sfdhyfg1013.jpg

صدرت عام 202 قصّة الأطفال" مزرعة أبي مرزوق" لحنان عبدالله عجاج، عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع في أبو ديس-القدس، تقع القصّة مع الرّسومات في 16 صفحة من الحجم الكبير.

ملخّص القصّة: تدور القصّة حول صاحب مزرعة يدعى أبو مرزوق، وهذا الرّجل شرّير في معاملة زوجته وأبنائه وحيوانته، واجتمعت الحيوانات؛ لتبحث كيفيّة ردع صاحبها أبي مرزوق عن معاملته السّيّئة، وأخبرت بومة الكلب بأن يلجأ إلى الفيل الحكيم في الغابة ليدلّه على الحلّ، واختارت الحيوانات الكلب مندوبا عنها؛ ليذهب إلى الفيل ويطرح المشكلة عليه. وعندما استمع الفيل الحكيم للمشكلة أرسل الكلب؛ ليستدرج أبا مرزوق إلى الغابة، وهناك ظهر له الفيل مهدّدا بتحطيم عظامة، ولمّا حاول أبو مرزوق الهرب، أحاط به نمر وذئب وأفعى ضخمة، فاستسلم وبدأ يدعو الله بأن ينجيه، وهنا ظهرت زوجته أمّ مرزوق وهي تطلق الرّصاص من بندقيّة، فأنقذته وبعدها تعهّد بأن يغيّر سلوكه.

وهذه القصّة عليها ملاحظات كثيرة، فمع أنّ الأطفال يحبّون القصص الخياليّة التي تقال على لسان الحيوانات، إلّا أنّ الكاتبة لم توفّق في اختيار حيوانات قصّتها، ولا المكان الذي دارت فيه الأحداث. وبما أنّ القصّة موجّهة لأطفال فلسطين خاصّة، فهل يوجد في بلادنا غابات كبيرة تعيش فيها حيوانات مفترسة كالنّمر أو ضخمة كالفيل أو أفاعٍ ضخمة كما ورد في القصّة؟ وهل الذّئاب تفترس البشر؟ وبما أنّ الإنسان ابن بيئته فلِمَ لم تختر الكاتبة مكانا في بلادنا وحيوانات تعيش فيه هذه الحيوانات؟

وفي القصّة أخطاء لغويّة، ومنها على سبيل المثال: "وفي صباح أحد الأيّام، جلست الحيوانات تناقش أحوال المزرعة، الذي استاء نتيجة عصبيّة أبي مرزوق، وقسوة قلبه، وجلسوا يفكّرون في طريقة لحلّ هذه المشكلة."ص4. ويبدو أنّ من استاء هي الحيوانات، وبالتّالي يجب أن تكون الجملة هكذا" لأنّها استاءت" ولا داعي للاستعمال الإسم الموصول "الّذي"، ليستقيم المعنى، و"جلسوا يفكّرون......." والصّحيح "جلست تفكّر...."، فجمع غير العاقل يعامل معاملة المفرد المؤّنّث، و" لمّا عاد-الكلب- روى لأصدقائه-الحيوانات- ما حدث ففرحوا بهذه النّتيجة" ص16.

والصّحيح "صديقاته" و"فرحت".

وجاء في الصّفحة وخاطب الخروفُ الكلبَ:" كما أنّك تملك أسنانا ومخالب حادّة تستطيع بها الدّفاع عن نفسك" ص7. وهذه معلومة عن الكلب نصفها صحيح وهو أنّ له أسنانا حادة، ونصفها الثّاني خطأ، فمخالب الكلب ليست حادّة.

الرّسومات: يبدو أنّ الرّسومات منقولة عن كتاب بلغة أجنبيّة، وهذا يقود إلى سؤال آخر حول القصّة فهل هي مترجمة أيضا عن لغة أجنبيّة؟ وتبدأ التّساؤلات حول رسومات القصّة وماهيّتها من الغلاف، فالبيت على الغلاف مبنيّ على النّمط الغربيّ، والطّفل ذو الشّارب الطّويل والذّقن الكثيف يضع على رأسه طاقيّة غربيّة، وإن كان المقصود بالصّورة أبا مرزوق فقصر الرّجل يدلّ على أنّه طفل، ويمتدّ ويتكرّر هذا على صفحات القصّة. وتمتدّ الرّسومات في الصّفحات الدّاخليّة على النّمط نفسه، والذي حيّرني حول القصّة إن كانت محليّة أم مترجمة هو تناسق المونتاج مع الرّسومات التي من المؤكّد أنّها أجنبيّة.

sfghdfh1013.jpg

ناقشت ندوة اليوم السّابع الثّقافيّة المقدسيّة قصّة الأطفال" مزرعة أبي مرزوق" لحنان عبدالله عجاج، تقع القصّة الصّادرة عام 2020 عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع في أبو ديس-القدس، مع الرّسومات في 16 صفحة من الحجم الكبير.

افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:

حاولت الكاتبة من خلال القصة أن توصل بعض الرّسائل للطفل على لسان الحيوان.

وهي طريقة متّبعة من قبل المختصّين بأدب الأطفال، وتُعتبر محبّبة للطفل، إذ تصل النصائح للطفل بصورة غير مباشرة. كما أن الطفل يسرح في الخيال

صاحب المزرعة أبو مرزوق عنيف يضرب زوجته ويضرب الحيوانات في الحظيرة، فكرهته الحيوانات الأليفة في المزرعة، وبحثت عن طريقة من خلال الاستشارة، لحل مشكلة تعامل أبي مرزوق الفظ، ونجحت في ذلك.

ما هي الرسائل التي تضمنها القصة؟

- الظّالم وغليظ القلب مكروه من الجميع، ينفضّ من حوله من كل من يتعامل معه.

- العنيف يجد من هو أشدّ عنفا منه، فيجب ألا نستضعف من هم أقل قوة منّا.

- لا تقبل الظّلم، فلكلّ مشكلة يوجد حلّ. علينا أن نجتهد، وإن عجزنا عن إيجاد الحل وحدنا علينا أن نستعين بذوي الخبرة.

لا شك أنها رسائل هامة للطفل، تحثّه على المبادرة وإيجاد الحلول، وعدم التواكل، وعدم الرضا بعيشة الذّل.

أما إن تناولنا تفاصيل القصّة، فنجد أنّها لم تكن جميعها مقنعة، إذ أن الطّفل بطبعه يتساءل كثيرا أمام كل موقف وكل سلوك، ويطلب تفسيرا مقبولا ومقنعا.

أما عن اللغة فقد كانت بسيطة ومفهومة للطفل، ولكنها مليئة بالأخطاء اللغوية، وهذا يعيب القصة.

إلا أن القصة بشكل عام حققت أهدافها من خلال رسائلها غير المباشرة.

وكتب جميل السلحوت:

ملخّص القصّة: تدور القصّة حول صاحب مزرعة يدعى أبو مرزوق، وهذا الرّجل شرّير في معاملة زوجته وأبنائه وحيوانته، واجتمعت الحيوانات؛ لتبحث كيفيّة ردع صاحبها أبي مرزوق عن معاملته السّيّئة، وأخبرت بومة الكلب بأن يلجأ إلى الفيل الحكيم في الغابة ليدلّه على الحلّ، واختارت الحيوانات الكلب مندوبا عنها؛ ليذهب إلى الفيل ويطرح المشكلة عليه. وعندما استمع الفيل الحكيم للمشكلة أرسل الكلب؛ ليستدرج أبا مرزوق إلى الغابة، وهناك ظهر له الفيل مهدّدا بتحطيم عظامة، ولمّا حاول أبو مرزوق الهرب، أحاط به نمر وذئب وأفعى ضخمة، فاستسلم وبدأ يدعو الله بأن ينجيه، وهنا ظهرت زوجته أمّ مرزوق وهي تطلق الرّصاص من بندقيّة، فأنقذته وبعدها تعهّد بأن يغيّر سلوكه.

