عندي جيب

عندي جيب

جمان محمد عكل

اكتشفت ابنتي (صفيّة) جيوبها! هكذا فجأة وضعت يدها في جيب البنطال ووقفتْ مندهشة من هذا (البعج) الذي تنحبس يدها الصغيرة فيه. طبعا هي تعرف جيوب حقيبتي منذ فترة لا بأس بها. هذا حوار متخيّل بين صفيّة وشخصيّة وهميّة:

..

- ماذا عندَكِ يا صفصوفَة؟

* في جيبي؟

- أَيْ.. في جيبِكِ، ماذا عندكْ؟

* عندي... اممممم..

عندي قلمٌ..

عندي أوراق الحلوى..

عندي منديلٌ أبيضْ،

كي أمسح أنفَ الدبدوبْ.

- ماذا عندكِ أيضاً؟

* عندي حجرٌ ..

- حجرٌ؟! ولمَ..؟!

* لا أدري.. ماما وضعتْه هنا..

قالت لي: عندكِ جَيبٌ..

حُطي1 (كراكيبك)2 فيهِ..

ودعي جيَبي في حاله!

...خالة .. خالة..

- ماذا؟ قولي.. إنّي أسمعْ

* لحقيبة ماما جَيبانِ كبيران،

أحدهما مُقفلُ لا أقدرُ فَتْحهْ

لكنّي أدري

ما تُخفي الماما فيهْ.

- كيف عرفتِ؟

* تفتحهُ أمّي أحياناً،

تخرجُ منهْ:

قارورةَ عِطرٍ زهريّة،

قلمَ الحبرِ الأزرقْ

نظّارتَها الطبّية،

أوراقَ صغيرة،

مرهمَ ترطيبِ الكفّينِ، وآخرَ للشفَتينْ..

صابونَ الاِستخدامِ الفوري!

- ولماذا تُخفيها عنكِ؟

* آآآ.. أظنّ لأنّي... صافي (الخبّاصة3)!

- هههههه.. وماذا في الجيبِ الآخر؟

* آهاا..أمّا الجيبُ الآخر،

ماما وهبتْني إيّاه،

قالتْ هذا (جَيبُ الصّافي)

أُخرجُ منهُ، وأحشو فيه:

ظرفَ المناديلِ الورقية،

هاتفَها المحمولَ الأسود..

مفتاحَ البيت، ومفتاحي..

أَلقى أحياناً قطعةَ حلوى

لم أُكملها،

قائمةَ المشتريات.. و(بس4)!

- لحظة.. مفتاحكْ؟

* طبعاً!

- ولماذا عندكِ مفتاحٌ؟

* هاااه؟ ولماذا لا؟!

عندي أكثرَ من مفتاحٍ،

لا واحدْ

- وااااااو

* إمم.. والعلاّقةُ قلبٌ أحمرْ،

أهدتْهُ إليّ (سَراةْ).

عندي في المعطفِ جيبٌ أيضا..

- حقاً؟

* حتماً! (شُوفي5)..

- ماذا تضعين هنا؟

* (كستنة) برّية!

- ولماذا؟

* أرميها.. ألقطها.. أرميها..أركلها.. أحملها.. أخفيها..

- والماما؟

* تضحك

...

هل عندكِ جَيْب يا خالة؟

- طبعا عندي.. كل منا عنده جيب في البنطال،

في سترته، أو في ثوبه،

في معطفه.. أو في قلبه

هذا حقٌّ،

بعضٌ منّا عندهُ جيبٌ في ذاكرته.

* آهاااا.. ماذا يمكن أن يضعَ هناك؟

- الذكرى الحلوة،

أصواتَ أحبّتهِ،

زرقةَ فجرٍ صيفيٍّ،

أغنيةً يعشقها،

رائحةَ الأرضِ المبتلّةِ مطراً،

ونُكاتاً كي يتذكرها إن فاجأهُ الحُزن..

قد يُخفي أيضاً أشياءً يتمنّى أن ينساها..

* ولماذا لا يرميها؟

- يصعبُ ذلك أحيانا..

* آها..هل يعني هذا أنّي لو شئتُ أُخبّي قُبلة ماما في جيبٍ؛

أخفيها في جيبِ القلب؟

- صح.. في جيبِ القلبْ

* ضمّةَ بابا أيضا؟

- ضمّةَ بابا أيضا..

* ضحِكَهُما، همسَهُما؟

كلّهُ كُلّهْ..

في جيبِ القلب؟

- طبعاً، حتماً.

* هل يتّسعُ لها؟

- بالتأكيـــــــــد!

* كم تبقى هنالكَ؟

- ما شئتِ..

* لا أحدٌ يقدرُ يأخذَها6؟

- أبداً، أبداً. 

.. تركض .. ثم كأنّما تتذكر شيئا فتعود:

.

.

.

* سأخبّي هنالكَ أغنيتي هذي أيضاً!