hgjhk981.jpg

في رسالة بعثتُها للصحف والمواقع، وكانت تتضمن مقالة لأحد الأصدقاء الكتّاب حول كتاب "نسوة في المدينة"، يردّ عليّ محرر أحد المواقع بردّ يتضمن وصف الكتاب بأنه "رواية". وكثيرا ما التبس الأمر على الصحفيين ومحرري المواقع، فيصفون أعمالا كثيرة بأنها رواية، أيّ سحرٍ مختزن في هذا الجنس الأدبي؟ أعتقد أننا في فترةٍ ما قد وقعنا أو سنقع تحت تأثير هذا السحر، شئنا أم أبينا، ليس شرطا بكتابة رواية، وإنما مجرد أن تحوز على برنامجك في قراءتها والكتابة النقدية التي تتناولها، والدفاع عن المشاريع الروائية الفردية والقومية لكتّاب الرواية، فإنّ ذلك من ضمن ذلك التأثير الساحر للرواية والروائيين.

الروائية الموصوفة للكتاب، ليست جديدة على الكتاب نفسه، سألت نفسي هذا السؤال أيضا، هل ما أكتبه في هذا الكتاب هو "رواية"؟ سألت الصديق حسن عبادي السؤال نفسه، نفى أن يكون الكتابُ رواية. إنه هكذا "قصص وسرد". وماذا يعني "قصص وسرد" بالنسبة لي؟ ولماذا ليس هو رواية؟

يغلب على ظني أن الكتاب قد اعتمد على بعض العناصر الروائية، لكن حكاياته منفصلة مفككة، لا تعتمد مبدأ الحبكة المنطقية، وليس لشخصياته أي علاقات سردية وواقعية غير ما ارتبطت بها معي. ولكن: هل للرواية "شكل واحد"؟ هل سعيت إلى تحطيم القالب الروائي القديم لأكتب رواية بطريقة مختلفة؟ ربما، لست على يقين من ذلك. لا يرى النقاد أن للرواية شكلا واحدا ثابتاً، إنما لها أشكال متعددة، بعدد الكتاب والروايات. ولكلّ طريقته وأسلوبه في الكتابة.

وقعت أخيرا على مفهوم "الأدب الشخصي" والتباسه بالرواية، ثمّة جانب شخصي دائماً في كل رواية، تحدث بذلك النقاد والكتاب على حد سواء، ولا أحد يستطيع أن يتجرد من ذاته عند الكتابة، ولولا هذا "الطابع الشخصي" في الكتابة لكانت الكتابةُ هي هي؛ واحدةً عند كل الكتاب الذين يعالجون موضوعا واحدا. جاء في موقع (britannica) هذا التوضيح للعلاقة بين الجانبين الشخصي والروائي: "الرواية الاستبطانية في صيغة المتكلم الأول لها الكثير من القواسم المشتركة مع المذكرات، أو حجم من الذكريات الشخصية"[1]. في كتاب "نسوة في المدينة" شيء من ذلك أيضاً "استبطان في صيغة المتكلم لها الكثير من القواسم المشتركة مع الذكريات الشخصية"، وفي تحقيق لموقع الجزيرة نت يقول الكاتب فاروق يوسف واصفاً كتبه النثرية العشرة بأنها من "الأدب الشخصي" الملتبس بالرواية ويعرّفه بقوله: "جنس قريب من الرواية غير أنه لا ينافسها من جهة تعدد شخصياتها وتنوع محاورها وامتدادها أفقياً"[2].

يمنح الأدب الشخصي كاتبه قدرة أكبر على التحرر أثناء الكتابة، التحرر من القوالب الفنية، التحرر من التقيد الدقيق الفني لعناصر التجنيس المفترض. ليس مضطراً إلى أن يدقق كثيرا إن أصاب أو أخطأ، قارب أم ابتعد، فالتعبير عن الذات يأتي أولا وأخيرا ولا شيء يحل في مرتبة بين الأول والآخر. بهذه الحرية الفنية يُكتب "الأدب الشخصي" على أيّ حال. قد يدخل فيه الشعر، والخواطر، والمقالات، والتحليل الفلسفي والنفسي، قد يدخل فيه الإيمان والإلحاد، كل ذلك منطلقا من بؤرة الذات، ولا يطلب من الآخرين أن يصدّقوه أو يوافقه، ولا ينظر إليهم إن عارضوه وسفّهوه. ولا يلتفت فيه إلى عنصر "الإقناع" المطلوب في الرواية. الكاتب يكتب وحسب، ويفرغ كل ما يريد على الورق. فهي فسحة من البوح والاعتراف والتطهر والصراخ والعلاج النفسي والعاطفي.