وهذه القصّة عليها ملاحظات كثيرة، فمع أنّ الأطفال يحبّون القصص الخياليّة التي تقال على لسان الحيوانات، إلّا أنّ الكاتبة لم توفّق في اختيار حيوانات قصّتها، ولا المكان الذي دارت فيه الأحداث. وبما أنّ القصّة موجّهة لأطفال فلسطين خاصّة، فهل يوجد في بلادنا غابات كبيرة تعيش فيها حيوانات مفترسة كالنّمر أو ضخمة كالفيل أو أفاعٍ ضخمة كما ورد في القصّة؟ وهل الذّئاب تفترس البشر؟ وبما أنّ الإنسان ابن بيئته فلِمَ لم تختر الكاتبة مكانا في بلادنا وحيوانات تعيش فيه هذه الحيوانات؟

وفي القصّة أخطاء لغويّة، ومنها على سبيل المثال: "وفي صباح أحد الأيّام، جلست الحيوانات تناقش أحوال المزرعة، الذي استاء نتيجة عصبيّة أبي مرزوق، وقسوة قلبه، وجلسوا يفكّرون في طريقة لحلّ هذه المشكلة."ص4. ويبدو أنّ من استاء هي الحيوانات، وبالتّالي يجب أن تكون الجملة هكذا" لأنّها استاءت" ولا داعي للاستعمال الإسم الموصول "الّذي"، ليستقيم المعنى، و"جلسوا يفكّرون......." والصّحيح "جلست تفكّر...."، فجمع غير العاقل يعامل معاملة المفرد المؤّنّث، و" لمّا عاد-الكلب- روى لأصدقائه-الحيوانات- ما حدث ففرحوا بهذه النّتيجة" ص16.

والصّحيح "صديقاته" و"فرحت".

وجاء في الصّفحة وخاطب الخروفُ الكلبَ:" كما أنّك تملك أسنانا ومخالب حادّة تستطيع بها الدّفاع عن نفسك" ص7. وهذه معلومة عن الكلب نصفها صحيح وهو أنّ له أسنانا حادة، ونصفها الثّاني خطأ، فمخالب الكلب ليست حادّة.

الرّسومات: يبدو أنّ الرّسومات منقولة عن كتاب بلغة أجنبيّة، وهذا يقود إلى سؤال آخر حول القصّة فهل هي مترجمة أيضا عن لغة أجنبيّة؟ وتبدأ التّساؤلات حول رسومات القصّة وماهيّتها من الغلاف، فالبيت على الغلاف مبنيّ على النّمط الغربيّ، والطّفل ذو الشّارب الطّويل والذّقن الكثيف يضع على رأسه طاقيّة غربيّة، وإن كان المقصود بالصّورة أبا مرزوق فقصر الرّجل يدلّ على أنّه طفل، ويمتدّ ويتكرّر هذا على صفحات القصّة. وتمتدّ الرّسومات في الصّفحات الدّاخليّة على النّمط نفسه، والذي حيّرني حول القصّة إن كانت محليّة أم مترجمة هو تناسق المونتاج مع الرّسومات التي من المؤكّد أنّها أجنبيّة.

وقال عبد المجيد جابر:

ولن أتوقفَ إلّا عندَ الشكل لأتركَ للأخوةِ المشاركين والأخواتِ المشاركات مجالاً للحديثِ والنقاش في المضمون.

علامات الترقيم


أهميّة علامات الترقيم تكمن في فهم المعاني المقصودة في الكتابة بدقة؛ وذلك لأنّ القارئ أو السامع يدرك ما يسمعه أو يقرؤه بصورة أسهل وبمعنى أوضح، كما أنّ الوقوف عند هذه العلامات وِفقاً لمواضعها الصحيحة يساعد على الترابط بين الجُمل؛ ممّا يعطي انطباعاً طيباً ومُريحاً في نفس المُتلقِّي، سواء كان قارئاً أم سامعاً. أمّا إن خلا النص او انتقصت منه علامة من علامات الترقيم، فإنّ هذا النَّقص قد يُؤدّي إلى اضطراب المعنى، أو شعور المُتلقِّي بالغموض؛ لذلك أصبح خُلوُّ النص من علامات الترقيم عيباً واضحاً يَعيب الكاتب، ويَشعرُ به مُتلقِّي النص ولا يرتاح إليه، كما يُؤدّي نَقص علامات الترقيم إلى اختلاط المعنى عند المُتلقِّي، أو حتى تغييره، أو عدم التمييز بين كلام الكاتب، والكلام المُقتبَس أو المنقول.

القصة ينقص بعض جملها الفاصلة. 

أ‌.     الفاصلة في المواضع التالية:

ص4 فبادرهم القول     قبل هذه  الجملة فاصلة.

ص 5 فيغضب ويطلق عليها النار   قبل هذه  الجملة فاصلة.

ص8 وأنت الأقدر على تنفيذها  قبل هذه  الجملة فاصلة .

ص9 ترافقه دعوات أصدقائه    قبل هذه  الجملة فاصلة

ص  9 وقالت أنه سيجد الفيل بالقرب منها    قبل هذه  الجملة فاصلة.

ص10 ولا تتدخل مهما حدث       قبل هذه  الجملة فاصلة .

ص10 وانطلق لينفذ     قبل هذه  الجملة فاصلة.

ص 11 وركض أبو مرزوق     قبل هذه  الجملة فاصلة.

 ص11 فدخل     قبل هذه  الجملة فاصلة.

ص 12بدا الغضب واضحاً      قبل هذه  الجملة فاصلة.

ص  13لكن ذئبا ضخم الجثة قفز أمامه  قبل هذه  الجملة فاصلة.

ص13 ويبدو أنه فشل..... قبل الجملة فاصلة.

ص 13فقد أسرع الفيل ليقول  قبل الجملة فاصلة .

ص13 وقالت    قبل الجملة فاصلة.

ص 14 بينما كانت الحيوانات تقترب منه شيئا فشيئا    قبل الجملة فاصلة

ص 15 وأخذت تهرول   قبل الجملة فاصلة

ص 15 وهي تقول   قبل الجملة فاصلة.

ص 15 فخشيت عليك      قبل الجملة فاصلة .

ص 15 فهي لم تعتد ذلك منه قبل الجملة فاصلة

ص 15 ويملأ حياتنا    قبل الجملة فاصلة.

ب‌. الفاصلة المنقوطة:

ص11 لتنشر أشعتها        قبل هذه الجملة فاصلة منقوطة.

ص 12 ليجد أمامه فيلا ضخما      قبل هذه الجملة فاصلة منقوطة. 

ص 15 ليجد نفسه قبلها      قبل الجملة فاصلة تحتها نقطة .

ج. علامة التعجب 

ص 13 يبدو أننا لا نروق له علامة تعجب بدل النقطة. 

د. التصويب

ص7 ادعوا لي بالتوفيق  يجب فصل كلمتي " ادعوا" و  " لي " .

ص  9 وقالت أنه سيجد الفيل بالقرب منها والصواب  إنه وليس أنه .

ص11 فدخل الإثنان الغابة والصواب الاثنان همزة وصل لا قطع.  

ص 13حتى أن لسانه لم يعد قادرا بالنطق بأي كلمة والصواب بأية كلمة .

أما الرسومات فأهل الفن أعرف مني.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

تطرح الكاتبة  موضوع نبذ العنف والضرب في العائلة وخاصة من قبل ربّ الأسرة،هذا الأب الذي يسكن في مزرعته ولديه بعض الحيوانات الأليفة التي تعاني من عنفه، يضربها ويعنفها كما يعامل أسرته.

في هذه القصة تبادر الحيوانات لإيجاد الحلّ لمشكلة العنف من خلال التوجه للحيوانات المفترسة، التي تقضي بالحلّ في التهام وأكل أبى مرزوق بشكل مقزّز، فكل واحد من الحيوانات المفترسة سيحظى بنصيب. يوجد هنا رسالة لكل من يحاول القيام بالعنف والضرب فإن نتيجته العقاب القاسي، دون محاولة إقناع العنيف بطرق تربوية إلى كيفية العدول عن أساليبه العنيفة.

وفي النهاية يستسلم بطل القصة بسبب الخوف ويتحوّل لإنسان حسن المعاملة مع الأسرة والحيوانات الأليفة، كل ذلك بعد أن انقذته زوجته وأطلقت النار فهربت الحيوانات.

إن الحل المطروح في القصة هو حلّ مؤقت، لأن الحل جاء عن طريق التخويف والعقاب القاسي، فهناك إمكانية أن يعود ويكرّر أبومرزوق أسلوبه العنيف بسبب طبيعة شخصيته القاسية.

في القصة تنتقل المشكلة وتطورها من الحيوانات الأليفة أي الضعيفة إلى الحيوانات المفترسة أي القوية، فهل إذا لم نجد الأقوياء حولنا فإن الضعفاء سيتحولون إلى خبر كان؟ وعليه لم تبيّن الكاتبة كيف يدافع الإنسان أو الطفل عن حقه بالعيش بكرامة أو عدم ضربه وتعنيفه، أم أن عليه انتظار الأقوياء لمساعدته؟ هنا صورة لمعالجة العنف بالعنف.

