أنتَ الكتابُ و كلُّنا قُرّاءُ

أنس إبراهيم الدّغيم

جرجناز/معرّة النعمان/سوريا

[email protected]

وشّيتُها ذهباً و راقَ الماءُ

في كأسها فتسابقَ النّدماءُ

رقّتْ محاسنُها فلا هي أحرفٌ

تُتلى و لا هي غادةٌ صهباءُ

القاصراتُ الطّرفِ من خَفَرٍ لها

دِيَمٌ و أنت لمائهنّ إناءُ

يوشينَ بالمعنى و يمسكُ بعضها

خجلاً فلا ألفٌ يُرى أو باءُ

يا ماءَ بدرٍ لو لمستَ قصائدي

سُقيا لزهر قصائدي يا ماءُ

*********

آنستُ نارَكَ فالتمسْ لخواطري

قبساً يضيءُ القلبَ يا سيناءُ

تَرِبتْ يداي إذا حُرِمتُك شافعاً

و مُنعتُ حوضَكَ أيّها السّقّاءُ

يا أيّها المكتوبُ في أعماقنا

أنت الكتابُ و كلّنا قُرّاءُ

*********

إي يا بن عبدالله ما بلغَ الهوى

منك الذي يرجو و لا الشّعراءُ

كم غادر الشّعراءُ من نظمٍ و كم

راحوا على طُرقِ البيانِ و جاؤوا

و تظلُّ في كلّ القلوبِ محمّداً

الصّمتُ فيكم و الكلامُ سَواءُ

فانظرْ إليّ إذِ المدائحُ جمّةٌ

و تعدّدتْ في حبّكَ الأسماءُ

و إذا قريشٌ لم تسعكَ بيوتُها

فالشِّعبُ قلبي و الفدا الأحشاءُ

يا أمّ معبدَ ليت قلبي خيمةٌ

لتدوسَه بنعالها النّزلاءُ

*******

يا سيّداً و محمّداً يا فوقَ أنْ

ترقى إليك الأعينُ العمياءُ

هم حاولوكَ فلم ينالوا و انتهوا

و سموتَ حتّى لا تُرى فاستاؤوا

لم يعرفوا قدرَ النّبوّةِ فارتقوْا

عبثاً لكي يصلوا إليك فباؤوا

و تسلّقوا سورَ الجمال فأُتبِعوا

بشهابِ صدقٍ من يديك فساؤوا

لتظلّ في خَلدِ الزّمان محمّداً

مهما جنتْهُ رسومُهم و أساؤوا

هم حاربوكَ فأنت أوّلُ ضوئنا

ليموتَ في أُفقِ الشّعوبِ ضياءُ

هم حاربونا فاستفاقتْ غزَّةٌ

في كلّ قلبٍ و استجدّ لواءُ

و لكي يظلّ الدّينُ هانتْ أنفسٌ

و توسّدتْ هذا التّرابَ دماءُ

فنموتُ ألفاً كي تعيشَ عقيدةٌ

و نُهدُّ ألفاً كي يتمّ بناءُ

فلْيحبسوا صوتاً سيوقظُ ليلَهم

من صبحِ أرضِ الرّافدينِ قُباءُ

ولْيشعلوا ناراً سيطفئُ نارَها

" حم " و الأنفالُ و الإسراءُ

و ستعلنُ الدّنيا خلافتَنا فلا

نامتْ عيونٌ أهلُها جبناءُ

**********

إن شئتَ سلْ عنّا تجبْكَ الصّينُ عن

أخبارنا و تردّدُ الحمراءُ

سلْ أيُّ بحرٍ ما لهُ من رَوحنا

موجٌ و نجمٍ ما له لألاءُ ؟!

نسقي الورودَ الظّامئاتِ بطيبنا

و من العيونِ الباكياتِ الماءُ

فإذا لبسنا للحروبِ دروعَنا

فمن الدّماء المسكُ و العرفاءُ

طافتْ على وجه الثّرى حملاتُنا

فلهديها في العالمين رُخاءُ

فسيوفُنا حمراءُ من وهجِ الهدى

و قلوبُنا من وهجهِ بيضاءُ

في بيعةِ الرّضوان كانَ لقاؤنا

و على تخومِ الرّومِ كان لقاءُ

فرجالُنا عند المعارك عامرٌ

و نساؤنا عندّ اللّقا خنساءُ

و قوافلُ الخيلِ الأصائلِ حُوّمٌ

عمْروٌ على صهواتها و براءُ

فسطاطُ عمْروٍ في صحائفِ حسننا

و يمامُ مِصرٍ كلّه شهداءُ

غنّى لنا رملُ الحجازِ و أزهرتْ

جرّاءَ خيلِ محمّدٍ سيناءُ

إنْ يحمدِ القومُ السُّرى في صبحهم

فلخالدٍ عندَ الصّباحِ بلاءُ

من كان في هذا الوجودِ محمّداً

أو منه فالدّنيا له دهماءُ

*******

مولاي ذكرُ الخالدين مفازةٌ

تُرجى و وصلُكَ للقلوبِ رجاءُ

الباقياتُ الصّالحاتُ و ما حوتْ

من غير حبّكَ ما لهنّ بقاءُ

فعليك من ديم الصّلاةِ هواطلٌ

مُزنٌ و من دِيَم السّلام رواءُ