***
*نشرت في الملحق الأدبي لجريدة الندوة المكية في حج عام 1411ه.
باللهِ رُدُّوها عليَّ فإنَّها = أبهى ليالي العمرِ ياسُمَّاري
ولقد ذكرتُ بها أماسيَّ التي = أحيتْ هوايَ بنفحِها الزَّخَّارِ
وتولَّعتْ روحي بمنهل أفقِها = مابينَ بِرِّ سمائها ودياري
ذابت رؤاي على رفيفِ جلالِها = وتقاطرتْ عبر الضياءِ الجاري
لم تغفُ عينايَ اللتان استوحتا =ألقَ المنى إلا على أذكارِي !
ورأيتُ أقدسَ ما رأيتُ على السَّنا = من مبسمِ الإيحاءِ في الأسحارِ
فعلمتُ أنَّ العمرَ ليس بمنقضٍ =إلا بروضِ ربيعِها المعطارِ
وحرقتُ كلَّ قصائدي من بعدما = أوحتْ إليَّ بأعذبِ الأشعارِ
و وقفتُ أصدعُ في منازلِها ضحى = يومَ اجتماعِ بقيَّةِ الأطيارِ
فتبدَّدَتْ كلُّ الرواياتِ التي =نسجتْ مخازيها يدُ الأشرارِ
لم يبق رغمَ تزاحمِ الأضدادِ في = عرصاتها إلا نشيدي السَّاري
يدعو إلى الديَّانِ مَن لم يؤمنوا = ويبثُّهم من أقومِ الأسفارِ
وهناك قد خاب الطغاةُ وأيقنوا = أنْ لا مفرَّ لهم من الأقدارِ
ماست بروحِ عقيدتي روحي فلم = تحفلْ بما في الدربِ من أوضارِ
وتوهجتْ ألقًا يجولُ بخافقي = فأنا المحبُّ لشرعتي والشَّاري
بعتُ الحياةَ لأجلها فأنا بها = ولها أعيشُ وما بها من عارِ
أوقدْتُ مصباحي على أنوارها = ومشيتُ بين تدفُّقِ الأنوارِ
فاللهُ ربي والكتابُ ذخيرتي = وهُدى النَّبيِّ محجتي وفخاري
والكعبةُ الغرَّاءُ قبلةُ وجهتي = ومطافُ توحيدي وفجرُ نهاري
تعس الطغاةُ ومَن رأوا غيرَ الذي = في محكم التنزيلِ للأبرارِ
ماذا يريدُ الخارجون على الهدى = العابثون بأقدسِ الآثارِ
التَّائهون بتيهِ فلسفةِ الهوى =والمكتوون بجمرةِ الأخطارِ
آمنتُ بالإسلامِ يبتهجُ المدى = بسحابه المتدفقِ المدرارِ
يمحو أسى الثَّاوين في أغلالهم =ويزيلُ عنهم وطأةَ الأكدارِ
أفياؤُه آنَسْتُ فيها عزَّتي = وربيعَ عيشي وانجلاءَ غباري
وقضيتُ في جنَّاتِه عهدَ الصِّبا = يابؤسَ مَن عاشوا بلا أنوارِ
ما زلتُ أنهلُ من معينِ فراتِه =وتبوحُ حولَ ضفافه قيثاري
لم يكترث قلبي بديجور الأسى = وبطولِ دربِ الشَّجوِ والإعسارِ
ياموطنَ الأشواق ما لي موئلٌ = تقتاتُ روحي منه في الأمصارِ
أرخصتُ روحا دون وصلك والمنى = ورميتُ كلَّ مآربي في النارِ
ماضرَّني فقرٌ فأنتَ غِنايَ إذ = ما اخترْتُ إلا من علاك فخاري
وأنا الغنيُّ بمصحفي وقناعتي =وتفاؤلي الدَّفاقِ كالأنهارِ
وبسيرةِ المختارِ أرفلُ لا أرى = إلا الفلاحَ بسيرة المختارِ
وأنا الوفي لمنهجي وعقيدتي = رغم ابتزازِ حداثةِ الفجَّارِ
ديني وإيماني وثابتُ عزَّتي = باللهِ أغْنَتْنِي عن الأغيارِ
والحقُّ يحفظُه الإلهُ لأنه =شرفُ الحياةِ ومجدُ كلِّ مدارِ