مرَّت معي اليوم  قصيدة الشَّاعر صفيِّ الدِّينِ الحِلِّيِّ  (سَلي الرِّماح العوالي عن 
معالينا...) فتأثَّرت كثيرًا، وقارنت بين ماضينا الأزهَر, ووواقعنا المدمَّر، فكانت
هذه الأبيات:
 يا أيُّها الشَّاعرُ الحِلِّيُّ ما بقيَتْ=لنا الأسنَّةُ  تُنبي عن مَعالينا
وقد تثَلَّمَتِ الأسيافُ وارتُجِعَتْ=إلى القِراب وقد خابَ الرَّجا فينا
ما عاد من ضُمَّرٍ غُرٍّ مُسوَّمةٍ=نغزو بها في الوغى مَن راح يغزونا
وقد خبَتْ نارنا في الكوْنِ وانكفأتْ=قدورُنا وتمادى الظُّلْمُ  يَكوينا
شحَّتْ مَزارعنا أقوَتْ مَرابعنا=صمَّتْ مسامِعُنا خابَت مَساعينا
خارَتْ عزائمُنا شاعت هزائمُنا=والكلُّ مِن قهرهِ  قدْ بات يَسقينا
نامَت ضمائرُنا  فاحت جَرائرُنا=هانت حَرائرُنا جفَّتْ مآقينا
سودٌ صنائعنا  زورٌ وقائِعنا=فُحشٌ مَراتِعنا  حمْرٌ ليالينا
وهم سحائبنا  سُحْتٌ رَغائبنا=طَوْدٌ معائِبُنا ليْلٌ أمانينا
وقد غدَوْنا ولا وَزنٌ يُثقِّلُنا=بيْن العبادِ ولا ذِكْرٌ يُناغينا
كانت لنا الشَّمسُ والأطيارُ سابحة=وكوكبُ الأرضِ يشذو بيْن أيدينا
كانتْ لنا في حداء الفخر أغنيةٌ=لكنَّها خرِسَت أنغامُ حادينا
كانتْ لنا في ربا الأمجادِ أفنِيةٌ=لمَّا ضعُفنا هجرناها بأيْدينا
كانتْ لنا في أتونِ الحرب مَلْحمةٌ=يَخالُنا المعتدي فيها شَياطينا
واليَوْمَ  فوق فِراش العُهْرِ وَقعتُنا=نعدُّ فيها أُلُوُفًا مِن مَخازينا
ولمْ يَعُدْ يستحي مِن فَجْرِهِ وَقِحٌ=يرى الأعادي أحبَّاءً بوادينا
ولم يَعُدْ يَرعوي عن غيِّهِ وَسِخٌ=رأى التَّفرُّق خيْرًا مِن تآخينا
يا أيُّها الشَّاعر الحِلِّيُّ هلْ نفِدَتْ=تلك المكارمُ أمْ هلْ  قام ناعينا؟
متى ستهْمي بصوْتِ الرَّعدِ يوقظنا=لعلَّه بأثيرِ الرُّوحِ يُحيينا
متى سيهتِفُ فينا صوْتُ عِزَّتِنا=متى سنسمع داعي الفخرِ يدعونا
"سَلي الرِّماحَ العوالي عن معالينا=واستشهدي البيضَ هلْ خاب الرَّجا فينا؟"
"بيضٌ صنائعُنا سودٌ وقائعنا=خُضرٌ مَرابعُنا حمْرٌ مَواضينا"