الأدب الشخصي إذن ليس رواية سيرة ذاتية، وليس مذكرات، وليس رواية أيضا، إنه فيض سردي حرّ، أو أنه "نثر غير روائي" (nonfictional-prose)، لكنه ملتبس ومتلون بالرواية، والسيرة، والمذكرات، والانطباعات الشخصية، وبالمقالة، يجنح نحو الذاتية غالبا، قد يعرّج أحيانا على "الموضوعية"، لكنه ليس معنيّا بها، ولا يسعى إليها. إنه لا يكتب العالم كما يفعل الروائي على ما يدّعي، بل يكتب ذاته كجِرْم صغير في هذا العالم؛ محاولا أن يجد له مكانا فيه عبر ذلك السرد الحرّ الذي يمارسه بشغف.

قد يوصف "الأدب الشخصيّ" بأنه أقلّ جودة من الأعمال الأدبية المجنسة شعراً وروايات؛ على اعتبار انفلاته من القواعد العامة والخاصة للكتابة، ولذلك، ربما، من أجل ذلك لا تحفل الدوائر البحثية والأكاديمية الرصينة والكلاسيكية به، ونادرا ما تناولته الدراسات والأبحاث المحكمة الجادّة، واقتصر التلقي النقدي على القراءات الانطباعية لقراء عاديين أو أصدقاء الكاتب أو التقارير الصحفية ومواقع عرض الكتب على شبكة الإنترنت. ولعلّ الكاتب سيكون محظوظاً جداً لو صادف أن قرئ على نطاق واسع وأثبت حضوراً قرائياً على الرغم من أن هذا الحضور سيظل محصورا في وقت ولن يدوم طويلاً، وسيكون مصيره الإهمال والركون إلى الظلّ حتى لو تمتع بلغة مسبوكة جيداً، وتضمن فكرة ورسالة مهمّتين.

في كتاب "نسوة في المدينة" قدر كبير من الحقيقة والواقع، وقدر من التخيّل السردي الخالص، فتخيلت بعض القصص بالكامل. كما أكملت بالتخيل قصصا أخرى بدأت وانطفأت عند نقطة لا سردية، فغدت بعد ذلك معجونة بالسرد، وكتبت أيضاً قصصا كما وقعت بالفعل دون تهذيب أو تقليم. لذلك أحببت أن يكون تحت تجنيس "قصص وسرد"، ولست معنيّا أن يؤلّف غير مروياته وحكاياته منذ أول نص حتى آخره، هذه القصص يمكن لها أن تشكل حكاية متصلة بذات كاتبها، ولكني أردت تمزيقها إلى قطع سردية قصيرة لأكون حرا في الكتابة.

