الزائر الأخير

الزائر الأخير

منير محمد خلف . سورية

[email protected]

جاءني ..

حاملاً في يديه

تقاويم عمري

الذي لم يرَ العمر فيه ،

وأمهلني بعض وقتٍ

لتدبير بعض الشؤون

وتصفية القلب ،

حاولتُ أن أتدبّر أمري

وأنهض …

كيما أقبل كفّيه ،

ألفيتُه شامخاً

واضعاً كفّه فوق صوتي

وأبعدني …

ثمّ قرّبني…

هزّني

جرّني نحوه

ثم باعد بيني وبيني

فألفيتُني آخراً

غير أني رأيتُ قواريرَ من فضّةٍ

حول رأسي

وشمساً وأغنية

من جبلّة نفسي

رأيتُ سمائي محطّمةً

والنجومَ فوانيسَ من قلقٍ ،

كانت الريحُ أقوى

وكانت تثور الهواجسُ فيّ ،

تقول يدايَ كلاماً

ولا أحدٌ مسمعاً

ما يدور بقلبي

رأيتُ دماً غير لوني

وحزناً بحجم الرحيلْ .

جاءني…

حاملاً فوق كاهله :

ألفَ صوتٍ عصيّ على الفهم

ناياتِ نعيٍ

وقبرةً من شفيف المراثي

وسوسنةً من أسىً

وعويلْ .

وأنا لم أعدْ مثلما كنتُ ،

لم تتيسّرْ أموريَ بعدُ

ولم أسعفِ القلبَ من جلطة الحبّ ،

لم أتمرّنْ على سنديان التناسي

ولم أشهرِ الخوفَ

صوب الحريق

الذي يتدلّى عناقيدَ من غسق الموج ،

يا أيّها ال يُسقِطُ الفاعلاتِ

من البحر

من نهر قلبي

ومن بنية الكلمات

ومن شامخ الروح

من أدمع القانتاتِ ،

.. اغْتسِلْ بنسيم الجهاتِ

وعبّ فؤادك من أوّل النبع

لا يستوي ال يعلمون

ولا الجاهلون بنعمة قلبي

فكلّ طيوركَ ملحٌ

وأسرابُ دمعٍ ثقيلْ .

لم أعدْ

أذكر الآن

أيّ الصفات تلائم أحواله

أو تفكّ غموضاً

كشِفْرته

لم أعدْ واضحاً ،

كنتُ أخشى سقوطي

 أمام اللغات

قُتِلتُ..

امّحوتُ كظلّ

تهاجم آثارَ أحلامه الظّلماتُ

حلمتُ قليلا

ومتُّ طويلا

ترمّلتِ الذكرياتُ

وأذكرُ

فرّقني القومُ

صارتْ حروبٌ

وماتتْ قلوبٌ

فكنتُ .. وصرتُ ..

وما زلتُ وحدي القتيلْ .