برقية مفتوحة
برقية مفتوحة
ابن الفرات العراقي
[email protected]
مـرّ الـزمـان وشـاخت الأحزانُ
وتـعـرت الأكـفـان مـن أكفانها
ودمٌ يـسـيل على مشارط حقدهم
وطـوت قـطارات السنين دروبها
مـذ ودعـت فينا السيوف صليلها
وتـفرنجت فينا الحروف فأصبحت
وتـورمـت بـطن القصائد تخمة
لا الـغـار فـينا صاحباه .ترحلوا
لـم يـبق من زمن الفحولة واحدٌ
كـلا ولا( الـفـقـار) يبرق سيفه
لـم يـبق شيء فالصحابة هاجروا
ألـفـاظـه فـيـنا غدت مجهولة
وتـسـاقـطـت رايـاتنا مقهورة
هـنـا فـداسـونـا فاحدث بعضنا
وجـمـيـع حـكام البلاد تظاهروا
فـهـيـاكـل وهـمية ٌ وخرافة ٌ
أجـسـادهـم ، مـتخومة وبطونهم
وسـروجـهـم وسـيوفهم وخيولهم
وجـمـيـعهم قد سعروا تسعيرهم
حـكـامـنـا خـشب رماح قتالهم
فـرسـانـنا ركبت سروج جراحها
مـذ أعـلـنـت فينا الوجود دويلة
حـكـامـنـا جنس يضاجع نفسه
وتـضـخـمـت أثـداؤهم بحليبها
ومـخـنـثـون ، تكحلوا وتزوقوا
لـبـسوا الخمار ، تعطروا وتمايلوا
يـتناكحون ، ورقصهم في قصْرِهم
ومـفـكـرون بـفكرهم يزني البغا
متخصصون بفرك( خصْيان ِ) الدُّمى
حـكـامـنـا كي لا أحُشّمَ واحدا ً
ذهب الزمان ، فليس (معتصم) هنا
مـوتـى جـمـيعهم وغزة تلتظي
ذي غـزوة ،لا غـزة يـا سـادتي
فـي كـل يـوم ترتدي ثوب الشجا
يـسـتمتعون مع النسا في رقصهم
فـمـدجـنٌ ومـنـافـقٌ ومأمرَكٌ
وجـمـيـعـهم قد دخنوا سيجارهم
وجـمـيـعـهم وقفوا يرَوْنَ ممَاتنا
حـكـامـنـا ، عـقدوا بكل تفاهة
نـكـروا بلا دين ، وأنكر بعضهم
خـوفٌ وكـفـرٌ ، نابهم فوجوههم
وفـرائـسٌ. بـاءت بـكل ذنوبها
لـن يـصفح الرحمن عمّا أجْرمُوا
فـهـمُ بـقـايـا أمـةٍ أمـة ٌغدت
أسـيـادنـا خـدم ، وخير رجالنا
فـهـمُ إذا حـدّثـتـهـم بحديثهم
أزلامـنـا ..أزَمـاتـنـا بـزماننا
سـلـخـوا .وبـاعوا للبغايا جلدنا
وسـيـوفـهـم تمتد بين ضلوعنا
والـحـاكـم المحكوم يمشي خلفنا
عَـربٌ ، ولـكـن طبعهم وطباعهم
عـرب، قـمـامات الزمان تقيأت
مـتـديـنـون، محافظونَ، وثوْبهم
ومـقـامرون، وصحوهم بدنانهم
صـخـبٌ حـيـاتهمُ، ودينهمُ هنا
أسـد ولـكـن فـي الفراغ نزالهم
صـالوا على اللاشيء كان صيالهم
عـربٌ ، بـأعـرابٍ تـبرّأ منهم
مـتـعـاربـون يمجُّ واحدهم دماً
يـتـفـاوضـون على بقايا لحمنا
حـكـام هـذا الـعصر كوم مزابل
ألـفـاظهم فوضى ، بئيس كلامهم
قـبـقـابـهم ، يعلو على ساساتنا
* * *
مـن أيـن يا وجعي أجيءُ بأحرفي
الـحـرفُ مـا صَنعَ الفدائي لوْنهُ
فـحـيـاتـهـم أسـطورة وحياتنا
والـشعرُ ما روَّتِ الرّصاصةُ لحنهُ
والـشـعـراء هـم خدام كل مقاتل
هـم يـمـنحون الى الجمال جماله
يـا غـزة الـوجع المرير قصائدي
نـفـس الجراح جراحنا في عمقها
نـفـس الـقـتيل وقاتلي هو نفسه
زمـن بـهِ تثرى اللصوصُ ويَعْتَلي
(فمن المحيط إلى الخليج ) توارثوا
وقـبـائـل بطرت على رب السما
هـم يـنـعـمون بنفطهم .وجياعنا
ويـتـاجـرون بـمـوتنا وعقابنا
يـا غـزة الـجـرح الـكبير فكلنا
أنـا مـتـعـب أكل الدمار أحبتي
