إلى روح الزميل الدكتور عبد السلام العجيلي
29أيلول2007
د. محمود حسين صارم
إلى روح الزميل الدكتور
عبد السلام العجيلي
د. محمود حسين صارم
في العام الذي قضيته في سجن عدرا توفي الزميل الدكتور عبد السلام العجيلي في ربيع 2006 فجادت القريحة بالقصيدة التالية:
إلى روح الزميل الدكتور عبد السلام العجيلي
طلع الصباح على ضفاف الوادي فـتأوهت في الضفتين زهورها وبكت عليه وأزرفت قطر الندى ثـكل الأمومة في بلادي مواسم * * * عـشـق الـربيع بلادنا وعنادلا وأنـا عـشقت رسالة وحضارة وهـنـا شـبـابي عشته متألما سـنـيـة شـيـعـية يا ويلهم أنـا لا أنـادي إذ أنادي طوائفا مـثـل الـربيع أمية جاءت هنا ملأت شعوب الأرض فتحا عادلا فـهـنـاك في غرناطة أمجادهم * * * هل أنت تذكر يا عجيلي قصيدة أعـددتـها في غربتي أرثي بها كـم مـرة زرنـاه نفضي همنا هـزل هـنـا نكت هناك وربما تـلـك الأحـاديث التي حدثتها نـادي الـنـقابة والأطبا حولكم فـي الفكر في التاريخ في آدابنا بـدويـنـا حـدثتَ عن تشريده وشـفيق جبري في معارضة له بـدويـنـا طـود أشـم بعبقر كالشمس في أدب العروبة ساطع لـلـشـعر موسيقى ولحن خالد لا تـهـدموا نغم الخليل فشعرنا * * * لـيـس الزمان هو العدو لأمتي جـاؤوا بـفـكر مسرف وعقائد تـهموا الأوائل من ذوائب أمتي جـولاننا ودعوه في أيدي العدى أمـا فـلـسـطين التي حررتم * * * ارحـل أبـا بـشـر فإنا هاهنا سـنـعـبد أمجاد الرسالة بالإخا فـمـن الفرات إلى فرات جنانه | مـتـسـائلا عن عندليه عـبـقـا وفاح به ربيع بلادي كـالأم تـبـكـي فـلذة الأكباد تـأنـي مـع الطاغوت والجلاد * * * عشق العجيلي حواضرا وبوادي مـن شـامنا انطلقت ومن بغداد صـمـتـا لـفرقة أمة الأمجاد يـوم الـلقاء مع الرسول الهادي فـي الـرافدين بل العقول أنادي بـرسـالـة وحـضارة ومبادي لا صـنو في التاريخ للأجداد 1 تـروي تـسـامحهم ليوم معاد * * * هـنـأت في التصوير والإعداد أنـزور زيـن شبابنا الرواد 2 والـمرتضى للكل بالمرصاد 3 يـصـطـادنـا كالماهر الصياد كـانـت وكنت بنا أمير النادي ورؤاكـمُ تـغـنـي عن الإستاد وسـيـاسـة التخوين والأحقاد وعن البحيرة والزمان العادي 4 قـرت جواهر في تراث الضاد شمخت ذراه على ذرى الأطواد إن يـبـدُ يـخبُ كل نجم بادي كـالـعـطر في ريحانه ووراد ديـوانـنـا الـمـنـشود للآباد * * * بـل ثـلـة الـحـكام من قواد هـدامـة ومـمـارسـات فساد بـخـيـانـة وعـمالة الأوغاد والـشـعـب ذلـوه بـلقمة زاد لـلـهـود خـلـوها بيوم سواد * * * جـنـد الـرسالة والبني الهادي بـالـعـدل بالإحسان بالإرشاد فـي صـحـبة الأخيار والأنداد | الشادي
هوامش:
1 ـ في البيت الحادي عشر: لا صنو في التاريخ.. قال الأديب والمفكر غوستاف ليبون وزير الثقافة الفرنسية في الثلاثينات من القرن العشرين: ما عرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب.
