رقيم الدم
ابن الفرات العراقي
[email protected]نـبـتـتْ بأنفاسِِ الجراحِِ مزارعُ
وتـزاحـمتْ بفراتِ روحي همةٌ
ويجيشُ فيضٌ في الحشاشةِ هزّني
وأطـعـتـه فـاربـدَّ فيَّ مهابةً
حـمـمٌ تـجـالدُ للعوادي عصفَها
فـلـكـلِّ عـصرٍ للفنونِِ رُواتهُ
ويـدي بـهـا رهـقٌ يؤبَّنُ موته
عـللٌ تعرِّشُ في الضلوعِ تبيحُني
فـأتـتْ عـلى غمراتها في دفقها
تَـعـبٌ وقـدّاسـي جنائزُ يومِنا
تـعبٌ تطاعنتِ السيوفُ بأضلعي
أنـا مـوجـعٌ وعروبتي أزلامُها
والـمـجدُ ضاع َعلى موائدِ لهوِهم
أمـسـى مـهاناً .ضائعاً ومضيعاً
والـنـاس أصـنافٌ تريكَ غرائباً
وبـذاك تـسـكنُ تخمةٌ مشدوهةٌ
والـشـعـبُ مـأكولٌ وآكلُ نفسِهِ
هـذي بـلادي يزدهي فيها البلى
مَـنْ ذا ومـا حـنتْ يدٌ لرغائبٍ
تـشكو الكنائسُ غربةً عن قرعِها
أيـنَ الأُسـاةُ سـجوننا قد أُتْخمتْ
ويـقـادُ جـمعٌ والنفوسُ ذواهلٌ
ودمُ الـعـذارى صـيّروهُ موائداً
ويـدقُّ خـازوقٌ بـأسـفلَ ثائرٍ
قـد أُكـرهوا وبهم تجيشُ مراجلٌ
عَـظُمَ الذليلُ فطاشَ قدْراً وازدهى
لا بـدّ مـهـمـا وطّـأوا بمناسمٍ
زمـنٌ بـه تـسمو الصغارُ دناءةً
كـم مـن مُدانٍ من سوابقِ جُرمه
إيـهٍ عـروبـةُ مـا سئمتُ وإنما
كـم نـكّأوا فينا القروحَ ومزَّعوا
ولـكـم أداروا بـالكؤوسِ نجيعنا
واسـتـأسدت زمرُ الثعالبِ شهوةً
وعـدتْ ضـغائِنُهم فأغرقَ حقدهم
وَهـمُ عـلى سهراتهم قد أفرطوا
وأنـا انـكـسـارٌ غـارقٌ بفلاتهِ
ونـزيـفُ شـعبٍ يمتطي أحزانَهُ
ويـجـيءُ يركبُ موته وعروشُهم
وحـصانُه الخشبي يسرجُ سرجَه
قـد سـربـلـتُه دُنا الكراسي ذلةً
والـحـقُّ مـن زمنٍ يهانُ مبرقعاً
ويـدُ الـزنـاةِ تـطالُ أيَّ مدينةٍ
وطـني يباعُ على مصاطبِ أمتي
يـتـفـاوضـون على بقايا شهقةٍ
قـلْ لـلـذين على البلاد تآمروا
أمـا الـذين على العروشِِ تكالبوا
مـهـمـا تجبّر أو طغى مستعمرٌ
ستزولُ عن ظُلمِ العروشِ كروشُهم
وزِّعْ دمـاري فـوق كـلِّ ربـيةٍ
وزِّعْ شظايا العمرِ عرسُ صمودِنا
أطـلـقْ فباقي العمرِ ليس براحلٍ
وزِّع رفـاتـي فـالدروبُ تشيلها
بـحزامِ موتي شدَّ ضلعي والتمسْ
شـدُوا الخواصرَ أحْكموا أطواقَها
سـتـظـلُّ أنفاسي تلاحق موتهم
عـمـري سـيلعنهم ويَنثرُ بينهم
وتصيرَ أعضائي رصاصَ حريقهم
وأصـيـرَ دربَ الـمهلكاتِ كتائباً
ودمـي اشـتعالٌ للخلاصِ نذرته
سـأحـيـلُ موتي مهرجانَ سعادةٍ
نـرقـى لـمـيلادِ الحياة سلالماً
ونـشـدُّ خيطَ الشمس حبلاً للعلى
لا بـدَّ تـبـزغ ُ فـي دُجي آفاقنا
العزمُ في رصِّ الصفوفِ على الفدا
فـإذا الـعـصي ُّ تفرَّقت وتشتتْ
فـالـدربُ نحو الخلدِ يبدأُ شوطه
رحـبُ الـمدارِ وفيه عزٌّ يُجتبى
وجـسـومنا مَددُ الخلاصِ معابراً
أنـا حـتفهم .تلدُ النهايةُ من دمي
يـا أيـهـا الحكامُ يا مَنْ باسمِكم
فـغـداً قـريبٌ والعروش لمنتهى
وغـداً إذا اسـودَّت وثارَ عجاجُها
وغـداً قـمـامـاتُ الزمانِ تلفكم
وتـجـيـشُ فـينا نهضةٌ وعزائمٌ
هـيـا أحـيطوا بالعساكر جرمَكم
آتٍ وتـروي الـرافـدين دماؤنا
لـن توقفَ الأبراجُ زحفَ عرمرمٍ
سـتـصيرُ أشلائي شظايا موتكم
وغـداً جـمـاجـمُكم تداسُ ذليلةًوعـلـى شـفاهي تستحمُّ مطالعُ