أنـا مـتـعـبٌ ودم العروبةِ شلتهُ
الـقـدسُ كـانت يا ولاة ُ عروسنا
عـنـهـا تخلى بعضنا في بغضنا
تـسـبى .وعجت بالمخاض دروبها
الـمـسـرحـيـة نفسها حبكوا لها
حـتـى إذا احتدمت وفار وطيسها
فـمـن ِ المجيرُ إذا الوصيُّ يخوننا
بـئـس َالـتآمر . طال فيه لهاثكم
مـا هـذه مـصر التي عهدي بها
مـصـر الـعروبة أهلها أهلي وهم
مـاذا جـرى فـتـغيروا وتغيرت
فالله غـادر مـن قـلـوب ولاتها
عـادت بـنـا الأنصاب يُعبدُ بيننا
وتـقمصت رئتي الرصاص .فقادتي
زعـقـوا ولم تسرج سروج خيولها
كـذَبـوا فـصـدقـنا وثرنا وحدنا
وبـنـا تنزلت النوازل . والتضت
نـزف أنـا شعري.واكتب في دمي
إنـي الـعراقي الذي رضع اللظى
واعـشـوشبت في أضلعي شهقاته
سـفـري بكل قصائدي .ومراكبي
أحـرقـت نـفسي شاعرا فتوهجت
إنـي أنـا الإبـحار ضد مواجعي
فـتـشت في كل الدروب على فمي
سـتـظـل أشـعاري تدك قلاعهم
لـلـظـالمين. وان تطاول ظلمهم
والـخـائـنـيـن البائعين حسابهم
آت ٍ وجـيـلُ الـثـائرين توحدوا
أنـا ضِـدُّ أمـريـكا، وضدّ دعاتها
أنـا ضدهم بل ضد من سرقوا دمي
أنـا أكـره المحتل يغصِب أرضنا
* * *
يـا صـوت مـئـذنة الجهاد بأمة
لـبـيـك من عمق الجراح نشيدها
يـا ضـارب الـتنين وحدك كفؤها
اضـرب ووحـدك لـلعلي ميلاده
يـا أيـهـا الـعربي مجد صمودكم
لـن يـطفئوك .ولو يطول عواؤهم
كـابوسهم ستظلُّ يا عصف الذرى
يـا مـجـلس العار انتظر إسلامنا
وطـن الـعـروبة لن يكون لغيرنا
سـنـعـود من عدم .ويطلع فارسوبـكـت عـلـى أمـواتنا الديدانُ
وبـثـوبـهـم تـتصارع النيرانُ
وتـشـيـل حلم جراحها الأشجانُ
مـذ ْ ودعـت أزمـانـها الأزمانُ
وجـرى إلـى الخيل العتاق ختانُ
عـبـريـة ، فـصـلاتـنا ألوانُ
لـيـعـيشَ زيف عويلها السلطانُ
لا( سـعد) لا( القعقاع) لا الفرسانُ
لا (عـمـر) يطلع لا ولا (عثمانُ)
يـدحـو لـخـيـبـر بابها ويُعانُ
وبـكـى عـلـى أيـامـنا القرانُ
تـتـلـوه حـين صلاتها العُجمانُ
وتـعـاونـت بـخـرابها الصلبانُ
وإذا الـهـوان بـطـبـعنا إدمانُ
بـالـحيض ، وانتفخت لهم أبدانُ
وجـمـيـعـهم في جمعهم نسوانُ
مـنـفـوخة .ضاقت بها القمصانُ
مـرهـونـة، وبـحـكمهم شجعانُ
وتـقـودهـم لفراغها( الخصيانُ )
ودروعـهـم ، فـيها الدروع تهانُ
وتـوضـأت بـجـراحـها الأديانُ
سـكـت الـمـؤذن وانتهى الآذانُ
يـتـوالـدون كـأنـهـم فِـئرانُ
وتـعـاصـصت في جلدها الثيرانُ
فـكـأنـهـم في مشيهم( روتان ُ)
والـجـنـز ضـاق وردفهم ملآنُ
ولـعـهـرهـم يـتـقـيأ الغثيانُ
وأصـابـهـم لـجـنوحهم سيلانُ
لـو كـان تـرضى فيهم الملسَان ُ
فـقـمـامـة ٌ وزُبـالـة ٌ ولـعانُ
كـلا ولـيـس بـساحنا (مروانُ)
نـارا ، وتـهـدم فـوقـهم حيطانُ
تـشـقـى وفـيـها شُيعَ اطمئنانُ
وتـشـب جـمـر حريقها الرومانُ
والـمـسـك والأفـيون و الريحانُ
ومـهَـوّد ٌ..فـي طـبـعه وجبانُ
وتـلاحـمت في صدرها الأحضانُ
لـتـغـصَّ فـي أجـسادِنا الكثبانُ
صـلـحا ، وداس رؤوسهم عدوانُ
قـرانـهـم . كـي يـغفرَ الرُّهبانُ
صـفـر ، وضـاق برجسهم بهتانُ