اتخذت الكاتبة بداية القصة مثل بداية الحكايات القديمة التقليدية "كان يا مكان إلخ".

هناك جمل أراها دخيلة على النصّ، يقولها الكبار ولا تخاطب عقل الطفل ولا حتى مناسبة لقصص الأطفال"أعان الله زوجته وأولاده" "على بركة الله". في هذه القصة يجد الطفل نفسه أمام الإنسان والحيوانات الأليفة والمفترسة، وكل كان له دوره إلا الأطفال لم نسمع صوتهم، ولم نعرف انفعالاتهم،ولذا أجد أن كل أفراد الأسرة يمكن الاستغناء عنهم والاكتفاء بالحيوانات مع إيجاد البطل المناسب من جهة الحيوان بديلا عن أبي مرزوق، لأننا بذلك نشتت الطفل بين عدة جهات.

ظهرت المرأة وهي تحمل السلاح وقد أطلقت النار في الغابة، فهربت الحيوانات المفترسة، صورة خاطئة تبين أن المجتمع الفلسطيني يمتلك السلاح أو عامة في المجتمعات العربية، جاءت صورة المرأة فقط للمساعدة في إنهاء المشكلة في القصة، مع العلم أنها كانت صامتة بلا دور، وإذا كان لدى الزوجة الجرأة أن تصل إلى الغابة فهذا يعني أنها قوية وهذا يتناقض مع ضعفها أمام زوجها.

في هذه القصة  نلاحظ فشل الإنسان في الدفاع عن نفسه، بينما الحيوان ينجح من خلال التخطيط والتفكير والتضامن، وذلك يشكل بلبلة  للطفل خاصة أن الكاتبة جمعت بين الإنسان والحيوانات المختلفة، ولم تجعل معالجة العنف فقط من خلال الحيوانات.

لاحظت أن فكرة القصة مأخوذة  من رواية"مزرعة الحيوانات"لجورج أورويل، رجل يمتلك مزرعة وبسبب الخمر والسكر فإنه يعامل الحيوانات بالعنف، إلا أن الرواية فيها تطور فكري مختلف تتحول إلى ثورة الحيوانات ضد الإنسان وتحمل رؤية مختلفة.

ومن لبنان كتب عفيف قاووق:

بعد قراءة القصة، نسجل الملاحظات التالية:

1-  القصة اعتمدت في تقديمها على لسان الحيوانات، وبرأيي اللجوء إلى مثل هكذا تقنية كان يصح او يكون أكثر قبولا لدى أجيالٍ سابقة من الأطفال حيث لم يكن الطفل حينها يمتلك وسائل معرفة أو إيضاح كما اليوم بعد أن أصبحت التكنلوجيا داخل كل منزل ومعتمدة في معظم المدارس بجميع مراحلها التعليمية. وبالتالي لم تعد القصص على لسان الحيوانات من القصص الجاذبة للطفل إن لم نقل من القصص المقنعة له.

2-   بالحديث عن الحبكة في هذه القصة وهي إجتماع الحيوانات للنظر في إيجاد الحلّ لمعاملة أبي مرزوق الظالمة لهم، نجد انه من خلال الحوارات التي دارت بينها، كيف ان كل حيوان كان يحاول إيجاد العذر له للتهرب من القيام بمهمة التواصل مع الفيل، فكأن القصة من حيث لا تقصد أظهرت أن الإتكالية والهروب من تحمل المسؤولية  هي السمة الطاغية على مجتمع المزرعة هذه، فالكل تهرَّب من تحمل المسؤولية تحت حجج تبدو في ظاهرها مقنعة ولكن الغاية عدم التضحية او تحمل المسؤولية:

البقرة تذرعت بأنها سمينة ولو تعرضت لأذى ستخسر حيوانات المزرعة حليبها،

الحمار تذرع ببطء حركته ليلا ولو تعرض لأذى سيفقدون وسيلة التنقل، أمّا

الخروف تذرع بخوفه من المسير ليلاً ولو تعرض لأذى سيفقدون صوفه الذي يدفئهم شتاءً.

3-   النقطة الثانية التي أختلف معها مع الكاتبة، هي إتفاق الرأي على إستشارة الفيل لحل المشكلة، وهذا قد يرسخ في ذهن الطفل أن اللجوء للخارج لحل المشاكل الداخلية هو حتمي، وهذا الشعور إن ترسخ في ذهن الطفل فإنه يُعَطّل قدرته على إبتكار الحلول لمشاكله بما يملك من أدوات. يكفي ما نعانيه نحن الكبار من الآثار المُدّمرة نتيجة لإستدعاء الخارج مع كل كبيرة وصغيرة تطال الشأن العام في بلداننا. وبالتالي لا يجب علينا ان نعمم هذه الثقافة وننقلها إلى الأجيال الصاعدة والموعودة.

4-   التغيير الذي طرأ على تصرف أبي مرزوق بعد أن تمّ تخليصه من حصار الحيوانات في الغابة، بأن أصبح ودوداً مع عائلته وحيوانات المزرعة نابعاً من الخوف والقمع الذي تعرض له وليس عن إقتناع نتيجة محاججة او نقاش مُعين. هذا إذا نظرنا الى الطريقة التي أعتمدها الفيل وبقية حيوانات الغابة مع أبي مرزوق من ترهيب وتهديد ومظاهر ستعزز النزعة العنفية لدى الطفل وتجعله مقتنعاً بأن الأمور لا تحل إلا بالعنف والتهديد بالقتل وغيرها من الوسائل الجرميّة.

5-  أخيرا لفتني تعليق الكلب بعد أن وقع الإختيار عليه لتلك المهمة بقوله:" كلّما إستعصَى الحلُّ يكون الكلب هو الخَيار الأمثل" هذا التعليق يفتح المجال للكثير من التوسع والتأويل بغض النظر عن انه ورد ضمن قصة موجهة للطفل.

خلاصة القول إنّ مقاربة أدب الأطفال لا شك تَحكمُه معايير دقيقة تكاد تفوق في دقتها ومحاذيرها تلك المعايير المعتمدة لبقيّة أجناس الأدب بمُختلف تفرعاتِه. لأن أدب الأطفال وبمعنى أدقّ القصص الموجّهة للأطفال يجب أن تُراعي القدرات الذهنيّة لهم، وتهدف للإرتقاء بطرق تفكيرهم وتنميتها، بحيث تقدّم لهم المعلومة او العبرة بأسلوب سهل وواضح مغلّف قدر الإمكان بقالب من التسلية التي تجعل الطفل يتفاعل مع مضمون القصة وتبعده عن الشعور بالغربة أو الملل.

وكتبت رفيقة عثمان:

  ابتدأت القصّة بجملة افتتاحيّة : "كان يا ما كان في قديم الزّمان في سالف العصر والآوان" تبدو القصّة نهجت نهج الحكايات الشّعبيّة؛ لإيصال الحكم والمواعظ بهذا الأسلوب.

  هدفت الكاتبة من هذه القصّة، تناول قضيّة العنف، والتعديل السّلوكي للمُعنّف؛ إلّا أن الكاتبة أخفقت في تحقيق الأهداف التّربويّة منها، وتناولت القضيّة من منظور مختلف ومُخالف؛ للأهداف المرجوّة.

  جعلت الشّخصيّات الحيوانيّة تتحكّم في سلوكيّات الإنسان، ودمجت الشّخصيّات الحيوانيّة مع الشّخصيّات الإنسانيّة في أدوار البطولة؛ لتطوير الأحداث؛ حيث جعلت كافّة الحيوانات في المزرعة، تتآمر على أبي مرزوق؛ لكي يعدل في سلوكه العنيف نحو أسرته ونحو حيوانات المزرعة

  الشّخصيّات الحيوانيّة هي: (البقرة، الخروف، الحمار، الكلب، البومة، الفيل، والنّمر، والذّئب). جمعت الكاتبة الحيوانات الأليفة مع غيرها من الحيوانات المختلفة والمفترسة منها.

لعب الكلب دور الخائن والمُتعاون مع باقي الحيوانات في استدراج " السيد مرزوق" إلى الغابة؛ كي يقابل الفيل، ويعالج مشكلة العنف لديه؛ أتساءل: كيف يلعب الكلب دور الخائن لصاحبه وهو معرف بصفة الإخلاص والوفاء لصاحبه؟ كما هو معروف دومًا؟ كما ورد صفحة 10 " بمجرّد أن يراكَ أبو مرزوق تبدأ بالرّكض نحو الغابة وهو سيلحق بك، وبمجرّد أن تصل إلى هذه الصّخرة تختفي من أمامه وتترك الباقي  لي، ولا تتدخّل مهما حدث، اتفقنا؟"

صفحة 11 "تجاهل الكلب أمر صاحبه ونبح مجدّدًا، ثمّ ركض بسرعة باتّجاه الغابة"، هنا غدر الكلب صاحبة بجرّه نحو الغابة.

