رسالة من مغترب
10كانون12005
فيصل بن محمد الحجي
رسالة من مغترب
إلى بلدتي الحبيبة (قارة)
شعر : فيصل بن محمد الحجي
كـالـسـيفِ فوقَ حياتنا ونـخـالُ بـسـمتَهُ ستثلجُنا ويـشـيـرُ يُغرينا لنرشُفَ ما مـا جـفَّ دمعٌ في محاجرنا يـا قـارة الأحـبـاب أرّقني ومـضـى بأنفاق الحياةِ على وسـرابُ آمـالٍ عـدا حَدثاً نـحـرَ الأماني في محاجرنا لـكـنـه قد خابَ حين سعى وتـشـبّث الحبُّ الأصيل لها فـمـضـى يغرّد دونما وجلٍ وبـنـى بأنفاس القريض هنا فـإذا نـظرتُ رأيتُها نظرتْ مـن ذاك؟ شيخٌ شابَ مفرقُهُ! أيـنَ الـفـتـوّةُ في توقّدها؟ أنـا يـا حبيبةُ ما أزالُ على ما زالَ في قلبي الشبابُ.. وما شـبـنـا وما شابت عزائمنا ذكـراكِ فـي الأذهـان عالقةٌ صـورٌ تـشعُّ بخاطري أبداً إنـسـانُـها.. بنيانها.. ورُبى الـجـودُ ظـاهرها وباطنها فـإذا بـقـارة تـنتشي فرحاً وكـأنـها طربت لما سمعت أتـحـبني؟ فلم ابتعدتَ إذن؟! لو عينُ كسرى شاهدت سمتي فـعـلام تـنأى شارداً؟ ومتى وإذا بـكـفـي تحتوي كبدي أنـا يـا حبيبةُ لم أدعك رضاً كـابـدتُ مـثـلكِ ما يكابدهُ إنّـا ألِـفـنـا الـعدل مؤتلقاً لـكِ فـي الفؤاد مكانةٌ سمقتْ لـمَ لا أُشـيـدُ بـقارتي ولهاً قُـطْـعـانـها قد أدمنت دَرّا وفـضـائـل قد أشرقت بِرّاً لـكـنّـمـا الأيـامُ قد قلبتْ قـد أثقلت بذنوبِ من جحدوا ولأنـهـم زرعوا الفسوقَ بها غـابـت غيومُ الخير عازفةً فـتـصحّر المرجُ الجميلُ بها أوّاه يـا ذكـرى تـؤرقـني! أنـا في اغترابي جففوا أملي يـا ربّ أدركـنـا بـمحنتنا فـهناك مات أبي ومات أخي وهـنـاكَ ماتت أمس والدتي * * * (خمس وعشرون) ارتوت ألماً | مَرَّاهـذا الـزمـانُ فقطّعَ فـتـصـبُّ فوقَ قلوبنا جَمرا فـي كـأسـهِ.. فيذيقُنا المُرّا إلا وفـجّـر دمـعـه حَمْرا بُـعـدٌ تـخطّى البرَّ والبحرا أجـسـادنـا وكـأننا أسرى دُفـنَ الـشـبابُ بلحده قسرا ومـحا السرور وأطفأ البْشرا مـتـعمداً كي يمسحَ الذكرى! فـي خافقي.. واستنفر الشّعرا مـتـغزلاً برياضها الخُضْرا بـيـني وبين حبيبتي جسرا نـحو المهاجر نظرة حيرى: أيـن الـشبابُ وشاربٌ طرّا؟ أيـن النضارةُ تنتشي سكرى؟ عـهـد الهوى أشدو به جهرا زالـتْ صـبـابـتُهُ لها بِكرا ونـجِـدُّ فـي أهدافنا الكبرى بـل إنـهـا حفرت بنا حفرا سبحانَ من أعطى ومن أثرى! مـثلُ الكواكب حاصرتْ بدرا غـيـمٌ وعـيـنٌ أبرزا خيرا ورنـت إلـيه بنظرةٍ حيرى لـكـنـهـا نظرت له غيرى وعـلـقتَ دوني بلدةً أخرى! مـا رام غـيري بلدة كسرى كـان المحبُّ يفضّل الهَجرا؟ ودمـوعُ عـيني موجةٌ حرّى بـل إنـني ذقتُ النَّوى قسرا مـن عـاشَ كـل حياته حُرّا لا نـرتـضي ظلماً ولا جورا وتعاظمتْ لتطاول الشِّعْرى(1) وسماتُها قد أعجزت حَصرا؟! وريـاضُـهـا قد أثمرتْ دُرّا وبـيـادرٌ قـد أتـخمت بُرّا بطنَ المجن لقارتي ظهرا(2) نِـعَمَ الإلهِ وأدمنوا الكفرا(3) جـعـلـوا ثراها يُنبتُ الفقرا والعينُ غارت في الثرى غَورا لا نبعَ.. لا مجرى.. ولا نهرا أنا لا أطيق لجرحها صَبرا؟! وبـقـارتـي قد جففوا الخيرا وابـعـث لـنا في ليلنا فجرا وشـقيقتي.. واستوطنوا القفرا أأنـالُ بـيـن قبورهم قبرا؟ * * * فـمـتى تلوح أمامنا البشرى؟ | العُمْرا
الهوامش:
(1) الشِّعْرَى: كوكب في السماء
(2) المجن: الترس، وقلب له ظهر المجن: أظهر له العداوة.
(3) الكفر: جحود النعمة.