سبع شداد ..
د.حسن الأمراني
*سبع شداد قد خلون
فهل عسى عام يغاث الناس فيه ويعصرون؟
ها أنت أقرب ما تكون إلى الجنون
والموت أقرب ما يكون
من بعد سبع أدبرت
أحلامك البيض الحسان حسيرة
وتولت الآمال
وانهارت قلاعك والحصون
وتفرق الأحباب ، يا قلبي الطعين
فبمن نلوذ ؟
بمن نلوذ ؟
وسطوة الهجر استطالت
والحرائق دونهم حمراء
والدم …والمنون ..
ما أنت يا دنيا ؟
شباك غواية
إلا المحزون مضى أرق الجفون
إن الهوى يردي، فحاذر أن توليه،
ولذ بعباءة
نسجت غلائلها بكف من يقين
يا صاحبي !
مالي وللدنيا تمد بساطها
كيما تهد ركائبي ؟
وغدوت وسط بحارها الغضبى
كأني أزرع الأوهام
لا أجني سوى الريح العقيم
تلهو بمركبتي ،
وألهث خلفها شرها ،
وليست غير ظل زائل بعد المقيل ؟ !
ما هذه الدنيا ؟
شراك غواية
إلا المحزون الفؤاد مسهد
متذكر…
متفكر …
متطهر …
مسترشد …
متعبد …
متهجد …
يحدو به الشوق القديم على حمى
سكان أربعه أحبة أحمد
ويمد للغيب المهيب جناحه
والنفس بين مصوب ومصعد
ما شاقها إلا نداء يمامة
قامت مسبحة بليل مجهد:
لا تصلح الدنيا سوى لمن اتقى
ظن الجهول سواه غير مسدد
صوامة …
قوامة …
لوامة …
تردي الدجى بقنوتها المتوقد
أوابة …
توابة …
نوابة …
لم يثنها نزع الشوى عن مقصد
وتريك من حسن الشمائل جنة
تسبي الخلي بحسنها المتجدد
أوصدت من فرط الجراح مدائن القلب المسهد
فاستوت في الروح مئذنة
وميلادا جديدا ..
أقبلت
ما استأنست
ما سلمت
وكأنها بصرت بقلبي غير مسكون وفيه متاعها
هي من إذن ؟
هي صبوة المستضعفين
وكعبة العشاق
والسر المصون
كغمامة وطفاء
تسكن ظهري امرأة
لها في كل فاصلة يد
وبكل نبض صيحة
وبكل سطر من حروفي شهقة
فإذا هي ائتلقت
أسميها بلادي، لست أنكرها
أنصب حبها علما
وأمنحها دمي.
وإذا غدت طيفا
وأصبح حبها منفى
أسميها ، إذن ، ليلى
ولا أدري لها نعتا ولا وصفا
ولكني أغنيها:
دعي بيني وبينك – كي أراك – مسافة
وتدفقي بالنور والأشعار
فإن الشمس ، يا ليلى،
إن اقتربت
تكاد الشمس يخطف ضوؤها الأبصار
ليلى نداء من سماء الغيب
يختزن الشموس
وقصائد الشوق الجنوني القديم
ليلى! ويورق أحلامي الرغاب
ليلى ! وتفتح دون آمالي
مصاريع التراتيل المطهرة العذاب
ليلى ! ويوقد في ظلام الروح مصباح الهداية
بعدما ضلت ركابي
ليلى ! أأصدقك الأحبة ما يليق
بصوتك القدسي، في زمن التوجس،
أم صبأت إلى سواي
وقد رأيت هواجر البيد الغضاب
يأكلن من لحمي
ومن عظمي
وتشرب هذه الدنيا الدنية من شبابي ؟
كم من شبا ظفر وناب
كم مخلب ضار خبيء
راح يطمع في ثيابي
لا وتر عندهم لدي
سوى احتكامي لامتشاق الحق
في زمن الخديعة والسراب
ليلى ! وما ليلى ؟
صلاة الياسمين
وشهقة الورد
وكتيبة الإيمان
تتلو سورة الرعد
ليلى نشيد الدفء في الليل الشتائي الطويل
وسفينة المستضعفين، وراءهم ملك غشوم
ملكتها قلبي، وميراثي، وأسطورة الشعور
وطردت عطشتها
بتسنيم تفجر من صخوري
هي من إذن ؟
هي نفحة زارتك في وقت الهجير
مسكية الأكناف من ريح الصبا
هي إن دنت رؤيا مقدسة
وإن تبعد أضاءت كوكبا
تستوطن الشهب البعيدة عطفها
وتجوس ليلى الأخيلية في بياض كتابها
وتطل خولة من شهيق ترابها
وتخبئ الأقمار
سر الكوكب الدري تحت ثيابها
هي كعبة الفقراء
والأمل المخبأ في الجفون
فكيف ؟ كيف تظاهر الأعداء ؟
كيف يضيع ميثاق غليظ عمره العمر ؟
وأنا الذي ملكتها أمري
وهذا الماء من نبضي
ينابيعا وأنهارا
إلى أعراقها يجري
( أينكرني دمي ؟ )
فاستوسقت من نبعهن السنبلات
كما على الملك ، النجاشي العظيم ، استوسق الأمر
إذا قالوا : لقد أزرى بك الدهر
أقول لهم : ألا إن الهوى مصر
ليلى ! أنادي ، فاسمعي فصل الخطاب
إني تركت وراء ظهري زخرف الدنيا وباطلها
فلا عجب إذا قل الصحاب
لاشيء يجمعنا إذا ما فاتنا نور الكتاب
وجميع ما أضحى على الدنيا
تراب في تراب
أحسبت أن الطين يقدر أن يوحدنا
إلى يوم الحساب ؟
جسدي على الصحراء ، يا ليلى،
تحيط به الذئاب
وتنوشه السم الحراب
ليلاي ، مد بنوك أيديهم إلي
بما تقر به عيون الشانئين
وأنا الذي أطعمتهم لأسد غلتهم عيونا من لبن
ولكم مددت يدي إليهم ناصرا
كم ذدت عن أعراضهم
ولكم حميت حياضهم
لكنهم قلبوا لأبناء الحمى
ظهر المجن .
أنا النيل ، لا خيري بخاف عليكم
إذا أغدقت كفي وكم جئت آسيا
أنا الأزرق الموار، أمنحكم دمي
وكم من يد عندي لديكم فما ليا ؟
ألم أك نارا يصطليها عدوكم
وحرزا لما ألجأتم من ورائيا
وباسط خير فيكم بيمينه
وقابض شر عنكم بشماليا
* شاعر وناقد من المغرب