجيّة المعيار الأخلاقيّ، كما تأتي بنماذج نسائيّة مختلفة، فأمّ حنان مثلًا هي نموذج للمرأة النمطيّة أو التقليديّة المتمسّكة بالموروث الاجتماعيّ أكثر من الأب نفسه، "فالخروج من البيت مسموح للضرورة فقط، واللعب في ساحة الحيّ ممنوع"، "فشرف البنت مثل عود الثقاب"، "وسمعة الأب النظيفة تحافظ عليها ابنته الشريفة"، و"أسماء" هي نموذج للمرأة العربيّة المطلّقة التي تلاحقها الأعين المراقِبة والمحاسِبة والظالِمة، فالطلاق في المجتمعات العربيّة هو ذنب المرأة دائمًا وهي المسؤولة الوحيدة عن حدوثه، فهي الآثمة وهي الخائنة وهي التي تستحقّ القتل حفاظًا على شرف العائلة، وإذا ظنّت المرأة أنّها بطلاقها تحرّرت من زوجها ومن كلّ الضرر والأذى الذي سبّبه لها، فهي مخطئة، لأنّ الرجل العربيّ، في كثير من الأحيان، لا يترك طليقته في حالها ولا ينفكّ يلاحقها ويشوّه سمعتها باختلاق الأكاذيب وتلفيق التّهم، تمامًا كما فعل عمر- زوج حنان الذي نجح في الإساءة إلى سمعتها ممّا أدّى إلى طردها من العمل.

صورة المرأة العانس حاضرة كذلك في الرواية وتتلخّص نظرة المجتمع إليها في قول سميّة: "نحن الفتيات نعاني عقدة العمر. لا نحبّ أن نُسأل عنه لما يترتّب على ذلك السؤال من تحليل وثرثرة. فالفتاة "عانس" في نظر الناس إن لم تتزوّج، يصبح عدم زواجها قضيّة رأي عام تثرثر بها الأفواه". وقد نبّهت الكاتبة من خلال شخصيّة "غادة" أخت حنان، إلى أنّ هذا الوضع الاجتماعيّ حين يقع على من هنّ ضعيفات النفوس وضيّقات الفكر، قد يقودهن إلى الشعور بالحقد والنقمة على الناس والحياة وعلى أقرب الناس إليهن. فقد ذهبت غادة في حقدها وغيرتها إلى حدّ التحالف مع عمر وتشويه سمعة أختها. تقول حنان: "كنت دائمًا أفترض أن تكون الأخت حافظة الأسرار وموضع الثقة ورفيقة الدرب"، "أما غادة فقد أعمتها الغيرة فنسيت أنّ تلك التي تمارس عليها الظلم هي أختها".

هكذا، وُضعت المرأة في حالات كثيرة في قفص الاتّهام وموضع الشكّ وتحت المراقبة الذكوريّة، لتجد نفسها مقهورة وغريبة، لا علاقة لها بكلّ ما يحيط بها.

كلّ هذا عبّرت عنه الكاتبة بضمير المتكلّم الذي سلّطت من خلاله الضوء على الراوية "حنان" وكشفت عن همومها وعذابها وأوجاعها ودواخل ذاتها، إلى الحدّ الذي جعلنا نشعر أنّنا أمام سيرة ذاتيّة تقوم على البوح والاستذكار والاعتراف. ونظرًا إلى أنّ الرواية ليست سيرة ذاتيّة، إلّا أنّنا ننطلق من إيماننا بقول ميشال بوتور إنّ "الروائي يبني شخوصه، شاء أم أبى، علم ذلك أم جهل، انطلاقًا من عناصر مأخوذة من حياته الخاصّة، وأنّ أبطاله ما هم إلّا أقنعة يروي من ورائها قصّته، ويحلم من خلالها بنفسه". ويؤكّد حنّا مينة هذا الرأي بقوله: "إنّ أيّة شخصيّة روائيّة هي المؤلّف وغيره، هي الشخص وغيره، وهي موجودة وغير موجودة في آن". وعليه، فقد شكّل توظيف ضمير المتكلّم في الرواية وسيلة لنشر آراء الكاتبة ومواقفها بشكل يتماثل فيه وعي الشخصيّة الأدبيّة- حنان وثقافتها، مع وعي الكاتبة وثقافتها، ومَن يقرأ الرواية يلاحظ هذا التفاعل الواعي أثناء كتابتها يرافقه وجع داخليّ، فصباح بشير حاضرة، في مواضع كثيرة في الرواية، بانفعالاتها وبمواقفها اللائمة والمستاءة والمعترِضة والمحتجّة على أحكام المجتمع: فتقول مثلًا-على لسان حنان:

