أشباح في دار جدي
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
كـأسـي يُـغـادرُ ليلتي والرّاحُ
وأنـا تـوزِّعـني حرائقُ لهفتي
هـذي سـلالُ التمرِ تشْهدُ عودتي
ويرجُّ مجدافَ (البويبِ) حضورُنا
ويـمـدّ شـبـاكَ الـحنينِ أكفَّه
أنـا عـاشـقٌ حدّ الثمالةِ حلوتي
يـا بصرةَ (السيّابِ) أرّقني النوى
أنـا مـن زمانِ السندبادِ قصائدي
فـدفـنـتُها وعلى الخليجِ رواتِها
ونعتْ (وفيقة) (دارَ جدي) واكتوت
إنّـي أحِـبُّ ولا حـدودَ تـحدّني
وأنـا الـذي أخفيتُ بئر ضغائني
وبـقيتُ أحلمُ في أبي فيه انطوى
وأنـا الـذي سرق الجميعُ قميصَهُ
كـانـوا قِـبـاحاً خوضوا بدمائنا
إنّـي العراقيّ الذي اخترعَ الهوى
أمـتدُّ في عمقِ العصورِ حضارةً
أنا مَنْ على الجوديِّ سافرَ مركبي
فـخذوا يدي بل شرّحوا نبضاتِها
سـترونَ في جسدي عصورَ أميةٍ
وتُـرى بـه بـغدادُ عرسَ بطولةٍ
ولـه تَـرَاقَـصُ أنهرٌ وشواطئٌ
وتـروْنَ بـغدادَ الهوى تلدُ الهوى
وتـرونَ فـيـها كهرمانةَ تنتشي
أبـدا خـذوني نحو عصرِ ولادتي
فُـكّـوا جدارَ القلبِ لن تجدوا به
وخـذوا شـراييني تشاهدُ نزعَها
أو مـا رأيـتـمُ مـديتي تبتزّني
قـالـوا سـيـشفى ربّما من علّةٍ
دائـي هـوى هذا العراقِ وطينُه
مَـنْ ذا سـيبرئني ويجعلُ جمرَه
بل مزّقوني هل تروْنَ سوى دمي
إصْـغـوا إليّ تروا لهيبَ مجامرٍ
أصـواتُـهـم ضحكاتُهم همساتُهم
أنـا ذلـك المفتونُ طاردني النوى
سـبـعٌ طـوتنا واستحلّتْ مَنْ بنا
سـبـعٌ وتـفـترشُ الألى آجالُها
سـبـعٌ وأحـزانـي بـكلّ مدينةٍ
والـمـتـرفونَ وجوهُهم وجيوبُهم
أنـا لا ضـفـاف تلمّني لرمالِها
وأنـا بـحـارٌ لـلـعذابِ تقاذفت
سـبـعٌ تـطاردني شياطيني وما
وأقـاتـلُ الأوزانَ فـي أفـعالِها
شـعـري نـداءٌ لـلجموعِ وموتُه
أشـكـو لأبـنـاءِ العروبة حالتي
مـا لـلـعروبةِ أجهضت أحلامَنا
واسـتـذأبوا وتصعّروا وتجبروا
مـا بـالـهم مثلَ النساءِ تحجّبوا
أوَ لـيـس في التاريخ كانوا أمةً
مـاذا تـبـقّـى من أصالة أمتي
والـشـعرُ ماذا سوفَ يبقى عندَه
مـاذا سـنكتبُ يا جراحُ تيقَّضي
مـاذا وأقـفـالٌ تحاصرُ أحرُفي
وشـفـاهُـنا قد قُّطِّبتْ وتخارسَتْ
لا رأيَ عـندي فيّ أصْحرَ دفتري
لا رأيَ فالسجنُ البغيضُ يزورني
مـاذا تـبـقـى يا شعورُ لشعرِنا
مـاذا سـنكتبُ والقصائدُ حُجِّمَتْ
مـنـذُ ابـتُلينا والمصائبُ جَـمّةً
وأنـا ألـفُّ الـشعرِ شكلَ عباءةِ