   غفلت الكاتبة صفات الكلب بالإخلاص لصاحبه مهما كان؛ وهذا الأمر مغاير لما يألفه الأطفال، نحو الكلاب المحبوبة في أعينهم. 

  تناولت الكاتبة شخصيّة الأب مرزوق، بصورة سلبيّة جدّا ومُنفِرة؛ ممّا يُسبّب اهتزاز صورة الأبوّة في نظر الأطفال، فهو الأب الّذي لا يُمثّل قدوةً حسنةً؛ للاقتداء بها. الأطفال بحاجة لشخصيّة أبويّة نموذجيّة؛ للاحتذاء بها. كما ورد في بداية القصّة صفحة 3 " كان أبو مرزوق رجلًا حاد الطّباع، قاسي القلب، يغضب بسرعة فيضرب زوجته، وأولاده حتّى أنَ الحيوانات لم تسلم من أذيّته.".

   نهجت الكاتبة بمعالجة العُنف بالعُنف، فهذا أسلوب مرفوض تربويًّا، قال الفيل : "نظرنا في قضيّتك، ووجدنا أنك مذنب، وتستحق العقاب، حيث أنّ إساءتك لزوجتك وأولادك وكل الحيوانات طوال هذه السّنوات، ليست بالأمر البسيط، وبناء عليه قرّرنا بلف الخرطوم حول جسدك، سأرفعك إلى الأعلى وأضربك..سأدوس بأقدامي الضخمة هذه فأكسر عظامك"؛ كل الحيوانات أعربت عن عقاب أبي مرزوق بطريقتها الخاصّة، الأفعى والذّئب.

  أنهت الكاتبة قصّتها، بوصول زوجة أبي مرزوق، تحمل بندقيّته؛ لإنقاذه وهنا صفحة 15" انهار أبو مرزوق باكيًا أمام زوجته وهو يطلب منها أن تسامحه على ما بدر منه من سوء معاملة، فهي لم تعتد على ذلك منه"؛ فسامحته.

  أظهرتِ الكاتبة بطولة الزّوجة بحملها للبندقيّة، وطرد الحيوانات، وهكذا كسبت ودّ زوجها؛ هذا الأسلوب في التّقرّب بين الزّوجين غير مقبول، والمطلوب هو التّعامل بطريقة حضاريّة يسودها الاحترام والتّفاهم. هذه الصّورة غير مقبولة تربويًّا؛ لإكسابها للأطفال، ونحن في عصر العولمة والرقي.

  الأطفال ليسوا بحاجة لإكسابهم؛ معرفة طرق تعديل سلوك الآباء، فهذه القصّة لا تلبّي حاجات الأطفال؛ بل العكس هو الصّحيح.

  برأيي: هذه القصّة لا تلائم كافّة الأجيال؛ لأنّها تحتوي على رسائل تربويّة خاطئة، ومن المفضّل تعديل صياغتها مجدّدًا؛ لتلائم الأهداف المنشودة.

  تصميم القصّة من رسومات، كانت ناجحة وجميلة ومعبّرة، إلّا أنّ الخط صغير جدّا ومتلاصق، وكُتبت بعض الجّمل فوق صفحات ملوّنة، لا تساعد على القراءة.

وقالت هيا سيّد أحمد:

تبدأ كاتبتنا قصتها بالقول "كان يا ما كان في قديم الزمان فتُعيدنا إلى حكايات زمان. فنحنُ اعتدنا أن نقول هكذا قبل بدء حكاياتنا.

القصة تتحدث عن العمّ مرزوق ، وكم هي قصة جميلة وممتعة لأطفالنا! ونحن نحتاج إلى مثل هذه القصص في عصر السرعة والشبكة العنكبوتية.

 هذه القصة عندما نسردها لأطفالنا سيتشوقون إلى سماعها، فيتركون الهواتف المحمولة؛ ليسمعوا ما قصة العم مرزوق.

العم مرزوق القاسي على حيواناته وحتى على عائلته، فملّت الحيوانات من معاملة العم مرزوق، وبحثت عن حلّ، وهنا يتعلم الأطفال عدم الاستسلام، وأن لكل مشكلة حلّ.

يقترح الكلب الذكي أن تطرح الحيوانات مشكلتها على الفيل الحكيم، فهو سمع عنها أنها يجيد حل المشكلات. ففكّرت بمن سيذهب إلى الفيل لحلّ المشكلة، فاتفقا على أن يذهب الكلب. وهُنا تعلم الكاتبة أطفالنا بالتفكير قبل البدء في عمل أي شيء، فالحيوانات لم تذهب عشوائيا إلى الفيل، وفكّرت باختيار المناسب منها. فيذهب الكلب وتقترح عليه الحل بأن يأتي الفيل إلى الغابة ويركض فيلحقه العم مرزوق ويجد حلّا، فيقوم الفيل بتوبيخ وتخويف العم مرزوق ، ويرى زوجته جاءت لإنقاذه فيتعلم ويحن لزوجته وأطفاله وحيواناته ويقرر أن يتغير.

وكتبت دولت الجنيدي أبو ميزر:

يقرأ الأطفال القصص للإستمتاع والتسلية والإفادة. ويكتب الكتاب القصص التي تسعد الأطفال وعن طريقها يمررون أهدافهم التربوية، التي تمدهم بالمعلومات بسلاسة. ولذلك يجب أن تكون قريبة من عقولهم ومناسبة لأعمارهم. وللأهل دورهم في اختيار القصص للأطفال الصغار.

في هذه القصة العم أبو مرزوق يعيش في مزرعته مع زوجته وأطفاله وحيواناته، ويعاملهم بقسوة ويضربهم بالسياط، فاجتمعت الحيوانات للتشاور واختاروا الكلب الذي أشارت عليه البوم أن يلجأ الى الفيل الحكيم،  ليرشدهم الى الحل، فيشير الفيل على الكلب أن يستدرج أبا مرزوق الى الغابة فيفعل، وهناك يظهر له الفيل ويهدده بتحطيم عظامه وسحقه، فيحاول الهرب وفجأة يحيط حوله نمر وذئب وأفعى ضخمة سامة، فيستسلم ويغطي وجهه وهو يبكي، ويدعو الله أن ينجيه فتظهر زوجته أم مرزوق فجأة وهي تطلق النار من بندقية، فتنقذه بهرب الحيوانات من صوت اطلاق النار.

في هذه القصة يتعلم الأطفال أنه يجب على الإنسان مهما كان موقعه أن يكون هينا لينا في تعامله مع الغير، إنساناً كان أم  حيوانا.خاصة أهل بيته وخاصته لئلا يكرهوه، وينقلبوا عليه كما فعلت الحيوانات مع أبي مرزوق، وأن التشاور مهم في حل المشاكل، وأن في الاتحاد قوة، وأنه يجب الاحتجاج على الظلم ومحاربته وعدم السكوت عليه .

وأن للمرأة دورها الهام في حياة الأسرة، وأنها هي السند لهم مثلما فعلت زوجة أبي مرزوق، عندما أنقذته من الحيوانات رغم قسوته عليها ومعاملته السيئه لها.

ويتعلم الأطفال الصغار ماهي صفات الحيوانات وطباعها؟ وماذا يستفاد منها؟ فالبقرة يستفاد من حليبها، والحمار يساعد في حمل الأثقال والتنقل من مكان لآخر، والخروف يستفاد من صوفه (لكن له فوائد أخرى) والكلب وفيّ لصاحبه وسريع الحركة، وله أسنان حادة ولكن ليس له مخالب حادة كما في القصة.

وأن هناك حيوانات أليفة مثل الحيوانات التي في مزرعة أبي مرزوق مثل الكلب  والحمار والخروف، وأخرى تطير مثل البوم، وأخرى مفترسة مثل التي في الغابة، ومنها خطيرة لكبر حجمها مثل الفيل، وهنالك أيضا أفاعٍ سامة.

يستعمل الأطفال خيالهم؛ ليتصوروا الغابة وحيواناتها؛ لأنها ليست في بيئة بلادنا، وحبذا لو كانت من بيئة الأطفال؛ ليستفيدوا أكثر.

