الحرية

أخبرنا أستاذي يوما 

عن شيء يدعى الحرية 

فسألت الأستاذ بلطف 

أن يتكلم بالعربية 

ما هذا اللفظ وما تعنى 

وأية شيء حرية 

هل هي مصطلح يوناني 

عن بعض الحقب الزمنية 

أم أشياء نستوردها 

أو مصنوعات وطنية 

فأجاب معلمنا حزنا 

وانساب الدمع بعفوية 

قد أنسوكم كل التاريخ 

وكل القيم العلوية 

أسفي أن تخرج أجيال 

لا تفهم معنى الحرية 

لا تملك سيفا أو قلما 

لا تحمل فكرا وهوية 

وعلمت بموت مدرسنا 

في الزنزانات الفردية 

فنذرت لئن أحياني الله 

وكانت بالعمر بقية 

لأجوب الأرض بأكملها 

بحثا عن معنى الحرية 

وقصدت نوادي أمتنا 

أسألهم أين الحرية 

فتواروا عن بصري هلعا 

وكأن قنابل ذرية 

ستفجر فوق رؤوسهم 

وتبيد جميع البشرية 

وأتى رجل يسعى وجلا 

وحكا همسا وبسرية 

لا تسأل عن هذا أبدا 

أحرف كلماتك شوكية 

هذا رجس هذا شرك 

في دين دعاة الوطنية 

إرحل فتراب مدينتنا 

يحوى أذانا مخفية 

تسمع ما لا يحكى أبدا 

وترى قصصا بوليسية 

ويكون المجرم حضرتكم 

والخائن حامي الشرعية 

ويلفق حولك تدبير 

لإطاحة نظم ثورية 

وببيع روابي بلدتنا 

يوم الحرب التحريرية 

وبأشياء لا تعرفها 

وخيانات للقومية 

وتساق إلى ساحات الموت 

عميلا للصهيونية 

واختتم النصح بقولته 

وبلهجته التحذيرية 

لم أسمع شيئا لم أركم 

ما كنا نذكر حرية 

هل تفهم؟ عندي أطفال 

كفراخ الطير البرية 

وذهبت إلى شيخ الإفتاء 

لأسأله ما الحرية 

فتنحنح يصلح جبته 

وأدار أداة مخفية 

وتأمل في نظارته 

ورمى بلحاظ نارية 

واعتدل الشيخ بجلسته 

وهذى باللغة الغجرية 

اسمع يا ولدي معناها 

وافهم أشكال الحرية 

ما يمنح مولانا يوما 

بقرارات جمهورية 

أو تأتي مكرمة عليا 

في خطب العرش الملكية 

والسير بضوء فتاوانا 

والأحكام القانونية 

ليست حقا ليست ملكا 

فأصول الأمر عبودية 

وكلامك فيه مغالطة 

وبه رائحة كفرية 

هل تحمل فكر أزارقة؟ 

أم تنحو نحو حرورية 

يبدو لي أنك موتور 

لا تفهم معنى الشرعية 

واحذر من أن تعمل عقلا 

بالأفكار الشيطانية 

واسمع إذ يلقي مولانا 

خطبا كبرى تاريخية 

هي نور الدرب ومنهجه 

وهي الأهداف الشعبية 

ما عرف الباطل في القول 

أو في فعل أو نظرية 

من خالف مولانا سفها 

فنهايته مأساوية 

لو يأخذ مالك أجمعه 

أو يسبي كل الذرية 

أو يجلد ظهرك تسلية 

وهوايات ترفيهية 

أو يصلبنا ويقدمنا 

قربانا للماسونية 

فله ما أبقى أو أعطى 

لا يسأل عن أي قضية 

ذات السلطان مقدسة 

فيها نفحات علوية 

قد قرر هذا يا ولدي 

في فقرات دستورية 

لا تصغي يوما يا ولدي 

لجماعات إرهابية 

لا علم لديهم لا فهما 

لقضايا العصر الفقهية 

يفتون كما أفتى قوم 

من سبع قرون زمنية 

تبعوا أقوال أئمتهم 

من أحمد لابن الجوزية 

