كن لأحطابي لهيبا

يحيى السَّماوي

[email protected]

( إلى " .... "   نادلة مقهى الساحل )

وَلدي أنت َ  وإنْ كنت َ أبا

وأنا لازلتُ في وهج ِ الصِّبا

حَدَّثتني عنكَ عيناك َ .. وقد

تفضحُ العينُ فؤادا ً وُصِبا (*)

سِرُّكَ المفضوحُ أغوى زينتي

ومَرايايَ وقِنديلا ً خبا

وفما ً لمّا تزَلْ روضته ُ

باكِرَ الورد ِضَحوكا ً خضِبا

هذه ِ قهْوَتك ُ المُرَّة ُ .. لم

ترْتشِفها .. وأعَدْت َالطلبا

كوبُكَ الخامسُ والصبحُ على

بدئِه ِ يسألُ شمسا ً شهُبا !

أيها الضائعُ بيْ عَذبَني

أنني كنتُ لِتِيْه ٍ سبَبا

ما الذي يُغريكَ في نادِلة ٍ

ترتدي ثوبَ سرور ٍ كذِبا ؟

دثرَتني منكَ عينان ِ هُما

عَطش ٌ يرمقُ نبْعا ً طيِّبا

تتملى مشيَتي في حَذر ٍ

كاشِفا ً عن مُسْتهام ٍ نصَبا

جِزتَ "خمسيناً"ولا زلتَ فتى ً

أخضرَ القلب ِ ترودُ الشغبا

كمْ تساءلتُ عن"الكهْلِ" الذي

كلما يبْعُدُ عني قرُبا !

ختمَ الصيفَ ب" مقهايَ" فما

غادَرَ المَقعَدَ إلآ تعِبا

دعْكَ من زَيْفِ وَقار ٍهل دجىً

فاحِمُ الظلمة ِ يُخفي لهَبا ؟

كنْ لأحطابي لهيبا ً.. أو: فكنْ

لِلهيبي يا "غريبُ"الحَطبا

كلُّ ما فيكَ مرايا .. فضحَتْ

قلبَكَ الطِفل َ وما قد رَغِبا

حَجَبَتْ عنك َ عيوني مُقلا

وثغورا ً تسْتفِز ُّ الطرَبا

وعصافيرَ صدور ٍ نفرَتْ

من روابيها فشقتْ حُجُبا

أزِفَ البوحُ إذن : بيْ مثلما

بكَ .. لكني خشيْتُ الرِّيَبا

لكَ عندي بُرْدَة ٌ من فرَح ٍ

وندى ً يُعْشِبُ حَقلا ً جَدِبا

قصَّ ليْ عنكَ هموما ًومُنى ً

وتباريحَ وأهلا ً ورُبى

* * *

أنا يا سائلتي كأسُ هوى ً

باتَ يَسْتَجدي الأماني حَببا

وشِراعٌ كبَت ِ الريحُ به ِ

فارتضى عن وطن ٍ مُغترَبا

وأنا الصُبْحُ وقد حاصَرَني

ليليَ المُمْتدُّ قهْرا ًحِقبا

منذ عشرينَ ربيعا ً وأنا

أزرعُ القمْحَ فأجني قصَبا

ولقد شاخ َ جبيني .. إنما

لم يَزلْ ريشُ فؤادي زُغبا

كلُّ ما أعرفُ عني : أنني

بتُّ في الخمسينَ ناعورَ صِبا

قِصَّتي تبدأ من آخِرِها..

أكمِلي قِصَّة َ نهْر ٍنضبا

مَنْ أنا ؟ قالت وقد طوَّقني

ساعِدٌ بضٌّ  وأرْخَتْ هُدُبا:

دَعْكَ من قهوتِكَ المُرَّة ِ قد

نضِجَ العنقودُ فاقطفْ عِنَبا

فمشى بيْ من رحيق ٍ خدَرٌ

خلتُ طينَ العمرأضحى ذهَبا

ساعة ٌ مَرَّتْ وأخرى .. وأنا

ألثمُ الوردَ وأحْسو الشهُبا

               

(*) وُصِبَ: أصيب بالوصب المرض من صبابة أو عشق