الضاد

د. حيدر الغدير

الضاد لغة بهية عبقرية، تمنحك من كنوزها بمقدار ما تقبل عليها

يا لسانًا مثل الضحى عربيًّا

تشرب العينُ حسنَه العبقريّا

وتصيخ الآذان عشقًا وشوقًا

لغواليه بكرة وعشيا

سيدًا للبيان كنت وتبقى

سيدًا مالكًا وهوبًا غنيا

تهب الفكرَ كلَّ معنى جميل

حين تكسوه من حلاك حليا

تأسر الذائقَ العصيَّ رضاه

إذ تلقاه ساحرًا سامريا

ويجيء المعنى البعيد المرامي

فيك يزهو مثل الصباح بهيا

كل نعمى على بساطك راح

كل حسنى على رواقك ريا

كالدنان المعتقات اللواتي

طبن طعمًا وفحن مسكًا شذيا

أنت نهر أكوابه مترعات

وشراب مثل الرحيق نقيا

وبساط مثل الربيع الموشّى

ضاحك الغيث حسنه الموشيا

شهد الأعصرَ الطوالَ ولما

يَخْبُ حسنًا ولا يزال صبيا

إنه الضاد شمس كل بيان

كان مذ كان ملهمًا وسريا

سرق الحسنَ كله واكتساه

وجلالَ النهى وكان حريا

ومضى يملأ الحياة طيوبًا

ويجوب الآفاق طلق المحيا

• • • •

ما تملى بيانَه ذو بيان

وذكاء إلا اعترته الحميا

وأعارته جذوة تتنزى

وأصارته ضاحكًا أو شجيا

مستعيدًا ما راقه واستباه

مستهامًا به طروبًا حفيا

• • • •

وكفى الضاد عزة وفخارًا

ما أطلّ الصباح يومًا وحَيّا

أن فيه الكتاب يتلوه قوم

ملؤوا الرحب دانيًا وقصيا

ربما هبت البشارات فيه

فسرى فيهم الرضاء رخيا

أو توالت قوارع فتهاووا

حذر النار سجدًا وبكيا

ستشيب الحياة والناس تبلى

وسيبقى غضًا ويبقى طريا

• • • •

أنا للضاد عاشق فسلوه

كيف أحببته زمانًا مليا

وحباني من وده ما حباني

واصطفاني فكنت برًا وفيا

سكن الضاد كاللبانات قلبي

وبناني وخاطري والمحيا

ولسانًا يراه أحلى وأشهى

من كؤوس الطلى وفي شفتيا

هو ضيفي في يقظتي ومنامي

ورفيقي أحنو ويحنو عليا

هو في كل ذرة من كياني

وأخو خلوتي وفي مقلتيا

هو إلفي وصبوتي ونديمي

جئته مغرمًا وجاء إليا

وهو لحن في مسمعي عبقري

وشذًا فاح طيبه ورديا

• • • •

عشت يا ضاد سيدًا وسريًا

مثلما كنت سيدًا وسريا