صديقتي السورية هند زيتوني- وهي روائية وشاعرة- قرأت الكتاب، وكتبت عنه، يأخذها الكتاب إلى الرواية، ترى فيه مجالا للعبة روائية قادمة، وتقترح عليّ أن نلعبها سوية بالكتابة، تتخيل في هذه اللعبة أن هؤلاء النسوة- أو واحدة منهنّ على الأقلّ- اللواتي كتبت عنهن يلاحقنني، ليقتصصن مني جراء ما فعلت من نشر حكاياتهن. لتكمل حكايات الكتاب برواية، تفترض هند سيناريوهات شائقة من أجل ذلك، أحدها ينتهي بقتلي على يد إحدى أولئك النساء. ضحكت من هذا السيناريو المتخيل؛ سيناريو معروف ولا يحمل أي دهشة، عدا أنني لا أحب العنف ولا القتل في الأعمال الروائية، وخاصة القتل، كثيرا ما اعترضت على المخرجين وكتاب سيناريوهات الأفلام والمسلسلات بسبب قتلهم للشخصيات أو إماتتهم، دائما أقول: القتل ليس حلا مناسبا في الحياة إطلاقا، وليس حلاً مناسباً فنيا في الأعمال الأدبية إلا على نطاق محدود ومدروس جيدا، بحيث لا يكون "كثيرا"، ولا "مجانيا" ولا "للخروج من مأزق". أحب أن تتمتع الرواية بمكر وذكاء ومرواغة، لكن عليكم الابتعاد عن القتل. ألا يكفي ما في البلاد من قتل لتلاحقنا الدماء في الروايات وعلى شاشة الفضائيات في المسلسلات والأفلام، يجب أن يكون الكاتب مضطرا لقتل الشخصية اضطرارا لا مفر منه كما فعل غابرئيل غارثيا ماركيز عندما قتل العقيد في رواية "مائة عام من العزلة"، "وبعدما أنهى ماركيز روايته جاء إلى زوجته مرسيديس بوجه مكفهر وعيون مثقلة بالحزن وقال: لقد قتلت العقيد بوينديا ثم صعد إلى غرفته وبكى بنحيب ثم نام"[3]. ربما اقتنعت هند بوجهة نظري فأخذت تفكر بسيناريو آخر محتمل للرواية القادمة.

روائية أخرى تشرع بكتابة رواية، تبدأها بمحادثة "عبر الواتس آب"، تُسمعني الفقرة الأولى من الرواية. مقطع مشجع، تقول لي صاحبة الرواية الجديدة إنها تكتب هذه الرواية متأثرة بكتاب "نسوة في المدينة".

آمل أن يكون الكتاب ملهماً بحق ليس في كتابة رواية تخيليّة وحسب، بل في أن يكتب كل من له قدرة على الكتابة "أدبه الشخصي"؛ ليتخلص من قيوده، لعله يصبح حرا، ولن يكون حرا بالكامل إن توارى خلف أجناس تخيلية كالرواية، تمنحه مساحة من المراوغة في إشهار الحقيقة عارية على أنها حقيقة شخصية تنتمي إلى الواقع بكل ما فيه من أحزان وآلام وتابوهات، بل عليه أن يقول بصريح العبارة: أنا أكتب حكايتي وذاتي. تماماً كما فعلتُ في كتاب "نسوة في المدينة".

باستطاعتي الهروب بشكل منطقي ومبرر، وأن أقلب المعادلة بشكل كامل بالنسبة للكتاب، فأطلق عليه "رواية"، وأحذف المقدمة، ومع قليل من التحرير، سيصبح سردا تخيلياً "روائيّاً" لا يحقّ لأحد أن يقول إنّ له علاقة بحياتي الشخصية بعدئذٍ، فما أسهل هذا الخيار! لكنه لا يجعل الكتابة مؤلمة وصادمة ودافعة لأن تطرح سؤال الذات والتعامل معها وكتابتها بهذه الطريقة التي سعيت إليها بكامل الوعي والإرادة، ولن يحقق مبتغاه ورسالته بشكل بليغ، فالحقيقة تثير القراء أكثر من التخييل وخاصة في المواضيع المحرّمة.

وأخيراً فلتسمحوا لي بقراءة ما جاء في رواية "الصبوات" للكاتب هنري ميلر[4] في وصف عمليّة الكتابة: "يجب أن تكون الكتابة والتأمّل عملين مجردين عن الإرادة، ومثل تيار في محيط عميق الغور، ويجب أن تطفو الكلمة إلى السطح عند أول خاطرة، فالطفل ليس بحاجة لأن يكتب لأنه بريء، فالمرء يكتب لبتخلص من السموم التي جمعها بسبب أسلوب حياته الزائف، إنه يحاول أن يستردّ براءته، ومع ذلك فإنّ كل ما ينجح في عمله (بالكتابة) هو أن يلقح العالم بفيروس من خيبة أمله. لن يضع إنسان كلمة على الورق إذا كان يملك الشجاعة، لأنه يعيش ما يؤمن به". هذا أيضاً ما حاولتُ فعله في هذا الكتاب، إن الكتابة فيه مثلت نوعا من الفيروس من خيبة الأمل التي عشتها، وعبّرت عنها صراحة في مقدمة الكتاب، فلم أعش شيئاً مما كتبت وإن رغبت في ذلك في وقت ما.

