"أليكسا" يا صهيلَ الموتْ

"أليكسا" يا صهيلَ الموتْ

ثريا نبوي

هنا القدسُ، هنا الوجَعُ، هنا ميسونْ

هنا ترعَى نوائبُنا..لها كلأٌ: أسًى وشجونْ

هنا قتْلٌ بلا ثمنٍ:

سِياطُ الجوعِ.. شفْراتٌ بحدِّ الثلْجْ

هنا موتَى بلا كفنٍ؛

أما يكفي احتضانُ القبرْ؟

هنا خِيَمٌ تُمزِّقُها رياحُ الغدرْ

هنا الأطفالُ أفلاذٌ يُجَمِّدُها صقيعُ البردِ والقلبِ

هنا للصمتِ ترتيلٌ على قيثارةِ العَربِ

حِصارٌ يخنِقُ الأنفاسَ في غزَّةْ

وتكسيرُ الإراداتِ

هنا موتٌ سَريريٌّ لنخوتِنا

وأسئلةٌ لها عُقْمُ الإجاباتِ

هنا غيبوبةٌ تُبغَى

هنا الفيضانُ كم يطغى

ولا جُودِيَّ إن تُقْلِعْ سماواتي

هنا في قِدْرِنا اللغويِّ كمْ تُطهَى

حروفُ الثورةِ الميمونةِ المَسْعى

على جمرِ الخياناتِ

هنا طفلٌ تُصادَرُ مِن أناملِهِ عُقودُ الفُلّْ

هنا نهرٌ على شَطَّيْهِ ينمو الذُلّْ

هنا حَرْثُ الكراماتِ

هنا جِسرٌ تُحطِّمُهُ يدُ الجلاَّدْ

هنا شَرخوا الزُّجاجَ وأُحكِمَتْ أصفادْ

مُضَرَّجةٌ حروفُ الحقِّ في دَمِنا

بأوجاعٍ لها تتفتَّتُ الأكبادْ

وتلك رَصاصةُ الخوَّانِ ما زالت تُسافرُ في خواصرِنا

وما زالت عواصمُنا تُردِّدُ أننا عربٌ لنا أمجادْ

مُدَجَّجَةٌ أسِرَّتُنا بِدفءِ النِّفطِ والشَّجْبِ

وفي صحرائنا باتتْ مُخَثَّرةً؛

دِماءٌ في عُروقِ الطُّهْرِ؛ مِن بَرْدٍ ومِن حَرْبِ.

***

هنا في القلبِ أغنيةٌ تَراكمَ فوق قِشرتِها رَمادُ الفرْحْ

هنا الأطفالُ قد حَفروا تُرابَ عرائِنا العربيِّ؛

كي يئِدوا مع الأجسادِ عُمْقَ الجُرْحْ

هنا صارت عظامُهمُ وَقودَ: البرْدِ في المنفى،

ومَنْ بالدِّفْءِ قد غُمِرَت وسائدُهم وبالعِطرِ وبالأنغامْ،

ومَن مدُّوا أيادي الخيرِ في "ساندي".. نسوا الأرحامْ(1)

وأهلُ الشامِ يا قلباهُ قد أودَى بهم خطرُ

-فقد حُرِقتْ مَدائنُهم بنارِ الحِقْدِ تسْتَعِرُ-

بكى الجُوريُّ تحت القصفِ مَن ماتوا..ومَن هجَروا؛

على أوتادِ خيمتِهم..على الأسلاكِ قد نشروا؛

مخاوفَهم.. وأمتعةً توَلَّى غسْلَها المطرُ!

لعلَّ الشمسَ تفعلُها؛ وتخرُجُ من سِتارِ الغيمِ، تنتشِرُ

يذوبُ الثلْجُ، يصحو المَرْجُ؛

يُلْقَى العَرشُ في قاعٍ؛ إذا ما نُضِّدَتْ فِكَرُ

هي الأحلامُ يا ميسونُ يبْرَؤها لنا القدَرُ

وقلبُ الحُرِّ كَمْ يشقى وبالأحزانِ ينفطِرُ

هنا كانت لنا لُغةٌ

هنا كانت لنا سِمَةٌ

تَبدّلَ حالُنا الرَّحالْ..

هنا كانت عواصِفُنا حُدودُ دَمارِها الفنجالْ

فهل نبكي على الأطلالْ؟

هنا كانت نُجيماتٌ تُطلُّ على المغاني الخُضْرِ؛

قد باتت بحِضنِ القمحِ والأمنِ

هنا كانت شِعاراتٌ على قَدمِ الهَنَا تسعَى؛

يُسَربِلُ شالُها وطني

هنا كنَّا..هنا كانتْ

هُنَا هُنَّا.. هنا هانتْ

هنا كانت خيولُ الفَتْحِ في الصّحْوِ وفي النَّومِ

"أليكسا" يا صهيلَ الموتِ هَيَّا أيقظي قَومي(2)

               

(1) تبرّعت السعودية والبحرين معًا بمائتين وستين مليون دولار لضحايا إعصار ساندي في أمريكا(نوفمبر/2012)

(2) موجةُ البرد والثلج الآتية من روسيا ضاربةً المشرق العربي البائس؛ حيث ثوراتُنا المُدَمَّرة، وغزة المحاصَرة وخيام اللاجئين الفلسطينيين والسوريين ومآسٍ يشيبُ لهولِها الوِلدانْ (ديسمبر/2013).