عندما يبكي الرَّضيع

رأفت رجب عبيد

[email protected]

( لم يتوقف الطفل الرضيع / أحمد السموني الذي لم يكمل عامه الأول عن البكاء بحثا عن حضن والدته التي قتلها "رصاص مسكوب" على سكان قطاع غزة بدأته إسرائيل في السابع والعشرين من شهر ديسمبر عام 2008 ، لقد بقيالرضيــــع أحمد على قيد الحياة ،بينما قتلت والدته أمام أطفالها الستة ليفطم هو قسراً ودون سابق إنذار، فيما وجدت شقيقته الكبرى شيرين ابنة الثلاثة عشر ربيعا نفسها مسؤولة عنه وعن أربعة أطفال آخرين هي كبراهم ، وعندما يشتد البكاء بالرضيع أحمد، لا تجد شيرين التي أجبرتها آلة الحرب الإسرائيلية على أن تكبر قبل الأوان سوى البكاء والنحيب بجانبه ,وإلى أمه الشهيدة يرسل الطفل الرضيع هذه الرسالة )

أمّاهُ إني قد رضعتُ الآن آلامَ الفطامْ

وسرى بأوصالي بقايا مِن رصاصهمُ الحرامْ

تبكي عليَّ أخيتي

تبكي عليَّ بحُرْقةِ

غابَ الأمانْ

جفّ الحنانْ

تبكي جواري حسرة ً أختي "شرينْ"

تبكي ويقتلها الأنينْ

أنا لا أرى إلا الدموعْ

ما بين تشريدٍ وجُوعْ

أتراكِ أمِّي ترحلينَ بلا رجوعْ !

أتراك أمي تشعرين بما أكابدُ من عناءْ !

وأنا أرى حولي بُحَيراتِ الدماءْ

لكنني قبلَ اللبَنْ

أشربتُ حبيَ للوطنْ

وطني الوجيعْ

أنا لم أعُدْ – أمِّي- رضيعْ

اليومَ أكْـبـُرُ ألْـفَ عامْ

اليومَ أكـبُرُ رغـْمَ أنفِ الحِقدِ والموتِ الزؤامْ

اليومَ أكـبُرُ رغـْمَ أني ما تعلمتُ الكلامْ

ما عادَ يؤلمني الفِطامْ

أو صوتُ بارودِ اليهودْ

وإذا سمعتُ حديثَ قومِيَ عنْ سلامْ

نطقَ الحُطامْ

ضجَّ الرُكـامْ

بُـشرايَ أضحكني الكلامْ

هذا العَــراءُ هو السلامْ !

هذا الحُطــامُ هو السلامْ !

هذي الدماءُ هي السلامْ !

*****

أمَّـــــــــاهُ آواني الإبـــاءْ

أنا لن أضيعْ

إنْ هَبَّ في ليل الشتــــاءْ

هذا الصقيعْ

أو شحَّ في الناس الغذاءْ

أنا لن أضيعْ

أنا لستُ بالطفل الرَّضيعْ

فاطمئني

إنـِّي معي ربِّي وتحرُسُني السماءْ

*****

والخوفُ ماتْ

والبُلبُلُ الغرِّيدُ ماتْ

والحزنُ والآهاتُ في أرض الشتاتْ

يوما ًستصبحُ ذكرياتْ

فاطمئني

فالعدو هو الصريعْ

رغمَ كلِّ الكيدِ للوطن الوجيعْ

لستُ الصغيرْ

أنا شبلُ غزة َ والكفاحُ المُرّ والأملُ النضيرْ

فاطمئني في مقـامِكْ

واسْعدي عند المليكْ

واطمئني لن أضيعْ

إنّ حبِّ الحقِّ دِيني

ذلك الحصنُ المنيعْ

في جــوار الله إني

أطلبُ الخلـْدَ البديعْ