الرسومات مطابقة للشرح غير أن صورة  أبي مرزوق كأنها صورة كاريكاتورية لطفل له شارب ولحية، يضع على رأسه قبعه ويحمل السوط.

يغلب الخوف والعنف على هذه القصة من أبي مرزوق صاحب المزرعة   وتعامله بقسوة مع عائلته وحيواناته، وضربهم بالسوط الى حل المشكلة بتهديد الفيل له بتحطيمه وسحقه، وهجوم النمر والذئب والأفعى الضخمة السامة عليه .

يوجد في القصة أخطاء لغوية  تناولها جميل السلحوت في تعليقه على القصة.

sdgsfh1012.jpg

من عنوان المجموعة القصصية "سكاكين جاهزة وبالخدمة" تشدنا الكاتبة د. مرام أبو النادي لمجموعتها القصصية، فهو عنوان ملفت للنظر ومثير للتساؤل وخاصة لمن يعرف الكاتبة وهدوئها ورقتها، وفي نفس الوقت يدفع القارئ للبحث عن ماهية هذه السكاكين وخاصة أنها وعلى الغلاف الأخير وتحت صورتها تورد العبارة التالية: "في الحياة أرواح تحفك بالود أشواكا وتفرش لك أزاهير المكر بابتسامة لا تتجلى الا في لحظات خلواتك في غيابهم سكاكين تحز، فحذار من دمك المسفوح على تربة طيبة"، فهل  هي السكاكين المقصودة بالعنوان أم أن هناك سكاكين أخرى داخل النصوص؟ والمجموعة القصصية من اصدار جفرا ناشرون وموزعون مع لوحة غلاف يتناثر الألم في مساحاتها وصورة بالأسود والأبيض قبل كل قصة، والمجموعة من 108 صفحات من القطع الصغير وصدرت هذا العام 2022م مكونة من ثلاثة وعشرين نصا. 

القصة فن سردي عرفه العرب تاريخيا من خلال الحكايات التي كانت تعتمد السرد القصصي الطويل، ومن يقرأ في تاريخ الأدب العربي يجد أمثلة على ظهور القصة في الأدب العربي ومنها قصص تحدثت عن قصة حب الشاعر عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة الملقب بالمرقش الأكبر مع أسماء بنت عوف ابنة عمه، وقصة زنوبيا والمعروفة بالزباء ملكة تدمر، وقصص وردت في كتاب سراج الملوك لمؤلفه أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف والمعروف بلقب الطرطوشي نسبة لمدينة طرطوشة الأندلسية التي شهدت مولده، وكذلك بعض ما ورد في كتاب التبر المسبوك لأبو حامد الغزالي وكذلك تميز أبو جعفر أحمد بن يوسف والمعروف بإسم ابن الداية بمؤلفه "المكافئة" من إحدى وسبعين قصة. 

وليس بالامكان تحديد جذور الحكاية والقصة وأين بدأت فهي من تراث لكل الشعوب، وإن تطورت الى شكلها الحالي في مرحلة متقاربة بين أوروبا وبين البلاد العربية، فالقصة كما الحكايات التراثية تقوم على الحدث وخيال الكاتب والواقع المعاش، ورغم ما تعرضت له القصة من هجران حتى أن البعض اعتبر أن القصة ماتت وحلت الرواية مكانها، إلا أني أرى أن القصة كانت وستبقى الأصل في السرد ومن رأيي ورأي العديد من النقاد أن التعامل النقدي مع المجموعات القصصية أصعب بكثير من الرواية ويمثل أزمة بحثية لدى الناقد ولدى القارئ، فالبحث في مجموعة قصصية عن عوامل الترابط بينها وما في ذهن القاص واختلاف الأحداث فيها والأزمنة والأمكنة ليس بالأمر السهل، بينما الرواية تروي حدث بفكرة واضحة يلعب بها خيال الكاتب دوره من خلال شخصية الراوي وهي الشخصية الرئيسة والشخصيات الثانوية، وتسلسل الأحداث في مكان وزمان واضحين بعكس المجموعات القصصية ذات التنوع والفضاءات والأمكنة والأزمنة والتأثيرات النفسية على الكاتب خلال فترة كتابة القصص، وهذه المقدمة كان لا بد منها بعد قرائتي الثانية للمجموعة والبحث في المحاور التي رأيت أنها تدور حولها. 

المحور الأول: معاناة المرأة.. 

نلاحظ ومنذ القصة الأولى أن المحور الأول في مجموعة د. مرام القصصية هو معاناة المرأة في حياتها، وهذا يتجلى بوضوح في قصتها الأولى "حقائب الخذلان" حيث المرأة كانت بالنسبة لزوجها مصدر مالي من خلال عملها، وحين أنجبت طفلين وتفرغت لتربيتهم وفقد زوجها المصدر المالي طلقها وذهب ليبحث عن امرأة أخرى تكون له مصدر مالي، بينما في قصة "خفيف الظل" نجد الزوجة تعاني من شخصية زوجها المرح خارج بيته وخاصة مع النساء مما يثير غيظ الرجال منه، بينما في بيته ينقلب الى العكس فيهمل زوجته وأسرته ونجد ذلك في خاتمة القصة بقول القاصة: "سألته إن كان يرغب بتناول العشاء.. لم يرد عليها.. كررت عليه السؤال.. صرخ في وجهها كعادته بأن كل ما يحتاجه الهدوء.. الهدوء فقط وإغلاق فمها والذهاب للنوم". 

بينما في قصة "ملكة بالريموت كونترول" نجدها تشير لمدى سطوة الذكر على المرأة في مجتمعاتنا يرفعها متى شاء ويحطمها متى شاء حين يقول لها "أنت عبدة من عبيدي"، ومما يلفت النظر استخدام كلمات أجنبية للعنوان "Remote control" بينما هو في العربية "جهاز تحكم" وهو الأجدر أن يكون العنوان، ونجد نفس السطوة الذكورية بقصة "مقص فضي" من الزوج على زوجته التي يهديها مقص بدلا من أن يأخذها الى "الصالون" لتقص شعرها عندها بعد طول اهمال فهو يعمل مزين ولديه محل لعمله يمارس مهنته فيه وأيضا هنا كان استخدام كلمة "كوافير" للمهنة بدلا من مزين بالعربية وهي كلمة فرنسية  coiffures"، بينما في قصة" فنجان القهوة" والتي أخذت شكل ومضة طويلة نسبيا نرى كيف تبدأ علاقة اثنين مع اثنتين على فنجان قهوة، الأولى تنتهي بالاستغلال والثانية بالفراق، وتشير لمعاناة سلوى في قصة "يوم الحب" مع زوجها الذي يرفض أن يقدم لها وردة ولكنها تتفاجأ حين تراه من بعيد يقدم الشيكولاتة والورود لفتاة عشرينية بمطعم وهي كانت ذاهبة لتفاجئه بأنها حامل. 

المحور الثاني: المشكلات النفسية.. 

وهذه المشكلات النفسية لدى المرأة مستمدة فعليا من فهم دقيق لنفسية المرأة، فلا نجد الا نادرا نساء لا يعانين من بعض هذه المشكلات النفسية وفي قصة "لو كنت قصيرة" استخدمت القاصة حالة من هذه الحالات لفتاة تتمنى لو أنها كانت قصيرة الطول فهي ترى أن "القصيرات أكثر طفولة ومرحا وكأنهن خلقن الآن" بينما وكما ورد في القصة "لم تكن تعرف أن القصيرات كن يرمقن مجيئها بعيون حاسدة"ويتمنين لو أنهن يمتلكن طولها، وفعليا بالكاد نجد فتاة معجبة بإسمها أو بشكلها أو بملامح جسدها أو غير ذلك، بينما في قصتها "خبز بمذاق لحم بشري" نراها تورد أنموذج لإمرأة تقوم بشراء الخبز للمحتاجين ولكن في نفس اللحظة تبدأ بالنميمة والاستغابة.        

في قصة "المناصب تحتم" نرى كيف كانت الرغبة النفسية بالحصول على المال تجعل المرأة أن تقبل بالعيش عشيقة  لمسؤول في الخفاء وفي عالم الظلام، بينما في قصة شجرة التين تحدثت عن مشكلة الزوجة وكراهيتها لأخت زوجها، بينما في قصة "يوم عادي وممل" أوردت ثلاثة نماذج لنساء الأولى تريد الزوج الثري وتتخلى عن حبيبها والثانية لا تهتم الا بعمليات التجميل وقصات الشعر والثالثة التي ترى أن كل أيامها عادية ومملة بدون صخب وأحداث ومغامرات، ونرى في قصة "عاملة المسبح" كيف أن النساء "أتين إلى المسبح من كل فج عميق.. ولكل واحدة مأربها.. إلا أن السباحة بحد ذاتها لم تكن من تلك المآرب"، وفي نفس الوقت "يرمقن بعضهن بنظرات الغيرة أو التعالي.. وفي الحديث يجاملن بعضهن بلسان مغموس بالعسل.. والسم يسكن أجوافهن".  

