إلى طغاة العالم ... مرّة أخرى

د. مصطفى المسعودي

[email protected]

(بعد 75سنة على قصيدة أبي القاسم الشابي الحاملة لنفس العنوان ونفس الألم ...)

ألا أيّها الظالمُ المستبدُّ..

رُويدَكْ..رُويدَكْ..

رُويدكَ..

كمْ منْ طغاةٍ ..وكمْ مِن بغاةٍ ..

وكمْ منْ قساةٍ ...

على مَسْرح الظلمِ مَرُّوا

بهَذِي الحيـــــاهْ.

فصَالوا ..وجَالوا..ومَالوا..وقالوا..

ولكنْ ..وفي آخر العرْض

ماتوا بِذلّ كسِيري الجباهْ.

رُويْدكْ..رويْدكْ..

-

رُويدكْ..

فاْني رأيْتكَ تمْشِي الهُوَيْنى

فخُورًا...وأنفكَ عالٍ

يُطاولُ بُرْْج السمـــاءْ ..

رَأيتكَ تمْشي كأنّ الحياهْ

بَرَاها الإله.ْ...

لِتسْقي رُباهَا يدَاكَ بلوْن الدّماءْ

دماءٌ...دماء...دماءْ.

ملأتَ دُروبَ الحياةِ بالدموعْ

صَبغتَ سُقوفَ البَرايَا بلوْن الدّماءْ

-

رُويْدكْ..رُويْدكْ

فخلفَ الجراحِ زرعْتَ أنينَ الضّحايَا

وخلفَ الدمُوع جرَحْتَ قلوبَ اليتامَى

وخلفَ حديدِ السُّجون صَنعْتَ البلايَا

وجئتَ لِتمْرَحَ في نَشوةِ الجُبناءْ .

رُويْدكْ ..رُويْدكْ

رُويْدك..

فرَبُّ السّماءْ ..

يَرَاكا ..يَرَاكا ..يَرَاكا..

وَويْلٌ إذا مَا دعاَكا...

 إلــــهُ السّماءْ.

رُويْدَكْ ..رُويْدَكْ .

-

أمِنْ أجْلِ بعْضِ المَتاعِ

ومِنْ أجْلِ حُبِّ الكرَاسِي

نشرْتَ الدّمارَ ..نشرْتَ الغبارَ ..

نشرْتَ المـآ سِي ..

قتلتَ ..سَجنتَ ..سرقتَ..مكرتَ..

جَعلتَ الشعُوبَ تُقاسِي؟؟

جَعلتَ الشعُوبَ تُقاسِي؟؟

رُويْدكْ ..رُويْدكْ ..

عــدُوَّ الحيَاةِ..سَليل الحُطامْ

عديمَ الضّمير.. حبيبَ الظلامْ

رُويْدكْ ..رُويْدكْ.

-

فمَهْما علوْتَ ..

ومَهْما سموْتَ ..

ستبْقى الصّغير ،الصّغيرَ ،الصّغيرَ. ..الضّعيفْ،،

يَجيءُ الشتاءُ ..فتبْكي لِصوْتِ الرُّعُـودِ المُخيـفْ

تَجيءُ الشمُوسُ.. فتبْكي جَزوعاً لصهْدِ المصيفْ

وحينَ تظنُّ بأنكَ صِرْتَ قوِياً قوياً

تُذِلُّ قِواكَ صُُروفُ الزّمانِ الرّهيبْ

فتمْضِي مَهيناً وتخْبُو بقاع الخَريفْ

رُويْدَكْ ..رُويْدَكْ

-

فكمْ مرّةً قدْ أسَلتَ دَمَ الياسَميـــنْ..؟؟

وَكمْ مَرّة قدْ فتحْتَ جراحَ الأنينْ..؟؟

وكمْ مرّة قدْ سَجنتَ شذى العاشِقينْ؟؟

وكمْ مرّة قدْ ترَكتَ قلوباً تُغني نشيدَ غيابٍ حَزينْ..؟؟

وجئتَ لِتمْرحَ في نشوَةِ الظالمينْ...

رُويْدكْ ..رُويْدكْ

-

رُويْدكْ...

فهذِي الشعُــــوبُ..

ستخرُجُ يَوْماً لتأخُذ ثأرَ بَنِيهَا

فلا تنخدِعْ للهُمُودِ الذِي قدْ تراهُ

يُغطي صُراخ البَراكِين فِيها

ولا تنخدِعْ لِجبابرَةِ الأرْضِ يحْمُونكَ اليوْمَ

فالدّهرُ مُنقلِبٌ..

والليَالِي لكمْ قتلتْ عاشِقيها .

-

رُويْدكْ..رُويْدكْ ..رُويْدكْ....

حبيبَ الظلامِ... عدُوّ الحياهْ.

رُويْدكْ..فإنّي رأيْتُ الطغاهْ

برَغْمِ سُيولِ الدّمَاءِ التِي قدْأسَالوا

برَغْمِ زُهُور الرّيَاض التِي قدْ أزَالوا

رَمَتهُمْ بقاع سَحِــــــيقٍ دُروبُ الحَياهْ

فمَاتواعذاباً ...

ومَاتوا كِلاباً...

ومَاتوا حُفاةً عراهْ..

ومَاتوا..فما هَطلتْ فِي هَلاكِهِمُ دمْعة ٌ

وما نطقتْ في رثاءِغيابهِمُ بالكلامِ شِفاهْ..

ومَاتواحُفاةً عُرَاهْ..

لأنَّ الإلـــــهْ..

ولمَّا قضَى خَلقَ هَذِي الحيَاهْ

...فكانتْ سمَاءً،،

...وكانتْ سَلاماً ،،

...وكانتْ جبَالا،،

...وكانتْ مِيَاهْ...

أبَى ...أبَى ...أبَى

إرَاقة َقطرةِ دَمْ

على خدّ ثرَاهْ.

-

رُويْدكْ..رُويْدكْ..

فإني رأيْتُ صُراخَ الضّحايَا

يَشُقّ بعُنفٍ جدارَ الزّنازنْ

رَأيْتُ الطيُورَ الحَزينة َتبْكِي

فتبْكِي بُكاها الأمَاكنْ

وإني رَأيْتُ السّحابَ يَغــــــيبُ ورَاءَ السّديمْ

يَغـــيبُ ..ولـَــــــكنْ...

سيأتِي ثقيلا ..ثقيلا بهَوْل الدّمَارْ

لدَحْر الطغــــاةِ ..

وبدْءِ الحيـــــاةِ..

بصُبْحٍ جَــــدِيدْ...بصُبْح جَـــــديدْ.