أخِي جاوز الحَاكمون المَدى
د. مصطفى المسعودي
جَاوَز الحَاكِمُونَ المَدَى..
وَخانُوا الشعُوبَ لِيُرْضُوا العِدَى
وَأرْخَى عَليْنا لظاهُمْ سُدُولا
وَليْلا بَدَا مُظلماً سَرْمَدَا
وَأمْسَى الزمَانُ ذلِيلا هُنا
بأرْض العُرُوبَةِ أرْض الندَى
فمَا مِنْ بَريق يَلوحُ بأفق
وَمَا مِنْ صَبَاح وَمَا مِنْ هدَى
تسِيلُ الدّمَاءُ عَلى أرْضِنا
فمَا مِنْ مُغِيث وَمَا مِنْ فِدَى
كأنّ القلوبَ بصَدْر البَرَايَا
بهَذِي الأرَاضِي رُكامُ الرّدَى
وَكمْ قدْ صَرَختُ بشِعْري احْتِجَاجاً
فضَاعَ صُراخِي الجَريحُ سدَى
وَكمْ قدْ جَهَرْتُ برَفضِي مِرَاراً
فرَدّتْ عَليّ جرَاحُ الصّدَى
أخِي جَاوَزَ الحَاكِمُونَ المَدَى
فصِرْنا هَبَاءً وصِرْنا..مَهَازلَ فِي العَالمِينْ
تعِيشُ الشعُوبُ نعِيماً..ونحْيا ببَحْر الأنِينْ
****
وَهَانَ وَهَانَ وَهَانَ الزّمَانْ
كأنا خُلِقنا لنرْضى الهَوَانْ
أرُونِي شعُوباً بهَذِي الحَيَاة
تعِيشُ هَوَاناً كهَذا الهَوَانْ
دَمَارٌعَظيمٌ عَنيفُ الرّزايَا
أذلّ الفضَاءَ وَهَدّ المَكانْ
فنحْنُ نعِيشُ بغيْر سَمَاءٍ...
بغيْر فضَاءٍ ..بغيْر زمَانْ
****
فمَاذا أقولُ لِطفلِي وَقدْ
رَمَانِي بلغمِ السّؤال الخَطيرْ:
أبي قلتَ لِي دَائِماً إننا
شعُوبٌ سَلِيلة ُ مَجْدٍ كبيرْ
لِمَاذا إذنْ نحْنُ بَيْن الوَرَى
بهَذا المَكان الوَضِيع الحَقِيرْ؟
لِمَاذا أبي نحْنُ بَيْنَ الأمَمْ
نسَاوي الرّمَادَ بصَفّ أخِيرْ؟
بمَاذا أرُدّ لطفلِي جَوَاباً
لِهَذا السّؤال العَسِير العَسِيرْ ؟
أخِي جَاوَز الفاسِدُونَ المَدَى..
وَبَاتَ لظاهُمْ عَلامَ...ةَ بُؤس بأعْلى الجَبينْ
وَحمْلا ثقِيلا ووَصْمَ..ة عَارعَلى المُسْلِمِينْ
*
أخِي هَلْ سَمِعْتَ صُرَاخِي الحَزينْ
وَهَلْ قدْ رَأيْتَ رُكامَ الرُّفاتْ..؟
تعِيشُ الشعُوبُ بعِزّ مَكِينْ
وَنحْيَا بذلّ حَيَاة الفُتاتْ
أنحْنُ وُلدْنا عَبيداً.. لنبْقى
عَبيداً بسِجْن بَناهُ الطغَاةْ
لِمَاذا إذنْ قدْ أتيْنا لِمَاذا..؟
لِمَاذا ..أتيْنا لِهَذِي الحَيَاة ْ ..؟
لِنحْيَا الزمَانَ ظلاماً...نجُرُّ عَذابَ السّنِينْ؟
وَنبْقى عَبيداً نقبّلُ أحْذِيَة الحَاكِمِينْ؟
أخِي جَاوز الخائِفون المَدَى
*
فيَا أمّة قدْ كوَاهَا الأنِينْ
أزيحِي دِثارَ الظلامِ الحَزينْ
وَقومي كرُخّ جَريح وهُزّي
عُروش الجبَابرةِ الظالمِينْ .