تَقَمُّصُ الذَّات
سعيد ساجد الكرواني
قَلْبَانِ الْتَفَّا
بِجَنَاحَيْ تَارِيخِ الْإِشْرَاقْ
فَاعْتَنَقَا وَانْطَلَقَا
فِي عُمْقِ الْأَعْمَاقِ مِن الْآفَاقْ
وَلاَّدَةُ قُرْطُبَةٍ صَارَتْ
عُنْوَاناً مُحْتَرِقاً
بِلَهِيبِ الْأَشْوَاقْ
بِدَوَاوِينِ الْعُشَّاقْ
لَكِنْ مَا زَالَتْ فَوْقَ الْجَمْرِ
تُعَاوِدُ تَجْرِبَةَ الْإِحْرَاقْ
وَعَلَى هَوْدَجِهَا تَتَهَادَى
مِثْلَ الْقُرْطِ بِجِيدِ الشَّفَقِ
الْمَائِسِ مَا مَادَا
وَالنَّجْمُ الْقُطْبِيُّ يُقِضُّ
مَضَاجِعَهُ الْوَجْدُ سُهَادَا
مَا بَيْنَ وَمِيضِ اللَّمْحَةِ
وَ اللَّمْحَةْ
تَشْدَهُنَا أَلْوَانُ طَوَاوِيسِ الْفَرْحَةْ
وَامْتَدَّتْ حِقْبَةُ بَهْجَتِنَا مَدَّا
وَ طَفِقْتُ أَصِيحُ مِنَ الْأَعْمَاقِ
تَحَوَّلْ
يَا بَيْنُ تَحَوَّلْ عَنِّي
وَتَأَمَّلْ فِي بَيْنِ الرَّوْعِ
وَرَوْعِ الْبَيْنِ
وَتَحَوَّلْ عَنْ قَلْبِي شِبْراً أَوْ
لاَ أَكْثَرَ مِنْ شِبْرَيْنِ
لِأُلاَمِسَ جَوْهَرَتِي
بِوَجِيبِ الْقَلْبِ وَرِمْشِ الْعَيْنِ
قَالَتْ:
رَجَّتْ صَدْرِي رَعْشَةُ شَوْقٍ
صَعَقَ التَّيَّارُ عُصَارَةَ عَقْلِي
صَعْقَا
وَأَنَا أَتَلَظَّى شَوْقَا
قُلْتُ:
تَوَحَّدْنَا رُوحاً جَسَداً
رَعْداً عَانَقَ بَرْقَا
وَفَرَشْنَا النَّظَرَاتِ الشُّهْلْ
مَا بَيْنَ شَوَاطِئِ عُمْرَيْنَا
وَسُفُوحِ التَّلّْ
صِرْتُ الدَّوْحَ
وَ صِرْتِ حَمَامَتَهُ حَقَّا
نَتَحَاوَرُ نَشْدُو
نَغْزِلُ أَشْجَانَ صَبَابَتِنَا
نَغَماً بَيْنَ لُمَى الْمِزْهَرِ رَقَّا
عِشْقِي يَتَفَجَّرُ يَنْبُوعاً دَائِمْ
هَلْ مَنْ يَعْشَقُ لُؤْلُؤَةَ الْأَعْمَاقِ
بِعُمْقٍ آثِمْ؟
مَا يَتَبَقَّى مِنْ قُرْطُبَتِي
مَا يَتَبَقَّى
إِنْ يُقْطَعْ وَصْلُ الْحَبْلِ
وَ حَبْلُ الْوَصْلْ؟
....
تَغْرِيدَانَا
فَوْقَ غُصُونِ الْأَيْكَةِ كَانَا
عُصْفُورَيْنِ
يَجُوبَانِ سَمَا قُرْطُبَةٍ
مِنْ ثَمَّةَ رَفَّا بِجَنَاحَيْنِ
مَجْنُونَيْنِ
مَا بَيْنَ الْمَاءِ وَ بَيْنَ الصَّخْرِ
وَبَيْنِي
مَا بَيْنَ الْعِطْرِ وَبَيْنَ النَهْرِ
وَبَيْنِي
مَا بَيْنَ السَّيْفِ وَبَيْنَ الْحَرْفِ
وَبَيْنَ الْخَوْفِ وَبَيْنِي
مَا بَيْنَكِ يَا جَوْهَرَةً حَلَّتْ
بِمَكَانِ الْبُؤْبُؤِ مِنْ عَيْنِي
أَبْصَرْتُ مَنَابِعَهَا عَنْ بُعْدٍ
وَخَبِرْتُ مَخَابِئَهَا عَنْ قُرْبٍ
وَبَصُرْتُ بِهَا
أَرْخَيْتُ عَلَيْهَا وَلَهَا
أَرْخَيْتُ عَلَيْهَا وَلَهاً
سِرَّ الْوَصْلِ الْأَنْدَلُسِيّْ
سِرَّ الْأَلْوَانِ جَرَتْ نَهْراً
مِنْ كَفِّ النَّجْمِ الْقُطْبِيّْ
تَنْسُجُ حُلَّتَهَا بِخُيُوطِ الْعِشْقْ
وَإِزَاراً مِنْ سِحْرِ الْبَحْرِ
وَسِرِّ الْحَرْقْ
وَشَغَافُ الْقَلْبْ
يَحْجُبُ عَنْهَا فَوْضَى الْغَرْبْ