هَامَان.. وَقَدْ أَبْهَجَهُ السَّراب!!

هَامَان.. وَقَدْ أَبْهَجَهُ السَّراب!!

صقر أبو عيدة

[email protected]

نَشَلُوا جُذُورَ الضَّوءِ مِنْ شَمْسِ الْبِلادْ

قَالوُا مَوَاسِمُهَا انْتَهَتْ

وَنَخَافُ أَنْ تَتَمَلْمَلَ الْحَسَرَاتُ في رُوحِ الْعِبَادْ

أَوْ تَأْتِيَ الرِّيحُ الْخَبِيئَةُ بِالْفَسَادْ

هَامَانُ يَاهَامَانُ قَدْ نَبْنِي لَهُمْ وَكْرَاً يَقِيهِمْ حُبَّنَا

فَارْسُمْ لَهُمْ مِنْ أَمْرِنَا

دَرْبَ الرَّشَادْ

وَانْحَتْ لَهُمْ صُوَراً تَقُولُ أَنَا اللَّيَالِي وَالضِّيَاءْ

لا تَسْأَمُوا مِنْ دَامِسٍ مَدَّ الْعَبَاءَةَ فَوقَ مِصْبَاحِ النَّهَارْ

لا تَسْأَلُوا عَمَّا يَقَولُ الْمُفْسِدُونَ لِشِرْعَتِي

إِنْ تَسْأَلُوا نُرْسِلْ لَكُمْ سُنَنَ الْخَرَابْ

أَوَلَمْ تَرَوا مَاذا فَعَلْنَا بِالَّذِي شَقَّ السُّكُونَ بِلَيلَتي

ثُمَّ اسْتَمَالْ

مِنْ حَقْلِنَا زَغَبَ الغُصُونِ وَهَامَ يَلْعَقُ في الرِّمَالْ

وَالْمَاءُ عِنْدِي لَيْسَ صَعَباً أن يُنَالْ

هَاتُوا دِلاءَ مَحَبَّتِي

لا تَشْتَكُوا مِنْ سُنَّتِي

قَدْ أُغْلِقُ الأَبْوَابَ رَدْمَاً لِلسُّؤَالْ

لا تَنْخَسُوا زَهَرَاتِكُمْ في عُدْوَتِي

وَلْتَتْرُكُوا تِلْكَ النَّوَاشِزَ لِلزَّمَانْ

أَوْ تَلْعَقُوا ظِمْءَ الْحَيَاةْ

إِنْ تَنْتَهُوا نَقْفِلْ لَكُمْ نَهْرَ الْعَذَابْ

مَا عِنْدَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ تَحْبُونَ فِيهِ عِنْدَمَا أَذْرو السِّهَامْ