سـأظـلّ أحْملُ فوقَ ظهْري متعباًوفـمـي تـقـطّـبهُ لديّ جِراحُ
ولـسـانُ شـعري للجنونِ مُباحُ
والـجُـرْفُ ينطرُ والوجوهُ مِلاحُ
وهـواهُ فـي أضـلاعِـه ذبّـاحُ
نـحـوي . وحـبّي والجوى لفُاحُ
وأنـا بـك الـمـفـتونُ والمُلتاحُ
وتـعـانـقتْ في شهقتي الأتراحُ
مـهـجـورةٌ وبها الغزاةُ أطاحوا
وبـكـى النخيلُ وخانَهُ الإفصاحُ
(جـيكورُ) وازدحمت بها الأشباحُ
وأنـا الـغـرامُ ولـلغرامِ وِشاحُ
ونـسـيتُ مَنْ غدروا بنا وأباحوا
هَـمٌّ وغـادرَ عـيـنَـه الإلماحُ
وتـسـتّـروا بـذئـابنا وألاحوا
وبـداخـلي وجعُ النزيف يُصَاحُ
وبـه شـدا فـي روضِهِ الصّدّاحُ
وبـهِ مـسـلاتُ الـعلوم وِضاحُ
واسـتـأنـستْ بطوافِه الأرواحُ
سـتـرون وجـهَ اللهِ فـيه يُساحُ
وبـه بـنـو الـعباسِِ لا تنزاحُ
وعـلـى الـطريقِ أسنةٌ وصِفاحُ
ويـفـوحُ مـنـها الطيبُ والتفّاحُ
وبـهـا إلـى العشّاقِ صارَ رَواحُ
فـي لـيـلِـها ويشمُّها الإصباحُ
مـنـه ابـتدآ التاريخُ والإصْحاحُ
إلاكُـمُ . وهـوى الـعراقِِ مُتاحُ
روحي وفيها صوتُ مَنْ قد ناحوا
وتـشـيـلُ ضعنَ مآربي الألواحُ
وبـلاؤهُ سـيُـزيـلُـهُ الـجرّاحُ
وجـمـالُـه الـغاوي لنا فَضّاحُ
مَـطراً ، لتُورقَ من دمي الأدواحُ
وهـواكُـمُ بـجـوانـحي طَوُاحُ
ونـداءُ من زاروا العراقَ وراحوا
لـمّـا تـزلْ يـحـتاجُها القِدّاحُ
وحـدي ، ولـيـلـى ليلُها أقداحُ
والأفـقُ داجٍ عـافَـه الـمِصباحُ
وسْـطَ الـسّـجون وللمنونِ قِداحُ
تـشـكـو مُـسـهَّدةً بها النُّوَّاحُ
مـحـمـيـةً ، وسـواهمُ يُجتاحُ
ودمـي به عطشُ العروقِ أساحوا
سـفـنـي الرياحُ وبعثرتْهُ رياحُ
تـنـفـكُّ تـملأُ عالمي الأشباحُ
وجـنـاسُ حـرْفي شابَه الإلحاحُ
مـوتـي ، وفـيهِ براءةٌ وصَلاحُ
مُـذ غادرتْ عن موطني الأفراحُ
وضـمـيـرُهـا لضياعِنا مِلحاحُ
واسـتـفـرغـتْ آمالَنا الأتراحُ
أو لـيـس فيهم للطرادِ (صَلاحُ)
وبـهـم هـمـومُ المتعبينَ تُزاحُ
مـا دام صـارَ أمـيـرَها السّفّاحُ
وبـه اعـتـلى النُّصَّاب والمُدَّاحُ
فـيـدي تـفـلّ عروقَها الأرْماحُ
ويـلوحُ ، لو شَتّ المقالُ ، سلاحُ
أنـفـاسُـنا ، واستُهجِنَ النُّصَّاحُ
وسـطـورُهُ تـدْمـى بـه وتُباحُ
إنْ أومـأ الـحَـجَّـاجُ والطّمّاحُ
غـيـرَ الـجنونِ وثورةٌ وكفاحُ ؟
وتـجـاهلتْ لمصيرِنا الصُّلاحُ ؟
تـمـضـي وأخرى بعدَها تنْداحُ
حَـولـي وغيري للتكسِّبِ ساحوا
شِـعري ، عسى مِنْ لوثتي أرتاحُ