ملحمة أحذية الدمار الشامل
ملحمة أحذية الدمار الشامل
ابن الفرات العراقي
[email protected] تـفـجـر الصمت في الأضلاع نيرانا
وأطـلـقـت شـهـب الأحزان صرخته
وصـيـهـدَ القهر والسود الخطوب دَجت
غـيـظ تـوحـم مـمـتـدا ألـى زمن
ويـسـتـبـيـح سـمـا الآهات محترَقا
أطـلـقـتـهـا غـضـبا غضبى مدوية
يـا حـلـم كـل الـعـراقيين ما رجفت
أذ أوقـد الـغـضـب المشبوب أشرعة
أطـلـق بـيـمناك ، لا خابت أخا بلدي
لـتـسْـمـعَ الكونَ رغم الكون صرختنا
اضـرب .فـتـى الدرب يا صبرا نكابده
تـلاحـقـت فـي احـتشاد الصمت انته
مـوت ونـهـر دم .عـانـت بـه مدني
فـمـن كـمـثـلـي أنـا لاقى بمحنته
ومـن كـمـثـل بـلادي شال من نوَب ٍ
وكـم تـشـكـت هـنا ساق بما احتملت
بـقـيـا ألـى عـنـق شاخت به عصر
رأس مـهـشـمـة فـي جـبِّ مـحنتها
هـنـا وصـوت دم نـزَّت مـنـازفـه
هـنـا دمـاء أخـي سـاحـت بحارتنا
خـمـسـا قـطـعنا .بنا الأخطار محدقة
وكـم حـصَـان ٍ هـنـا داسـوا لعفتها
وكـم مـخـدرة روعـت جـانـبـهـا
والـنـوم أمـسـى خـيالا في محاجرنا
مـا اهـتـز واحـدهـم .والحق مهتضمٌ
يـا لـيـت أنـا كـمـا كـانـوا أوائلنا
وكـم تـنـاهـبـت الـذؤبـان من مهج
وكـم تـشـكـت بـهـم حـبلى مزابلنا
صـمـت مسامع أهل الأرض عن وجعي
هـنـا جـسـور من القتلى بها آنتخمتْ
أطـلـقـتـهـا غصَصَا ًحمراء منتظرا
يـامـا شـكـونـا بـما نلقاه من حرق
مـرت سـنـون جـرعـنـا مرَّ علقمها
يـامـا رفـعـنـا شـكـاوانـا بمؤتمر
يـامـا حـنـيـنـا لجور السوط أظهرنا
يـامـا شـكـونا الى الجلاد ما اجترحوا
يـامـا رجـونـا انـفـراجا حل أزمتنا
يـامـا احـتـكـمنا الى الجاني بمعضلة
وكـم ركـضـنـا عـلى أعتاب جامعة
وكـم بـعـثـنـا بـريدا ضاع محترقا
تـأنـق الـمـوت فـيـنا والدما اتسعت
ثـلاجـة الـمـوت مـنـا قد بكت ألماً
يـامـا ذ ُبـحـنـا على أعتاب لهوِهم ُ
لـم يـبـق شـيء بـأيـديـنا نثور به
* * *
بـه اسـتـفـزّت أحـاسيسٌ سَمت جلدا
مـرت سـنـون طـوتـنا في مواجعها
كـمـا اسـتـعـاد خـيـالاً مـن مآتمنا
الـخـانـعـون فـلا شـكـوى تهزُّهمُ
والـخـائـفـون عـلـى كرسيّ شهوتهم
حـمَّ الـعـذاب بـه .فـاهـتـزَّ مشتعلا
فـاضـت تـسـاقـيه من حطين حمحمة
وفـيـه صـاحـت من الأنصار مرعدة
عـمـر الـزمـان لـنـا أرث نشيدُ به
تـوافـدت صـور أدمـت جـوارحـه
ومـن هـنـا اشـتعلت في روحه شُعلٌ
ومـن هـنـا دهـمـت أنـفـاسه دُهم ٌ
ومـن هـنـا صـرخت في روحه همَم ٌ
وقـد تـذكـر أوطـانـا لـه اغتصبت
فـمـزّقـوهـا وصـارت بـعض ألوية
فـي كـل يـوم لـنـا جـرح يسيل دما
فـكـان مـا كـان مـا ألـواه مضطرب
بـاسـم الـذيـن سقوا للموت في جرَع ٍ
بـاسـم الـذيـن غدت( بوكا) مضاجعهم
أثـر فـتـاهـا انـكـسارا من هزائمنا
وَقـدْ رحـاهـا ، وقـل يا أرضنا ابتلعي
أطـلـق (حـذاكَ ) يـحـاكيها رواجمنا
أضرب فتى الدرب واجدع انف من جنحوا
اضـرب فـداك دمـي شلت يدٌ ضربت
لـقـد أعـدت الـى الـمنصور صولته