*****

وَيَقُولُ أَمْثَلُهُمْ عَلَينَا نِقْمَةً

ذَرْنِي أَدُسُّ لَهُمْ مَنَافِيَ وَابْتِهَاجَاً بِالسَّرَابْ

يَاحَسْرَةً عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونْ

يَومَاً وَتَشْخَصُ مِنْ جَوَانِبِهَا الْعُيُونُ فَلا تَرَى

إِلا سَوَادَاً في خِبَاءْ

أَفَلا أَدُلُّ شَفِيعَكُمْ لِلْهَمْسِ في أُذُنِ الْخِصَامْ

كَيْ يَنْتَهُوا مِنْ حُلْمِهِمْ

وَيَذُوبَ عُمْرُ الرَّاقِصِينَ عَلَى طَرِيقِي بِالدِّمَاءْ

هِيَ حَالُهُمْ

وَأَقُولُ أَشْوِي مَنْ يُبَدِّلُ لَحْنَ عَرْشِي تَحْتَ ظِلِّي لِلْوِلاءْ

هَلْ عِنْدَكُمْ غَيرُ الإِيَابْ

فَاسْتَشْفِعُونِي أَرْضَهُ نَغَمَاً لَكُمْ

أََوَ صَمْتُكُمْ يَخْفَى عَلَيَّ وَمَا أَنَا إِلا طَرِيقٌ لِلْعَذَابْ؟

*****

تِلْكَ الأَسَافِينُ انْتَشَتْ فَوقَ التَّرَاقِي مَا أَتَتْ نَحْوَ الصَّوَابْ

يَا مَنْ تَرَونَ بَلاءَكُمْ زُلْفَى لِمَنْ بَلَعَ النِّفَاقْ

يَشْرِي لَكُمْ وَهَجَ السَّحَابْ

وَالْمُزْنُ يَرْجُفُ حَبُّهُ بَينَ الغُيُومْ

يَهْوِي وَيَفْتُقُ ثَوبَ حَرْثٍ بَعْدَمَا يَبْلَى الْغِطَاءْ

وَيقَولَ هَذِي مِنَّتِي

فَيَدِي عَلَيكُمْ نِعْمَتِي

وَتَرَونَ قُرْبِي كَيفَ يَأْتِي بِالنَّمَاءْ

*****

هَذِي الْمَغَالِيقُ افْتَرَتْ

وَتُحَاوِرُ الأُذُنَ الْخَبِيثَةَ خَلْفَ مَا يَسْعَى الضَّمِيرْ

وَيَقُولُ جَدِّي يَومَ جَاءَ غِيَابُهُ ثُمَّ امْتَطَى رَحْلاً وَغَابْ

الْبِئْرُ بِئْرِي وِالدِّلاءُ يَغِبُّ مِنْهَا كُلُّ طَيرٍ لا يَهَابْ

لَكِنْ عُطَاشَى حَقْلِنَا

قَدْ أَطْفَأُوا نِيرَانَهُمْ بِالدَّمْعِ وَاقْتَسَمُوا سَحَابَةَ حُلْمِهِمْ

هَلاَّ عَصَرْتُمْ دَمْعَةً قَبْلَ الْحِسَابْ

فَلَعَلَّهَا تَرْوِي غُصُونَاً لِلْعِتَابْ

تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الَّتِي لَعِبَتْ عَلَى قَدَمٍ وَسَاقْ

لَمْ يُحْشَ في فَمِهَا لِجَامْ

عَرَفَتْ مَتَى تَمْشِي عَلَى لَحْمِي وَتَهْرسُ في الْعِظَامْ

وَلَهَا حَوَافِرُ تَشْتَهِي هَمَسَاتِ عِرْقِي كَي تَرَى

في صِمْتِهِ غُصْنَ السَّلامْ

تَهْفُو وَتَعْرِفُنِي مِنَ الْكَدَمَاتِ وَالْجُوعِ الْخَشِنْ

نَسَجَتْ مِنَ الأَنْفَاسِ والْقَهْرِ الْعَلَنْ

أَحْزَانَ ثَكْلَى وَارْتِهَانَاً لِلْوَطَنْ

*****

أَوَ تَرْقُصُ الأَيَّامُ وَالتَّارِيخُ يَنْسَى دَمَعَهُ؟

وَالنَّاسُ تَسْأَلُ مَوتَهَا كَيفَ افْتُقِدْ!

هَلْ يَأْلَفُ الْمَوتَى قُبُورَاً زُيِّنَتْ؟

هَلاَّ سَأَلْتَ فُؤَادَكَ الْغَافِي عَلَى كَبِدِ الْبَلدْ

أَينَ الَّذِينَ يُسَافِرُونَ بِلا جَسَدْ؟

وَقَلَعْتَ دَوْحَةَ ظِلِّهِمْ

أَوَ لَمْ تُجِبْكَ حُقُولُهُمْ؟

أن الْمَوَاشِيَ لا تُعَرِّشُ ظِلَّهَا؟

إِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْمَرَاعِي قَدْ نَمَتْ دَوحَاتُهَا

أَينَ السَّبِيلُ لِمَنْ رَأَى ذِئْبَاً يَعُدُّ خِرَافَهُ؟

يَغْفُو وَيَنْهَكُ في الْعَدَدْ