سرحة مالك
سرحة مالك
د.حسن الأمراني
1
أنـا بـمـدارج الـعشّاق أرى العُشّاق يصطرخون حولي ولي من نشوة الصّحو احتراق كـأنّ هـديـر أوقيانوس وجدٍ أتـانـي مـن شميم عرار نجد لـه مـن أبـجـديات المعاني أتـانـي والصواعق مرسلات وعـصـف الريح يقتلع البرايا أتـانـي فـالربيع له انطلاق فـيـا أكـرومـة الحيّين رفقا وبـلّـغَـك الـمكارم سابغاتٍ خُـلـقـتِ أمـيرةً تطأ الثريّا لـمـاذا أنـت هـادئة شهودا فـهـل أشتط يوما في دعائي واطـمـع فـي ثيابك سندسيّا وتـلك الكأس تشرق في يميني ومـالي حين أهتف باسم ليلى كـأنْ لـم يـهـتف العبّاد قبلاً لـئـن كنّيت قد كنّى ابن ثور وإن صـرّحت فالمجنون قبلي "ومن شرف الهوى أني صريح" أخـاف يـزلّ إن أنطقْ لساني بـذلت الروح في الغمرات حبّا فـجـاء دعاؤك الموفور سيبا لـمـاذا جـئتِني والقلبُ عارٍ يـذكّـرنـي جمالكِ حين يبدو وضوء الشمس خلف الغيم أبهى ويـحـمـلني سناك إلى سناها تـحـدّر مـزنك الفوّاحُ طيبا وشمس الحقّ من فوديك راحت كـطـيف يمامةٍ عبرتْ قرونا لـئـن آنستُ عند حِماك وِردا فـقـل لابن الملوّح وهو يتلو إذا مـا الـعشقُ لم يُبْلغْك داراَ وقـل لـلـعامريّة حيث حلّت سـبـيلُ النور أنت بدون شكّ فـسـبْـحان الذي سوّاك سرّاً خـديـجة كانت الدّرع الموقّى ولـلـزهـراء سـرّ أحـمديّ وكـان مـديـنـةً لـلعلم طه | فذّاكـهمْس المُزن ينصبّ سـكـارى ما تحِير لهم جوابا أذاب الـقـلب واصطلم الإهابا تـغـلـغل في الحشا لمّا أهابا خـطـاب، يفتدي دميَ الخطابا حـروف تـمنح القلب الشبابا كـأنّـك شـاحـذ ظفرا ونابا كـمـا أعددت للحرب الحرابا يـغـنّّـيك (الليالي) و(العتابا) وقـاك الـلّـه سهماً قد أصابا ولـقّـاك الـنـعيم المستطابا مـحـاسـنُـهـا منعّمةً كعابا لـمـاذا أنـت عاصفة غيابا؟ وأسـتـسقي رحيقك والملابا؟ ومـن بستانك الخضر الرطابا؟ سـنـا الإيـمان يعلوها حبابا يـقول الناس شيخ قد تصابى؟ وقـسّ لـم يـر العشق اللّبابا وسـرحـة مالك برزت كعابا أفـاض، ومـن أفاض فقد أنابا يـوقّـع شـاعـرٌ ليس ارتيابا وإن أصمتْ يكن صمتي انتحابا ولـم أطلب على الحبّ الثوابا نـديّـا يـبعث الأرض اليبابا وثـوب الـعمر ينتهب انتهابا؟ جِـنـان الـخـلد مونقة رحابا وأعـذب وهو ينسكب انسكابا ويـكـشف دونَ غَرفتها النقابا سـمـاويّـا ولم يعرف سحابا تـضـيء بأمر باريها الهضابا إلـيـكَ مـمالك العشق انسيابا لـقـد لاقيت من نصَبي نِصابا مـن الصبوات شعرا مستطابا مـنـعّـمـةً غـدا عشقا كِذابا وقـد لـبست من التقوى ثيابا ومـن يـبْصر حقائقه استجابا عـن الخطرات والأذهان غابا وكـان لـمـرْيمَ التقوى حجابا دم الـسّـبطين صار له جرابا وكـان الـمـرتضى للعلم بابا | انصبابا
2
أرى البوسفور يُطلع وجهَ أروى
فـقـلت: بُنيّتي..هيّا الحقي بي
لـقـد تـرك الـمدينة مطمئنّا
تـكـنّفه الهدى من كل صوب
ومـا رغب المجاهد عن حِماه
ولـكـنْ نـورُ ربي وهْو أبقى
وقـامـت بـنت ملحانٍ تنادي
أنـاسـاً يركبون البحر خضراً
مـلاحـم لـم يشبها ثوب زور
تـحـقـقت البشارة يا حبيبي