"تبًّا لمجتمعات لا تحافظ على كرامة أبنائها، أشعر أنّ كلّ شيء حولي فقد بريقه، أمارس الصلابة والقوّة بينما ينهش العجز ما تبقّى من الأمل في قلبي، ولأنّني امرأة، مطلوب منّي أن أبرّر أيّ محاولة لممارسة الحياة". "البعض يظنّ أنّ الكفاح والمقاومة يكمن فقط في حمل السلاح، كم هو ساذج هذا التفكير! فكثيرون وكثيرات حملوا سلاحا من نوع آخر، سلاح مقاومة الفقر والاستغلال لكسب لقمة العيش بشرف وأمانة". "كيف يمكن إثبات جريمة الاغتصاب الزوجيّ كغيرها من الجرائم؟ كيف يمكن ذلك وهي تُرتكب في غرف النوم المغلقة واللحظات الخاصّة؟". "فهل تجعلنا المسافات البعيدة أجمل في عيون البعض؟ وهل الغياب يرقّق القلوب ويطهّر النفوس من الحقد؟ أم أنّ القرب هو الذي يظهر فينا كلّ ما يمكن أن يخفيه الغياب؟ لا أدري". "هل تحبّني يا عمر؟ نعم.. أحبّك. فقلت في نفسي: "حبّك برص"".

أسلوب آخر بارز في الرواية هو الوصف. جاء في معظمه متداخلًا مع السرد وساهم في رصد صُور الظلم والاضطهاد والخوف الذي يقع على المرأة- حنان التي عمدت الكاتبة إلى وصف أدقّ التفاصيل في مسيرتها الحياتيّة، لتُظهر امتداد خطّ المعاناة من بداية الرحلة إلى نهايتها. بالمقابل، نشهد في مواضع كثيرة، وصفًا تنعكس فيه حركة الحياة ونبضها واستمرارها: "حركة في كلّ مكان، أناس يروحون ويجيئون، ذاهبون إلى أعمالهم ومصالحهم بهمّة ونشاط، شعرت بنبضهم ووقع خطاهم على الطريق". وقوّة الشعب الفلسطينيّ الذي لا يستسلم بعد مشهد استشهاد خالد: "في المساء كانت الأضواء الصغيرة تلوح خلف شبابيك الحيّ وبيوته متحدّية كلّ الحواجز التي أقامها الغرباء". ووصفها الجميل لأبناء القدس: "فأبناء القدس مزهوّون بعزّة النفس والانتماء. يرسمون سياستهم الخاصة بهم عبر صمودهم وتلاحمهم وحبّهم لمدينتهم، يبرعون في صناعة الحياة، يشكّلونها بصياغة جديدة مدهشة مبهرة في الجوهر والعمق، يحيكون منها نسيجًا جميلًا من الأمل والصبر".

أمّا اللّغة فقد كان لها الدور الهامّ في تقريب القارئ إلى الرواية، فهي واضحة، منسابة، جميلة وفي بعض المواضع ساحرة، خاصّة في الوصف.

وبعد، نجحت الكاتبة في رسم نموذج نسويّ هو ضحيّة شروط ومفاهيم أسريّة واجتماعيّة وسياسيّة جائرة، حين أخذتنا في رحلة إلى ذات البطلة وسبرت أغوارها وكشفت عن أوجاعها الداخليّة. هذه المرأة مرّت بسلسلة من الإحباطات والخيبات، ولكنّها في كلّ مرّة كانت تنهض من جديد وتتابع حياتها مُستمِدَّة القوّة من ابنتها التي لا تريد لها حياة كحياتها.

