مخاضُ فجر

رأفت عبيد أبو سلمى

[email protected]

ذات ليلة ْ

حلـَّق الجمْعُ الغفيرْ

حول زائرنا القمَـرْ

لم يفارقنــا النسيمْ

لم يقاطعنا سوى همس المطرْ

كان عزفُ الحُبِّ في الأسماع ترنيمَ السحرْ

و الصَّبا غنّتْ لنا أحلى نشيدْ

ليلة ٌ قمرية تغري الأحبة بالسهرْ

طابَ السَّمَرْ

من معين ِ الحقِّ ذقنا كلَّ معنىً للأمانْ

والمراتعُ حولنا 

فيها من البوح السعيدْ

فيها القصيدْ

والطير يرقص حولنا

والليلُ والفجر الوليدْ

ويشدنا وجهُ القمرْ

هو ذلك الشيخُ الجريءْ

بوقارهِ البادي الوضيء

بشموخهِ

برسوخهِ

وكأنه مثلُ الجبلْ

كلماته  فيها الأملْ

وبها خشوعُ الزاهدينْ

هو لم يكن متكلفا

في لهجةٍ عمريةٍ

فيها إلى التاريخ إبحارُ الحنينْ

وبرحمةٍ  فياضةٍ

في بوحهِ حزمٌ و لينْ

كرِّرْ  حديثكَ سيِّدي

طابتْ مجالسكَ الحسانْ

يهفو إليها الحرُّ في الوطن المُهانْ

هات حديثكَ سيِّدي

عَطـِّرْ مَناخ الحَقِّ مِن ذِكرَى "عُمَرْ"

وامحُ الخطرْ

فالخوفُ ينهرهُ الأمانْ

والسيرُ يحدوهُ الزمانْ

يا سيِّدي

ولأنتَ عنوانُ المنى

ولأنتَ تحنو

والمرُّ  يحلو

في صوتكَ الهادي بشاراتُ السماءْ

هذا نداؤكَ ما أطيبَ اليومَ النداءْ :

قم  يا ولدْ

أتظلُّ ميْتا للأبدْ

قم وانتفضْ

وامحُ الأسى عن وجهِ  دِينكَ  والضجرْ

هيَّا انتفضْ

يا أيها الجمعُ المهرولُ للضياءْ

والنصر أومضَ برْقهُ

والحرُّ يلهجُ شوقهُ

ليعيدَ للحقَّ الفداءْ

تمضي الهزائمُ خلفنا

نطوي الأسى

وشقاءَ عالمِنا الكئيبْ

قم يا ولدْ

اقرأ ْ كتابَ اللهِ في الكون الرحيبْ

يطوى  بكَ العهْـدُ  المُريبْ

لملمْ جراحاتِ السنينْ

ومخاضُ فجركً لن يدوم له أنينْ

وانهضْ

فإنا  لا نرى

غير الضياءْ

و دع ِ الكرى

عند الصباح سيحْمَدُ القومُ السُّرَى

وتعانقُ الأرضُ السماءْ