فـاخـتـال زهـوا على الرايات مُعتصمٌ
بـاسـم الـشـقـيّ أقضَّ الداء مضجعه
فـمـن يـلـوم خوي البطن أن عصفت
أضـرب فـأنـت دمـي احـتاج نكهته
أضـرب فـديـتـك فـالـتـاريخ تكتبه
أضـرب بـقـارون ثـأرا لـلذ ين غدوا
أضـرب فـتى الدرب كم ضاقت جنادلنا
وألـقـم ِ الـطـغمة َ الجانين ما حصدوا
واضـرب فـتـانـا ، وألقم ْ فاه غاصبنا
واضـرب فـكـل دم فـاحـت روائحه
هـذي الـبـدايـة . أبـشر فالطريق بدا
سـل ِ الـرئـيـس وقل كم مُعدم ٍذبحوا
أشـكـم ْ دُعـاة أنـوف الحرب يا رجلا
سـل ِالـرئـيـس الـمـباهي في تجبره
كـم مـن بـلاء أذاقـونـا رواجـمـه
كـم كـربـلاء بـنـا احمرّت مطاحنها
وكـم حـمـلـنـا عـلى صبر مواجعنا
فـاشـرب ْكـؤوسَ دم قد صِيغ َمن حمأ ٍ
وعـش حـيـاتـك فـي ذل ٍّ وفي صغر
واجـرع ْمـرار الـذي سويت يا( قذرا )
لــقـد أعـاد لـك الـدولاب دورتـه
هـلا تـذكـرت مـوتـانـا ومـوتـهم
شـتـان مـا بـين عقبى الناذرين دما
أنـي لأشـمـت فـيـمـا صار مبتهجا
أنـي احـتـفـلت بنفسي والحروف معي
يـا مـسـتـثـاراً رمـى .والله سـددها
تـوقـدت فـيـه حـمـى للهيب طغت
أنـاف فـيـه الـتـهـاف ُالـيأس متقدا
بـكـى عـراقـا هـوى ازورّت مخانقه
شــدتـه.. شـدتـه أوجـاع لامـتـه
فـاهـتـاج قـسـورة ضـاقت به حيل ٌ
غـامـت مُـحـبّـرة ًفـي روحه صور
دوت بـه صـرخـة الـتذكار فانتفضت
فـمـن يـردّ لـهـذي الـدار عـادية ً
فـلـن تـقـر عـلـى ضـيـم مراجلنا
ولـن تـروق بـلاد دونـمـا بـلـدي
مـا قـام قـوم بـمـا قـد قـام فـعلته
فـقـدّم الـروح قـربـانـا عـلى طبق
غـدا سـتـمـضـي بـنا الدنيا رواحلها
بـغـداد بـغـداد ألـوى الـقـيد قامتها
ومـن رآها انحنت من عبء ما احتملت
أحـنـو عـلـيـهـا وتشكوني مواجعها
وهــل رأيــت بــنـا الاّ ووالـدة
وهـل نـسـيـت بما سوّيتَ من محن ٍ
هـلا تـذكـرت والأجـنـاد غـائـرة
وهـل تـذكـرت يـوما والقصور هوت
وسـل ( لـبـوكـا) وما جرت فضائحكم
أتـحـسـبـنَّ الـذي سـوّيـتـه ظفرا
شـرّدْتَ أهـلي وزدت الطوق في عنقي
فـتـحـت ألـف حـريـق في دواخلنا
وهـل تـذكـرت مـا جـرت كـلابكم
فـكـم شـقـيـنـا لـيملى جيب شيخكم
وهـل تـذكـرت أسـرانـا وقـد دميت
يـا أقـذر الـنـاس فـي خـلق ومفسدة
أبـهـى الـورود أتـتـكَ الـيوم حالية
ضَـمّـت بـكـل الـذي فـيها مقاصدنا
دم بـبـغـداد .فـي الـحـدباء تاه رقى
* * *
يـا صـاحـب الـبيت لن نرخي أعنتها
أنـا سـريـنـا وبـاسـم الله نـبـعثها
يـا حـبـذا الـمـوت كاسا يستطابُ له
فـلـن تـمـسّ ثـرى الأوطـان طائشة
جـرْتـم وتـاهـت بـنا الأرقام نحسبُها
لـنـا مـع الـصـبح مهما طال منطلق
فـلـلـسـفـيـنـةِ رُبـان يـسـيرها
هـذا هـو الـتـاج .باسم الشعب حوطه
يـا أم مـنـتـظـر حـيـيـتِ منجبة ً
يـا كـل أم أرى فـي وجـهـهـا ظفرا
( يـا بـنـت خير أبٍ يا أخت خير أخ ٍ)
فـاحـذر أذا جـئت( أوهاما ) ألى بلدي
فـانـظـر لـعـقـباكَ .ماذا كان آخرهاوفـجـر الـلـحـظـة الخرساء بركانا
