هوامش :
(1)فداحة :من فَدَحَ أي تَعَرَّضَ لِضَرَرٍ فَادِحٍ ، لِضَرَرٍ كَبِيرٍ ، تَحَمَّلَ عِبْئاً فَادِحا، ثَقِيلا، شَدِيدا . من مُصِيبَة فَادِحَة ... فالْمَوْتُ الْفَادِحُ خَيْرٌ مِنَ الذل الْفَاضِحِ .قال رسولَ اللهِ ﷺ:(لا يَثْبُتُ أَحَدٌ على لأَوائِها وجَهْدِها إلّا كُنْتُ لَهُ شفيعًا أو شهيدا يومَ القِيَامَةِ (. رواه مسلم .
(2) قضهم وقضيضهم : ويقال: جاءَ القومُ بقضِّهم وقَضِيضِهم، وجاؤوا قَضُّهُم وقضيضهم،وأَتَوْني قَضُّهم بِقضيضهم، ورأَيتهم قَضَّهُم بقضيضهم، ومررت بهم قَضِّهم بقضيضهم: جميعُهم ينقض آخرهُمُ على أَولهمْ: يندفُع ، أو جميعهم الكبارُ منهم والصغار، لم يتخلف منهم أحد. و القض الحصى الكبارُ، والقضيض الحصى الصغارُ.
(3) الضَّرَّاءُ :الفَقْر، والشدَّة، والمشقّة، والمرض، عكس السرَّاء، وكلها عاشها الشعب السوري الصابر في محنته القاسية .
(4)الخلطاء : معناه إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك ، وقيل : قال ذلك بعد اعتراف صاحبه بما يقول . ( وإن كثيرا من الخلطاء ) الشركاء ، ( ليبغي بعضهم على بعض ) يظلم بعضهم بعضا ، ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنهم لا يظلمون أحدا . ( وقليل ما هم ) أي : قليل هم ، و " ما " صلة يعني : الصالحين الذين لا يظلمون ... قليل .
للثَّوْرَةِ السُّوريَّةِ استقوائي = بمشيئةِ الدَّيَّانِ ذي الآلاءِ
فالأمرُ للهِ المغيثِ عبادَه = ما احلولك الطغيانُ في الأرجاءِ
سوريَّةُ المجدِ الوريفِ وإنَّها = صبرتْ على االشِّدَّاتِ واللأواءِ
وسقتْ مغاني مجدِها إذ آثرتْ = بذلَ الدماءِ قوافلُ الشهداءِ
ثبتتْ على فرعونِها في محنةٍ = عمياء ألقتْ من لظى الأرزاءِ
فالذبحُ للأطفالِ باتَ ميسَّرًا = بيدٍ هَوَتْ بالمُديةِ الحمراءِ
والأمنُ باتَ بحقدهم هدمًا على = أُسَرٍ أوَتْ في الليلةِ الدكناءِ
إذْ دُمَّرَتْ تلك المنازل عنوةً = بيدِ المجوسِ وفيلقِ السُّفهاءِ
من شرقِ سوريا إلى غربِيِّها = وشمالِها لجنوبِها المتنائي
عاثتْ عساكرهم بحالِ أفاضل = وأُبيحَ ما للشعبِ من نعماءِ
سرقوا البيوتَ أثاثَها وحليَّها = من غيرِ ما شرفٍ ولا استحياءِ
ولقد تجلَّتْ محنةٌ في شعبِنا = بيدِ ابتزازِ الطغمةِ العسراءِ
فالعيشُ فيه مشقَّةٌ بل موئلٌ = للقتلِ أو للسجنِ في (صدناءِ)
ومذابح الأشرار للشعب الذي = ذاقَ الأذى من أقبحِ الأعداءِ
فكم اعتدوا وعلى النساء تنمَّرُوا = وعلى الشيوخِ السادةِ النجباءِ
فلهم بكلِّ مدينةٌ في القطرِ مذبحةٌ . = . جرتْ فيها سيولُ دماءِ
هدموا المساجدَ والمآذنَ إنها = حربٌ فظاعتُها على الحنفاءِ
وجنودُهم عاثوا بسوريا كما = عاث المغولُ بأكرمِ الأرجاءِ
ماذا أقولُ وللمشاهدِ لوعةٌ = يطغى توهُجُها على الأنباءِ
ولمَنْ أقولُ وعالَمُ الناسِ ازدهى = بالمكرِ والتدليسِ في الغبراءِ
وقريبُهم فَرِحٌ بشقوةِ شعبنا = وبعيدُهم يذكي لظى البغضاءِ
لكنَّه الشَّعبُ الأبيُّ وروحُه = ليست تموتُ كميتةِ الجبناءِ
فدماؤُه فارتْ تؤججُ ثورةً = شاميةَ الأنفاسِ والسيماءِ
ومهجَّرون لهم حكايا مُرَّةٌ = في عالَمِ الرغباتِ والأهواءِ
ينتابُهم عصفُ الحنينِ فقد نأوا = عن دورِ نشأتهم بلا شفعاءِ
لكنَّها الثَّوراتُ تحيي ما انطوى = من نخوةٍ ومروءةٍ وفداءِ
فالشَّعبُ كلُّ الشَّعبِ باتَ مدجَّجًا = بيقينه باللهِ ذي الآلاءِ
واليومَ سلَّ إباءَه في وجهِ مَن = يبكي على الجلادِ والخلطاءِ!
