فهي ( الأنا) ممقوتة مرفوضةٌ

تعني الأنانية : رؤية النفس، وكل ما يضيفه العبد لنفسه؛ من حبه لذاته...

كأن يقول: نفسي ويقول : أنا ... أنا ...

ولقد أوصلت الأنانية صاحب الجنتين إلى الاستعلاء والكبرياء حتى تعالى على صاحبه بما يملكه، فقال : أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ) .)

بل دفعته هذه الأنانية إلى الشك في قيام الساعة ، والعياذ بالله . 

الذكرُ أجمَلُه بطيبِ لسانِ=وبحُسْنِ أخلاقٍ وطيبِ معانِ

الشَّامخُ المغمورُ في دنيا نأى=عنها الوفاءُ لموكبِ الخلاَّنِ

هـم من أولي الإيثارِ أحفادِ الألى=سادوا الورى بطهارةِ الوجدانِ

ومصابرين على النوازل ماحنوا=أعناقَهم لحماقةِ الأضغانِ

فالمؤمنون بربهم لـم يركعوا=لمخاتلٍ أو نخبةِ الشيطانِ

المقتفون طريقَ نهجِ مُحَمَّدٍ=بوثيق ماحازوا من الشكرانِ

الثَّابتون وغيرُهم في حيرةٍ=مابينَ حبِّ المالِ والسلطانِ

فهي ( الأنا) ممقوتة مرفوضةٌ=عند الرجالِ بأوضحِ التبيانِ

تبًّـا لمن تبعوا الهُراءَ وتاجروا=بالدردشاتِ بأبخسِ الأثمانِ

رضيتْ بصيتِ الخائبين فحقبةٌ=تنأى وتُطوى صفحةُ الهذيانِ

كذبٌ وتدليسٌ وزورٌ فاقع=ونسيجُ فلسفةٍ بلا عنوانِ

فالبرءُ لايُرجَى لِمَنْ ركبَ الهوى=وأناخ عند أذاهُ في القيعانِ

كم فاقدٍ وَهَجًا تثنَّى حولَه=زهـوُ التواضعِ لاهــوى الحـرَّانِ

أعطاهُ درسًا ليس يُطوَى إنَّمـا=الإثـمُ كلُّ الإثـمِ في العصيانِ

ماكان لله المهيمنِ فضلُه=يبقى ويُلقى الزيفُ في النيرانِ

فإذا عليه انهدَّ بنيانُ الهـوى= لم يَنفعِ المسكينَ خــطٌّ وانِ

ولعلهم عاشوا على تصفيقهم=وتنعموا بتبجُّحٍ ولسانِ

وبوصفهم زورا بأنهم الألى= في حارةِ التدليس والبهتانِ

لتفاهةٍ تغري بنمنمةٍ علا=فيها الهباءُ وحــطَّ في كيوانِ !

هانوا وربِّك لم ينالوا رتبةً=فصدى الهوانِ شتيمةٌ لهـوانِ

يكسو الخبالُ وجوههم قترًا فلم=تُؤتَى بغيرِ السوءِ في الإعــلانِ

البائعون الزيفَ في سوقٍ لـوى=ما لـم يكنْ يُنْمَى إلى سحبانِ

ماتتْ ضمائرُهم فشبَّ بصدرهم=جمـرٌ لظاهُ بأكبُدٍ وجَنانِ

فاربأ بنفسك أنْ تضـمَّ ضياعَهم=لجميلِ أهـلِ الفضلِ والعرفانِ

ودعَ الذين تورطوا في خوضِ مـا=أجرتْهُ في تيــهٍ يــدُ الشيطانِ

فلك المكانةُ زهوُها و وسامُها=فلهـا ابتهاجٌ بالفتى الربَّاني

فَالمْـَحتِدُ المشهودُ في آثاره=بالخيرِ والإيثارِ والتحنانِ

قـد نلتَها بجميلِ سيرتِك التي=قـد أزهـرتْ كالوردِ في البستانِ

تزهو مناقبُك الحِسانُ فضيلةً=فالمرءُ بالآدابِ والوجـدانِ

آلُ الهدى ممَّنْ عَلَوْا بخصالِهم=في مَرْبَعِ التوحيدِ والإيمانِ

أهلُ التلاوةِ إن سجى ليلٌ وفي=وضح النهارِ السَّعيُ في تحنانِ

ويدُ المودَّةِ لم يُقَلَّصْ بِرُّها=تُزجي الجميلَ لسائرِ الخِلاَّنِ

ملأتْ مآثرُها صحائفَ لم تزل=بالوُدِّ تنطقُ ، والرضا المزدانِ

طوبى لقـومٍ فضلُهم في وُدِّهـم=فاحتْ أطايبُه من الأردانِ

تُنمَى المكارمُ للتُّقاةِ فصحبةٌ=ميمونــةٌ في الحمدِ والشُّكرانِ

إذ أنْشأتْهُم شرعـةٌ قدسيَّةٌ=عاشوا الوفاءَ بربعِها الفينانِ

طوبى لأرضٍ أنبتتْ قيمًا سمتْ=فتدلَّتْ الثمراتُ في الأغصانِ

واللهُ يحفظُ مَن رعاهـا وارتأى=ماكان من وُدٍّ ومن شكرانِ

والناسُ في حقلِ الأُخوةِ ما اغتدوا=إلا إلى الثَّمرِ الهنيِّ الداني

للعيشِ بالأخلاقِ والعملِ الذي=يسمو به الإنسانُ في الأزمانِ

وبه الرقيُّ إذا تسابقَ للعلى=قومٌ وراموهُ لخيرِ مكانِ

وَلَكَمْ أجابوا المجدَ حين دعاهُمُ=لبناءِ ما للمجدِ من أركانِ

دُمْ فيه واستمتعْ فأفياءُ المُنى=فيَّاضةٌ بالروحِ والريحانِ

وبكلِّ أروقةِ الهناءة إنها=لم تَرضَ بالشنآنِ والطغيانِ

دنياكَ فيهـا للأفاضلِ محتِدٌ=ما كان إلا للكريمِ الشَّأنِ

يستثمرُ الأيَّامَ في ظلِّ النَّدى= وهدى الرسولِ وطاعةِ الرحمنِ

يرعاكَ ربُّك يا أخي ذا رفعةٍ=بالصِّدقِ والإيثارِ في الفرسانِ

تلك الرسالة لم تكن إلا لمَن= نهل الهدى من محكم القرآنِ

للمؤمنين المتقين ومَن رأوا=سيلَ الضلالِ يموجُ في البلدانِ

فأثارَ في أحنائهم حزنا على=تقصيرنا الأوفى بهذا الشَّأنِ

وعكوفنا حول المراءِ وحولَ مـا=يرمي بقدرتنا إلى الأكفانِ

ولعلَّ حالَ المرء منا ياأخي=حالَ الذي وافى إلى الضيفانِ

قالوا له أعرفتَ منا واحدا=يا أيُّها الملهوفُ : في الفتيانِ

فأشارَ نحو طعامهم ثم ابتدا=بتناوُلِ المطبوخِ بالنيرانِ!

وسوم: العدد 1051