أملٌ حضاري
عمر أبو عبد النور الجزائري
[email protected]
يـا أمّـتـي انـتبهي قد عَنَّ لي أملُ
أَمْـرانِ لـو رُكِـبـاَ لانـهـدَّ شانِئُنا
نـورُ الـعـقيدةِ سرٌّ في الوجودِ خفى
تـصـوَّروا كيف يسمو الحاكمون بنا
تَـصَـوَّرُوا أنَّـنـا نَـرْعى مَكارمَنا
تـصـوَّروا أنَّ أبـنـاء الهُداة صَحَوْا
تـصـوَّروا أنَّ ذكـرَ الله يـصحبُهمْ
تـصـوَّروا أنَّ بنت الدين قد رجَعت
تـصـوَّروا أنَّ ديـن الـحُبِّ يجمعنا
تـصـوَّروا أنَّـنـا لُـذنـا بـمنهجنا
مـاحـطَّـنـا في الدُّنا إلا الهوى سفها
أضـحـى كـذيلٍ لأعداء الهدى طمعا
قـد أفـرغـت من لباب الدِّين هامتُه
الـشُّـرْهُ آيـتُـهُ ، والـحُـمْقُ رايتُهُ
* * *
يـا أمـتـي إنـذَ درب الـعـزِّ بيِّنةٌ
درب الـفـلاح سـمـوٌّ بالهدى وغِنى
درب الـرِّيـادة عَـوْدٌ لـلـرُّواد فما
أكـذوبـة الـشأو خلف الغرب فادحةٌ
الـغـربـ ثـبَّطنا عن عِزِّنا حسدا
الـعـلـم صَـنـعتُنا فاسأل حضارتنا
اسـأل مـحـابرهم ، واسأل منابرهم
فـالـعـلم غايتهم في الدين مذ سمعوا
الـعـلـم حـجَّـتـهم بالحقِّ صادعةٌ
الـعـلـم سِـرُّ هُـدَى ، آيات مُعتقَدٍ
فـالـذِّكر يدعو إلى رصد الورى طلبا
والـذِّكـر سـرٌّ لدى الأنزاه عن نظرٍ
* * *
يـا امَّـة فـرَّطت في الحقِّ فانحدرت
الـذِّكـر مـنـهـل أخلاق نسود بها
أركـانـهـا في الورى تبنى على مُثلٍ
والـغـرب قد غربت في الدَّهر أنجمه
لا تـلـزمي نكساتٍ في الورى فَرَطَتْ
قـومـي إلـى أمـل تـدنـو كواكبه
تـحـرَّري بـالـهـدى من قيد شانئنا
الأرض زاخـرة بـالـخـيـر ينهبها
قـوم مـن الـنَّـاس لا ديـنٌ يهذِّبهم
قـوم إذا حَـكَـمُوا جاروا وان حُكِمُوا
قـوم يـبـيـعون عزَّ الدَّهر في وطَرٍ
الـديـن مُـنـتـكسٌ والشأن مُرتكسٌ
فـقـد أقـامـوا رمـوزَ الغرب آلهة ً
هـمُ الـذيـن نَـضَـوْا للغرب عزَّتنا
هـمُ الـذيـن لـه خـانـوا مواطنهم
لـولا قـيـود بـهـم بـاتت تصفِّدنا
هـمْ سـوسـة نـخرت في جسم أمَّتنا
هـمْ غـيَّـبـوا في الورى أنوار أمَّتنا
داسـوا عـلـى قـيم الإسلام واتَّبعوا
كـل الـمـزايـا الـتي ساد العدوُّ بها
الـسَّـعيُ، والعدل، والتفكير في سُننٍ
فـكـم كـتـاب لـنا كالكنز عندهمو
أيـن الـمكارم في غرب طغى وبغى
فـالـفـاتـك الـجاني يلقَى حفاوتهمْ
مـن يـركـب الخزي في إتيان والدةٍ
من يبذل العرض ، بل لا عرض يبذله
مـن يـحـقر الناس أو يؤذي كرامتهم
من ينهب الأرض في شُرْهٍ وفي صَلَفٍ
مـن يـعـبد المال والأهواء من سفه
مـن أثـقـل الأرض بـالإفساد متَّبعا
مـن ضيَّقَ العيش بالبلوى فقد قَصُرَتْ
فـهـل يُـعـدُّ مثالا في الورى خَرِبٌ
* * *
يـا أمـتـي إنَّ ديـن الله بـاعـثُنا
الـذِّكـر يـرسـم نهجا في الحياة لنا
سـبـيـلـنا الحق والأخلاق فارتفعوا