الهوامش:

[1] موضوع " Personal literature":   https://cutt.us/Rjcth

[2] موقع الجزيرة نت: "البحث عن الجوائز والتخلي عن النرجسية الشعرية.. شعراء كتبوا الرواية يحكون للجزيرة نت أسباب النزوح"، تحقيق: أشرف الحساني، 5/2/2021: https://cutt.us/9Fzoc

[3] موقع صحيفة البيان الإماراتية: https://cutt.us/SOFMA

[4] روائي ورسام أمريكي، مترجم الرواية خالد الجبيلي، صدرت عن دار ورد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ط1، 2009، ص20.

nfhjfjhgf979.jpg

لاحلف ضدّ الأخ، والوطن، والجار

قال الكاتب: أرسل الأوس، إياس بن معاذ، وأبا الحيسر أنس بن رافع، مع جماعة يلتمسون الحلف من قريش، ضدّ إخوانهم من الخزرج. فقال لهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم: هل لكم خير في ماجئتم به؟ أن تؤمنوا بالله وحده ولا تشركوا به شيئا. 73

أقول: لم يطلب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الأوس، ولا من الخزرج، حلفا ضدّ وطنه وأهله من قريش، وهم الذين طاردوه، وحاصروه، ومنعوا عنه الأكل والشرب، وسعوا لتشويه سمعته في الداخل والخارج، وأجبروه أن يدخل وطنه مكّة تحت جوار كافر، وهو عائد من الطائف. ورغم أنّه كان أحوج النّاس إلى حلف يحميه وينصره، إلاّ أنّه أصرّ على أن لايتحالف مع أيّ كان، ومهما كان ضدّ إخوانه من قريش، ووطنه مكة، وجيرانه الطائف. وهذه من عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

قال الكاتب:  كانت غاية الأوس والخزرج، من الالتقاء بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أن "يجمعهم الله عليك، فلا رجل أعزّ منك". ونجح سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في الجمع بينهما، بعد سنوات من الدماء.

والقائد العظيم، هو الذي يجمع بعد شتات، ويوحّد بعد اقتتال، ويلم الشمل بعد افتراق وخصام. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قائد عظيم، لأنّه جمع المتقاتلين فيما بينهم، وفي ظرف وجيز، ودون خسائر.

السفير الفاقد البصر عبد الله بن أمّ مكتوم

على إثر لقاء سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بالأوس والخزرج، أثناء العقبة الأولى، أرسل لهم أسيادنا مصعب بن عمير، وعبد الله بن أمّ مكتوم، سفيرين عنه صلى الله عليه وسلّم، يعلمان أهل المدينة القرآن الكريم. 74

أقول: السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: كيف يمكن للأعمى أن يكون سفيرا؟ والجواب: كلّ سفير مفوّض بمهمة تناسب قدراته الجسدية، والعقلية، وماضيه، وطموحاته، وعلمه. وسيّدنا عبد الله بن أمّ مكتوم، كلّف بمهمة تعليم القرآن الكريم، وفقد البصر ليس من موانع أداء مهمة تعليم القرآن الكريم، والأمثلة التي قرأها النّاس وحدّثوهم عنها الأجداد والآباء، والحالات التي رأوها رأي العين -وما زلت-، تؤكّد ذلك، وتثبته.

وفاء سيّدنا رسول الله صلى الله عليه للشروط التي قطعها للأوس والخزرج

قال سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم للأوس والخزرج: "أشترط لربي أن تعبدوه وحده ولاتشركوا به شيئا، ولنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم متى قدمت عليكم". ووعدهم أن يظلّ معهم حتّى ولو انتصر على أعدائه. 77

أقول: لم يشترط سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم شيئا لنفسه، ولا لعائلته، ولا لأهله، ولا لذريته وهو المطارد، والمهدّد، والمحاصر. وهذه من صفات القائد العظيم، الذي يتجاوز نظره أبعد بكثير من اللّحظة التي يعيشها بآلامها وآمالها.