فـكـيف يقيّد الطين انطلاقي؟
إذا مـا رايـة رفـعـت لمجدٍ
بـغـاث الطير تأمن في حماه
وأسّـس مـلك عدل لا يبارى
ألا يـا أيّـهـا الـعلم المفدّى
تـرى الفتح المظفر خير كأسٍ
خـرجت وريح جعفر خير حاد
وسـقـت الخيل تطّلب المعالي
فـقـل يـا حـالما بلواء حمد
أنـا الإيمانُ مثل الشمس يجري
ويـغدو الكوخ قصراً مشمخرّاً
وأرسـل طـائري نحو المعالي
وإن الـبـلـبل الموفور عشقاً
ويـمـنـح لحنه للفجر يرجو
تـأمّل:"أن تكون" وليس "تبدو"
تـضيق بي البلاد وباصطخابي
"ألـسـتُ بربّكمْ" لي خيْر زاد
أدرهـا يـا نـديـم فما سواها
ورُشّ بـهـا غداً قبري إذا مايـقـول: أطلتَ يا أبتي الغيابا
هـنـا الإسلام قد ضرب القبابا
أبـو أيّـوب وامتشق الصعابا
فـردّد كـلّ مـحـروم: أصابا
ولـمْ يـكسبه ترك (الدار) عابا
غـدا يـحـدو بـهمّته الركابا
وخـلّـفـت الأساور والخضابا
مـلـوك أسـرّةٍ مـلكوا الرّقابا
وكـم لـلحق ثوب الزور شابا
فـهـذا الـبحر وطّأ لي الجنابا
ويـرجو النجمَ من وطئ الترابا
غـدت بـيمين أور خان العُقابا
ويـورث كـلّ جـبّـار عِقابا
وأعـلاه اقـتـدارا لا انـتهابا
ظـمـئت فلم يك الإثم احتقابا
وطـاب الـفتح للظامي شرابا
إلـى الفردوس، تعتنق الضرابا
فـكـان الـنـجم منزلها غلابا
يـظـلّـل في القيامة من أنابا
لـغـايـتـه ويـنتظم الهضابا
إذا مـا الـنّـور للأحشاء جابا
فـيـمـسي في دياجيري شهابا
يُـخـلّـف لـلدياجير الغرابا
مـن الـورد استماعا لا رضابا
طـريـقُ هدى لمن فقه الكتابا
فـتـغـدو الـسّدرة الغرّا مثابا
ونـور "بلى" غدا عندي شرابا
أريـدُ... بـسرّها زدني اقترابا
يـدُ الأقْـدار قـد طوت الكتابا
3
تـمـلّـكَ عندليبُ الكوْنِ قلبي
ألـيـس مـعـلّمَ الأكوان ألقتْ
ومـن غـير المعلّم يرتجي من
وعـلّـمـني المحبّة والتصافي
عـلى دين الحبيب يكون موتي
لـقـد شـرُف الرّقيم بساكنيه
أحـلّ الـعـشـقُ منزلةً هواه
فـكـيف وفي حراءٍِ قد تجلّى؟
أنـا قـطمير من قدمي حبيبي
ولـو أنـي وقفت العمر مدحا
لـقد عَرضتْ فقال: إليك عنّي
وقـد كـشـف الغطاء له عيانا
فـمـا ازداد الـفـؤاد به يقينا
يـهـيج ليَ البكاءَ الذكْر حتّى
تضعضع مركبي المسكين وجدا
وقـال الـعاشق المجْنونُ قولا
"مـحـمّـدُ ارتـقى فأتى محلاّ
ألا قـسـمـاً لـوَ انّي يا إلهي
صعدت إلى الجبال فطاش عقلي
وكـيـف وقـد دنا حتّى تدلىفـأسْـكـنَ مهجتي مُدُناً رِحابا
إلـيـه الأمـر لـلـه احتسابا؟
يـسـوق لساحه النّجُب العرابا
وبـصّـرني بها العجَب العُجابا
وما الصبّ الحزين كمن تصابى
وأعـلـى ذكـرُ قطْميرَ الكلابا
رجـاها بعْضُ من لبس الثيابا
وكيف ومن حراءَ همَى شهابا؟
أقـبّـل عـند حضرته الترابا
لـما أفرغت من مدحي الوطابا
ولا آلـوك بـعـدا واجـتنابا
وشـاهد عالم الغيب اصطحابا
إذ ازدان الـكـمال به اختضابا
جميل الصبر في الأحشاء غابا
فـمـوج البحر يوسعني عتابا
وعـاه الكون فانشعب انشعابا:
غـدا لـلـسـدرة الغراء بابا
أتـيـتـه ما رضيت به إيابا"
فـكيف وأحمدُ اخترق الحجابا؟
فـصار من الحبيب الفرْد قابا؟