ولعلَّ ربَّ العرشِ جلَّ جلالُه = يحمي كتائبَه من الأعداءِ
ويردُّ كيدَ المجرمين لنحرهم = ويسوقهم للخزيِ والإفناءِ
لم يزْدَرِ الطاغوتَ إلا مؤمنٌ = باللهِ داسَ تعنُّتَ السُّفهاءِ
والشَّعبُ في طولِ البلادِ وعرضها = قد هبَّ خلفَ جحافلِ الأكفاءِ
وهمُ الشبابُ الصِّيدُ جاؤوا للفدا = ولسحقِ هامِ الطغمةِ الرَّعناءِ
جزُّوا بكفِّ إبائهم أعوانَ من = ساروا وراءَ عصابةِ العملاءِ
وأتتْ زحوفُ الركبِ من أُفُقِ الهدى = والجودِ بالأرواحِ في الهيجاءِ
ومن الشَّمالِ تحدَّروا ببطولةٍ = غابتْ مكانتُها عن الجهلاءِ
مَن لم يروا إلا سفاهةَ عهدِهم = عهدِ الأذى والأوجه الربداءِ
عهدِ الفجورِ فللمفاسدِ لم يزل = ذاك النظامُ يعيشُ بالغلواءِ
إذْ ضاقت الدنيا على شعبٍ أبى = ما كان من ضيم ومن إزراءِ
فاستقبلَ الثُّوَّارَ وابتهجتْ بهم = مُدُنٌ شكتْ من وطأةِ البلواءِ
فشمالُ سوريا تراه مكبِّرًا = وجنوبُها فاسمعْ إلى الأصداءِ
وبشرقها وبغربها الشَّعبُ احتفى = بالنَّصر بعدَ القهرِ للشُّرفاءِ
أما فلولُ قطيع أهلِ حماقةٍ = فتهافتوا في حمأة الخلطاءِ
تاهوا وعاقبةُ اللئامِ وخيمةٌ = وسقوطُهم في الهجمة الرعناءِ
هيهات تخمدُ نار شعب ثائر = أو تنطوي بالنفخة الهوجاءِ
موتوا بغيظِكُمُ فكلُّ مكابرٍ = يطويه ليلُ الفتنةِ السَّوداءِ
والمجرمون وإن تطاول شرُّهم = فمآلُهم واللهِ للإفناءِ
ماكان للشامِ العزيزةِ أن ترى = غيرَ الجهادِ ومنهج الشُّهداءِ
هي ثورةٌ سوريَّةٌ عربيَّةُ = للهِ إسلاميةُ الأصداءِ
فالشَّامُ أرضٌ للأباةِ تُجِلُّهم = ماكان للذكرى من الإيحاءِ
فَنَبِيُّنا المختارُ أكرمَ موطنا = فيها ليومٍ هلَّ بالبُشراءِ
قد بوركت فيها الرحابُ فثورةٌ = فيها لدين اللهِ في الأرجاءِ
ماكان للسفهاءِ شأنٌ في يَدَيْ = شام الهدى ومرابعِ العلياءِ
أَوَبَعْدَ ذاك التِّيهِ يركنُ شعبُنا = لمرارة الطغيانِ في إغضاءِ!