عـربـاءَ هشّتْ للصراعِ سَواجعُ
شُـعـلاً .وعجّت بالعروقِ نوازعُ
وتـكـسّـرتْ فـيما يرومُ موانعُ
وتَـسُـدُّ أقـطارَ السرابِ زوابعُ
وأنـا رواتـي لـلـزمانِ روائعُ
والـمـوتُ لـيس إليهِ عنّي دافعُ
قـلـقـاً وروحـي للنزيفِ تشايعُ
عـطـشى الصهيلِ بها تعجُّ بدائعُ
وبـهـا احـتضارٌ شدّني وتنازُعُ
ولـكـم تـطاولَ بالتبختر صافعُ
فـوق الـكـراسي وحدها تتنازعُ
وَهُـمُ كـثـيرانِ السباقِ تصَارَعُ
ودمُ الـمـفـاسدِ للكروشِ يُجامعُ
هـذا يـعيشُ على الكفافِ وجائعُ
والـسـلـبُ فـينانُ المهابةِ شائعُ
ومُـهَـجـرٌ ضَمتْ بنيهِ شوارعُ
مَـنْ ذا لإنهاضِ الرجالِ يُسارع ُ؟
عـنّـا .يـفـكُّ قـيودَنا ويمانعُ؟
وأِلـى الآذانِ بـنا تصيحُ جوامعُ
وبـهـا تـقـامُ إلى الزناةِ فضائعُ
لـتـسـودَ للموتِ الرهيبِ ذرائعُ
لـتـحـاكَ في ليلِ الجنوحِ بشائعُ
لـيُـصَـادروا أحـلامَهُ فيطاوعُ
وعـزائـمٌ عـزمُ السيوفِ قواطعُ
كـالـهـرِّ يـنـفشُ ذيلَهُ ويطالعُ
سـتـهـدّ أركـانَ الطغاةِ زعازعُ
وتـتـاحُ لـلـغـرِّ البهيمِ مشارعُ
مـصَّ الـدمـاءَ وكم تعمَّمَ ضالعُ
سـمـلـتْ دماي من الدماءِ وقائعُ
مـنـا الـجسومَ .فبانَ نزفٌ فاقعٌ
وبـنـا تـظـاهرَ بالتأسّفِ راقعُ
وتـنـمـرت مثل الأسود ضفادعُ
لـعـروقـهـم وبنا تشامخَ خانعُ
بـفـجـورِهم .ولكم توجَّعَ جائعُ
بـالـجـمر أُكوى .للتحرّرِ طامعُ
حـلـمـاً إلـى وعد النهار يُطالعُ
مـثـلُ الـغثاءِ .على الدما تتبايعُ
والـسـيفُ مفلولُ الجنائبِ خانعُ
ومـضـى إلى وزرِ البغاةِ يصانعُ
وبـحـيّـنـا تـيهاً تعيشُ فواجعُ
وشـمـاتـةً فـيـنا الرعاةُ تبايعُ
خـلـسـاً .وتدمي شاطئيْهِ مدافعُ
صُـلـبتْ وتصرخُ بالحنين بلاقعُ
لا بـدَّ يـومـا تـستفيقُ مَصارعُ
الـشـعـبُ لـلـشذَّاذِ حتماًَ قامِعُ
أو زادَ فـي خـنقِ الجهادِ مُشايعُ
ولـقـد رمتهم بالحضيضِ نوازعُ
كُـتـلاً بـأنفاسِ الشهيدِ تصارعُ
مـنـهـا الرواجمُ للجلاءِ تضارِعُ
مـا دمْـتُ سكينَ النضالِ أضاجعُ
كُـحـلاً لـلـيلاتِ السراةِ يشايعُ
دربـاً .فـانـي لـست فيه أُمانعُ
بـدمـي إلـى لـيلِ الغزاةِ أقارعُ
وتـشـيـعُ فـيهم للدمارِ أصابعُ
لـلـرعبِ حتى تستجيبَ مسامعُ
يـشـوي وتغرقُ بالضرام مرابعُ
تـسـعـى جـماحاً للفدا وتسارعُ
هـديـا لـينبتَ منه غصنٌ فارعُ
لـلـعـابـريـنَ وللوغى نتدافعُ
صـبـراً .عن العلياء لا نتراجعُ
وبـه الـخـطى لمفازِها تتسارعُ
شـمـسٌ . وأنَّ الحقَّ حتماً راجعُ
لا أن تـظـلَ على الخنوعِ تبايعُ
سـيـزيدُ قتلا ً بالشعوبِ الطامعُ
مـن صـيـحةٍ بفمِ الزمانِ تقارعُ
وبـه فـنـاءُ الأكـرمينَ لواسعُ
لـتـضيءَ شوطَ السالكينَ أضالعُ
أأبـى سـواهـا غـايـةً وأمانعُ
نُـسـبـى وللأمرِ المهولِ نطاوعُ
ويـزاحُ عـن صدرِ العروبةِ قابعُ
وتـضـيـقُ فـيهم بالزحامِ متالعُ
والـغـائـلاتُ .تـدوسُكم وتنازعُ
وتـسـيـرُ لـلفتحِ المبينِ طلائعُ
فـأنـا حزامُ النسفِ لستُ أصانعُ
وبـنا ستزْهرُ في الربوعِ مزارعُ
فـالـسيلُ يدهم ُعاصماً ويصارعُ
ومـقـابـراً لـلـبغي فيه ينازعُ
أنـفـاسُـهـا .وبها سيلهو شارعُ

