إلى "جنين" مع التحية

إلى "جنين" مع التحية

عدنان إستيتيه ( أبو يعرب )

[email protected]

ذات ليلة...رأيتها حلما تتهادى في درب ألفتها...وحين عدت بعد نيف وثلاثين سنة ..علمت أن الطيورغادرت أوكارها  ...

......وتسأل ابنتي  يا جّد أين جنين؟!

فلا تفتا تذكّرنا بها

وتغرق في تذكرها

تفصّل من خفايا العمر يا جدي

وتحكي عن رؤى كانت...

أتبكي يا أبا أبَوَي؟

شوارعها...أزقتها....

حواريها...مغانيها...

وأين تراك يا جدي خطوت...؟

وأين تراك يا جدي بزاوية غفوت؟

فأين تنام تلك "جنين"؟

ألا يا جد...حّددها...

أِبن لي من معالمها...:     

*    شروق الشمس يا بنتيّ من" سبعين"( 1 )     ومعلم شرقها يدعى...                       

يسمى واد"عز الدين"

ويابنتي: به بيت لخٍل لست أنساه

أوافيه بدرب كان من دربي

أصابح وجهه يوما بيوم

لاحكي الوجد والاشواق

ويحمل بين كفيه وريقاٍت

ويحضن (لهفتي)!..أسفار علم

يرافقه خليل...لم يفارقه كظلّ

أبادله جوىً..أمنّي النفس

في لقياه..أحكي فيه نظم

فيخطو هانئا...كالحلم

وفي عيني...وعين الناس

ودودًا..فاتناً..لازال

وأزكى من عبير الورد.

*وتأتي في غروب الشمس من "برقين"(2)

وأفقٍ من حقول اللوز والزيتون

وروض من رياض "الفيجن" النفاذ

ليمنح ظله...(وكان الظل ليس كظل)

لجٍد يدأب التجوال

يسقي غرسه...ويزرع ورده

ويحصد قمحه..يذروه عسجد

ويمسح جبهة بالشمس لوّحها

وغازلها... وواعدها

بأن تهدي له دفئا... وظل.

* وتلك جنين...تشمال مغانيها

وتبدأ في تجولها

بتلاتٍ" لنورسَ"(3)...من هضبات "زرعين"(4)

ومن تلات" شّدودٍ"(5)

ومن مرج يعاف الجدب

لا ينسى عطاء البحر

فلا تروي مغانيه سوىأمواج "حيفا"

ولايفتا يرّويها..بحلم الأمس

"بالمنسي"..".وصبارين"(6)

وحضن الكرمل الشماء

ليأتي من ربى حطين

كأني قد رأيت المجد يحلم

ويهفو...كي يسوق المارد المعطاء

نحو "جنين".

*ويا بنتي....تجّنب.. تبتدي

وبالشهدا ..وما كانوا سوى عشرين (7)

حموا بالمجد مربعها

وفّكّوا فيه بالقاني طلاسمها

ومن بغداد... من أربيل

وسلوا من ربى الفيحاء

سيف "علي"،

ليفدوا بالنهى والنفس عزتها

تنادوا... وقد صانوا أزقتها

فتلك" جنين".. ورمز" جنين"

أماتحكين يابنتي...؟أما تروين..؟!

لجيل القادم.. الآتي بأرض جنين؟

وأخوات لها تمتد صوب الغرب

وأخوات لها تمتد ناح الشرق

تنادي...أن رياح الحق عد

فموج البحر فيه القهر

فيه الموت لايبقي..

سوى موجات شعث ..غبر

و  يقطر فيه ظلا من ظلال الكفر

سنحلم يا ابنتي....نمشي نغّذ السير

ونحكي فيه أفراحاوبشرى النصر

هنا في أرض" جينين"

خليل لست أنساه

فأحبابي هنا صمدوا

وخلاني هنا رقدوا

وذادوا عن حمى العشرين

وأحبابي هنا صمدوا

لذكرى الود والعشرين

فتلك "جنين"....

ألم تأسرك يابنتي؟

ألم تعجبك؟

ففيها المنبع الصافي

وفيها النرجس الغافي

بحضن"جنين":

ففي ساحاتها صليت

وفي وهداتها ناديت

على ذكرى لعينيها

ال  تحاكيها عيون الريم

فتنسج من ضفيرتها سواد الليل

فتلك "جنين "يابنتي...وتلك "جنين"

ألم تأسرك ذكراها؟

ألا أشتاق مرءاها؟!

...لبستان بها..".لسيباط" ومدرسة..

بها دبّجت ما يحكى

عن الذكرى ونجواها؟

فتلك "جنين"....أحياها بأوردتي

لعلي في قطار الفجر

تلقاني.......وألقاها....! 

عمان  18/11/2007

                

-(1.2.3.4)من قرى" جنين" .    

-(5) من أراضي"المجيدل/الناصره"

-(7)شهداء عراقيين في معركة جنين /1949 وجدت أجسادهم كما هي بعد أربعين عامم