ومرارةِ التنكيل هزَّتْ مهجةً = بل ثورةً في صدرِ كلِّ فدائي!
القتلُ والطَّحنُ الممنهجُ واللظى = يشوي جلودَ الناسِ والأشلاءِ!
والكبسُ والتقطيع للجثث التي = تشكو لربِّ العرشِ في الظلماءِ!
وإذابة الأجسام أو بيعٍ لِما = في جوفها المفتوحِ من أعضاءِ!
أما البراميلُ المؤججُ حقدُها = للهدمِ والترهيبِ والإعياءِ
فلقد هوتْ فوق المنازلِ عنوةً = أفتى بها المخبولُ للخرساءِ
ولزوجها الأعمى وكلِّ منافقٍ = يابئس سوء الفعل في الإفتاءِ
ماتتْ ضمائرُهم وغابَ شعورُهم = إذْ عارُ هذا الغيِّ ليس بناءِ !
قد عربدوا في نصف قرنٍ مظلمٍ = والشَّعبُ في رعبٍ وفي إقصاءِ
غازاتهم ألقتْ على أطفالنا = موتا سرى من غير ما ضوضاءِ
تبًّا لهم يتلذذون بقتلنا = حقدا بهم ينسلُّ بالإيذاءِ
والحمد للباري الكريم أذلَّهم = وَحَبَا الأباةَ بنصره اللألاءِ
نورٌ سماويٌّ أضاءَ شآمَنا = من آيهِ والسُّنَّةِ الغرَّاءِ
ومن العقيدةِ خيرُها عمَّ الورى = بمودةٍ وتواصُلٍ وإخاءِ
هي شرعُ ثورتنا فلا ترضى الأذى = للناسِ كلِّ الناسِ في الأرجاءِ
أَوَلَم تعشْ معنا طوائفُهم على = حُسنِ الوفا والجيرةِ الحسناءِ
والوعيُ بشَّرَ في ثنايا ثورةٍ = مَن عاشَ بين القومِ بالسَّرَّاءِ
فشريعةُ الإسلامِ فيها رفعةٌ = عن كلِّ ما للظلمِ من ضرَّاءِ
هي رحمةٌ للعالمين ونعمةٌ = شهدت لها مجموعةُ العقلاءِ
فالثَّورةُ السُّوريَّةُ امتثلَتْ بما = في الشَّرع من قيمٍ بلا إرجاءِ
عصفتْ بوجهِ الظالمين وأحبطتْ = ماكان عندَ الهجمةِ الشَّعواءِ
واستقبلتْ وجهَ استعادةِ مجدِها = ولدفعِ حالِ مساوئ الأرزاءِ
وقضتْ على عهدٍ بئيسٍ مجرمٍ = أدمى قلوبَ الشَّعبِ بالضَّرَّاءِ
وبعزَّةٍ لم تندثرْ جَبَرَتْ لها = كسرًا عميقَ فداحةٍ وشقاءِ(1)
ولنحن من جندِ النَّبيِّ ولم نعشْ = إلا بظلِّ العزَّ ةِ الشَّماءِ
إسلامُنا يأبى علينا أن نذلَ . = . لطغمةٍ ممقوتةِ الآراءِ
فتوقدتْ نيرانُ ثورتنا لظى = يشوي وجوهَ أسافلِ العملاءِ
شهداؤُنا الأبرارُ قد فازوا بما = وَعَدَ الحبيبِ لسيِّدِ الشُّهداءِ
والآخرون المنهكون من الأذى = يجزيهم الرحمنُ خيرَ جزاءِ
والشَّعبُ في سوريَّةٍ نفضِ الونى = يومَ استعادَ مكانةَ النُّجباءِ
هيهاتَ أن تجدَ الشعوبُ كرامةً = إلا بظلِّ القوةِ القعساءِ
ترمي بصعدتها تَبَجُّحَ مَن طغى = لنشيجِ صدرِ الوغدِ فوقَ عراءِ
ماكان للطغيان إذ ألقى الأذى = فوق الشعوبِ بتلكم الأرزاءِ