تـبـكـي .عـلـى ديدانها العُقبانُ
كـلا ولـن يـعـفـيـهم الرحمنُ
تـعـطـي وفوق عطائها الحرمانُ
يُـخْـصـى .. وليس لديهم وجدانُ
قـد يـحْـدِثـونَ وتـحتهم غدرانُ
بـاعُـوا، ويـحْـملُ موْتهُ الإنسانُ
كـي تـرتـديـه بليلها( رُجْوانُ )
حـقـدا ، فـيـلبس نزفه الشريانُ
سـرا ، ويـخـطيء عنده العنوانُ
غـربـيـة ، لـيـلاتـهم غلمانُ
مـنـهـم، فهم في الأصل أمريكانُ
مـتـرهـلٌ، وبـهم زنى المطرانُ
لـو أنـهـا وفـتْ بـذاك دنـانُ
يـسْبى ، وعرْسُ كؤوسِهم سكران ُ
وزوالـهـم ، بـصمت به الطليانُ
وعـقـالـهـم عـقلت به الغربانُ
ثـوب الـعـروبـة أنهم سرطانُ
وعـروبـة مـثـقـوبـة ورعانُ
ونـمـوت بـعـد مـمـاتنا وندانُ
تـخـمـت بهم أرضي وناء خوانُ
زورٌ ، وهـم فـي عـريهم ثيرانُ
وجـمـيـعـهـم في اللايقال يهانُ
* * *
غـطـى سـمـاء جـراحها دخانُ
وبـمـا بـهِ تَـتَـكـلـمُ الأكوانُ
لـهـبٌ بـهـا تـتضَوّرُ الوديانُ
وروّيـهُ ، وبـهـا يـقـامُ كـيانُ
ضـحّـى ..لـتشرق عندَنا كيزانُ
والـى الـفـنـون بـما يشا الفنانُ
يـتـمٌ وانـي فـي هـواك مـدانُ
نـفـس السلاح به اكتوت( بغدانُ )
وبـنـفـطـنـا يـتسلحُ القرصانُ
دسـتَ الـرئـاسـةِ بيننا الجرذانُ
حـكـم الوراثة ، وارتقى الشيطانُ
فـي فـضـلـه ..وتـنكر النكرانُ
يـتـضـورون .وجوعهم جوعانُ
وجـمـيـعـهـم ما خططوا سيانُ
تـحـيـا بـنـا في الغربة البلدانُ
فـالأهـل مـن مدّوا العدوَّ وخانوا
والـسـهـدُ فـيـه تكحلتْ أجفانُ
نـسـيـتْ وشـاخَ بربعها النسيانُ
وجـمـيـعـنا في ذكرها قد كانوا
فـأصـابـهـا مـن روعنا الغثيانُ
أدوارهـا ، ويـرَوِّجُ الـقـبـطانُ
وإذا بـنـا فـي الـساحة الخرفانُ
ويـبـيـعـنـا لـمماتنا الجيرانُ
وعـلـيـكـم صـلى بهِ الخسرانُ
فـجـمـيع ما يجري بها استهجانُ
مـنْ ضـاق فـي صولاتهم ميدانُ
عـاداتـهـم، وإذا بـهـم حملانُ
وعـلا بـهـا الـقـوّاد والبعرانُ
هـبـلٌ .. وتـقـرع عنده العيدانُ
شـجـبـوا القرار وصابهم خذلانُ
كـلا ولـم تـعـقـد لـهم أرسانُ
وإذا الـولاة بـقـتـلـنـا نـدمانُ
سـاحـاتـنـا وتـفـجرت أطنانُ
وأنـا الـحـروف بخاطري شُطآنُ
وتـفـجـرت فـي روحه النيرانُ
شـجـرا مـن الأحـزان في ّ تبانُ
أبـيـاتـهـا .وأنـا بـهاالبركانُ
روحـيـ بـهـا وتـنفس الغليانُ
لـيـزفَّ تـابـوتـي بها الجثمانُ
فـتـحـجـبت شفتي وضاع لسانُ
وبـرغـمـ نـار سياطهم طوفانُ
يـوم وتـقـرعـهـم بها الأقرانُ
آت ٍ ولا يـرقـى هـنـالـك شانُ
والـوحـدة الـكـبرى لهم إعلانُ
حـتـى يـصيح الصور والميزانُ
وبـه تـتـاجـر كالدمى الرعيانُ
لـمـا نـعـاهـا لـلدنا العربان ُ
* * *
يـا صـوتـها العربي فيك تصَانُ
يـا عـشـقـنـا تفدى له الأبدانُ
اضـرب يُـؤيـد دربـك الـديانُ
وفـم الـجـراح نـشيدك الزهيانُ
سـتـخـرّ دون عـطائه الشجعانُ
فـهُـمُ عـلـى قدم البطولة هانوا
فـاصـمـد فـأنـك للزمان رهانُ
فـالـقـادمـون لـفـجرنا الشبانُ
وبـغـيـرنـا لا تـصلح الأوطانُ
وتـزَفُّ نـحـو بـلادها الأطيانُ