ووفى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعهده الذي قطعه للأوس والخزرج، حين بقي في المدينة بعد فتح مكة، ولم يغيّر ولم يبدّل، وبقي على عهده وهو القوي المنيع بعد 10سنوات من الهجرة، كما وعدهم أوّل يوم وهو المطارد المحاصر. وهذا من عظمة القائد، الذي يفي بالعهد، ويثبت على الرأي، ويتمسّك بالموقف. ويكفي أنّه لقي ربّه في المدينة وليس في مكة، وهذا من علامات الوفاء التي ميّزت القائد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

قوّة أسيانا الصحابة من قوّة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

حين اجتمع كفار قريش في دار الندوة، لدراسة طرق محاربة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومن بين هذه الطرق، كما جاء في الكتاب، هي: "نوثقه ونحبسه حتّى يدركه ماأدرك الشعراء قبله من الموت. فرفض هذا الرأي كسابقه لأنّهم قالوا إنّ الخبر لايلبث أن يبلغ أنصاره ونحن أدرى النّأس بمن دخل في دينه حيث يفضّلونه على الآباء والأبناء، فإذا سمعوا ذلك جاؤوا لتخليصه وربما جرّ هذا من الحرب علينا مانحن في غنى عنه". 78

أقول: قيل هذا الاعتراف وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ضعيف، ومحاصر، ومهدّد بالقتل، وأصحابه رضوان الله عليهم، قلّة لاتذكر، وضعفاء، وفقراء، ومحتاجون، وتركوا المال والولد، وهم دون بيت، ولا قوت، ولا استقرار. 

تعترف قريش وهي العدوة اللّدودة، بعظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والمتمثّلة -من خلال هذه الواقعة-، في قوّة أصحابه رضوان الله عليهم، من حيث الامتثال، والقدوة، والمتابعة اليومية المستمرة، والدفاع عن قائدهم صلى الله عليه وسلّم بما يملكون، وبأعزّ مايملكون وهي أرواحهم الغالية الطّاهرة، حتّى أنّ قريش وهي القوية المنيعة المستقرة، تخاف من مواجهتم إن أصابت قائدهم صلى الله عليه وسلّم، وهم الضعفاء، والفقراء، والمحتاجون، والمطاردون، والمهدّدون في قوتهم وأرواحهم.