الـنـصـر مـوردنـا حتما وغايتناالـدِّيـنُ مُـنـتـصرٌ وقد دنا الأجَلُ
وارتـدَّ غـاربُـهـ: الـعـلمُ والعملُ
بـالـعـلـمِ والـفهمِ والتَّطبيقِ يَشْتَعِلُ
لـو سـيَّروا الأمر بالإسلام ، لوعَدَلُوا
ويـخـتـفـي من حِمَانا الإثمُ والزَّللُ
هـبُّـوا لـغـايتهم في الدَّهر أو عَقَلُوا
إذا أقـامـوا بـأرض الله أو رحـلوا
إلـى الـحـياء وساد الطُّهر والخَجَلُ
فـي وحـدةٍ يختفي من حِضنها الدَّغلُ
مـنـهـاج خـالـقنا أوحى به الرُّسُلُ
فـالـجـيـل مُخْتَبِطٌ أزرت به الحِيَلُ
فـالـفـسـقُ ديـدنه والتَّيْهُ والكَسَلُ
جـهـلا وعـاث بها الإسفاف والخَبَلُ
والـرَّقـصُ غـايته والعِشقُ والغَزَلُ
* * *
فـالـحـقُّ كـالشَّمس بالأنوار يشتعلُ
عـن زيـغ مـغترب بالخصم يُنتَعَلُ
أعـلـى مـكـانتهم دهرا سوى مُثُلُ
فـالـغـرب كـارثةٌ يُمحى بها الأملُ
بـالـكـفـر خـدَّرنا ، قد شلَّنا البدلُ
عـن حرص سادتنا في العلم كم بَذلُوا
واسـأل حضائرهم في العلم كم رَحلوا
امـرأ بـإقـرأ، فما ضنُّوا وما كسلُوا
مـا ضـرَّهـا أبـدا جـهلٌ ولا جَدَلُ
أنـوار أفـئـدة تُـجـلـى بها السُّبلُ
لـلـحـقِّ والـنَّفْعِ والعقبى لمن فعلوا
في فضل من سبقوا أو سبق من وصلوا
* * *
بـالـحـقِّ تـرتـفـع الأقوام والمِللُ
إنَّ الـحـضـارة أخـلاق وتـنـتقلُ
تُـزْوى إذا هُـدمـت مـنها بها المُثلُ
مـن سـار فـي سُبلِ الإفساد لا يصلُ
لـكـلِّ حـادثـة فـي دهـرنا أجلُ
فـالأرض زاخـرةٌ والـنَّـهج مُكتملُ
قـدشـلَّـنـا- أسفا- دهرا بمن نَكَلُوا
قـوم بـمِـكـحـلـةِ الكفَّار إكتحلُوا
ولا خـلال ، عـلى الإسفاف قد جُبلُوا
خـانـوا، فـمـوقفهم في عيشهم خَلَلُ
فـالأكـل غـايـتـهم والمالُ والحُلَلُ
والـمـالُ مُـخـتلَس والعرضُ يُبتذلُ
وهـوَّنـوا من هدى الإسلام أو ركلوا
بـاعـوا له صَيِّنَ الأعراض أو بذلوا
أخـنـوا عـلـيها به ما صدَّهم وجَلُ
مـا نـدَّ عـن يـدنـا نبتن ولا زُحَلُ
قـد سـمَّـمـوه بما أخنوا وما جهلُوا
واسـتـبـدلـوها بخزي بات يُنتحلُ
حُـمـقًـا وأمـزجة تزرى بها الدولُ
أوحـى بـهـا لـهـمو أجدادنا الأول
مـنـهـا الـعـلوم وعزُّ الشأن يُنتهلُ
تـرى عـبـاقـرةً مـنـه لهم نهلوا
كـم روَّعوا في ربوع الأرض كم قتلوا
وقـاتـل الـطـفل في أعرافهم بطلُ
ولا يـسـاوره مـن فـعـلـه خجَلُ
فـالـعـرض مـنعدم أودى به الخَبَلُ
كـبـرا وبـغـيـا وما في رشده أملُ
كـأنـه خـالـد فـيـهـا فـلا أجَلُ
وشـأنـه الـظـلم والإسفاف والخَطلُ
حُـمْـقـاً يطيش به ، فالحمق متَّصلُ
عـن وصفها في الدنا الأفكار والجُمَلُ
من فطنة الرُّشْد ِ، مأفون الجوى ، نَذِلُ
* * *
نـحـو الـسُّموِّ فخلُّوا الغرب وانتقلُوا
بـه الـعـلـو وفـيـه الـعزُّ يَكتملُ
نـحـو الـعـقـيدة لا يُرجى لها بَدَلُ
لـو انـنـا لـلـهـدى والحق نمتثل