لولا انغماس الناسِ في أهوائهم = والبعدِ عن دين الهدى الوضَّاءِ
فالدينُ نهجُ عبادةٍ ذو عزَّةٍ = وسنامُه لا . لن يكون بناءِ
فالمسلمون جهادُهم ركنُ الإبا = ليسوا بدنياهم من الجبناءِ
في طاعة الرحمنِ سِرُّ فلاحهم = والنصرُ ثورتُه على الأعداءِ
فالثورة اليوم استعادت مالَنا = من عزَّةٍ خفقتْ بلا إزراءِ
والشَّعبُ هبَّ بقضِّه وقضيضه = يفدي صروحَ المجدِ بالأحناءِ(2)
ما اثَّاقلتْ خطواته يوم الوغى = أو لانَ للطاغوتِ في الهيجاءِ
هي ثورةٌ شعبيَّةٌ لاتنحني = للظالمين الشَّعبَ والعملاءِ
عنوانُها الإسلامُ دينُ مُحَمَّدٍ = والجُبْنُ لا يأتي على الأكفاءِ
فلربِّنا ولدينه ونَبِيِّهِ = ولأُمَّةِ الإسلامِ في الغبراءِ
خرجتْ تؤدِّي حقَّ مَن بذلوا ومَن = هم لِلجِنانِ هفوا من الشهداءِ
مليون بل زادوا على المليونِ في = أرض الشآمِ بسائرِ الأرجاءِ
تنعاهُمُ الدُّورُ التي قد هُدِّمَتْ = وضحَ النهارِ وعتمة الإدجاءِ
كانت ليالي الناس يُسمعُ مابها = من آهةٍ ثكلى وصوتِ دعاءِ
والله جلَّ جلالُه حاشا له = ألاَّ يجيرَ تضرُّعَ الأبناءِ
والله أقسمَ أن يزلزلَ طغمةً = ظلمتْ بسيفِ القهرِ والإفناءِ
ويجيرَ شعبا قد تأذَّى من يدٍ = ملعونةٍ جاءتْهُ بالضَّرَّاءِ(3)
خمسون عاما في دياجيرِ الأسى = قد عاشها في الحقبةِ السَّوداءِ
كلُّ الطوائفِ في أمانٍ ما رأتْ = ظلما كظلمِ الحكم للحنفاءِ
نامت عيونُ الآمنين من الأذى = والنَّومُ جافى أعينَ الأُسَراءِ!
فلقد ظُلِمنا مَعْ براءةِ سيرةٍ = من ظلمِ دانٍ حولنا أو ناءِ
كنا نعيشُ كإخوةٍ في شامنا = مابين أطيافِ بها وصفاءِ
لانعرف الحقد الدفين ولم نعشْ = إلا بهديِ الشِّرعة الغراءِ
كم من صديقٍ منهمُ وجدَ الوفا = فينا ولم يُخدَعْ مدى الآناءِ
فانظر إلى الأسواقِ ملأى بالإخا = لافرق بين طوائفِ الأسماءِ
هذا وذاك وهؤلاءِ جميعهم = من جملة السكانِ لا الأعداءِ
مَن فجَّرَ التَّصنيفَ أخطأَ في الهوى = فهواه قيدُ الفتنةِ العمياءِ
ولحاهُ ربُّ العرشَ فرَّق شملَنا = من غيرِ ما سببٍ سِوى الأهواءِ
قد أوقدَ الفتنَ التي نيرانُها = حرقتْ فصولَ طهارة الأحناءِ
وتلظَّتِ الحسراتُ في جوفِ الذي = نالَ الجزاءَ وزمرة الخلطاءِ(4)
لم ينفع الفرعونَ صوتُ ندامةٍ = فات الأوانُ وَكُبَّ في الدأماءِ
إذ هاجَ موجُ البحرِ يصفعُ ظالما = بعدَ ازدراءِ عقيدةِ الفضلاءِ
فالحكمُ حكمُ اللهِ ليس لغيره = سبحانه في عالم الأحياءِ
ياربِّ فانصرنا على أهوائنا = وأقمْ إلهي دولة البُشراءِ