وطن في مرآة النهر

صلاح عليوة

مصر/ هونج كونج

[email protected]

أنا منكَ يا صاحبي

أنت مني

فدعني أطالعُ

عبر الضياءِ

تواريخَ وجهك

أنا أنتَ

رغم أقاويل أعدائنا

و ظنونٍ تبلل أقوالنا

و كتائبِ حزنٍ تهشمُ أفرَاحنا 

و حروبٍ تدمدمُ ما بين أكتافنا

و نوايا حشودٍ

تكدسُ أشواكََها  السودَ

ما بين كفي و كفك

أنا .. أنت .. 

دعني أطالع

عبر التواريخ ِ وجهك

قديماً أقام بنا وطنٌ أزلي الصدى 

باركتنا التسابيح ..

جبنا قرى الريح ..

عدنا لألفة أبوابنا  

و المتاهاتُ ترتجّ في كل مسلك

سوياً بنينا الطواحينَ ..

جئنا بقمحِ القرابين ..

صغنا نشيدَ الحصاد ..

و حين أطلّ الغزاةُ

تَعَانقَ فوقَ رَحى الحربِ كفي و كفك

سوياً طردنا فلولَ التتارِ ..

رفعنا مراراً صروحَ النهارِ 

أمام الطغاةِ  ..

زرعنا الميادين باللافتاتِ

و صوتي يصافح عبر الهتافاتِ صوتك

معاً قد قصدنا مراسي الضحى 

و انتقينا لموطننا قمراً خالدا ً

و ملأنا التراتيل ضوءاً ..  

ففاضت حكاياتنا بنجومٍ و ليلك  

طيورُ الظلامِ تحيطُ بنا

كي تجفف فينا الأماني

و تنزعنا من خلود الأغاني  

و تجرفنا لرمال السرابِ

لتمضغَ أنيابُها السودُ

لحمي و لحمك

أنا منك يا صاحبي

أنت مني ..

و لم تكُ يوماً عدوي

و لم أكُ يوماً عدوك

لنقتسم المجدَ و الضوءَ 

صوتك صوتي ..

و إن عبرت للهلاكِ خُطاكَ

ستهوي خطاي إلى الموتِ بعدك

أنا أنتَ رغم حشود التتار ِ

و من يقتلونَ ضياءَ النهار

و من يقرعونَ طبولَ الدمار

و من يصرخون .. 

لتفترشَ الحربُ بيتي و بيتك

أنا منك ..

فاحترس ..

السهم قد مر نحوي

كما مر نحوكَ ..

و النهرُ يبكي طويلاً

لجُرحي و جُرحك  

أنا منك ..

بيني و بينكَ موجُ النداءِ ..

و وقع الغناءِ ...

و رجفةِ أبنائنا في الشتاءِ ..

و فوقي و فوقك

كل الغيومِ التي همُّها

أن تبعثرَ ظلي و ظلكْ