لا تسمحي للحزن
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
[email protected]
يـا حلوتي والصمْتُ أطبقَ طوقهُ
وأفاضَ حولي في كؤوسي توجُّعي
وحـدي وصوتُ الذكرياتِ منادمي
وإلـيَّ مـن دُجـرِ الغيوب بلونِه
وهـفـا يـصـوِّرُ وحيَه وجمالَه
وأنـا فتى الأحزانِِ جئتُ على دمي
أنّـى سـألـقـاها فتحتفلُ الربي
وحـدي وأكـداسُ الهمومِ رعيَّتي
آوي إلـى قصرِ الجراحِ محاصرٌ
أشـتـاقُ أوجاعي وقد رانَ الدّجى
يـا حـلـوتي والأغنياتُ عواكفٌ
يـحيا فتى الأحزانِ في جُبِّ الأسى
وأحـارُ والـليلُ الدجيُّ مع الرؤى
وبـدتْ لي الدنيا وأوحشني السُّرى
صـوتٌ أنا والحزن يسكن شاعرا
لا تـخـبري أهلي بما بدمي جري
أو كـيف أنّ الموت زارَ أضالعي
لا تـخـبـريـهم يا رفيقةَ ليلتي
غُـضِّي عيونَك عن سؤالِ أحبتي
كـيـف التوَتْ أحلامُه وتطوّحتْ
لا تـخـبريهم كيف مُتُّ يروعُهم
لـو أبـصـروني هيكلا بجراحِه
مـنـخـورةٌ كـبدي سوى من أنةٍ
لا تـخـبـريهم أنني أخشى على
يـا حـلـوتـي ومسافتي موءودةٌ
لا تـقـلـقـي فـغداً يسافرُ وحدَه
أنـا مـثلما قد جئتُ سوف يلمُّني
ويـزفُّ هـدهـدُ غـابتي أخبارَه
لا تـفـزعـي وتـلملمي في هدأةٍ
أنـا قـد أتيتُ وما بصرْتُ منيَّتي
حـزنٌ جـديـدٌ شـعَّ في أقدارِنا
فـمـتي ويا وجعَ المتى قد نلتقي
لا تـطـرقـي فـجميع أبنائي أنا
وجـمـيـعُ أبنائي بناتُ خواطري
لا تـسْـمحي للحزنِ يوماً حلوتي
لا تـحـزني قولي سيأتي في غدٍ
ولـربّـمـا يـأتي الحضورُ لبيتِنا
والأغـنـياتُ المدهشاتُ تزورُني
أنـا جـثّـة صادرْتُ كلّ مواجعي
فـحفرْتُ في سطرِ الخلودِ نضالَنا
سـفـرٌ ولا أدري مـتى قد ينتهي
بـعُـدتْ مـسـافتنا وغادرَ وقعُها
ومـسـافـرٌ وحـدي وغاباتٌ أنا
قـولـي لـهـم أدري ولكنْ ربّما
يـا حـلـوتـي كـوني أبرَّ أمنيةٍ
أسـرارُ روحـي في يديْكِ فلملميحـولـي وطـوّقـنـي به متعمِّدا
وعـلـيَّ أنـواعَ الـتـذكُّر أوْجدا
وحـفـيـفُ أشـياءٍ تجيءُ تودّدا
جاء الخيالُ لحزن روحي استرشدا
شِـعـراً بـأنـفاسِ البيان تجسّدا
يـحـدو بي الأملُ الغريبُ مغرِّدا
ونـصـوغُ أحـلى ما نودُّ المشْهدا
والماءُ جفَّ وعافَ للصّوت الصّدى
وجهي وضاعتْ بي مواعيدي سُدى
لـو لـحظةً تغفو ويطرِقني الهُدى
عـنـدي وَتـبدي للصفاءِ بما بَدا
ويـشـدُّ طـرفاَ عن سمائِك أرْمدا
سـوداءَ خـلـفي كلَّ بابٍ أوْصِدا
سـوراً وقـلـبـي للحنينِ تَوسّدا
مـيـتـاً تـخـيَّـرَ موته متجلِّدا
إذ كـيف أنّ الورْدَ خاصمَهَ الندى
وعليَّ في أقسى النصالِ قد اعتدي
فـيـمـا بـنـا فعلَ الزمانُ ونكَّدا
كـيف استحالَ الرمحُ غصناً أجْردا
والـكـأسُ في شفةِ السرابِ تبدَّدا
مـوْتـي ودربي نحو دربِك قد غَدا
إذْ كـنـتُ يـوماً في النزالِ مهنَّدا
وُلـدَت عـلى وطني فعشْتُ منكَّدا
شـهـقـاتِـهم مِنْ أنْ تظل تنهّدا
وأنـا مَـعـيـنُ الحرفِ فيَّ تبدَّدا
مـوْتـي وتـقرؤني الصلاةُ تهَجُّدا
نـعْـشـي وأختارُ العراقَ المرْقدا
ويـروحُ فـي أحلى الكلامِ مُجوِّدا
وبـخـشعةٍ ردّى إلى روحي النِّدا
وقـطـعْـتُ آكـاماً إليكِ وفدْفدا
عَـصـرَ الـنـفوسَ توَقُّدا وتعَمُّدا
حـتـى أجيءَ إلى مزارِك هُدْهدا
هـذا الـقصيدُ وفيهِ شيَّعني الرَّدى
كـانتْ سراجي حين يسْبِقني المَدى
مِـنْ أن يـعودَ مع الجراحِ ويولَدا
ولـربَّـمـا لا لـنْ يجيءَ فينشِدا
ويـزورُ شـعري كلَّ وجهٍ وَحَّدا
تـبـكـي العقودَ الخالياتِ توقّـُّدا
وأتـيـتُ أنـزفُ لـلـبلادِ تجلّدا
حـرْفـاً بـحرفٍ قد نقشْتُ مؤكِّدا
خـطـواتُـه ويـزيح ليلاً أسْودا
والـعْرْيُ أخجلني لأنفاسي آرْتدي
لـلـهـمِّ مـدَّ جـنـاحَهُ وتفرَّدا
قـد خطَّ في سطرِ الكواكبِ موْعدا
وعـلـيَّ شـدّى في تودِّدها اليَدا
أشـتـاتََـهـا وحـذارِ أن تتبدَّدا