ضِدَّينِ بات الخبزُ والحريّةْ

ضِدَّينِ بات الخبزُ والحريّةْ

ثريا نبوي

يا أوَّلَ الرَّصاصِ يا مُخيَّمَ الفِداءْ

يا غُصَّةً في القلبِ ما لها شِفاءْ

يا قِبْلَةَ الرَّحيلِ من حِيفا ويافا والجليلْ؛

إلى حدائقِ الجُوريِّ في "الفيْحاءْ" (1)

الصمتُ والتجويعُ والتركيعُ يقتلونْ؛

براءةَ الأحلامِ في العيونِ المقدسيّةْ

ضِدَّينِ بات الخبزُ والحريّةْ!

ضدَّينِ؛ في "اليرموكِ" .. في سوريّةْ

العُشْبَ ليلاً يأكلُ المُحاصَرونَ بالمَنيّةْ

فيما النَّهارُ مَوئلُ الجوعِ المُغَطَّى بالرصاصِ

لا مَناصَ مِن عيونِ البندقيّةْ

"آلاءُ" كانت زهرةً بَريئةً ندِيَّةْ (2)

 مصَّت رحيقَ عُمرِها مَجامِرُ السَّادِيّةْ

فلْتوقِفوا نزفَ الحياةِ في الرُّبى المَسبيّةْ

ولْتَدْفِنوا الأحقادَ في المقابرِ النَّازيّةْ.

***

في مِحنةِ التغريبِ إذْ تُعادُ تحت القصفِ هل مِن مُنْجِيَةْ؟

نيرانُ قَنْصِ النَّازحينَ مِن خيامٍ للخِيامِ التاليَةْ؛

تؤجِّجُ الحنينَ للمِفتاحِ والديارِ الخاليَةْ.

أين الحليبُ والدواءْ؟ وأين خبزُ البادِيَةْ؟

ما عادَ جمرُ الكَسْتِناءْ

ما عادَ تعريشُ الحكايا في السَّمَرْ

تحت القمرْ

أو حول مَوْقِدِ المساءْ

هنا فقطْ؛ مُحَلَّلٌ لحمُ القِطَطْ

لحمُ الكلابِ قد أُعِدَّ للشِّواءْ

هنا مجازرُ الحقوقِ وابتكاراتُ البلاءْ

هنا الصلاةُ في معابدِ العروبةِ السَّنِيّةْ

فريضةٌ مَنسيّةْ؛

فحين يُرفعُ الأذانُ للجهادِ والإباءْ

بلا وضوءٍ؛ تُسرَجُ السِّجَّادةُ العَصيّةْ

هنا الملاحِمُ التي أصداؤها حُروفُها عِبْريّةْ

سيوفُنا مَمْهورةٌ: قابيلُ لَم يزلْ على عهدِ الوفاءْ

دِماؤنا -بِلا بَواكٍ- تَبَّلَتْ معالِمَ الطريقِ والأشلاءْ

حيثُ الغيومُ ترتدي دُروعَها؛ العِصْيانْ

والقَحطُ والذُّبولُ في مَشاتلِ الحنانْ

يا سيفَنا .. يا مَرْتَعَ الرَّمْداءْ؛ 

هيّا اكتحِلْ وسدِّدِ الطِّعانْ؛

لقلبِ مَنْ يُذَبِّحونَ زنبقَ الجُولانْ

يُحطِّمونَ قلْعةً شرقيَّةْ.

 (1) الفيحاء: اسمٌ من أسماء دمشق  (2) آلاء المصري: طفلةٌ ممن قتلهم التجويع في المخيم