هُدوءُ
خلف دلف الحديثي
ابن الفرات العراقي
فـؤادي مِـنْ أذى الـدّنيا مَليءُ
تـكـالبَتِ الورى حَرْباً بحرْبٍ
وَصـبري فاقَ صبرَ النّاسِ طُرَّاً
فـلـسْتُ مطأطئاً رأسي لخوْفٍ
وَيـبْـقـى شامِخاً مَنْ كانَ غِرّاً
أسـفِّـهُ عن هُمُومي بالتغاضي
وأصفحُ في شُمُوخِ النخلِ طُولاً
فـتـشعِلُني الليالي في جِراحي
وتـمـتـدُّ الـنصالُ بكل ركنٍ
وألـبسُ ثوْبَ صبْري واعتدادي
ورُضْوى كنْتُ في عبءِ المآسي
وأوْجـعُ مـا أعـانـي منه أنِّي
وَيـحْـفـرُ ألـفَ أخدودٍ بقلبي
تـريْـنَ البِشرَ يمْلأُ لوْنَ وجْهي
أجـالـدُ غـابـةَ الآهاتِ فرداً
سـنـمْضي والحياةُ بنا سَتمْضي
إلـيـكِ بروحِها جاءتْ حُروفي
خـذيـني كالعَصَا لِغدِ العوادي
أنـا ظـلٌّ لـمَـنْ يبغي ظِلالي
أنا صوْتٌ الوغى إنْ حُمَّ خطبٌ
ودربـي في الكفاحِ فُجاجُ ساحي
أنا حرْبٌ ورَحْبُ الرُّوحِ صدْري
أقـيـمُ طقوسَ أنفاسي بصَمْتي
خُـذيها أنتِ مِثلي في صراعي
سَـتـجـمـعُنا الليالي ذاتَ يومٍ
تـعـالَيْ واعْزفي مِزْمارَ شِعْريويُـسْـعـفُـني بما ألقى الهُدوءُ
وجُرْحُ الريحِ في جرْحي خبيئ
وفـوْقَ حـدودِ طـاقـاتي أبوءُ
فـبـالـجَنْي السنابُلُ قد تـَنُوءُ
وكـلُّ فِـعَـالِـهِ فـعـلٌ دَنيءُ
وَيُـسـعدُني بما اقترَفَ البذِيءُ
إذا مـا نـالَ مِنْ قدْري المُسِيءُ
وَيُـتـعـبني بها القلقُ الرّديءُ
بـجـسمي حيث جزَّأني القمِيءُ
ومـا أبـغـيهِ مِنْ نفسي أَجِيءُ
وَيـعْجزُ عن مُجاراتي الوَطِيءُ
أَرى خـلّـي إلـى نفسي يُسيءُ
فـيـنـمـو بين أضْلاعي نُتوءُ
ولـكـنْ بـاطـني لآواهُ سُوءُ
وَغَـصّ بـحرقةِ الغدرِ المَرِيءُ
ويـكـتـبُنا بها السَّطرُ البرِيءُ
وَعـذراً أنّـنـي فـيها جَريءُ
بـكـلِّ عـظـيمِ صائحةٍ أقِيءُ
وبـيْـتٌ فـيه يعتكفُ النَّسيءُ
وغـيـري صوتُهُ صوْتٌ بَطيءُ
وسـرْجُ الموْتِ ميداني الوضِيءُ
وَمَـنْ يـنوي مطاولتي أفِيءُ؟
فـيـغسلِني من الذنبِ الوُضُوءُ
وَحَـسْـبي في حَديثي لا أُسِيء
وَكـوزي مـن عـذاباتي مَليءُ
ليُغْري الصبْحَ صوتُكِ (ياهُدوءُ)