بَوْحٌ لاَ يُؤَجَّلْ

بَوْحٌ لاَ يُؤَجَّلْ

محمد بوثران

اليوم تحترق الأصابع و الشجرْ  

     قرّرتُ أني لن أسافر للقمرْ

فالليل في عينيكِ يسحب زورقي 

     لجزيرة تطفو على مدّ البصرْ

الموج.. و الأسماك ترقص حولها  

  و الدمع في الأحداق يسبح في نهرْ

و تكسّر المصباح في ليل الفتى  

   نجمات حلمه في السماء بلا قدرْ

نيسانُ أزهر قبل أيّامٍ هنا  

   و أراه من عينيه ينهمر المطرْ

شفتاه ترتعشان، بضع قصائدٍ 

   لو أنّها نطقتْ لزلزلةِ الحجرْ

الخوف في عينيه..من كل النسا  

 ءِ، و شَعرهِنَّ  و كحلِهنّ  إذا انتحرْ

لا تسألي كيف انتحار الكحل يا

   بُنّية العينين كحلكِ و انتحرْ!

قرّرتُ أني لن أسافر و انتهى 

   فلما عيونكِ تشتكي بُعد السفرْ؟

أوراق دفتريَّ القديم تمزّقتْ  

   و الحبر هاجرها و لمْ يتركْ أثرْ

يومانِ أَعْلنَتِ الحدادَ أصابعي  

   و توعََّدَتْ بالثأر من كلِّ الشجرْ

مِنْ كلّ مولعةٍ بحرقِ قصائدي 

  بالشمسِ، و الأضواءُ تغرق في الحفرْ

يأتي المساءُ إليكِ يطلب غرفةً 

   في فندق الأهدابِ... يفترش الزهرْ!

أ أذِنتِ يسكنُ زائرٌ في شِقتي 

   و أنا الذي أنشأتها منذ الصغرْ؟!

غطّيتهِ بالعطرِ، تلك زجاجتي  

  صادرتِها... في ليلةٍ طمِسَ القمرْ!

بعض القصائد لا يُؤجّل بوحُها 

  عند الرحيلِ حقائبي لا تنتظرْ

فوق الرصيف تناثرتْ أحلامنا 

   ياقوتة ً ياقوتة ً... لمْ تنْكسرْ!

وصرختِ في وجهي:أتلك حماقةٌ

  لمَّ الشظايا في عيونكِ و اعتذرْ؟

ماذا فعلتُ صديقتي كي أعتذرْ

   و أنا لقيتُ الحب يُنسيني الحذرْ؟

'أتحبّني؟' قدرٌ عليّ مُحتّمٌ

   أنتِ التي علّمتني معنى القدرْ

أأبوح؟ هذا القلب يعصره الهوى

  و نبيذُ عطركِ في الكؤوس، لقدْ سكرْ!

و سقيتني خمراً، ثملتُ و لمْ أفِقْ

  من نشوتي و اللحنُ يُعزَفُ في وترْ

غنّيتِ عن ليلى و كيف تمكّنتْ 

   أن تجعل المجنون يعتزلُ  الأُخَرْ

أنتِ الوحيدةُ بعد ليلى غيّرتْ 

   لون الفصولِ و صادرتْ عطر الزهرْ