حرصت الكاتبة على تصوير البطلة ضمن المشهد الواقعيّ الذي يتقبّله ذهن القارئ ويجعله يستحضره بسهولة وسلاسة، فلم تبالغ في وصف تمرّدها بشكل يُخرجها من دائرة الواقعيّة، بل جَعَلَتْنا شاهدين على السيرورة نحو التمرّد ونحو التغيير، وكيف تحوّلت من امرأة جبانة وخائفة إلى امرأة جريئة وقويّة، ولكن بعد أن دفعت الثمن وانطفأت روحها وغابت مظاهر البهجة والفرح عن حياتها مرّات كثيرة، حنان هي امرأة متمرّدة متردّدة، وليست متمرّدة مهاجِمة وثائرة، فما زالت تحسب حسابًا للأهل والمجتمع وفي هذا واقعيّة كبيرة وصدق كبير، إذ لزمها سنوات حتى تتمرّد بحدّة وترفض وتخرج على التقاليد والعادات والمفاهيم الاجتماعيّة والدينيّة، وتذهب في رفضها إلى ترك البيت والبلد والوطن واختيار السكن في بلد أوروبيّ متحرّر لتُعيد هناك إنتاج ذاتها الإنسانيّة.

ما يُحسب للرواية أنّ الكاتبة طرحت وضعًا نسويًّا تعاملت معه تعاملًا يرقى إلى مستوى الهمّ، إذ لم تكتف بنقل معاناة المرأة بتفاصيلها الدقيقة، بل اهتمّت بالكشف عن العوامل المختلفة التي آلت بها إلى هذا الوضع ومعالجة مشكلاتها من الجذور، والعمل على إيجاد حلول لها. وعليه، لم ينحصر دورها ككاتبة في كونها ناقلة لواقع المرأة الأليم فحسب، وإنّما ساعية إلى تغييره.

وأخيرًا، نجحت صباح بشير في كتابة رواية مُستوفِية لشروط نجاحها وخصائص قدرتها على إحداث التفاعل بين القارئ والنصّ، ولا ندّعي هنا بأنّها رواية كاملة متكاملة، فقد كنت أحبّذ مثلًا لو حذفت الكاتبة سطورًا من بعض الحوارات التي دارت بين الشخصيّات، ولو التفتت أكثر إلى الجانب الفنيّ الجماليّ، إلّا أنّنا نرى في الوقت ذاته، أنّ هذه الرواية تُشكّل أساسًا قويًّا لتجارب روائيّة مستقبليّة نشهد فيها تطوّرًا طبيعيًّا وصقلًا للقدرة الإبداعيّة الكامنة لدى الكاتبة،  فقد أبدعت صباح بشير في كتابة رواية مشدودة في حبكتها وفي رابطتها العضويّة القويّة التي جعلت منها بناء متماسكًا عبر أسلوبها السرديّ القادر، ضمن مبناه ومعناه، على إثارة الحافز وعلى خلق هذا الترابط العاطفيّ القويّ بين القارئ والشخصيّة الروائيّة.

الرواية ناجحة بوضوحها وسلاستها وبرسمها للواقع الذي تعيشه المرأة الفلسطينيّة، والأهمّ بصدقها. فالمبدع الحقيقيّ هو الذي يستطيع أن يعبّر بصدق عن التجربة الإنسانيّة وعن الهمّ الإنسانيّ. وصباح بشير، بتورّطها في الرواية، أقنعت القارئ أنّ روايتها هذه هي شعور قبل أن تكون رغبة في الكتابة، فأصبح فعل الكتابة مُلحًّا وضروريًّا.

تنتهي الرواية من حيث بدأت، من على شرفة منزل بطلة الرواية في القدس، وهو مشهد هامّ، إذ لم نجد هناك امرأة جريحة، منهزمة، منكسرة وذليلة، بل قويّة، متّزنة، متفائلة ومستمرّة في الحياة. وفي هذا تكمن قوّة هذه المرأة وتميّزها، لم تستسلم للحزن وللظلم، ولم يضعفها الجرح، وإنّما بقي إيمانها قويًّا بأنّ الحياة مستمرّة، وأنّها ربّما تخبّئ لها شيئًا جميلًا سيُسعد قلبها ويُبهج روحها.

المزيد من المقالات...