أغرى فيهم بل ضللهم 

سيدهم وابن التيمية 

ونسوا أن الدنيا تجري 

لا تبقى فيها الرجعية 

والفقه يدور مع الأزمان 

كمجموعتنا الشمسية 

وزمان القوم مليكهم 

فله منا ألف تحية 

وكلامك معنا يا ولدي 

أسمى درجات الحرية 

فخرجت وعندي غثيان 

وصداع الحمى التيفية 

وسألت النفس أشيخ هو؟ 

أم من أتباع البوذية؟ 

أو سيخي أو وثني 

من بعض الملل الهندية 

أو قس يلبس صلبانا 

أم من أبناء يهودية 

ونظرت ورائي كي أقرأ 

لافتة الدار المحمية 

كتبت بحروف بارزة 

وبألوان فسفورية 

هيئات الفتوى والعلما 

وشيوخ النظم الأرضية 

من مملكة ودويلات 

وحكومات جمهورية 

هل نحن نعيش زمان 

التيه وذل نكوص ودنية 

تهنا لما ما جاهدنا 

ونسينا طعم الحرية 

وتركنا طريق رسول الله 

لسنن الأمم السبأية 

قلنا لما أن نادونا 

لجهاد النظم الكفرية 

روحوا أنتم سنظل هنا 

مع كل المتع الأرضية 

فأتانا عقاب تخلفنا 

وفقا للسنن الكونية 

ووصلت إلى بلاد السكسون 

لأسألهم عن حرية 

فأجابوني: “سوري سوري 

نو حرية نو حرية” 

من أدراهم أني سوري 

ألأني أطلب حرية؟! 

وسألت المغتربين وقد 

أفزعني فقد الحرية 

هل منكم أحد يعرفها 

أو يعرف وصفا ومزية 

فأجاب القوم بآهات 

أيقظت هموما منسية 

لو رزقناها ما هاجرنا 

وتركنا الشمس الشرقية 

بل طالعنا معلومات 

في المخطوطات الأثرية 

أن الحرية أزهار 

ولها رائحة عطرية 

كانت تنمو بمدينتنا 

وتفوح على الإنسانية 

ترك الحراس رعايتها 

فرعتها الحمر الوحشية 

وسألت أديبا من بلدي 

هل تعرف معنى الحرية 

فأجاب بآهات حرى 

لا تسألنا نحن رعية 

وذهبت إلى صناع الرأي 

وأهل الصحف الدورية 

ووكالات وإذاعات 

ومحطات تلفازية 

وظننت بأني لن أعدم 

من يفهم معنى الحرية 

فإذا بالهرج قد استعلى 

وأقيمت سوق الحرية 

وخطيب طالب في شمم 

أن تلغى القيم الدينية 

وبمنع تداول أسماء 

ومفاهيم إسلامية 

وإباحة فجر وقمار 

وفعال الأمم اللوطية 

وتلاه امرأة مفزعة 

كسنام الإبل البختية 

وبصوت يقصف هدار 

بقنابلها العنقودية 

إن الحرية أن تشبع 

نار الرغبات الجنسية 

الحرية فعل سحاق 

ترعاه النظم الدولية 

هي حق الإجهاض عموما 

وإبادة قيم خلقية 

كي لا ينمو الإسلام ولا 

تأتي قنبلة بشرية 

هي خمر يجري وسفاح 

ونواد الرقص الليلية 

وأتى سيدهم مختتما 

نادي أبطال الحرية 

وتلى ما جاء الأمر به 

من دار الحكم المحمية 

أمر السلطان ومجلسه 

بقرارات تشريعية 

تقضي أن يقتل مليون 

وإبادة مدن الرجعية 

فليحفظ ربي مولانا 

ويديم ظلال الحرية 

فبمولانا وبحكمته 

ستصان حياض الحرية 

وهنالك أمر ملكي 

وبضوء الفتوى الشرعية 

يحمي الحرية من قوم 

راموا قتلا للحرية 

ويوجه أن تبنى سجون 

وسوم: العدد 956