واقـع المسلمـين
شعر الدكتور عدنان علي رضا النحوي
كم كان أهلكِ يـا ديـارُ بغفوةٍ فَتَحـوا الطَريـق لمجرمٍ مُتَطَوِّلِ
قَطِـعوا حِبالَ أُخوَّةِ الإيمانِ ثُـ ـمَّ مَضَوا ليُعْلُوا رايَةَ المتسـلّل
غَنَّوْا شِعاراتِ الضَّلال وَصَفَّقوا لِعَـدُوّهـمْ ، لمُنافـقٍ ، لمُضـلِّلِ
فتحـوا الدروبَ لكلِّ غازٍ مجْرمٍ فتـحـوا القلوبَ لكلِّ عِـلْجٍ مُقْبِلِ
فتمـزّقـوا إربـاً على عَصَبِيَّةٍ جَهْلاءَ ترمِيهِمْ بِأرْضٍ مجْهَل ( 1)
تـاهـوا ولـفّهم الظَّلامُ و غُيِّبوا بَيْـنَ المسـارِبِ في الظلام الأَلْيَلِ
كم مَـالَؤُوا ذاكَ العَدُوَّ وَكمْ تُرَى رَكنـوا لـطـاغٍ فوْقَهُمْ مُسْتَجْهِلِ
حتى غَدوْا بْينَ الَّشعوب كأنّهم ذرُّ الرّمـادِ بـسـاحـةٍ أو مَحْفلِ
أو فـضْلُ ثَوبٍ قد أَضرَّ به البِلى يُلْقَى بقارعَـةِ الطّـريق مُهلْهَلِ
أَضْحَتْ شُعوبُ المُسْلمين غنائِماً ما بَيْنَ مَـسْـحوقٍ و بَيْنَ مُكبَّلِ
تركُوا سَـبيلَ اللهِ واتخذوا الهوى شَـرْعاً فَـقُـطِّعَ كلُّ حَبْلٍ مُوصِلِ
فـإذا بنـا عُصَبٌ مُشَتَّتَةُ الهوى أبـداً وعاصِـفـةُ ارتجـالٍ أعزَلِ
فِتَنٌ تأجّجُ في الصُّدُورِ وفي الربى لَهَبـاً ! وكلٌّ في لـظاها يَصْطلي
دَوّتْ شِعـاراتٌ مُزَخرَفَة الهوى سقطتْ و تاهت في طريق مُوْحِلِ
كلٌّ يقولُ أنا الذي ينجي الدِّيا رَ بوَهمِـهِ وَشِـعـاره المتَـعَجِّلِ
كُلٌّ يقولُ أنا " الذي "فإذا " الذي " ليسَ " الذي " يا ويحَ من لم يَفْعَـلِ
أيْنَ المناهِجُ ؟! لا تَرى أحداً يُسَا ئِلُ عَنْ سَبـيـلٍ للنجَّاةِ مُفَصَّلِ
أو أَينَ أهْدافٌ وأيْـنَ مَـعَـالمٌ تُجْـلى عَلى دَرْبٍ إِليها مُوصِـلِ
الدّرْبُ في شَرْقٍ يَتِيهُ ، وجَوْهَرُ الـ أهَدافِ في غَرْبٍ يضِلُّ و شمأَلِ
خَـدرٌ يَـسيلُ معَ الدِّماءِ و يغْتَلي بِيْن العُروقِ و في الفُؤادِ وَمفْصَلِ
ويُصفِّـق الغافونَ في أَحْـلامهمْ بَيْـنَ الملايينِ الـتي لَمْ تَحْفلِ
ضَجَّتْ حَنَاجِرُهُمْ ! وأُلْهِبَتِ الأكـ فُّ لكُلِّ مُصْطِنـع بَـدَا وممَثِّلَ
عَمّ الضجيج ! مظاهراتٌ هَاهُنا وهُـنـا على لَهَـبٍ لَـديْهَا مُشْعَلِ
ضَجُّوا ! وبعد هنيهَةٍ غابَ الضَّجـ ـيجُ وغابَ كُلُّ مصفِّقٍ ومُهَرْوِلِ
وتفرَّقَـتْ تلك الحنَـاجرُ والأكُـ ـفُّ وسَادَ صَمْتُ العاجز المتَنَصِّلِ
تمضي السِّنونَ ! تمرُّ تَسْأَلُ أَين مَنْ ضجُّوا وأَين حَصادُ جُهْدٍ مُمْحِلِ
يا أمَّتي ! كم مِنْ دِماءٍ قَدْ صَبَبْـ ـتِ وَمِنْ صريعٍ في الدَّيارِ مُجدَّل
كمْ جُدْتِ بالكفّ السخيّ على ميا دين النِّزالِ و جمْعِها ؟! لَمْ تَبْخَلي
قد جُدتِ بالمالِ الوفيرِ وَ بالدّمـا ءِ بكلِّ غُصْنٍ مِـنْ شبابِكِ مخْضَلِ
كمْ منْ نـسائِك قَد خَلَعْنَ قلائداً زانَتْ وَجُـدْنَ بكلّ غـالٍ مِنْ حِليَ
وطفولـة هَبَّتْ تَواثَبُ في الحمى وَثْبـاً إلى الميْـدانِ لمْ تَـتَـمَـهَّلِ
جَعَـلوا مِنَ الحجَرِ الأَصمِّ مَلاحِماً دَوَّتْ ! وَمِنْ عَزْمٍ هُـدى المـتأمِّلِ
فكأَنَّـه العْملاقُ هَبَّ و دُونَه الـ أَقـزامُ في هَلَـعٍ و طـول تَمَلْمُلِ
يا أُمّتي! مَهْلاً! بَذَلْتِ مَعَ السِّنيـ ـنَ تطولُ! أيْنَ جَنى العطاءِ المجْزِلِ
يا أُمَّتي ! لِمَ ، بَعْد بَذْلِكِ ، لم نَجدْ إلا الهَزائِمَ ؟! هَلْ وقفْتِ لتسألي ؟!
يا أُمّـتي طالَ المدى ! عظَمُ البَلا وَعَـلا نَـشيُـدُ الـقـاعِد المتقوّلِ
كمْ مَهْرجَانٍ صاخِبٍ متموِّج ؟! كمْ نَدْوة؟! كم مُلتَقىً؟! كم محْفِل ؟!
هلا وقَفْـتِ لتسْألي سَبَبَ الهزا ئم والقوارِع ؟! فانْظُري و تَأمَّلي !
كم حَوّلـوا بِالوَهْم كُلَّ هَزِيمَةٍ نَصْراً وَزانوا مِـنْ ربىً أو منزِلِ
أخْفَوْا أَسالِيب الجَريمَةِ ! ويحَهمْ مَهْـما يَـطُـلْ مَكرٌ لهمْ لا يَنْطلِ
واللهُ يَـشْهـدُ وهـوَ خَيرٌ شاهداً مَـكْرَ الشَّـقيِّ وَفـتْـنَـةَ المتحيّلِ
نُزِعَـتْ مهابَتُـنا وفُلَّ سِلاحُنا وَهَوتْ صُروحُ المجْدِ حُطَّتْ مِن عَلِ
وتَفَّرقَتْ تلـكَ الـقُـلوبُ ومُزِّقَتْ تِلْكَ الصُّفـوفُ و تـاه كلُّ مؤَمِّلِ
لا يُرْتجى نَصْـرٌ وأمرُ المسْلميـ نَ مُشـتّتٌ في غـفـوةٍ وتَعَلُّـلِ