وَمَا تُوحِي الشَّيَاطِينُ

وَمَا تُوحِي الشَّيَاطِينُ؟

صقر أبو عيدة

[email protected]

أَيَا أُمَّاهُ لا تَبْكِي عَلى وَلَدٍ يَعُقُّ الثَّدْيَ يُطْعِمُ بِئْرَكِ الْحَجَرَا

فَلَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ لِيَسْقِيَ سُنْبُلاتِ الْحَمْدِ..

جَاءَتْهُ شَيَاطِينُ الأَنَامِ لِتَذْرِفَ الْعِبَرَا

وَمَا تُوحِي الشَّيَاطِينُ؟

وَقَدْ َمَلأُوا مَسَامَ الْبَيتِ جُنْدَاً وَالقُدُورَ حَصَا

سَنَابِكُ خَيلِهِمْ خَبَطَتْ أَدِيمَ الأَرْضِ..

فَامْتَثَلَتْ لَهُ الأَعْنَاقَ وَالأَيدِي

وَتَأْخُذُهُ الْهَوَاجِسُ لِلْخُصُومَةِ..

يَشْتَكِي شَعْبَاً عَلَى وَجَنَاتِهِ رَقَصَ الأَنِينُ..

وَكَانَ يُلْقِمُ جُوعَهُ وَسَنَا

وَيَحْلُمُ كَيفَ يَومَاً يَقْطِفُ الْقَمَرَا

وَيَا وَيحَ الرِّجَالِ عَلى سِيَاجِ بُيُوتِهَا تَبْكِي لِصَمْتِ الْبَحْرِ..

لا وَجَلٌ يُؤَرِّقُهُمْ وَلا قَبْرُ

وَلَكِنْ دَمْعَةُ الأَبْنَاءِ تُثْقِلُ مَنْ بِهِ صِبْرُ

فَعَبَّأَ جُعْبَةَ الْحَسَرَاتِ دَمْعَاً وَاسْتِلابِ اللَّونِ مِنْ شَفَةِ الْكُرُومِ لِيَمْنَعَ الأَغْصَانَ مِنْ هَمْسِ التَّشَابُكِ..

وَابْتِهَاجِ الْعُشْبِ يَخْبُو يَخْتَفِى وَجَعَا

رَأَى عُصْفُورَةً تَرْعَى مِنَ الْحَقْلِ الْمُجَاوِرِ لِلْحُدُودِ..

فَجَرَّهُ الْغَضَبُ الّذِي شَرَعَا

دَعَا الشُّورَى لِحَبْسِ الطَّيرِ في لَيلٍ

 فَلا يُرْمَى بِهَتْكِ الضَّوءِ أَو يُدْعَى غَرِيمَ الرَّأْيِ وَالْحُرِّيَةِ الْمُثْلَى

وَيَعْلَمُ أَنْ سَيَقْذِفُهُ زَنِيمٌ أَفْحَجُ الْعَقْلَينِ..

جَاءَتْهُ الشَّوَارِبُ يَمْتَطُونَ أُنُوفَهُمْ رَغَبَا

وَقَدْ جُعِلَتْ رَوَاتِبُهُمْ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَالْقَتْلَى

وَتُنْفَقُ في كُؤُوسٍ لَونُهَا يَطْفُو عَلَى ثَغْرِ السَّفِيهَةِ قَدْ جَرَى غَدَقَا

وَلَمْ يَشْفُوا غَلِيلَ فُؤَادِهِ لَكِنَّهُمْ زَادُوا لَهُ رَهَقَا

وَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ لِنَمْلأَ وَقْتَهُمْ رَهَبَا

فَنَقَّبَ في دَفَاتِرِهِ الْقَدِيـمَةِ عَلَّهَا تَجْلُو لَهُ الْبَلَدَا

وَيَحْسِبُ أَنَّ خَيلَ حُقُولِهِ سِيسَتْ وَلَمْ تَجْمَحْ لَهُ أَبَدَا

وَأَنَّ لَهُ عُيُونَاً تًمْلأُ الدُّنْيًا جُفَاءً..

وَاحْتِلالاً لِلْخَوَاطِرِ في تَرَاقِيهَا وِتَمْشِي في جَنَائِزِهِمْ وَلا تُخْفِي لَهَا طَرَبَا

أَيَا أُمَّاهُ لا تَبْكِي عَلى وَلَدٍ يَسنُّ أَظَافِرَ الْفُرَقَاءِ في عَظْمِ الْبِلادِ..

وَيَنْفُثُ الْعُقَدَا

فَلا تَهِنِي وَلا تَأْسَي وَلَو قَذَفُوا لَكِ الْجَمْرَا

فَقَدْ نَفَخَتْ أَسَامِيهِمْ رِيَاحُ الْبُعْدِ عَنْ عَينَيكِ وَانْطَلَقُوا

أَنَاخُوا ظَعْنَهُمْ في عَتْمَةِ الشَّكْوَى عَلى الطُّرُقَاتِ وَاسْتَبَقُوا

فَهَلْ وَصَلُوا ؟