في وداع رمضان

فى وداع رمضان

لا يا أمير الشعراء*

شعر: الدكتور جابرقميحة

[email protected]

رمـضـانُ  ودَّع وهو فى iiالآماق
يـا  لـيـته قد دام دون iiفراقِ(1)
مـا  كـان أقـصَـرَه على iiأُلاَّفِه
وأحـبَّـه فـى طـاعـةِ iiالخلاق
زرع الـنـفـوسَ هـدايةً iiومحبة
فـأتـى  الـثمارَ أطايبَ iiالأخلاق
«اقـرأ» به نزلتْ، ففاض iiسناؤُها
عـطـرًا  على الهضبات iiوالآفاق
ولِـلـيـلةِ  القدْر العظيمةِ iiفضلُها
عـن ألـفِ شـهر بالهدى iiالدفَّاق
فـيـهـا  الملائكُ والأمينُ iiتنزَّلوا
حـتـى  مـطـالعِ فجرِها الألاق
فـى  الـعامِ يأتى مرةً .. لكنّه ii..
فـاق  الـشهورَ به على iiالإطلاق
شـهـرُ  الـعبادةِ والتلاوةِ iiوالتُّقَى
شـهـرُ  الـزكاةِ، وطيبِ iiالإنفاق
لا  يـا أمـير الشِّعر ما ولَّى iiالذى
آثـاره فـى أعـمـقِ iiالأعـماق
نـورٌ مـن اللهِ الـكـريمِ iiوحكمةٌ
عـلـويـةُ الإيـقـاعِ iiوالإشراق
فـالـنفسُ بالصوم الزكى تطهرتْ
مـن  مـأثـم ومَـجـانةٍ iiوشقاقِ
لا  يـا «أميرَ الشعر» ليس iiبمسلمٍ
مَـن صامَ فى رمضانَ صومَ iiنفاقِ
فـإذا  انـتـهـتْ أيامُه iiبصيامِها
نـادى  وصـفَّق (هاتها يا iiساقى)
(الله  غـفـار الـذنـوب iiجميعها
إنْ  كان ثَمّ من الذنوبِ iiبواقى)(2)
عـجبًا!! أيَضْلَع فى المعاصِى iiآثمٌ
لـيـنـالَ  مغفرةً.. بلا استحقاقِ؟
أنـسـيـتَ يومَ الهولِ يومَ حسابِه
حـينَ  التفاف الساقِ فوقَ iiالساقِ؟
وتـرى  الـمنافقَ فى ثيابِ iiمهانةٍ
ويُـسـاقُ  لـلـنيرانِ شرَّ iiمساقِ
لا  يا «أمير الشعر» ما صام iiالذى
رمـضـانُـه  فـى زُمْرة iiالفسَّاق
لا  يا «أمير الشعر» ما صام iiالذى
مـنـع  الطعام، وهمه فى iiالساقى
من كان يهوى الخمرَ عاش أسيرَها
وكـأنـه  عـبـدٌ بـلا .. iiإعتاق
الـصـومُ  تـربيةٌ تدومُ مع التُّقَى
لـيـكونَ  للأدواءِ أنجعَ iiراقى(3)
هـو  جُـنـةٌ للنفس من iiشيطانِها
ومـن الصغائرِ والكبائرِ iiواقى(4)
الـصومُ - يا شوقى إذا لم تدْرِه ii
نـورٌ وتـقْوى وانبعاثٌ iiراقى(5)
واسـمع - أيا من أمَّروهُ بشعره –
لـيـس الأمـيـرُ بمفسدِ iiالأذواق
إن الإمـارةَ قـدوةٌ iiوفـضـيـلةٌ
ونـسـيـجُـها من أكرمِ iiالأخلاق
والـشعرُ  نبضُ القلبِ فى iiإشراقِهِ
لا دعـوةٌ لـلـفـسقِ .. iiوالفسَّاق
والـشـعر من روح الحقيقة iiناهلٌ
ومـعـبِّـرٌ عـن طاهرِ iiالأشواقِ
فـإذا  بَـغَـى الباغى بدتْ كلماتُه
كـالـساعِرِ  المتضرِم .. iiالحرَّاق
وإذا  دعـتْـه إلى الجمال iiبواعثٌ
أزْرى  على زريابَ أو iiإسحاقِ(6)
لـكـنـه يبقى عفيفًا .. طاهرًا ..
كـالـشّـهـدِ يحلو عند كلِّ iiمذاق
رمضانُ - يا شوقى - ربيعُ iiقلوبنا
فـيـها  يُشيعُ أطايبَ iiالأعباق(7)
إن يـمْـضِ عـشنا أوفياءَ iiلذكِره
ويـظـلُّ  فـيـنا طيّبَ iiالأعْراق

                 

الهوامش:

* نظمتُ هذه القصيدة معارضة لقصيدة أحمد شوقى التى يقول فيها:

رمضان ولّى هاتها يا ساقى      مشتاقة تسعى إلى مشتاق

(1) الآماق: العيون.

(2) ما بين القوسين من قصيدة شوقى

(3) راقى «من الرقية» أى معالج.

(4) جنة (بضم الجيم) وقاية وحماية. وفى الحديث النبوى «الصوم جنة».

(5) راقى: سام رفيع.

(6) زرباب وإسحاق من أشهر موسيقيى العرب.

(7) الأعباق: جمع عَبق: وهو الرائحة الطيبة.