المحور الثالث: المشكلات الإجتماعية: 

وفي هذا المحور انتقلت الكاتبة إلى بعض من المشكلات الاجتماعية المنتشرة في مجتمعاتنا بشكل واضح وملموس، ففي قصتها "الحذاء ذو الرباط الزهري" تستخدم شخصية ذكر بميول شاذة يتهامس عنها الجميع، ولكنهم يمارسون النفاق له كمسؤول بعد أن دعاهم على الغداء وللمتعة في مزرعته فنرى أن "الجميع بات يقسم بأن لا أحداً سيمثلهم خير تمثيل سواه"، بينما في قصة "مروحة بالسقف" نجد الكاتبة انتقلت لمشكلة الفقر والبطالة وكيف أن زيادة سرعة المروحة أسقطت السقف على الفقير فمات، بينما في قصتها "أنتم السابقون وأنتم اللاحقون" تحدثت عن مشكلة اجتماعية ملموسة وهي المشاركة من الأصدقاء بدفن الميت وقبل مغادرة المقبرة يرتبون أين تكون سهرتهم، وإن كان هناك خطأ فني بطباعة القصة مرتين في نفس الصفحة، وعالجت مشكلة اجتماعية أخرى في قصة "الكبرياء الضال" وهي مشكلة التكبر والعنجهية من بعض الأشخاص وسلوكهم السيء مع الغير. 

بينما في قصة "طيور تغرد فزعا" استخدمت شخصية الطفلة ياسمين المؤدبة والتي أحسنت أمها تربيتها سلوكا وخلقا، والتي تشاهد وتعاني من اساءات الزميلات في المدرسة لها ولغيرها وهذه من مشكلات الأطفال في المدارس حتى انهاء الثانوية، وفي قصتها "طبيب بعقد نفسية" تناولت كيفية تصرف بعض الأطباء مع المراجعين وردة فعل المراجع للطبيب، أما في قصتها "سكاكين جاهزة وبالخدمة" والتي أعطت المجموعة أسمها فقد بحثت في مشكلة اجتماعية تتلخص كيف كانت تصرفات الأصدقاء وتخليهم عن مأمون الذي لم يقصر مع الأصدقاء حين كان بصحة وعافية، فأصبحوا كما السكاكين حين احتاجهم بعد أن أصبح مقعدا بسبب وقوعه وإصابته بالشلل، وهذه القصة ذكرتني بالمثل التراثي: "حين يقع الجمل تكثر السكاكين"، ونلاحظ أيضا استخدام كلمة "برواز" في نهاية القصة وهي كلمة فارسية وكان الأجدر استخدام كلمة "إطار" العربية، بينما في قصتها "اللص الشريف" كانت تقدم مجموعة من الوصايا لمواجهة النكسات والخيبات حتى يراها القارئ "كحذاء مهترئ.. لا أكثر"، وفي قصة "الراقصة عفيفة" نرى كيف أن الفقر أخرجها من طفولتها من المدرسة لتقف إلى جانب والدها الفقير المقعد لتبيع الفجل والنعناع على بسطة في الشارع، وبعد وفاة والدها لا تجد مصدر رزق سوى أن تصبح راقصة في نادٍ ليلي، وهنا نلاحظ اختيار الكاتبة لإسم الراقصة بشكل معبر، بينما في قصة جهاد نرى أنموذج لمزينة في "صالون" نسائي تبدع بتزيين العرائس ولكنها "تجاهد لتكون عروسا بعد ثلاث زيجات فاشلة"، وفي آخر قصة بالكتاب وتحمل عنوان "ستكون مجنونا جدا" نراها تقول في بداية القصة "ستكون مجنونا جدا إن ظننت أنك ستعيش في عالم يخلو من النفاق والغدر" لتشرح الفكرة من خلال قصة يونس الريفي وما يتعرض له بالمدينة. 

وهكذا نرى أن الكاتبة وهي دكتورة نقد في جامعة البتراء في العاصمة الأردنية قد امتلكت قدرة جيدة في استخدام القصة من أجل البحث في مشكلات موجودة في المجتمع وفي حياتنا الواقعية بأسلوب سلس ولغة غير معقدة مع التكثيف اللغوي وإيصال الفكرة للقارئ بسلاسة، فأسلوبها بالكتابة يفتح الآفاق للقارئ لفهم مجموعتها القصصية، وأعتقد أن طبيعة عملها ودراستها كان لها تأثير قوي لفهم القصة القصيرة وأساليبها، فتجنبت الكثير من المطبات التي يقع بها غيرها، وقد مازجت الكاتبة أسلوبي القصة الأشهر في عالم القصة المعاصر بعد منتصف القرن التاسع عشر، وهما القصة التي تعتمد على الحبكة القصصية المعتمدة على المقدمة فالذروة فالخاتمة، وبين الأسلوب الثاني الذي ينبذ الحبكة والذي ينسب إلى الكاتب أنطوان تشيخوف 1860-1904 م والذي يوصف بأنه أعظم كاتب قصة وأنه من أحدث ثورة في أسلوب القصة التقليدي، وبالتأكيد أن هذه القراءة النقدية لا يمكن بالتأكيد أن تحيط بكل تفاصيل القصص في الكتاب، وإن كان يمكن أن تعطي إشارات لمن يقرأ الكتاب أن يرى ما أرادته الكاتبة من أهداف في مرحلة بدأ السرد القصصي ينحى نحو التغير والتقليص وإعادة التشكل والرمزية المغرقة.

