في يوم عرفات
05شباط2005
خالد البيطار
في يوم عرفات
شعر : خالد البيطار
(سمعت صوت المذيع يتابع الحجّاج في ساحة عرفات، فتذكرت المشاهد كلها وأحسست كأني معهم، أسير بسيرهم، وأقف بوقوفهم، وأدعو بدعائهم، وأرفع صوتي، وأمسح دموعي..
ثم ألتفت يميناً وشمالاً فأجدني لا أزال في بيتي).
| جـسـمي هنا والروحُ في عرفات بـيـن الجموع تكاد تسمع صوتهم بـيـن الخيام تطوف نشوى علَّها * * * وتـعـود لـي حيناً وتنقلُ ما رأتْ لم يستطع جسمي المسير ولم تطق فمضت ولبَّتْ وارتدت بيض الثياب وتـوجَّـهـت لـلبيتِ تَرْمُلُ حوله ثـم ارتوت من ماءِ زمزم وانثنت وهـنـاك بـين الدمع والدعوات ذابـت من الشوق المهيمن وانبرت وأنـا هـنا في البيت أجلس حائراً * * * إنـي أنـا الـمـشتاق لكن حيلتي وأخاف أن يرخى الحجابُ فلا أرى أرجـو وأخـشـى والفؤاد مؤرق ما لي سوى الرحمن يملأ بالرضى * * * يـا راحـلـين إلى المدينة إن لي وتـبـلـغـوهـا للحبيب وتنقلوا إنـي هـنـا وأحـبتي ترنو إلى نـصـرٍ مـن الله الـعزيز وإنني عـودٍ حـمـيـد لـلهدى وتزاحمٍ فـي كـل أرض صـحوة وتسابق إنـي لأبـصـرهـا يزاحم فجرُها لـكـنـنـا رغـم الهداية لم نزل وبـلادنـا مـنـكـوبة وحصوننا وريـاضـنـا ما زال يرتع فوقها وشـبـابـنا يتسابقون ليتقنوا الفنَّ وسـراتـنـا في نومهم وضياعهم * * * يـا راحـلـيـن إلى المدينة إنكم فـعـسـى الإله بصدقكم ودعائكم ويـغـيـث أفـئـدةً تطاول ليلها | تـجـثـو هناك بجانب الصخراتِ مـتـوجـهـين بأصدق الدعواتِ تـحـظـى بـعفو الله والرحماتِ * * * فـتـزيدني في الشوق والحسراتِ روحـي الـقـعـود بهذه الغرفاتِ وأحـرمـت مـن سـاحة الميقاتِ وتـشـيـر للركنين(1) بالقبلاتِ تـمـشـي مع الحجاج في عرفاتِ وتـعـطُّـرِ الـنسماتِ بالنفحاتِ تـدعـو بـقـلبٍ خاشع النبرات روحـي هـنـاك وها هنا زفراتي * * * قـصـرت ودربي غُصَّ بالعثراتِ هـذي الـبـقـاع لـكثرةِ الزلاتِ عـصـفور روضٍ تاه في الفلواتِ قـلـبـي ويُـسـعد باللقاء حياتي * * * أمـلاً بـكـم أن تـحملوا كلماتي مـع كـل أشـواقـي له عبراتي نـصـرٍ مـبـيـنٍ لا محالة آتي لأرى الـبـشـائر تملأ الساحاتِ فـي سـاحـة الـمـيدان للجناتِ -مـع صـادق الإيمان- للطاعاتِ جـيـشَ الـظـلام بـقوة وثباتِ فـي فـرقـة وتـخـاصم وشتاتِ مـفـتـوحـة الأبواب والشرفاتِ سـربُ الـجراد وهائمُ الحشراتِ الـرخـيـص وآخـر الصرعاتِ وجـنـوحـهـم لـلـهو واللذاتِ * * * أدرى بـمـا قـد حـلَّ من نكباتِ أن يـسـتـجيب ويكشف الكرباتِ ويـرد كـيـد الـمـستبد العاتي |
(1) لبّت: لبيك اللهم لبيك.
(2) الركنين: الركن اليماني وركن الحجر الأسود.