فجر ميدان التحرير

صلاح عليوة

مصر/ هونج كونج

[email protected]

ماذا قال الفجرُ لميدَانِ التحرير؟

ماذا ؟ ..

و حشودُ الشهداءِ تشقُ الليل

و ظلُ الموت يرفرفُ مشدوهاً

ما بين شهيقٍ و زفيرْ

ماذا قال الفجرُ لميدان التحرير؟

قال الظلم يزولُ .. يزولُ

و ليل الظالم مهما اشتدّ

و مهما امتدّ قصيرْ

قال : الثوارُ يديرون الدفةَ ..

يختارون الوجهةَ ..

ينسون كلامَ الصمتِ

و يطوون نعاسَ المقهى

و يسوقون نهاراً سحرياً

و يشقون طريقاَ براقاَ

و يصوغون شروقاً

من مجدٍ و سرورْ

قال: قلاعُ الظالم تهوي 

و الشعبُ يرجّ بروجَ التاريخِ

و جيلُ الثورة يطلق فوق عروشِ الظلمِ

أعاصيرَ التغييرْ

ماذا قال الفجر لميدان التحرير؟

قال سيهوي السورُ وراء السورِ ..

و يومُ الظالم آتٍ

رغم أقاويلِ الحراسِ

و أحجارِ المتراسِ

و أبراجِ حديدٍ و نحاسٍ

و خداعِ حُمَاةِ الطغيان المقبورْ

قال بأن اليأسَ خرافيٌ 

يهتزُ كأحجارِ الوهمِ 

و حين يحينُ الوقتُ

يصير الخوفُ حشوداً و صموداً  

ورعوداً

و هديراً يتهاوى

في صمتِ القصر المهجورْ

ماذا قال الفجرُ لميدان التحرير؟

قال سيبقى الشهداءُ نجوماً

و يصير الدمعُ غيوماً

و يصير الثوارُ شموساً 

و يصير الغدُ مدائنَ أملٍ

و تصير الأيامُ ضفافاً

لبريقِ الدرِ المنثورْ   

قال: ندائي أعلى من برج اليأسِ

و أمضي من حد الفأسِ ..  

و أقوى من موج الخوفِ

و أنقى من صوت العصفورْ

قال: الشعبُ يعودُ لمنبعهِ ..

ينقشُ مجدَ ملامحهِ ..

يلقي فوق الريح وصاياه ..

يقول إذا أصبحتُ غضوباً

تتهاوى حممٌ من غضبي و تطيرْ

قال: سكتُّ ..  سكتُّ.. سكتُّ

و عاثَ الذئبُ و ماجَ الضبعُ

و مرّ الثعلبُ مَزهوّاً   

و أنا الأسدُ الصامتُ

أقعي في قفصي و أدورْ

قال : الشهداءُ يطوفونَ الأرجاءَ

يصيرونَ لآلئَ نبلٍ و وفاءٍ

و يصوغونَ على مهلٍ أسماءَ الأشياءِ  ..

و قال: الثوارُ يزيحونَ الأصفادَ ..

يمرون كنهرٍ أزلي يتأرجحُ

في كف النورْ

قال سمائي غطاها الحزنُ

و طال الليل ُ, و كنت حزيناً

أتأمل أمجادي , أحزن عبثاً

أرزحُ رهنَ القاتلِ و المتآمرِ

أعبرُ بين سماسرةِ الطغيانِ

و أبواقِ السلطانِ

و سيفِ السفاحِ المأجورْ

قال :سأفتح أبهى أبوابي  

أخرجُ من ليل غيابي

أجعلُ كفي مأوى المجد ..

و صوتي ورقاً ذهبياً

يتألقُ في شجرِ النورْ  

قال الشهداءُ وجوهٌ تبقى

هم أقمارُ الذكرى ..    

هم مدوا أطواقاً للغرقى

مدوا الغد سماءاُ و غناءاً ..

جعلوا الأفقَ فضاءاً  

لرفيف الطيرِ المأسورْ

 

ماذا قال الفجر لميدان التحرير؟

قال ثقيلاً كان القيدُ ..

طويلاً كان الليلُ

قصياً كان المرسى

و بعيداً كان الأملُ .. بعيداً 

يتلوي كسرابٍ خدّاعٍ

يترحّلُ في الأفقِ المغدورْ

ماذا قال الفجرُ لميدانِ التحرير؟  

قال سيبقى الشهداءُ نجوماً

و يصير الدمعُ غيوماً

و يصير الثوارُ شموساً 

و يصير الغد مدائنَ أملٍ

و تصير الأيامُ ضفافاً

لبريق الدر المنثورْ