مرارة وصرخة

شعر: عبد الرحمن بارود

ادفني قتلاك و أرضي بالمصـيبةْ       واذهـبي عاصفة الليـل غريبـةْ

واقبعي حول الضحايا واذكري        عمُـراً مراً و أوطـاناً سـليبـةْ

وأدخلي السجن الذي شيدتـه       وتـواري في الزنازين العصـيـةْ

و أرسفي في القيد حتى تهرمـي       واكتبي أغـنـية المـوت كـئيبةْ

 واتركي الطوفان يعلو موجُـه       و يغطـي هـذه الأرض الجـديبةْ

وارمقي المجد الذي حطمـتـهِ       واعصري القلب الذي خنتِ وجيبهْ

أنت ضيعت الرجولات  سدى        أنت أطلقت يد البـغي الخضـيبه

أنت قد وليت عمياء الخطـى         وحميت  الوحشَ أغـريت نيوبـه

فأغـرقـي في لجـة مجنونـة         يا شـعـوباً لم تعـلمها المصـيبه

اطفئي المـصباح يا ريح الردى       واصرخي في الشرق واجتاحي دروبه

و ادفعي السيل على أنقاضـه       وارفعي بيـن الأعاصـيـر نحـيبه

واتركيه مـوحِشاَ منـدرسـا       أبعـدي عـنـه ولا تبكي غروبه

     

و أرانـي غـارقـاً في ألمـي        ويصـب البؤس في روحي لهـيبه

وأرى أرجـوحـة دامـيـة        وشـراعاً يشهد المـوج مغـيـبه

وأرى أوديـة مـهـجـورة        وربا محرقـة كـانت خـصـيبةْ

و قطيـعاً في البراري يختـفي        لم يجـد عشـباً ولم يعرف قليـبه

و بنيات يصفـفـن الحصـى        ويفـاخرن بأسمـال معـيـبـه

آه يـا قطعانـنـا لا تسألـي       كل من في شرقـنا يدري عيوبـه

     

زمـجري يا راية الله ارجـعي       واخفقـي فوق صحـارانا الحبيبةْ

واجمـعـي أشتاتنا في حـيـنا      و اقذفي المـوت بنا وامضي مهيبةْ

و أعيديـنـا إلى أيــامـنـا     حيـث جـبريل على رأس الكتيبةْ

زعمـت شـرذمة  منـبـوذة      من صعـاليك وأبـواق كذوبـةْ

أن قـرآن الهـدى ماتـت على    دفـتـيـه كل آمـال العـروبةْ

فانـبرت مكَّتـنـا  شـامخـة      تـصهل الخيلُ  حواليها غضـوبةْ

و غدا اليرموك موجـاً مرعـباً      ورؤى حمـراً وألحـاناً طروبـةْ

وجرى يصرخ في عرض الدجى       أيـن يا  خالـد أيام الشـبيبةْ

نحن أقسمنا علـى أرماحـنـا       أن نعيد النور للدنيا الرحـيـبةْ

نحن  لم نضـرب سـتاراً حولنا       يا بـقايا من حثـالات  عجيبةْ

نحن ربـيون ذا مصحـفـنـا       يعـرف التـاريخ رباه وطـيبةْ

عمُـرٌ منـا ومـنـا طـارقٌ       و لكـم أنتم شـعارات قشيبةْ

فاعرفونا و احذروا أقدامـنـا       إن  أقـدام العمـاليق رهيـبةْ!