لأنكَ يا (أنا) نفسي ..!
لأنكَ يا (أنا) نفسي ..!
لبابة أبو صالح
-1-
كعاصفةٍ ..
كريحٍ صرصرٍ تعتو
كساريةٍ ...
كموجٍ هاجَ بالسفنِ
كأني لستُ أعرِفني
كأني
غِبتُ عن مُدني
فلا جِسْرٌ تَذَكَّرني
و لا دربٌ
و لا جُدُرٌ
و لا أيٌّ من الأركانِ
في مدني / تَذكَّرَني !
و إني مِثلها أيضًا
نسيتُ دقائقَ الزمنِ !
بدأتُ أصافِحُ الأعماقَ
أنسلني
أحيكُ ثيابَ أغنيةٍ
و أُنشِدُني
فصبْحُ الفجرِ نيروزٌ
و فجرُ الصُّبحِ ميلادٌ
و ساعةُ عِشْقِنا
عَدنٌ
و أنهارٌ من اللبنِ ..
بدأتُ أصافِحُ الأعماقَ
في عينيهِ
أنسلني
أحيكُ ثيابَ أغنيةٍ
و أنشدهُ و أنشدني
" صباحُ الخيرِ
يا وطني
لروحٍ حرفُها حُسْنٌ
و حُسْنُ الحرفِ
يَعبرني " !
بدأتُ أعانقُ الأعماقَ
أغزلني
بخيطِ الصوفِ و الشَّجنِ
رداءً أرتديهِ إذا
نسيمُ العِشقِ أثلجني .
و أصهُرُ كلَّ أغنيتي
و أغفو عند
" ذوَّبَني " !
كعاصفةٍ
كريحٍ هزَّتِ الأنحاءَ في بدني
تساقطَ ثلجُ (كانونٍ )
و أسقطَ في الجوى حَزَني
كأني كنتُ في فصلٍ شتائيٍّ من الزمنِ !!
و إذ بمواسمِ الأشجانِ تأتي بي
إلى شَجَني ..
فلا أنسى مياوَمةً
تُسجِّلُ يومَ أرعدني ..
و لا أنسى مساجلةً بساحِ الصمتِ قدْ نُسِجَتِ
بمنطقِ عينهِ
عيني !
ففيها كلُّ ما قد قيلَ من شعرٍ
و ما قدْ قالهُ ( قيسٌ )
على وزنٍ من التعذيبِ و العشقِ
فذا قد قالَهُ ( وزني ) .
كأني كنتُ في ماضٍ من الألوانِ
و الحُسْنِ ..
فلم أعلم و لم أدري ..
بأني كنتُ في كونٍ
سوى كوني !!
و صرتُ أدورُ في فلكٍ
لأدري ثمَّ لا أدري !
-2-
سكنتَ الرُّوحَ
لا تعجبْ
فأنتَ الروحُ و الوطنُ !
سكنتَ الروحَ ذاتَ سِنَةْ
و صرتَ أنا ..
أيا من تَبَعَثُ الأحلامَ و الأشجانَ
في معنى ..
يساوي كلَّ ما في الحُبِّ من معنى !
أيا من تُسدِلُ الإشراقَ من عينٍ
لها وَسَنُ ..
و في الأعماقِ تُسكِنني
بُعيدَ التيهِ و الحَزَنِ
بُعيدَ الغُربةِ الصلدةْ
بُعيدَ القحطِ في روحي
تجيءُ الغيمةَ الحُسنى .
تجيءُ كأنَّكَ الغَدقُ
كطلٍّ قَطْرُهُ حلوٌ
يُبلِّلُ خافقي لونًا
و يُضفي دفأهُ لَوْنا !
-3-
مُغيَّبَةٌ عن الدنيا
بعطرٍ يرفُلُ الذكرى
بعطرٍ كنتَ تسكُبُهُ
فأجمعهُ...
كأحجارٍ من الألماسِ و الياقوتِ و الذَّهبِ
بلا ثمنٍ
فلا يُبتاعُ أو يُشرى !
كأنَّ العطرَ أنفاسٌ
لزهرٍ عانقَ الزَّهرا .
كأن العِطْرَ روحُكَ أنتَ
إن عَبَرَتْ
تُصيِّرُ حولها أسرى !!
فلا تعبُرْ بحسناواتِ بلدتنا
و لا حتى بجُلْنَارَا
و لا تعبر بعشتارٍ
لئلا تُهدِر السِّحرا .
سأجمعُ كلَّ هذا الحُسنِ لي وحدي
و أكتبَ وحديَ الشعرا !
-4-
قُبيلَ صياحِ ديكِ الفجرِ
يا مولايَ
قدْ دارتْ
ببالي أعظمُ الأفكارِ يا مولايَ
فاسمعها
سأتلُو اليومَ في الصلواتِ أدعيَتي
بأنْ يزهو فؤادُكَ أيها الأبيضْ
بكلِ تقًى و يزدانا !
و يصفو للجمالِ على
دروبِ الخيرِ
و الإحسانِ
إنسانا !
و أن ترقى لعليين في الدنيا
من الآنا ..
و أن تُجزى جنان اللهِ بعدَ
فناءِ دنيانا ..
سأدعو كلما سنحتْ
لي الفُرَصُ
سأدعو للسموِّ بأن
يغني فيكَ
ألحانًا و ألحانا ..
لأنكَ يا (أنا) نفسي
فَدُمْ فخرًا
و وجدانا ..