صُوَرٌ مُسافِرَة!

صقر أبو عيدة

[email protected]

 أَنْفاسُ الكانونِ الْتَحَمَتْ في البالِ وفي الجَسَدِ

لَمّا مَرَّتْ هَمَساتُ الْبَرْدِ على عَضُدي

وَرَأَيتُ عَناقِيدَ الْضَحِكاتِ تُعيدُ الضّوءَ إلى قَمَري

وَهُناكَ الصّحْبَةُ حَولَ النّارِ تُذيبُ اللّيلَ على السَّمَرِ

فَاللّيلُ بهِ وَحْشٌ لا يَعْرِفُهُ غَيري

وَالْجَمْرُ يُفَرْقِعُ تَحْتَ يَدي

وَيُدَغْدِغُ أَورِدَتي

وَفُؤادِي يُشْعِلُ ما في الْخاطِرِ وَالْخَلَدِ

صُوَراً تُعْطي الْكَلِماتِ وَقُوداً..

أَنْثُرُها نِيراناً في وَرَقي

وَأُلَمْلِمُها بِكتابٍ أُرْسِلُها شِعراً لِلأُم وَلِلْبَلَدِ

***

وَأَقُولُ سَلامٌ لِلْغُرَفِ الْمَخْنُوقَةِ في الدّارِ

لِلْحُزْنِ السّابِحِ في بَحْرِي لَمْ يَلْقَ مَناري

لِلْخَيمَةِ حِينَ تُباعُ بِكَأْسٍ في حَفْلِ الْعارِ

لِلْفَرْحَةِ تَفْجَأُها الْعَثَراتُ وَغَيمُ نَهارِ

وَلأَرْمَلَةٍ لَمْ تَلْقَ أَنيساً غَيرَ جِدارِ

وَلِكُلِّ زُقاقٍ تَنْبُتُ فيهِ أَغانِينا وَيُواري

حَسَراتٍ تَذْرِفُها أَحْلامُ عَذاري

***

وَأَقُولُ سَلامْ

لِلاجِئِ يَبْحَثُ حِينَ الْفِتْنَةِ عَنْ مَأْوَى

يا عُنْوانَ الْفَرَحِ الْمَفْقُودِ مِنَ الدّنْيا

الطّيرُ يَحِنُّ لِمَوسِمِ صَيفْ

لِيُقَبّلَ سُنْبُلَةً لَمْ تُخْفِ ضَفائِرَها مِنْ خَوفْ

لِلرّيح ِتَمُدُّ أَوانِيها لِسَحابٍ يَمْلأُ جَرَّةَ إِلْفْ

لِلْفَرْخِ يُغَنّي قِصَّةَ ذِئْبٍ جَاءَ كَضَيفْ

***

وَأَقُولُ سَلامْ

لِلأُمِّ على ظَهْرِ اللّيلِ الآخِرْ

بَسَطَتْ كَفّاً كَي تَنْضَحَ عِطْرَ صَلاةْ

لِلصّبِيَةِ يُلْقُونَ الْكَلِماتِ على الطّرُقاتْ

يَرْوُونَ بِها صَفَحاتِ الْحُبِّ وَوُدَّ بَناتْ

***

وَأَقُولُ سَلامْ

لِلتّينِ على جَبَلٍ لَمْ يُخْفِ عُسَيلَتَهُ خَوفَ الطّلَقاتْ

وَبَلابِلَ تَأْلَمُ لِلْقَشِّ الْمَنْثُورِ على السّاحاتْ

لِمَ تُرْمَى وَالأَفْراخُ تَمُدُّ الصّوتَ لِفَرْشِ مَباتْ ؟!

وَسَلامٌ أَبْعَثُهُ فَجْراً لِهَديلِ حَمامْ

وَدُعاءِ حُفاةْ

لِلنّورَسِ وَالأَمْواجُ تُبَلّلُهُ،

طُوبَى لِلْواهِبِ طَوقَ نَجاةْ

***

وَأَقُولُ سَلامْ

لِلْعَظْمِ البارِزِ في الصّدْغَينِ إِذا انْتَفَضا

تَبْدو الْحَسَراتُ على الْخَدّينِ كَلَسْعِ الْجَمْرِ وَأَمْضَى

لِحَبيبٍ يَنْتَظِرُ الأَخْبارَ على الرّمْضا

تَغْرِيدَ سَلامْ

***

وَأَقُولُ سَلامْ

لِجُذوعِ النّخْلِ تَمُدُّ لِدجْلَةَ نَجْمَ فَسائِلِها وَيَدا

وَتُناجي نَهْرَ النّيلِ عَلى أَمَلٍ يَدْعُو بَرَدَى

لِلْخِلِّ إِذا هاجَتْ عَيناهُ وَيَسْأَلُ عَنْ خِلٍّ

لِفَراشَةِ حَقْلٍ تَبْحَثُ عَنْ ظِلٍّ

لِذُبالَةِ حُلْمٍ تَخْشَى هَبْوَةَ غِلٍّ

***

وَأَقُولُ سَلامْ

لِلْوَرْدِ عَلى حَلَباتِ رَبِيعٍ تَخْبُو جَذْوَتُهُ

لِتَوَجّسِ عُصْفورٍ قَدْ هَلّتْ شَتْوَتُهُ

وَالشّمْسُ تَضُمُّ جَناحَيها وَتَطُلُّ بِلا مَعْنَى

وَالْبَرْدُ يَجُولُ بِعافِيَةٍ في الصّمْتِ وَفي الْمَغْنَى

***

وَأَقُولُ سَلامْ

لِمَنِ اكْتَحَلَتْ عَيناهُ بإثمِدِ حُبٍّ يَعْرِفُهُ وَطَنِي

مَنْ غَيري يَشْعُرُ بِالْجَمَراتِ وَبِالْمِحَنِ؟

مَنْ يَحْبِسُ في جَنْبَيهِ دَواوِينَ الْغَضَبِ؟

مَنْ يَأْخُذُ قَلْبِيَ يُلْقِمُهُ مِقْلاعَ صَبي؟

يُلْقِيهِ عَلى لَغَمٍ أَخَفَوهُ بِحَقْلِ أَبي

لِيَعَشّشَ سِرْبُ حَمامْ

***

يا أَهْلَ رِباطِ الْخَيلِ سلامْ

يا أَهْلَ الصّبْرِ تِلالُ اللّيلِ تَغُورُ مَعَ الأيّامْ

وَأَقُولُ سَلامْ