بين الجُبِّ ... و ما يخفى

أنس إبراهيم الدّغيم

القائد إسماعيل هنية

أنس إبراهيم الدّغيم

جرجناز/معرّة النعمان/سوريا

[email protected]

إلى الأخ القائد : إسماعيل هنيّة ( أبو العبد )

حفظهُ الله

لقد مرّوا و طيفُكَ لا يمرُّ

و هم مكروا و عند اللهِ مكرُ

و عادوا بالقليلِ فلستَ فيهم

بغيركَ كلُّهم يا أنتَ صفرُ

و مازلتَ انتباهاً من ضياءٍ

فكيف يضمُّ هذا النّورَ بئرُ ؟

وأشهدُ أنّ غيبتَكَ احتضارٌ

لنا و حضورَهم ما فيهِ خيرُ

و لم يظلمكَ هذا الظّلمَ جُبٌّ

و لكن سوّلتْ نفسٌ فصبرُ

*  *  *

أمرُّ إليك منّي كي أراني

فأنت أنا و دونَ أناكَ كُثرُ

وأنت أبي أقاتلُ عنهُ حتّى

يُضرّجَ بالنّدى سيفٌ و شِعرُ

وأنت الصّبحُ يعلنُ ما لديهِ

فيورقُ في سِلالِ الضّوءِ عُمرُ

وأعلمُ أنّ سنبلةً ستبكي

طويلاً حينما يُغتالُ فِكرُ

وأنّ يمامةً ستموتُ حزناً

إذا الفسطاطُ هُدَّ و قيلَ ( عمرو)

*  *  *

لقد حبسوا مداكَ فكنتَ بُعداً

و بينك و المدى نسبٌ و صِهرُ

وهم طرحوكَ أرضاً كي يظلّوا

و يخلوَ وجهُ سيّدهم و صدرُ

فغِمتَ فصرتَ سقفاً من غمامٍ

و أبرقكَ الحصارُ فكانَ قطرُ

ليذهبَ ألفُ كرسيٍّ جُفاءً

و يمكثُ في قرارِ الجوِّ نسرُ

فإنّكَ فوق ما شاؤوا خضمٌّ

و هم في موجةِ الطّوفانِ نَزْرُ

و إنك كلّما قالوا قديمٌ

تحدّاهم هواكَ و قال : بِكرُ

فكم صُنعتْ وجوهٌ من ضبابٍ؟!

و وجهكَ أبيضُ القسماتِ بدرُ

و كم نامتْ عيونٌ كان أحرى

بها أن لا تنامَ و قامَ غِرُّ ؟!

ليصنعَ مجدَهُ من غيرِ مجدٍ

و يُبنى من عظامِ الشّعبِ قصرُ

و باسمِ الشّعبِ كم مُدَّتْ إلينا

أكفٌّ من دماء الشّعبِ حُمرُ ؟!ُ

و أقسمُ أنّه ما كان ذئبٌ

و لكنْ كان قبلَ الذّئبِ أمرُ

و إنّ دماً أرادوا منه شيئاً

دمٌ كَذِبٌ و ظلمٌ مستمرُّ

و هم جرحوا قميصَكَ ألفَ جرح

 بمُديتهم و لكنْ سال عِطرُ

ليعلنَ دولةً من ياسمينٍ

لها في معجمِ التاريخِ نهرُ

*  *  *

فياوطناً نحاصرُه و يبقى

و تضطربُ الحدودُ و يستقرُّ

و يا مطراً من الشّعرِ المقفّى

عليهِ توحّدا شعرٌ و نثرُ

و أنت أردتَ عِليّينَ بيتاً

و من طلبَ العلا لم يُغلِ مَهرُ

لقد حوصِرتَ من شرقٍ و غربٍ

فأشرقَ في جهاتِ النّفسِ فجرُ

لأنّكَ أمّةٌ دينٌ و دنيا

سقاها من سبيلِ الغيبِ ذِكرُ

و أنت اخترتَ أن تحيا كريماً

و تعرفُ أنّ دربَ المجدِ وَعْرُ

هي الأمجادُ يكتبُها رجالٌ

و إنّك في كتابِ المجدِ سِفرُ

*  *  *

نعيشُ و في ضمائرنا سجونٌ

و وحدَك في ضميرِ الجُبِّ حرُّ

و ليس الحرُّ من يمشي طليقاً

و قُضبانٌ بداخلِهِ و قبرُ

فيا عرباً سقاهم ماءُ بدرٍ

و يا عرباً بهم تُغتالُ بدرُ

و نسقط من حساب الضّوءِ عمداً

و أوّلُ أمرنا فتحٌ و نصرُ

و كم من أجلِ أن نحيا بذلنا

و خُضِّبَ في سبيل اللهِ نحرُ؟!

و ليس العيبُ في مهرٍ أصيلٍ

و لكن ربُّ هذا المهرِ غَمرُ

لماذا واحدٌ يعطي ألوفاً

من اللّاشيء و العشرونَ صِفرُ ؟!!!

و يجتمعون كي نبقى بلاداً

و تُعقدُ قمّةٌ ليضيعَ قُطرُ

و مُزجاةٌ بضاعتُهم و رُدّتْ

بأيديهم و مسَّ الأهلَ ضُرُّ

و إنّ لهم أباً عِِلْجاً كبيراً

لهُ في بيتِ أبيضهم مقرُّ

*  *  *

ألا يا أيّها الصّدّيقُ إنّا

مُنعنا كيلَنا و النّفطُ بحرُ

و نقتسمُ المذابحَ كلَّ عامٍ

تُراقُ مدينةٌ و يُهدُّ ثَغرُ

و هم حصدوا سنابلَنا  فعُدنا

بلا حَبٍّ فلا غَوثٌ و عَصرُ

وكم مرّتْ بنا سبعٌ عِجافٌ ؟

أتتْ من بعدها سبعٌ أمرُّ

و نأكلُ خبزَنا لنُباعَ نفطاً

و تأكلُ من رؤوسِ القومِ طيرُ

فياشيخي عرفتَ الدّربَ فالزمْ

فأنتَ لها يدٌ طولى و أزْرُ

*  *  *

لقد أخفيتُ حبّي عن كثيرٍ

و لن يخفى عليكَ اليومَ سِرُّ

سأعلنُ في ضميرِ الكون حُبّي

لقد أحببتُ ( غزّةَ ) .... لا مفرُّ

وياشيخي سنأتي ذاتَ صُبحٍ

فقُلْ لي سوفَ إنّ البعدَ مُرُّ

و بعد بياضها ستعودُ عينٌ

إذا فصلَ النّدى أو جاءَ نَشرُ

و نختصرُ الطّريقَ كلمحِ جرحٍ

و يُصنعُ من دم الشّهداءِ جسرُ

 و إنْ هم أغلقوا ( رفحاً ) علينا

 فنحو اللهِ للآتي ممرُّ

سيُفتحُ معبرٌ في كلِّ أرضٍ

و سوفَ يُقالُ : كلُّ الأرضِ ( مِصرُ )