2 ـ أنـزور: هـو المحـامي محمــد أنـزور ابـن أخ الشـهـيد جــواد أنـزور الـذي حـرر تـل العـزيزيات فـي حـرب عام 48. وللدكتور العجيلي رواية "السيف والتابوت" تحكي قصة هذا الشهيد البطل. وتوفى الصديق محمد أنزور أثناء غربتي الثانية في الأرجنتين. وعندما عدت بعد ثلاث سنوات لقيني الدكتور العجيلي، وهنأني بالقصيدة التي كنت قد أرسلتها في ذكرى مرور أربعين يوما على وفاة المحامي أنزور.
3 ـ المرتضى: هو الزميل الدكتور عبد الغني مرتضى، صديق وأخ غال وعزيز، عشنا سوية في الرقة لمدة أكثر من ربع قرن.
4 ـ بدوينا: هو الشاعر العملاق محمد سليمان الأحمد المعروف ببدوي الجبل. ومما حدثني عنه الدكتور العجيلي، أن حكومة الجمهورية العربية المتحدة، كانت قد صادرت جواز سفر البدوي ولم يعط َ له بديلا إلا بعد الانفصال عندما أصبح الدكتور العجيلي وزيرا للخارجية وللثقافة. ومن المعلوم أن البدوي ظل وزيرا في حكومة فارس الخوري الوطنية منذ عام1954 حتى عام 1956.. وبسبب أحداث سياسية على الساحة الوطنية والعربية، تشرد مع صفوة من إخوانه بين بيروت والآستانة وروما وفيينا وجنيف. وقد حدثنا العجيلي عن رائعة البدوي "البلبل الغريب" التي نظمها في فيينا وبث فيها حنانه لحفيده محمد، والتي مطلعها:
سل الجمر هل غالى وجن وعذبا
كفرت به حتى يشوق ويعذباوأثارت القصيدة الشاعر الكبير شفيق جبري، فأرسل للبدوي رائعته "بلابل دوح". ومطلعها:
سل الشام من غنى حماها فأطربا
ومن راح يسقيها الشراب المطيبافرد البدوي تحية جبري برائعته "حنين الغريب"، ومطلعها:
وفاء كمزن الغوطتين كريم
وحب كنعماء الشآم قديموشعر كآفاق السماء تبرجت
شموس على أنغامه ونجوميلم شفيق كوكبا بعد كوكب
ونسق منها العقد فهو نظيمأما القصيدة التالية فكانت أول قصيدة جادت بها القريحة في سجن عدرا وقد جاءت، هي وقصيدة راعياه القرآن والإنجيل، بعد المسيرات التي حشدها النظام ضد تقرير ميلتس. ولكن هذه القصيدة تختلف عن أختها لأنها جاءت بيانا سياسيا؛ وقد أرسلتها بواسطة إدارة السجن إلى السيد قاضي التحقيق في محكمة أمن الدولة الأستاذ حبيب نجمة، ورجوته أن يضيف ما ورد فيها من معاني إلى مجمل التهم التي كان قد وجهها لي لأنها كلها تندرج تحت، باب: حرية الرأي.
فيا شام العروبة حدثيني
حمى الله العروبة من فـبـعث الرافدين يتيه قتلا فـيـا شام العروبة حدثيني فـهل عززت وحدتنا بصدق وهل حاسبت من عاثوا فسادا ومـن كنز الدراهم في بنوك أعـوذ بـه إذا ضلت عقول سـتـحرقنا وتقسمنا بطونا فدفع الظلم من خمسين عاما وإصـلاح يقود إلى التآخي | عداهاومـن طـغيان بعثيها حماها وبـعث الشام بالتضليل تاها إذا دارتْ هنا حربٌ رحاها ؟ وصنتينا بعدل لا يضاهى ؟ بدنيا الشام وامتصوا دماها ؟ مـلاييرا من اليور سباها ؟ وقـادتـنا إلى حرب رحاها كما صهيون تبغي أن تراها سيدفع عنها ما صنعت يداها سيسحق كل من عادى حماها |