هذا كتاب يرصد سيرة الشيخ المجاهد بسام السعدي ، سليل أسرة فلسطينية مجاهدة ، من أشهر أبنائها الشيخ فرحان السعدي ، قسيم الشيخ عز الدين في تفجير ثورة 1936 الفلسطينية الكبرى . وكانت الأسرة تقيم في قرية المزار التي هجرت منها إلى جنين بعد حرب 1948 حيث ما زالت تقيم في مخيمها الذي سمي في البداية " مخيم العودة " تفاؤلا وأملا بالعودة إلى الوطن الذي اغتصب ، و " مخيم المحطة " لقربه من محطة القطار العثماني . ولد بسام في 23  ديسمبر 1960 ، وحصل بعد الثانوية العامة على دبلوم محاسبة من الأردن . ومثل أي فتى فلسطيني ، تفتحت عيناه ووعيه على مآسي شعبه وبطولاته الفذة المقاومة والمصادمة لاحتلال استيطاني استئصالي لا روادع إنسانية أو قانونية لجرائمه . وتأثر بسام بالانتفاضة الأولى تأثرا شديدا ، وشارك فيها مثل لِداته من الفتيان والشبان الفلسطينيين الذين نسبت  تلك الانتفاضة إليهم ، وإلى وسائلهم فيها ، فسميت " انتفاضة أطفال الحجارة " . وانتهى به مطاف قناعاته إلى الانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي التي انطلقت في مايو من  عام الانتفاضة الأولى 1987 ، وانبهر بثلاثية نظريتها التربوية الجهادية " الإيمان والوعي والثورة ، وطرحها القضية الفلسطينية قضية مركزية للأمتين العربية والإسلامية . واتصف بحبه الحماسي الجاد للقراءة ، فكان يقرأ أحيانا عشر ساعات في اليوم ، وأحيانا خمسا . وترأس  جمعية " الإيمان  " الخيرية التي كانت تقدم المعونات لأسر الشهداء والأسرى  والمطاردين وسواها من الأسر الفقيرة . ولم تخف نشاطاته الجهادية والاجتماعية عن عيون مخابرات العدو ، فقبضت عليه ، وعذبته ، وتميز بصبره وقوة تحمله لقسوة تعذيبها رافضا الإقرار بنشاطاته في مقاومة الاحتلال . إنه القائل صادقا عن نفسه : " الخوف رحل من حياتي مبكرا بعد التكرار والممارسة " ، وتميز في كل مواقف الخطر والشدة بالهدوء والتحكم في ردات فعله . وهو  من الذين أبعدتهم إسرائيل إلى لبنان في 1992 واستقروا في مرج الزهور ؛ في جنوبه .  وشهدت معركة مخيم جنين  في 2022 ذروة دوره الجهادي . ولمع اسمه في قدرته الفريدة على التوفيق بين المتخالفين من عناصر الفصائل الفلسطينية في السجون التي دخلها ، وفي خارجها ، وكان لا يظهر أي تحيز تعصبي للحركة التي ينتمي تنظيميا إليها . كان طائرا يحوم متفحصا  ما تحته ، ويحط على نقطة الوفاق المضيئة بين أولئك المتخالفين ، فيرضى الجميع بحكمه اطمئنانا لحكمته وثقة في طهارة نيته من أيما شائبة تحيز ، ولم " يسلم " حتى العدو من الإعجاب بنصاعة خلقه ونقاء نزاهته . قال أحد إداريي سجن عوفر الذي كان من بين عدة سجون أدخل إليها : " والله إننا نخجل منه ونحن أعداؤه . " . واشتهر ببراعته في التخفي خلال مطاردات قوات الاحتلال ومخابراته التي دامت 15 عاما  ، وكثيرا ما نجا من القبض عليه أو من قتله ، ويمتدح ضابط مخبرات كنيته اسمه التمويهي "  فيصل " تلك البراعة ، فيقول : " لقد مر علينا الكثير من المطاردين ، لكن لم نرِ أذكى وأشطر منك ، فهل تذوب كالملح ؟ " .  وبلغت سنوات سجنه التي تخللها الإفراج عنه 13 سنه . وفي سنوات المطاردة والاعتقال استشهد ولداه التوأم إبراهيم وعبد الكريم ، وسجنت زوجته عامين . وفاجأ كل أقاربه وأصدقائه ومحبيه بتقبله لاستشهاد ولديه بصلابة لم يسكب فيها دمعة على أي منهما احتسابا لهما عند الله _ تعالى _ ورجاء أن يكونا بين الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا . وفي مخالفة صارخة لصبره على استشهاد ولديه ؛ بكى فياض  الدمع على استشهاد فتحي الشقاقي  مؤسس حركة الجهاد الذي اغتاله اثنان من عملاء الموساد في مالطا في 26 أكتوبر 1995 .  وفي الكتاب أن أحد القاتلين التهمه تمساح في مالطا ، والثاني سحقته سيارة في تل أبيب ، ومعروف مآل رئيس الوزراء رابين الذي أمر باغتيال الشقاقي انتقاما لعملية بيت ليد التي قام بها الاستشهاديان أنور سكر وصلاح شاكر ، من غزة ، في 22 يناير 1995 ، وقتل فيها 19 جنديا إسرائيليا ، وجرح 62. وللشيخ المجاهد مواقف صدام وتحدٍ لمخابرات العدو ، يستبين منها ذكاؤه وسخريته وسعة ثقافته . قال له ضابط مخابرات إسرائيلي لحظة إطلاق سراحه من إحدى سجناته : " إن شاء الله يعم السلام ، وآتي لزيارتك في جنين ! " ، فرد : " إذا قدمت إلى جنين فإنك ستكون سببا في تحرير نصف الأسرى ! " ، ولمح الضابط  ما في رده من توعد ، ونظر إليه مغيظا متكدرا . وفي يوم قال له ضابط مخابرات كنيته " أبو شريف " : " أربع حروب مع الجيوش  العربية لم تكن مثل ما يحدث الآن . لا يستطيع أحد من مواطنينا أن يدخل سوبرماركت ، أو يركب الحافلة ، أو يذهب إلى مطعم . " ، وفي كلامه بيان جلي لخطورة انتفاضات الفلسطينيين ومقاومتهم على سير الحياة في الكيان الغاصب المبيد لكل ما هو فلسطيني . وتأثيرات انتفاضة الضفة الحالية عليه شاهد على هذه الخطورة التي أرغمته على الدفع بنصف جيشه لمواجهتها مثلما صرح وزير الدفاع بني غانتس .  وفي الكتاب آيات روائع ل "جنون " قدرة الفلسطيني على التحمل . المجاهد العضو في حماس ، جمال أبو الهيجا أحد أبطال معركة جنين ، تقطع إحدي يديه بشظية ، فيحملها ويذهب إلى المستشفى ، والزوجة حنان أبو الرب يدهمها المخاض وتنزف ، ويعرض عليها ضابط إسرائيلي تعويض دمها النازف ، فترفض ، وتواجه عدة نسوة من قريباتها وجاراتها الأهوال والموت لنقلها إلى المستشفى . وفي الكتاب صور من براعة الفلسطيني للإفلات من مخالب  المصاعب والمصائب التي تنقض عليه انقضاض الصواعق المواحق  دون توقف ليلتقط أنفاسه ، وفيه أفانين للاختفاء الشخصي وإخفاء السلاح . هذا المجاهد الشهيد إياد أبو الليل يخفي سلاحه في حفره ، ويغطيه بالبصل حتى لا تشم كلاب الإسرائيليين المدربة رائحته . وكان كلب ألماني من الفصيلة الذئبية يعوي عواء الذئاب متى جاءت القوات الإسرائيلية ، فيتهيأ المجاهدون لمقاومتها ، واكتشف الإسرائيليون دوره التحذيري للمجاهدين فأعدموه .  

وتفاجأ ضابط بسعة اطلاع الشيخ بسام على سير قادة إسرائيل ، وسأله عن أعقلهم في رأيه ، فاقترح شمعون بيريز  . وفي الكتاب أن جولدا مائير كانت تمقت بيريز مقتا متطرفا ، وتقول عنه إنه ليس في قلبه مكان للرب . ونقرأ متمهلين متألمين ما ينقله الكتاب على لسان شارون في مذكراته ، وكل قادة إسرائيل لهم مذكرات فيها دروس وعبر لمستوطنيهم ، يقول : " كنا ننتصر عندما تتوقف الجيوش العربية عن حربنا بعد أن نكون  على وشك الهزيمة ، فتتحول هزيمتنا إلى نصر . " . ومعلوم أن إسرائيل اعتقلت الشيخ بسام في مايو الماضي ، ومازال معتقلا ، وتسبب اعتقاله في معركة الأيام الثلاثة مع  حركة الجهاد التي سمتها  " معركة وحدة الساحات " الكتاب في أحد عشر فصلا ، في 236 صفحة ، واستهل بمقدمتين كتب أولاهما محمد جرادات ، وكتبت ثانيتهما وليد الهودلي ، وختم بملحق توثيقي من الصور عن حياة صاحب السيرة ،  وحرره عصري فياض بأسلوب ممتع  أخاذ روائي السمات تمازجت فيه الأحداث والأفكار والأشخاص في تيار متدفق يحفز القارىء على متابعة قراءته مستمتعا بكل سطر فيه .  أصدرت الكتاب منذ أيام  مؤسسة " مهجة القدس للشهداء والأسرى والجرحى " في غزة . 

sfgfhssf1012.jpg

ناقشت ندوة اليوم السّابع الثّقافيّة المقدسيّة قصّة الأطفال"القطّة سمّورة" للكاتب المقدسيّ صقر السّلايمة، ورسومات عصام أحمد، تقع القصّة التي لم تصدر عن دار نشر، ولم يكتب عليها تاريخ إصدارها في 32 صفحة من الحجم المتوسّط.

افتتحت الأمسية مديرة النّدوة ديمة جمعة السّمّان فقالت:

وكتب جميل السلحوت:

صقر السّلايمة: عرفناه منذ حوالي أربعة عقود كفنّان مسرحيّ أوّلا، وبعدها ككاتب للأطفال، وقد صدرت له حتّى الآن اثنتا عشرة قصّة ومسرحيّتان للأطفال، كما هو مثبت على غلاف القصّة الأخير.

عصام أحمد: هو ابن الشّاعر الرّاحل أحمد عبد أحمد، وعرفنا عصام كرسّام كاريكاتير وبعض الرّسومات الأخرى.

مضمون القصّة: تتحدّث القصّة عن الطّفل سامي الذي أنقذ قطّة صغيرة"قطيطة"، من أيدي أطفال عذّبوها، واعتنى بها ورعاها.

فكرة القصّة جميلة جدّا، وتدعو إلى الرّفق بالحيوان، وهذا ليس جديدا على ثقافتنا العربيّة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:" عُذِّبت امرأة في هِرَّة سَجَنَتْها حتى ماتت، فدخلت فيها النّار، لا هي أطعمتها ولا سَقتها، إذ حبستها، ولا هي تَركتْها تأكل مِن خَشَاشِ الأرض."