اليوم أصبح كلُّ كاتب وكلُّ شاعر فاشل ( شويعر وَمُستكتب ) محليًّا لا يعرف قواعد اللغة العربية وصرفها ونحوها وكتابة الإملاء بشكل صحيح وسليم يكتبُ قصصا للأطفال.. وقد تراكمت وتفاقمت كتاباتُ وإصدارات هؤلاء المرتزقين المتطفلين والدخيلين على عالم الشعر والأدب والإبداع.. والأدب والإبداع بريىءٌ منهم . وهذه الإصداراتُ أصبحت مربحة وتجارة مضمونة لها سوق واسع ومزدهر محليًّا لأنّ كتب وقصص أدب الأطفال تُباع في جميع المدارس العربيَّة ، وخاصَّة الكتب التي دون المستوى المطلوب..وسياسة أجهزة التعليم عندنا في الداخل ومن يقف وراءها معنيَّة بالترويج ونشر مثل هذه البضاعة والإصدارات التافهة التي دون الحدِّ الأدنى للمستوى المطلوب.وأنا بدوري مُلمٌّ بأدب الأطفال وكتبتُ الكثير من الدراسات والأبحاث الواسعة والشاملة لكتب وإصدارات قيّمة محليًّا في مجال أدب الأطفال ، ونشرتُ هذه الدراسات في الكثير من وسائل الإعلام والمواقع : المحلية والعربيَّة والعالميَّة.. وحققت هذه المقالات والدراسات شهرة وانتشارا واسعا عربيا وعالميا..لدرجة أن أحد الطلاب الجامعين في إحدى الدول العربية ويتعلم في جامعة مرموقة ومشهورة قد أخذ عدة دراسات لي منشورة في بعض المواقع وقدمها للجامعة بحذافيرها مع بعض الإضافات البسيطة  ( أي أكثر من 90 بالمئة من مواد الوظيفة والأطروحة للجامعية هي لي ) وأعطوه على هذه الدراسات والأبحاث التي سرقها عني شهادة الماجستير ( m. a ) بامتياز وتفوق..ولم أشتكِ أنا عليه لأن هذا الموضوع سيطول جدا وخاصة من دولة لدولة وسأحتاج لمحام دولي.. وأقصى حد عندما أثبت أن المواد والوظيفة التي قدمها ذلك الطالب للجامعة هي لي سوف يلغون له الشهادة وأنا سأدفع الكثير من الأموال للمحامين وللمحاكم مقابل ذلك حتى أثبت الحقيقة.. وأريد أن أضيف : إنني لم أفكر مرة واحدة حتى الآن أن أستفيد ماديًّا من هذا المجال لأنَّ الكتابة عندي قبل كلِّ شيىء هي رسالة إنسانيَّة واجتماعيَّة وأخلاقيَّة ووطنيّة بحدِّ ذاتِها سواء كانت مُوجَّهة للكبار أو للصغار. والجدير بالذكر أن معظم دور النشرالمحلية تتهافت على طباعة كتب وقصص للأطفال تكون غالبا دون المستوى والتي لا تحمل أية رسالة : تثقيفيَّة ووطنية وقومية وإنسانية وفكرية وحتى ترفيهيَّة .. وأما قصص الأطفال التي على مستوى فنيٍّ عال وراق جدا وفيها البعد الوطني والإجتماعي والإنساني وأيضا الدواوين الشعرية والكتب الأدبية التي على مستوى عال وراق جدا فترفض طباعتها لأنها لا تباعُ وتُسوَّقُ في المدارس محليا – حسب سياسة المناهج التدريسية والمسؤولين عنها من فوق - والسبب معروف للجميع . وأنا شخصيا لي تجربة مع إحدى دور النشر المحليَّة حيث وعدوا بطباعة كتاب لي ، وهو دراسات في أدب الأطفال المحلي ..وفي النهاية رفضوا طباعته...والسبب معروف.. وإنه لأمر مؤسف ومقرف في نفس الوقت... وهذا هو الوضع المزري والمُخزي الذي وصلت إليه الحركة الأدبية والثقافية المحلية .. فالأديب والكاتب والشاعر الكبيرالوطني الملتزم والشريف محليًّا يشعر انه مُهَمَّش ووحيد لا يوجد له أيُّ دعم مادي وحتى معنوي أيضا ومحاصر من جميع الجهات ...وحتى الإعلام المحلي على جميع أشكاله وماركاتهِ عندنا في الداخل معظمه مذدنب وعميل ومأجور يُعتِّمُ على كلِّ أدب وفكر وفنٍّ وأبداع محلي راق وملتزم يحمل رسالة إنسانية ووطنية هادفة وسامية .. وأيضا بعض المنتديات والجمعيات والأطر محليًّا التي تدَّعي خدمة الثقافة الأدب والفن المحلي هي مأجورة ومذدنبة وعميلة وتقوم بنفس الدورالسَّلبي والحقيروالخطير مباشرة أو من وراء الكواليس وبشكل غير مباشر وهدفها وسياستها هو تدمير ووأد الفكر والثقافة والأدب المحلي الراقي والملتزم .. ولهذا يضطرالكاتب والشاعر المبدع أن يطبع كتبه وإبداعاته على حسابه الخاص ومن جيبه .. وهذه الطامة والمأساة يُعاني منها معظمُ الكتاب والشعراء الكبارالمحليين والمُمَيَّزين .