غـيـضـا .لـيـنـفث نارا من حنايانا
نـهـرا يـفـيـض بـكل الغيظ طوفانا
مـن الـعـذاب لـيـجـري مـنه تهتانا
والـكـون عـمـا بـنا يغضي وما لانا
بـوجـه كـل طـغـاة الأرض أيـمانا
كـف .ومـا شـان مـنـك الفعل مبدانا
مـن الـعـذاب وفـاض الحزن أحزانا
مـنـك الـجـهـود .ولا قد خاب مسعانا
لـن نـسـتـكين ..ويبقى النصر ديدانا
مـهـمـا اعـدوا لـنـا سـجنا وسجانا
وحـركـت فـي الـدم الـمـوّار وجدانا
شـيـبـا. شـبـابا ، وما زالوا به الآنا
وكـم شـهـيـد هـنـا ضـمت ربايانا
مـن الـماسي ..ومن شعب كمن عانى ؟
وربـطـة صـرخـت جـيدا بها ازدانا
لـلـه يـشـكـو بـمـا قـاضاه مولانا
هـنـا ذراع ، وجـسـم بـات عـريانا
فـي كـل نـاحـيـة ..قـد سـاح هتانا
قـاسـت مـن الـويل فوق الكان أزمانا
نـلـوك فـيـهـا حصاة الجوع شكرانا
وصـيـروا عـرضـها المسلوب سلوانا
والـطـرف نـام عـلى الويلات وسنانا
ولـم يـزرهـا .وشـد الـرحل عجلانا
ولا أجـاروا مـن الـويـلات لـهـفانا
نـصـون أرضـا بـمـا آسطعنا وسكانا
كـانـت عـلـى الله أغـلى من ربايانا
وضـاق فـيـهـم فـضاء الكون حرّانا
حـتـى الـصـخور لنا رقت وصرعانا
كـل الـبـقـاع .وتـاه الـدود شـبعانا
صـوت الـعـراق .يـعاني القهر ألوانا
يـامـا فـقـدنـا بـسـيف الغدر شبانا
وألــهَ الـزور أصـنـامـا وأوثـانـا
ومـا اسـتـجـابـوا لـظلم قضّ أركانا
وصـفـدتـنـا قـيـودُ الـقـهر طغيانا
فـكـان مـنـهـم ارقّ الـنـاس تحنانا
ونـرتـجـي الأمـن عّـزّ الأمـن يلقانا
وكـم أخـذنـا مـن الـجُـهـال فتوانا
وكـم شـرحـنـا لـهـم أسـباب بلوانا
عـلـى الـرفـوف .شـكونا فيه جيرانا
وكـم حـمـلـنـا مـع الـتابوت أكفانا
حـتـى الـقـبور اشتكت من كثر موتانا
وصَـيـروا الـشـعـب خـداما وعبدانا
حـتـى الـسـكـاكين شَحت في زوايانا
* * *
حـتـى لـيـغـسـل مـما فاض أدرانا
خـمـسـا شـقـينا وعض الجوع أبدانا
ومـا يـعـانـيـه هـذا الـشعب خذلانا
والـخـائـنـون لـهـم بـاعوا قضايانا
يـقـايـضـون الـدّمـا بـالعار حسبانا
ومـرْجـلُ الـمـوت يـغلي في رعايانا
وجـال فـيـه هـوى الـيـرموك فينانا
صـلـنـا رجالا ، وحكنا الشمس أرسانا
خـيـلا تـغـالـب صوت المجد زُهيانا
فـكـان هـذا الـذي عـنـد الـملا بانا
ومـن هـنـا وجـع فـي روحـه رانا
مـن الـبـواكـي وشـلَّ النزف شريانا
واسـتـصـرخ الـصبر حتى ملَّ أذعانا
كـانـت ، وأعـلـت لنا في الأمة الشانا
وفـرّقـوهـا عـلـى الأوطـان أوطانا
فـمـن يـشـدُّ جـراحـا فـي خـفايانا
ولا تـمـكـن مـنـه الـروع أمـكـانا
والـمـعـدمـون وعـاش العمر غرثانا
وتـحـتـسـي مـن صـديد القيد ذيفانا
واجـعـل رؤوس الـعدى للضرب ميدانا
مـن كـان سـبـبَ بـالـتضليل مهوانا
عـلـى الـطـواغيت أيا كان من كانا ؟
عـن الـسـبـيـل ، غـدا للغزو معوانا
يـديـك ..أنـا قـطـعـنا العمر عميانا
ولـلـمـثـنـى دعـا لـلحرب شيبانا
يـمـضـي بـجحفله ..والنصر قد حانا
