ثورة تونس

د. محمود السيد الدغيم

د. محمود السيد الدغيم

قَالُوا: لَعَمْرُكَ بِنْ عَلِيْ قَدْ وَدَّعَاْ

وإلى الْغَنِيْمَةِ؛ فالْهَزِيْمَةِ أَسْرَعَاْ

وَأَضَاعَ أمجادَ الْجُدُوْدِ بِتُوْنُسَ الْخَضْرَاْءِ لَمَّا لِلأمانةِ ضّيَّعَاْ

ظَنَّ الرِّئَاْسَةَ مَكْسَباً حِكْراً عَلَىْ

مَنْ يَسْتَبِدُّ وَلاْ يُراعِيْ مَنْ رَعَا

وَاسْتَعْذَبَ الْتَجْدِيْدَ فِي الْكُرْسِي الذِي

أغوَى الْغُواةَ وَمَنْ تَجَبَّرَ وَادَّعَىْ

أَنَّ الرِّئَاْسَةَ مِنْحَةٌ تُعْطَىْ لِمَنْ

بَاعَ الْحِمَى وعَلَى الرِّقَاْبِ تَرَبَّعَاْ

وَأَهَاْنَ أَشْرافَ البِلادِ بِزُمْرَةٍ

نَهَبَتْ مَلايينَ الفُلوسِ لِتَشْبَعَا

لَكِنَّهَا جَاعَتْ وَمَا شَبِعَتْ وَلا

قَنِعَتْ وَلا ترَكَتْ لِحُرٍّ مَرْتَعَا

وَأَجَاْعَتِ الشَّعْبَ الصَّبُوْرَ مَجَاعَةً

فَانْقَضَّ جَائِعُهُمْ عَلْى مَنْ جَوَّعَا

فَإذا بِآلافِ اللُّصُوْصِ يُهَرْوِلُوْنَ وَيَهْتِفُوْنَ وَيَصْرَخُوْنَ لَعاً لَعَاْ

لاْ تَهْتِفُوا؛ أَعْطُوا الشُّعُوْبَ حُقُوْقَهَا

كَيْ تَسْتَريحَ، وَكَيْ تُزْيِحَ الْبُرْقُعَا

حَتَّى تَعيشَ كَرِيْمَةً فِي أرْضِهَا

بَعدَ الذي ظَلَمَ الْكِرَامَ وَأَفْزَعَا

يَا تُونُسَ الأحرارِ صَبْراً صَابِرِيْ

هَذا زَمانٌ قَدْ أضَرَّ لِيَنْفَعَا

يَا أيُّها الأحرارُ إنَّ بلادَنَا

ثَارَتْ عَلى كِسرى وقيصرَ إذْ دَعَا

عُمَلاءَ أعداءِ الْحِمَى كَي يَنْهَبُوا

أموالَنَا حَتَّى نَجْوْعَ وَنَخْضَعَا

يَا تُوْنُسَ الْخَضْراءِ ألْفُ تَحِيَّةٍ

مِنِّيْ إلى شَعْبٍ تَمَرَّدَ إِذْ سَعَىْ

حَتَّى تَكَسَّرَتِ الْقُيُوْدُ وَرَفْرَفَتْ

رَاياتُ عَهْدٍ بالكرامَةِ شَعْشَعْا

فَكَأَّنَّ حَقَّ الشَّعبِ أَضْحَى بُعْبُعًا

 مَتَمَرِّداً، وَالنَّذْلُ يَخْشَى الْبُعْبُعَا

وَأَبُو عَزِيْزِيْ قَدْ أَعَزَّ أَعِزَّةً

لَمَّا انْتَخَى بِعَرِيْنِهِ وَاسْتَرْجَعَا

فَإِذَا بِبُو زَيْدَ الأبيَّةِ ثَوْرَةٌ

عَصَفَتْ بِمَنْخُوْرِ الرَّمِيْمِ فَأَمْرَعَاْ

نَفَضَتْ عَن الْمَجْدِ الْغُبارَ فَحَرَّرَتْ

مَنْ كَانَ في عَهْدِ الطُّغاةِ مُرَوَّعَا

كَالْفَجْرِ في لَيْلِ الْعُروبَةِ نُوْرُهَاْ

وَلِنُورِها زَخَمٌ يَثُورُ لِيَخْلَعَا

مَنْ يَسْتَحِقُّ الْخَلْعَ بَعْدَ خَلاعَةٍ

مَخْلُوْعُهَا خَلَعَ الْخِمَاْرَ وَشَرَّعَاْ

وَأَثَاْرَ أَهْلَ الْمَاْجِدَاْتِ فَقَرَّرُوْا

أَنْ يَخْلَعُوا لِصاًّ خَلِيْعاً جَعْجَعَاْ

إِنِّيْ أَرَىْ بَعْضَ الْكَرَاْسِيْ أَصْبَحَتْ تَهْتَزُّ مَثْىً بَلْ ثُلاثاً أَرْبَعَاْ

وَأَرَى الطُّغاةَ عَلَى الْكَرَاسِيْ كَالدُّمَىْ

صُفْرَ الْوُجُوْهِ، وَحَوْلَهُمْ قَدْ لَعْلَعَاْ

صَوْتُ الْمُذِيْعِ يُثِيْرُ بَيْنَ صُفُوْفِهِمْ

رُعْباً كَأَمْوَاْجِ الْبِحَاْرِ تَجَمَّعَاْ

حَتَّىْ يُفَرِّقَ جَمْعَهُمْ وَلُصُوْصَهُمْ

لَمْ يُبْقِ لِلِّصِّ الْمُغَاْمِرَ مَوْضِعَا

ضَاْقَتْ عَلَىْ فِرْعَوْنَ أَرْضُ بِلادُنَا

لَمَّا رَأَىْ مَاْ لَمْ يَكُنْ مُتُوَقَّعَا

فَذِئَابُ تُوْنُسَ هَرْوَلَتْ مَذْعُوْرَةً

وَغَداً بِلادُ الشَّاْمِ تَخْلَعُ أَضْبُعَاْ

إِنَّ الضِّبَاْعَ عَلَى دِمَشْقَ اسْتَأْسَدَتْ

وَالضَّبْعُ في قَصْرِ الرِّئَاْسَةِ بَعْبَعَا

يَا أَيُّهَا الضَّبْعُ الجبانُ لَقَدْ مَضَىْ

زَمْنُ الْخُنُوعِ، لَكَيْ تُذَلَّ وَتَخْضَعْا

وَتُعِيْدَ للشَّعْبِ الأَبِيِّ حُقُوْقَهُ

فالشعبُ قَطْعاً لَنْ يَخَافَ وَيَهْلَعَا

بُشْرَىْ فَتُوْنُسُ حَرَّرَتْ وَتَحَرَّرَتْ

وَغَداً بِلادُ الشَّاْمِ تَلْوِي الأَذْرُعَاْ

وَيَغِيْبُ عَهْدُ الظَّالِمِيْنَ فَلا نَرَىْ

أَسَداً يُعَرْبِدُ فِيْ حَمَاْةَ وَسَعْسَعَا

طُوِيَتْ سُنُوْنُ الْخَوْفِ مِنْ طَاغٍ طَغَىْ

وَجِدارُ إِرْهَابِ الشُّعُوْبِ تَصَدَّعَا

هَذَاْ هُوَ النَّصْرُ الْمُبِيْنُ فَبُوْرِكَتْ

أَرْضٌ بِهَا الشَّعْبُ الْكَرِيْمُ تَرَعْرَعَاْ

القصيدة من البحر الكامل.