إليكَ... (7)
الوداع الأخير
الشاعرة الراحلة: لمياء الرفاعي*
بعد عمر كامل شاركته فيه الحلو والمرّ.. رحل الزّوج الذي جاوز الثمانين.. وظلّت شريكة الحياة تبكي ذكراه قصائد ترسلها "إليه" تَتْرَى.. حتى غادرت الدنيا بعد ثلاثة أعوام.. لم يَرْقَأ خلالها الدّمع ولا فَتَرَت الأشواق!
ألا يـا لـيـلُ إنْ تـسمعْ أنيني
فَـمَـنْ أبـكيهِ قد أدمَى فُؤادي
أُنـاجـي طـيفَهُ المُضنى وَأَحيا
أراهُ يُــكـابـدُ الآلامَ وَهْـنَـاً
كَـلـيـلاً يَـجـرَعُ الآلامَ كأسَاً
* * *
تَـشَـبَّثَ بي.. يُناديني بِصَمْتٍ
وفـي عـينيهِ قدْ سَكَنتْ جِراحٌ
تُـخـاطِـبُني.. وأسمَعُها بقلبي
وَيَـبْـسُمُ لي..! وفي عينيهِ نُورٌ
تـقولُ دَنَا الرَّحيلُ وَسَوفَ تأوي
تـقولُ.. معَ النَّسيم تركتُ قلبي
ويـمـسَحُ عن عيونِكِ كلَّ دَمْعٍ
أخـافُ عـليكِ من وَجَعِ اللَّيالي
ويَـبـسُمُ لي..! ويقهرُهُ شُحوبٌ
يُـقـلِّـبُـهُ.. فيغرقُ في عُروجٍ
وتـسـرقـهُ الـمنيَّةُ من فؤادي
نـقـيَّـاً.. زادُهُ قـلـبٌ سـليمٌ
قَريراً.. قد رأى في الدَّرْبِ نُوراً
عَـطـوفاً.. كانَ في عينيَّ نُوراً
* * *
سَـلامٌ يـا سَنا عمري.. وكانت
سَـلامٌ.. إنْ سَرَى في اللَّيلِ لَحنٌ
سَـلامُ اللهِ مـن روحي.. سَلامٌ
عـسـى الـرَّحمن يجمعنا بيَومٍفَـلا تَـعْجَبْ إذا ذَرَفَتْ عُيوني
وأذكـى النَّارَ في القلبِ الحَزينِ
معَ الذكرى.. وما تروي حنيني!
وَيَـذْوي.. فـي هُدوءِ المُستكينِ
وسَيفُ الموتِ يضربُ في الوتينِ
* * *
وفـي عينيهِ قد غَرقَتْ شُجوني
يُـداريـها.. فتنضَحُ في الجَبينِ
وَأسـمـعُ آهَـةَ الألَـمِ الـدَّفينِ
أضـاءَ سَـنـاً بـأنوار اليقينِ
لِـجَـنَّـةِ ربِّـها رُوحُ السَّجينِ
يَـذُودُ الـهَـمَّ عن غَدِكِ الحَزينِ
إذا نـزفـتْ جِـرَاحَاتُ السنينِ
إذا أسـرى مـع الزَّمن الخَؤونِ
كـمـا أسـرى بهِ طَيفُ المَنونِ
وفـي يـدهِ.. قد ارتعدَتْ يَميني
كـدمعِ الطلِّ.. يغفو في سُكونِ!
سَـمـا، فازداد من ذاكَ المعينِ
فَـسَـارَ بـهِ إلى الدَّربِ الأمينِ
يَـفـيضُ سَناً من القلبِ الحَنونِ
* * *
ريـاحُ الـدَّهـر والأيَّـام دوني
فـهـاجَ القلبَ في شَجَنِ اللُّحونِ
عـلـى مَـثواكَ والعهدِ الثمينِ
عـلى خُضْر الأرائكِ تلتقيني...
أبو ظبي الجمعة: 28 شوال 1428 ه.
9 تشرين الثاني 2007 م.
*لمياء عمر بسيم الرفاعي: شاعرة من مواليد سورية عام 1936 م. أقامت مع الأسرة في "أبوظبي" منذ مطلع الثمانينات. صدر لها ديوان بعنوان "قالت المِرْآة". رحلت يوم 30 كانون الثاني/يناير 2009 م.