ولـلـيـتـامـى تـسـح الدمع غدرانا
بـه الـمـجـاعـة حـتى ضاق كفرانا
فـي سـاعـة الـروع أن حمت رزايانا
حـمـر الـدمـاء فـلا هـانت ولا هانا
جـسـرا ألـى الـموت والتفجير رهبانا
بـالـبـائـعـيـن نـفيس الروح قربانا
مـن الـجـراح ، فصار الصمت عنوانا
سـيـلا مـن الـحقد يجري في طوايانا
فـوق الـتـراب هـنـا يحكي لمن دانا
فـالـظـلـم يفنى ويبقى( النعل ) نيشانا
عـنـد الـظـلام ، وكـم بـالكذب مَنانا
فـلـيـس هـذا الـذي أدّبـتَ أنـسانا
( أن كـان أعـظـم من فرعون سلطانا )
وكـم أحـالـوا جـنـان الأرض كثبانا
وكـم حـسـيـن ٍ دفـنـا مـن سرايانا
وكـم مـشـيـنـا طـريق العمر عميانا
أغـلـى بـه الله نـور مـنـه حـيـانا
لـسـوف تـبـقى مدى الأحقاب خزيانا
( يـا بوش ) أنت الملأت الصدر أضغنانا
يـومـا بـيـوم ، فـذق أن كنت غفلانا
هـلا سـمـعت _ وما أسمعت _ شكوانا
وبـيـن مـن بـاع لـلـشـيطان قرانا
بـه اكـتـحـلـنـا وزار الـنوم أجفانا
وكـل حـرف جـرى بـالـفـخر هنانا
عـن هـم ِّكـل الـعـراقـيـين أغنانا
فـأوسـعـت صـدره بـالـكـيّ أيذانا
حـتـى تـبـدّت بـه الآهـات خلجانا
وراح يـبـكـي ألـى الـخلان أحضانا
حـتـى اسـتـحـال بـهـا ليثا وعقبانا
فـصـار كـونـا بـمـا عـانـاه ملآنا
فـصـاغ مـنـهـا لـهـذا الكلب تيجانا
حـمـى الـعروق . وضجت فيه حمّانا
أذا دهـتـنـا ..ومـن لـلـوقـع الاّنـا
ولـن تـعـيـش عـلـى حيف سجايانا
ولـن يـكـون لـنـا الاّه ُمـلـفـانـا
فـشـقَّ طـودا ألـى الأثـبـاج شطآنا
مـن الـمـمـات . ولاقى الحين َ صوّانا
ويـذكـر الـجـيـل لـلأجـيال برهانا
فـمـن يـعـيـد لـهـا آسـا وريحانا
ولـلـسـلاسـل جـرح ظـل نـديـانا
وامـسـح الـجـرح فـي أشـلاء قتلانا
تـشـكـو مـن الثكل ِفوق الثكل ِعدوانا
لـمـا فـجَـعـتَ لـنا في العمر نيسانا
عـلـى الـمـصـلين تملي الجو نيرانا
بـالـسـاكـنـيـن . وهدّ القصف بنيانا
عـلـى الـحـرائـر حتى ضقن أمعانا
مـا كـان أغـبـاك موتورا ..وأذكانا ؟
بـمـا عـقـدت .ومـا أبـرمت عجلانا
وأوسـعـتـنـا لـيـالـي البؤس نكرانا
عـلـى الـحـرائر أم هل كنت نسيانا ؟
سـحـتـا ًويـبـنـي له قصرا وبستانا
ومـخـلـب الـموت يكوي ظهر أسرنا
هـذا الـذي صـار فـاشرب كاسك الآنا
وفـي الـخـفـايـا يـواقـيتا ومرجانا
مـا شـئـت فـيـهـا ولا يحتاج تبيانا
وفـي (الـحـديـثـة) حتى الان ينخانا
* * *
غـدا سـتـعـزفـهـا الصحراء ألحانا
ولـن يـعـيـق الدجى ما اربد مسرانا
نـحـن اتـخـذنـا الـفدا بالروح أدمانا
مـا كـان أنـفـسـهـا فـيـنا وأغلانا
بـالـمـيـتـيـن ، وما تحْصى بلايانا
لـيـل .ونـغـزو الـفـضا بالجدّ فتيانا
أذ ْ هـيـأ الله بـعـد الـيـأس ربـانا
وقـد يـطـال لـمـن قـد خـان مبدانا
يـا خـيـر حـجـرٍ بـه ربيت شجعانا
زفـت ألـى الله أحـلـى منْ لها ازدانا
لـن تـطـلـع الـشمس ألاّ من مصلانا
سـتـلـتـقـيـك هنا( الحذيان ) ألوانا
ونـحـن درب الـعـلـى والنور عقبانا