والقصّة تربويّة وتعليميّة، فقد أنقذ الكاتب القطيطة من أيدي أطفال على يدي الطّفل سامي، وهذه دعوة للأطفال إلى عدم الإعتداء على الحيوانات الضّعيفة، كما فيها دعوة إلى الأطفال الحاذقين؛ كي يتدخّلوا لحماية الحيوانات التي قد تتعرّض لاعتداء الآخرين عليها، وكما شاهدنا في القصّة أنّ الكبار أيضا مطالبون بحماية الحيوانات الضّعيفة، ففي القصّة تبرّع أبو كامل صاحب البقّالة بالحليب للقطيطة، وتبرّع الجزّار أبو طنّوس باللحم لإطعامها أيضا، كما أثنى والدا الطّفل سامي على ابنهما لحمايته للقطيطة، وأخذها والده لطبيب بيطريّ لعلاجها، ففحصها وقدّم لها الدّواء، وأوصى سامي بتحميمها والحفاظ على نظافتها، وقبلهم أثنت المعلّمة على سامي وطلبت من تلاميذها أن يصفّقوا له كمكافأة له لإنقاذه للقطيطة.

وفي القصّة دعوة بضرورة الإنتباه والحذر من الحيوانات الضّالة خوفا من أن تكون حاملة لأمراض معديّة، كما رأينا في القصّة كيف حمل سامي القطيطة بعد أن غطّى كفّيه بأكياس النّايلون.

ملاحظات: خلت كلمات القصّة من التّشكيل، ومن وضْع الشّدّة على الحروف المشدّدة، وتشكيل الكلمات في قصص الأطفال هامّ وضروريّ كي يسهل على الأطفال قراءة الكلمات، والشّدة عوض عن حرف، وعدم كتابتها خطأ إملائيّ.

والرّسومات رغم جماليّتها إلّا أنّ فيها خللا واضحا، فمثلا اسم القصّة" القطّة سمّورة"، وجاءت في الرّسومات بلون برتقاليّ. ورسومات الأطفال وهم شخصيّات القصّة، ظهرت وكأنّها رسومات لكبار على ظهروهم حقائب، انظر الرّسمة على الصفحة أربعة على سبيل المثال.

وقالت دولت الجنيدي أبو ميزر:

قصة جميلة للأطفال كتبت بلغة سهلة وبأسلوب جميل، مغزاها الرفق بالحيوان ، بطلها الطفل سامي الذي يصحو مبكرا، ويلبس ملابسه ويتناول طعامه ويودع أمّه ويذهب الى مدرسته، وفي طريقه يرى أطفالا يعذبون قطّة ويلقونها وسط الشارع لتدوسها السيارات المارّة، فينهرهم ويلتقطها ويطعمها ويسقيها ويأخذها هو ووالده عند طبيب بيطري؛ ليعالجها ويعود بها إلى البيت ويعتني بها وبنظافتها ونظافة بيتها الصغير.

في هذه القصة التوجيهية التربوية يظهر أن التربية  أوّلا تبدأ من البيت فالعلم في الصغر كالنقش في الحجر، فالأمّ أثنت على ابنها وشجعته على الرفق بالحيوان، وكذلك دور المعلمة في المدرسة التي طلبت من الأطفال أن يصفقوا لسامي لعمله الإنساني بإنقاذ القطة، وشارك في العمل الإنساني صاحب البقالة أبو كامل الذي تبرع بالحليب، والجزار أبو طنوس الذي تبرع باللحم لإطعام القطة.

وفي هذه القصة رسائل توجيهية وتربوية منها:

- تعليم الأطفال الرفق بالحيوانات وعدم الإعتداء عليها.

 - دور الكبار في رعاية الأطفال وتوجيههم.

 - مشاركة البيت والرفاق والمدرسة والمجتمع في تربية جيل مهذب يحسن التصرف.

 - تعليم الأطفال ان لا يلمسوا الحيوانات الضالّة خوفا ان تكون حاملة للجراثيم والأمراض المعدية.

 - تعليم الأطفال تشجيع بعضهم على الرفق بالحيوان والعمل الإنساني.

 – اللجوء دائما الى الأطباء والمختصين في معالجة الأمراض في الوقت المناسب وسماع  توجيهاتهم.

 - تعليم الاطفال طريقة إعطاء الدواء للحيوانات بخلطه مع الماء الذي تشربه.

 - ضرورة الاهتمام بنظافة الحيوانات ونظافة بيتها الصغير.

رسومات القصة جميلة ومعبرة وبالوان زاهية تفرح الأطفال. ولكن كوْن القصة للأطفال الصغار فصورة الطفل تبدو أكبر من صورة طفل صغير.

وقال الدكتور عزالدين أبو ميزر:

القصة للكاتب صقر السلايمة وهو فنّان مسرحي وكاتب، وسبق أن كتب مسرحيات وقصصا للأطفال.

    قصص الأطفال دائما لها مقاصد وأهداف تختلف من كاتب لآخر، وكلها تهدف إلى تنشئة الطفل تنشئة سليمة.

وعلى أسس متينة من الأخلاق والقيم السامية والتربية الصحيحة، ليصبح المجتمع بأكمله يوما ما سليما معافى من كل سوء.

والكاتب بحسب جرأته ومقدرته يحاول أن يظهر ما يريد إيصاله من أهداف بشكل محبب؛ ليرسخ في عقول الأطفال، وينطبع في ذاكرتهم، ويصبح أساسا يقوم عليه بناؤهم المعرفي والشخصي والثقافي والوطني والتربوي عليه.

    والكتابة للاطفال ليست بالعمل الهين كما يعلم الجميع والكمال لله.

  وكل كاتب  يقع في أخطاء وهفوات تغيب عنه وينتبه إليها غيره، فيحصل التكامل.

وقصة كاتبنا هدفها الأساسي الرفق بالحيوان الذي هو القطة سمورة.

والهدف الثاني تثبيت هذا المفهوم من قبل المدرسة والبقال واللحام وأهل البيت والطبيب البيطري، وتبيان المخاطر الطبية وطرق الوقاية والعلاج، وبما قاموا به من مساعدة وتشجيع لما قام به الطفل سامي من عمل رائع، وذمّ الأطفال الذين كانوا يصغرونه سنّا، والذين كانوا يعذبون هذه القطيطة الصغيرة. كل ذلك بلغة سهلة وبسيطة.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

يطرح الكاتب قضية العنف تجاه الحيوانات من خلال الفتى سامي، الذي يعتني بالقطة سمورة، ويحميها بعد تعرضها للأذى من قبل الأطفال في الشارع.

جميل أن يتطرق الكاتب لفكرة الرفق بالحيوان ونبذ العنف،لكن الكاتب لم ينجح في معالجة مشكلة العنف القائمة وما حدث أنه فقط قام سامي بالصراخ على الأطفال ممّا دفعهم للهروب خوفا منه.

أتساءل هل هكذا نحلّ المشاكل ونجعل المشكلة قائمة بلا حلّ جذري؟ لا يوجد في القصة ما هو تربوي أو تعليمي يردع العنف، لو كنت طفلة لظل القلق يساورني من هي  الضحية القادمة مادام الجناة لا شيء يردعهم، في هذه القصة، أرى القطة هي تشبه المرأة العربية التي تتعرض للعنف والقتل دون التوصل لحل للحد من تلك الظاهرة.

إن القصة تحتاج إلى تعديل؛ لترتقي إلى القصة الإبداعية وعناصرها من خيال وعنصر التشويق والحل وغيرها، وأيضا الابتعاد عن السرد الذي يشبه الحديث اليومي.

هناك جملة أراها خاطئة ويجب تعديلها"أخذ سامي القطة معه إلى المدرسة"هذا تشجيع لأن ننقل القطة أو أي حيوان مسكين من مكان غير نظيف ومعقم إلى مكان نظيف، وهل يسمح بالمدارس إدخال الحيوانات إلى غرفة الصف؟

وردت كلمة "شقاوة""وحمايته لتلك القطة المسكينة من شقاوة هؤلاء الأطفال"أي شقاوة هذه؟كان يجب على الكاتب استبدالها بكلمة عنف فالفرق شاسع.

استوقفني مشهد سامي وهو يشتري اللحمة للقطة سمورة من الملحمة، السؤال هل يتم شراء اللحمة للقطط من الملحمة؟ استغربت جدا فهذا لا يليق، للعلم هناك محلات خاصة للحيوانات فيها تباع الأغذية الخاصة بها. جاءت الرسومات جميلة.

المزيد من المقالات...