لم يستعن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالطائف ضدّ وطنه، وأبناء وطنه

سافر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى طائف، لعرض دعوته الشريفة. ولم يستعن بالطائف ضدّ أبناء وطنه من قريش. ورغم ذلك، حين طردوه وشتموه، ورفضوا دعوته، قال لهم: اخفوا عنّي مجيئي إليكم، حتّى لاتقول قريش: استعان بالطائف ضدّ قريش، وهو لم يفعل ذلك أبدا ومطلقا. 68

ظروف دعاء الطائف

قال الكاتب: أنّ دعاء سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "اللّهم إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي وهواني على النّاس ياأرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربّي إلى من تكلني إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي"، لم يكن خاص بأهل الطائف، إنّما كان خاص بأصحاب البستان، عتبة وشيبة ابني ربيعة، لأنّهما كانا نصرانيين، وكره سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أن يلجأ إليهما مضطرا، لولا الظروف التي دفعته إلى ذلك. 67

جوار، وليس ولاء للكافر ضدّ الوطن، والأخ، والجار

قال الكاتب: حين عودة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الطائف، أرسل لمطعم بن عدي، أن يدخل تحت جواره، لأنّه كان يعلم أن قريش لاتسمح له أن يدخل مكة، وقد خرج منها، واتّصل بالطائف.

أقول: والجوار من عادات العرب قبل الإسلام، والتي أقرّها الإسلام فيما بعد، وتندرج ضمن: "إنّما بعث ضت لأتمّم مكارم الأخلاق"، ولا علاقة لها إطلاقا وأبدا، بالولاء للكفار، والوقوف إلى جنبهم ضدّ الأخ والجار. 68

العرض على القبائل، ومعرفة العربي بتقلبات اللّيل والنّهار

قال الكاتب: حين عرض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم نفسه، ودعوته على القبائل العربية القادمة للحج، تواعدوا على أن يعودوا العام القادم، في نفس اليوم، وهو ماتمّ فعله.

أقول: تعرف العرب وبإتقان، تحديد تقلبات اللّيل والنّهار، واختلاف الفصول، ولم يكن يومها ساعة، ولا وسيلة متطورة تدلهم على ذلك، وهم الأمّة الأمية التي لاتقرأ ولا تكتب. وقد حدث نفس الشيء، حين قالوا: "موعدنا بدر العام القادم"، وتمّ الحضور. و

أقول: العربي والمسلم الآن، فقد حاسة معرفة تقلبات اللّيل والنهار، واختلاف الفصول، لأنّه لم يعد يتعامل مع الطبيعة بشكل مباشر، ولذلك لم يعد يعرف بالمباشرة -مثلا-، الخيط الأبيض من الخيط الأسود، في ظلّ التطور العلمي، وازدهار المدن، وتفشي الأضواء. 72

العرض على القبائل- ذاك الكذاب من تلك القبيلة

ردّت قبيلة مسيلمة الكذاب، سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حين كان يعرض نفسه على القبائل، "فكان بعضهم يردّ ردّا جميلا وآخرون ردّا قبيحا. وكان من أقبح القبائل ردّا بنو حنيفة رهط مسيلمة الكذاب".

أقول: : لاعجب إذن، أن يخرج منهم مسيلمة الكذاب، ويدّعي النبوة. 72

لايتاجر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بدين الله، وهو الضعيف المحتاج

قال الكاتب: طلبت بنو عامر من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حين كان يعرض نفسه على القبائل: "إن هم آمنوا به أن يجعل لهم الرياسة من بعده، فقال لهم الامر لله يضعه حيث يشاء".

أقول: تكمن عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في كونه لايتاجر بدين الله، ولا يطمع في قوي، وهو يومهما ضعيف محاط من كلّ الجوانب، ولا يمني النّاس لكي يؤمنوا به، ويصارحهم أنّ الأمر بيد الله، ولا يخشى إن انسحب طامع، ولو كان القوي المنيع. 72

اليهود من وراء حروب الأوس والخزرج

حالف الأوس بني قريظة ضدّ الخزرج، وحالف الخزرج بني النضير وبني قينقاع ضدّ الأوس.

