هم العالمين
هم العالمين
عمر بهاء الدين الأميري
رحمه الله
لا لَـمْ أَنَمْ ، بلْ قد أَرِقْتُ و للصُّداعِ رحىً تَدورْ
وبمحجرَيََّ مِنَ الهمومِ لَظىً ، وَفي رَأْسي تدورْ
و الـغُـرْبـةُ اللَّيْلاءُ في عُمري أُوامٌ لا يَحورْ
عَقمَتْ (جنيفُ) فلا أنيسَ ولا حبيسَ ولا سُرورْ
وحـدي أعـدُّ دقائقي وأضيعُ في تِيه ِ الدُّهورْ
بـيـنَ الـتَّأَلُّم ِ والتَّأَمُّل ِ في الْتِباسات ِ الأُمورْ
حَـيْـرانُ أفـتقدُ المعالِمَ ، لا حِجابَ ولا سُفورْ
سـكرانُ أبتدرُ الصَّلاةَ ، وخمرتي صبُرٌ طَهورْ
أَسْـهو وأَصْحو والدُّجى ساجٍ وفي نفسي فُتُورْ
وأظَـلُّ فـي شـبْـهِ الكرى متقلِّباً حتى أخورْ
فـأغيبُ عن دُنيا شعوري في ضَبابِ اللاشعورْ
مـاذا؟ أأنـبـاءُ الغيوبِ غداً ، وسُكَّانُ القُبورْ
مِـنْ كـلِّ فـجِّ يـنـسـلونَ كأنهُ يومُ النُّشورْ
يَـتَـدافَعُونَ بقضِّهِم وقَضيضِهِم عَبْرَ العُصورْ
كُـلُّ يُـسـارِعُ فـي مُناهُ ، وإنَّها لَمُنى غَرورْ
وأنـا أحـسُّ بـكاهلي الأعباءَ قاصمةَ الظُّهورْ
أعـبـاءَ كُـلِّ الخلْقِ ! وَيْلي كِدْتُ إعياءً أَمُورْ
وكـأنَّما اجتمعَتْ على صدري مُلمَّاتُ الصُّدورْ
فالأَرْضُ تحملَني على مَضَضٍ وتوشكُ أن تَفورْ
وفتحتُ عَيْنَيْ يقظةٍ غَرْثى ، وفي حَلْقي حَرورْ
وشَـرَعْتُ أَصْحو مُثْقَلَ الأنفاسِ مَبْهورَ الشُّعورْ
وفـمـي الأجَـفُّ كأنَّ في جَنَباتِهِ نَبَتَتْ بُثُورْ
أغْـمَضْتُ عيني مرَّةً أُخرى ، ومَزَّقْتُ السُّتورْ
وَمَضَيْتُ أرنُو في كتابِ الغَيْبِ ما بينَ السُّطورْ
فـرأيْـتُ أَهْوالاً ؛ وكانَ الْحَقُّ مِنْ غَيْظٍ يَفُورْ:
بحرٌ منَ الظُّلُماتِ ، والظُّلْمِ المؤَجَّجِ ، والشُّرورْ
والـكَوْنُ بالغُربانِ عجَّ ، فلا صُقورَ ولا نُسورْ
وَأَلَـمَّ بي ، أو كادَ ، يأْسٌ : فالدُّنى خَتْلٌ وَزُورْ
ونظَرْتُ والأحْلاكُ تدفَعُ نظرَتي خلْفَ الْحُسورْ
فَـلَمَحْتُ في بَوْنِ الدُّجى الْمَسحوبِ مُنْبلجَ البُكورْ
ورأيْتُ صَرْحَ الْمَجْدِ ينتظرُ الْجَسورَ ولا جَسورْ
وَوَجَـدْتُ هَـمَّ الـعـالَمينَ بقلبِ إيماني يَسُورْ
وكَـأَنَّ إِنْـقَـاذَ الـوُجُـودِ عَلَيَّ مِحْوَرُه يَدورْ
ورأيْتُني ، وأنا.. أنا المِسْكينُ ، كالأسدِ الهَصورْ
وحدي ، تسلَّقْتُ الرياحَ الهَوْجَ ، سُوراً إِثْرَ سُورْ
وَمِنَ الذُّرى أبْصَرْتُ دَرْبَ الخُلْدِ رَشَّتْهُ العُطورْ
وَتَـلامَـعَـتْ فـي مُنْتَهاهُ طُيوفُ جَنَّاتٍ وَحُورْ
وسَـمِعْتُ ثَمَّ هَواتِفَ الأقدارِ: حَيَّ عَلَى العُبورْ
فَـقَذَفْتُ نفسي ! غَيْرَ أَنِّي شِمْتُ أجْنحةَ الطُّيورْ
بُسِطَتْ لِتحملني ، وحطَّتْ بي على جَدَدِ المُرورْ
فتحتُ عيني ، والخلافةُ في رُؤى أَمَلي الغَيورْ
والـرُّوحُ يَـقظى ، والأمانةُ في دَمي نارٌ وَنُورْ
والـعَهْدُ في عُنُقي ، وأمرُ اللهِ ، في عَزْمي يَثورْ