أقول: أعرف الآن، سبب العداوة، وسفك الدماء، والحروب الطوال بين الأوس والخزرج، بسبب مكر اليهود. 73

shfgdjfj977.jpg

إسلام سيّدنا عمر بن الخطاب

قال الكاتب: حاول كفّار قريش قتل سيّدنا عمر بن الخطاب، بعدما أعلن اسلامه، للدور العظيم الذي قام به في حماية المسلمين، حتّى قالوا: لم نكن نجهر بالقرآن الكريم، حتّى أسلم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. صفحة  57

وسيّدنا عمر بن الخطاب، هو نتاج بركة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، الذي دعا له، حين قال: اللّهم أعزّ الإسلام بعمر. ص57

أقول: نقول هذا للذي يؤمن ببركة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحبّ الله لرسوله صلى الله عليه وسلّم، بحيث يجيبه فيما طلب، وتمنى.

رجوع مهاجري الحبشة

قال الكاتب: الذين هاجروا إلى الحبشة، كانوا من أشراف قريش، وذهبوا رفقة زوجاتهم. ص58

أقول: مايعني أنّهم ضحوا بمنزلتهم، وتجارتهم، وأموالهم، ومكانتهم لأجل نصرة الإسلام، وحبا في سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

ردّ سيّدنا عثمان بن مظعون، جوار الوليد بن المغيرة، وهو القوي المنيع، لما سمع عن آذاه للمسلمين. 60

أقول: القبول بالجوار، لايعني عند المسلمين الذلّ والمهانة، والتنازل عن دينه وعقيدته ورسوله، إنّما الجوار في حدود ماعرفته العرب، أي دون التدخل في الشؤون الداخلية، ولا الاقتراب منها، ولا المساس بها. ولاحظ، كيف ترك سيّدنا عثمان بن مظعون، جوار القوي الثري المنيع الوليد بن المغيرة، في سبيل أن يحافظ على دينه، ويتمسّك برسوله صلى الله عليه وسلّم. 

كتابة الصحيفة:

انضمّ بنو عبد المطلب، مسلمهم وكافرهم، إلى بني هاشم، حين تعرّضوا لحصار كفار قريش، عبر الصحيفة المعلنة الجائرة. ص 61

نقض الصحيفة:

الخمسة الذين مزّقوا صحيفة الحصار والجوع، المضروب على بني هاشم، للتضييق على دعوة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كانوا من أشراف قريش، ولم يكونوا من المسلمين. ص61

أقول: مهما اختلفت مع الأخ والجارفي مسائلة عظيمة كالعقيدة، يبقى حقّ الأخ والجار قائما، وأقلّها أن لايشبع الأخ والجار، ويموت الأخ والجار جوعا. وهذه من مكارم الأخلاق التي كانت في الجاهلية، وأقرّها الإسلام.

وفود نجران

حارب أهل مكّة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وفي الوقت نفسه، ورغما عن قريش، كانت مكّة من عوامل نصرة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حين كانت القبائل تفد للحج، ولا تستطيع قريش منعهم، فكانوا يسمعون عن أخلاق وصدق وأمانة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ويرون ظلم قريش للمسلمين، فيؤمنون بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى الذين جاؤوا للحج، وجلسوا إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، خفية وتحت جنح الظلام، خوفا من قريش، فآمنوا به بسرعة خارقة، لم تصدقها قريش، وهي التي كانت تنتظر أن تشويهها لصورة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، سيبعد الحجاج القادمين لمكة عنه، لكن لم يزدهم إلاّ حبّا، وقربا من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ص63

عظمة سيّدتنا أمّنا خديجة بنت خويلد

وفاء وعظمة سيّدتنا أمّنا خديجة بنت خويلد، في كونها ظلّت مع زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في شعاب مكّة، حين تعرّض وقبيلته، للحصار، والجوع، وتفضّل أكل العشب والجذور، وهي الغنية الثرية صاحبة الجاه. 63

أقول: ماأعظم سيّدتنا أمّنا خديجة، رحمة الله ورضوان الله عليها: تهبه مالها، وتمنحه تجارتها، وتتزوّجه وهو الفقير اليتيم، وتهدّىء روعه حين يعود من غار حراء، مرتبكا مضطربا، من هول مارأى وسمع في اليوم الأوّل من الوحي، وتقاسمه الجوع والحصار المفروض عليه من عشيرته، وهي المعزّزة والكريمة والغنية. فلا عجب إن أطلق علماء السيرة النبوية على يوم وفاتها بيوم الحزن.

المزيد من المقالات...